منوعات

"عُمان" تحاور الفنان صالح زعل وتبحر في ذاكرة المحطات الفنية في حياته

19 يناير 2022
باعتباره من روّاد الحركة الفنية في سلطنة عمان
19 يناير 2022

صالح زعل:

- برنامج (السياحة في بلادي) من أثرى الحلقات التي صورناها في محافظة مسندم.

- مسلسل (اسمع وشوف) سيعرض في رمضان القادم حيث تم الانتهاء من التصوير.

- حفظ بعض الأدوار باللغة العربية الفصحى يسهل عليّ في الأعمال.

- بعض المخرجين لا يقتنعون إلا بعمل من شبه المستحيل وهذا لا يجوز.

احتفاء بتجربته الفنية، ودوره الريادي في الدراما العمانية، استضاف النادي الثقافي فرع مسندم الفنان القدير صالح زعل في جلسة حواريّة أدارها الشاعر والكاتب عبدالرزّاق الربيعي، وذلك في قاعة فرع غرفة تجارة وصناعة عمان بمحافظة مسندم بولاية خصب.

في بداية الجلسة استعرض مدير الجلسة عبدالرزاق الربيعي مسيرة الفنان، وهي مسيرة طويلة من الصعب اختصارها في دقائق -كما قال- فسيرته لا تنفصل عن سيرة الدراما العمانية، فهو من مؤسّسي الدراما في سلطنة عمان بجانب الفنان الراحل سعود الدرمكي -رحمه الله- والفنانة فخرية خميس بالتجارب الأولى التي قدمت على المسرح وحققت نجاحا جماهيريا كبيرا كمسرحية "دختر شال سمك" إلى جانب العديد من المسلسلات والبرامج الإذاعية والتلفزيونية، وأهمها مسلسل "الشايب خلف" الذي شارك الفنان صالح زعل في كتابته ورسم شخصياته بجانب المرحوم جمعة الخصيبي، ومنها كانت الانطلاقة للجمهور العريض وعشرات الأعمال التي ما زالت حية في ذاكرة الجمهور العماني، وقد شكلوا ثنائيا كوميديا في المسرح ووضعو اللبنات الأولى للمسرح، والدراما العمانية كونها من جيل حفر بالصخر، حيث بدأ العمل المسرحي بوقت مبكّر من عمر النهضة العمانية الحديثة، التي انطلقت عام 1970 مع تولي المغفور له جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيّب الله ثراه- وتحدّث عن الحماس الذي جمعه بمجموعة من الهواة، لتأسيس أول فرقة مسرحية في السلطنة حملت اسم (فرقة مسرح الشباب) وكان أول عرض مسرحي لتلك الفرقة هو "تاجر البندقية" بعد ذلك قدموا عروضا عديدة وبموازاة ذلك كانوا يشتغلون في الدراما الإذاعية قبل أن تؤسّس "وزارة الإعلام والشباب" آنذاك "مسرح الشباب"عام 1980م ذي المسيرة الطويلة الحافل بالإنجازات، فانتقل من عرض "اسكتشات" في المناسبات الوطنية إلى تقديم عروض مسرحية، ورغم أنه قدّم شخصيات أخرى مختلفة، فأحبّه الجمهور، مثلما أحبّوا زعل في "الشايب خلف"، وتعد مسرحيّة "ولد البلد" للمخرج مالك المسلماني -التي عرضت في أكتوبر ٢٠١٩ على قاعة المسرح الكبير بمركز عمان للمؤتمرات والمعارض بمسقط، وجمعت نخبة من نجوم المسرح العماني- من أحدث أعماله.

(عمان) التقت صالح زعل وحاورته حول تجربته الفنية، وفي بداية حديثه أشار إلى علاقته بمحافظة مسندم ومواقعها السياحية التي فتحت شهية العاملين في الدراما المحلية قائلا: "لقد كانت أول زيارة خاصة لي قبل عشرين سنة مع الأصدقاء وبعدها كانت زيارة عمل في برامج (السياحة في بلادي)، صورنا ما يقارب ثلاث حلقات رغم أن المخطط كان تنفيذ حلقة واحدة، وارتأينا أن حلقة واحدة لا تكفي عن مسندم وكانت من أثرى الحلقات التي صورناها وكنت أيامها مخرج هذا البرنامج، وصورنا كذلك لمسلسل (درايش) وكانت من (5) أجزاء ولفترة أسبوعين، وتم تصوير العديد من المشاهد في المحافظة".

الانطلاقة الحقيقية

وحول المسرح العماني أشار صالح زعل بمشواره الفني المسرحي، وقال: "كانت البداية 1972م حيث أسسنا فرقة (مسرح الشباب) وكانت أهلية وسعينا إلى إشهار الفرقة وحصلنا على الموافقة، بعدها تبنتها وزارة الإعلام والشباب (في ذلك الوقت) وبعدها تم فصل الشباب، وهذه الفرقة أول فرقة حكومية وكانت الفرقة الرسمية، وتم تأسيسها من قبل مجموعة من الممثلين في ذلك الوقت وسعينا إلى تأسيس الدراما التلفزيونية، وكنا مستمرين مع الإذاعة بين حين وآخر وكانت الحركة الفنية الدرامية ما زالت في بداياتها، فسعينا إلى تأسيس الحركة الدرامية، وقمنا بتأليف أول مسلسل وهو (الشايب خلف) وكان من إخراج أمين عبد اللطيف وشارك فيه مجموعة من الفنانين، وكانت انطلاقة الدراما الحقيقية واستمراريتها من مسلسل (الشايب خلف) وظلت الأعمال الدرامية موجودة كل سنة على الخربطة التلفزيونية، وكانت من أجمل وأحلى المسلسلات ولها ذكريات جميلة".

الشايب خلف

وحول الصعوبات في مسلسل (الشايب خلف) يقول صالح زعل: "الشخصية عمرها (60) سنة وأنا في ذلك الوقت عمري 28 سنة، ففكرت بكيفية تجسيد هذه الشخصية وأنا في هذا العمر، حيث كنت أقوم بلقاءات مع أولياء أمورنا، وآخذ منهم طريقة أسلوبهم وكلامهم ومشيهم وبالتالي ساعدني جسمي لتقمص هذه الشخصية بالانحناء، وأيضا المكياج كان له دور كبير من خلال تغيير الشكل".

مضيفا الفنان صالح زعل: "الشخصيات التي قمت بأدائها كلها عزيزة عليّ سواءً كان دور "شايب" أو شباب، ولكن المخرجين ركزوا علي في تلك الفترة في أداء شخصية الرجل الكبير في السن، وبعدها فكرت باحتكار هذه الشخصية وأنا في هذا العمر، وبالتالي متى ما أجد فرصة عندما أكبر أقوم بتمثيل دور الشاب الصغير، فبدأت بأخذ الأدوار الأخرى، وهي دور شاب في مسلسلات (صيف حار) و(سعيد وسعيدة) و(جمعة في مهب الريح) بعدها أخذت في التنويع بين الشخصيات الكبيرة في السن والشخصيات التي في عمري حينها".

خبرات خارجية

وأضاف الفنان صالح زعل حول تمثيله مع العمالقة في جمهورية مصر العربية، إذ قال: "عندما كنا في مصر لتلقي دورة في معهد الفنون المسرحية جاءتني فرصة المشاركة مع الطلبة في المعهد والذين يأخذون دورات آنذاك، وأعطونا فرصة للمشاركة في مسلسلين (الكعبة المشرفة) و(محمد رسول الله) وشاركت مع كبار الممثلين في حدود 8 إلى 10 حلقات، ولكن كانت استفادتي كبيرة وغنية بالمعرفة بقيمتها الفنية، وكانت شبه دورة مكثفة بالإضافة إلى الدورة التي أخذتها".

وتابع حديثه قائلا: "هناك مجموعة من المسلسلات تم تصويرها خارج سلطنة عمان وهي (غصات الحنين) وهو مسلسل كويتي مشترك، وبمشاركة مجموعة من العمانيين، وتم تصويره في الهند لأكثر من شهر ونصف، وجزء منه في البحرين والكويت بالإضافة إلى مسلسل بعنوان (خيانة وطن)، أعتز بالشخصية التي قمت بها في هذا المسلسل، وكان في دولة الإمارات العربية المتحدة الشقيقة".

استعداد مسبق

وفيما يتعلق بحفظ الحوارات الطويلة للأدوار التي يقوم بأدائها، قال صالح زعل: "دائما أركز وأحضر النص وأقرأه مرات عّدة، وبالتالي أفرغ نصوصي ومشاهدي وأحفظها حتى قبل النوم، وكذلك أقوم بحفظها في فترة الصباح، حيث إن القراءة تتطلب جهدًا كبيرًا وتركيزًا، وينبغي من الفنان أن يكون جاهزًا من جميع الجوانب حتى إذا ما وصلت موقع التصوير تكون جاهزا من جميع الجوانب وخاصة الفنية".

وعن البروفات التي تتطلبها المسلسلات قال زعل: "البروفات مهمة، لكن في الوقت الحاضر انتهت البروفات في الأعمال التلفزيونية، فلا بد من الشخص أن يكون جاهزا مسبقا لتصوير المشهد، والآلات الحديثة أتاحت إعادة تصوير المشهد مرارا وتكرارا، بخلاف الأعمال المسرحية التي تتطلب عمل البروفات بوقت كافٍ قبل العرض، وبحوالي أسبوع كأقل تقدير".

وعرّج الفنان صالح زعل إلى موضوع مسلسل (شعر ديوان العرب)، حيث قال: "هذا العمل تاريخي، وقمنا بعمل أجزاء عدة، وهو باللغة العربية الفصحى والشعر فيه طويل، وشخصيا آخذ قصائد شعراء لهم قصائد كبيرة في الحلقة، وبالتالي أضغط على نفسي وأحفظ الشعر وأقوله وأنا بأريحية تامة، وهذا ساعدني في عملية الحفظ خاصة في اللغة العربية الفصحى، ويسهل عليّ في الأعمال المحلية".

تناغم العمل الفني

وعن السيناريوهات التي تعرض عليه قال الفنان صالح زعل: "أرفض بعضها إذا لم يتم التفاهم بيني وبين المؤلف أو المخرج، وأحيانا لا أرفضها لكن نوجد خيارات أخرى، فنتفق على النص المناسب والتعديل عليه، وأعطي ملاحظاتي، وهناك القليل من الأعمال التي رفضتها وأحيانا لا أتدخل في النص إذا كان جيدا، وإذا كانت هناك بعض الملاحظات على الشخصية التي أؤديها أناقش المؤلف مع المخرج ونتفق".

وتابع: "التناغم مع فريق العمل أمر مهم جدا، وهذا ما يبعث بالارتياح الذي ينعكس إيجابا على أداء الممثل لدوره، وبالتالي خروج العمل بصورة مرضية".

محطات مهمة

وحول فيلم (البوم) قال الفنان صالح زعل ضاحكا: "تضمن فيلم البوم مشهدا من المشاهد، يصور المشهد خصاما حادا وشجارا محتدما بيني وبين الفنان طالب محمد، وينتهي المشهد بسقوطي في البحر، وسقوط الفنان طالب محمد من الجهة الأخرى، كان البحر حينها ضحلا، لهذا أحدث السقوط كسرا في أسفل الظهر، وتأثرت صراحة بهذه الحادثة كثيرا وبقيت طريح الفراش، وما زاد الأمر سوءا أن الفنان طالب محمد سقط فوقي بدلا من أن يسقط في الاتجاه الآخر".

وعن مسلسل (المناطحة) قال الفنان صالح زعل: "هذا العمل كان فيه نوع من المخاطرة، ولكن لم يكن في الحسبان، ولم أعلم أن المخرج يطلب مني أن أكون قريبا من الثور، وبالتالي أثناء التصوير كانت هناك كاميرتان للتصوير، إحداها علوية وأخرى على الأرض، وأنا أؤدي دور صاحب الثور وكنت أشجعه أن يناطح ومن خلاله أكسب الرهان، فكنت أشجع قريبا من الثور، ولكن الثور ترك الساحة واتجه نحوي، ولكن ولله الحمد تعثرت ووقعت على الأرض قبل وصول الثور ومرّ عليّ دون أي ضرر، مع ذلك كانت اللقطة خطيرة جدا والذي رأى العمل سيعتقد أن النطحة كانت واقعية".

أما فيما يتعلق بمسرحية (ولد البلد) قال: "أديت شخصية خيالية وموضوعا غير واقعي وليس له علاقة بموضوع اجتماعي، هذا الموضوع يتحدث عن قصص الاستبداد والظلم والاستحواذ لكن بلا وطن ولا عنوان، فبالتالي هذه المسرحية فيها طرح جريء لاقت كثيرا من المتابعة والحضور، وهذا الموضوع بعيد عن واقعنا وليس له صلة بمجتمعنا".

الجودة والتسويق

وحول الدراما العمانية ونجاحها خارجيا قال الفنان صالح زعل: "الدراما العمانية لم تنجح تسويقيا خارج سلطنة عمان، لأن مواضيعنا سنوية وأعمالنا موسمية وهناك شركات إنتاج تنتج، وبعض الأعمال تنقصها الجودة، فبالتالي التسويق يكون ضعيفا ولا يصمد أمام منافسة الشركات الكبيرة التي تنتج وأعمالها عالية الجودة، وبعض الأعمال تسوَّق وبعضها لا، وهناك منافسة قوية وإن لم يكن العمل الذي تسوق له عالي الجودة سيكون نصيبك في البيع ضعيفا، وأحيانا يكون السوق مزدحما من خلال الأعمال المطروحة، فيكون هناك تفضيل وأحيانا لا يتم بيع المنتج لأسباب أخرى".

مواجهات صعبة

وسبحنا في ذاكرة الفنان صالح زعل، وفي محطة المواجهات الصعبة والأخطار، فقال: "في بعض الأعمال يطلب المخرج من الممثل القيام بأدوار خطيرة، مثلا أن يرمي الممثل نفسه في البحر وفي الليل وتسبح سباحة إلى الشاطئ، وهذا ما حدث فعلا في أحد الأعمال في مسلسل (قراءة في دفتر منسي) وبالتالي كان ردي أنها مجازفة خطيرة، فكان هناك نقاش حاد وفي النهاية اتفقنا أن نذهب ونقوم بالعمل المطلوب لمسافة قصيرة جدا، ولو أخذت الموضوع على ما يريده المخرج ستحدث أشياء كثيرة لا تحمد عقباها".

مشيرًا أن بعض المخرجين لا يقتنعون إلا بعمل من شبه المستحيل وهذا لا يجوز في مثل هذه الأعمال.

أوسمة وتكريم

وحول متابعة أعماله من قبل السلطان قابوس -طيب الله ثراه- والأوسمة التي حصل عليها، يقول الفنان صالح زعل: "حصلت على ميدالية في عام الشبيبة في حديقة قصر العلم، واستلمت الميدالية بحضور السلطان قابوس -طيب الله ثراه- وبحضور كبار الشخصيات حينها، وحصلت على وسام في أيام مؤتمر القمة لدول مجلس التعاون الخليجي والتي عقدت في مسقط وبحضور أمراء وشيوخ المنطقة في هذا المؤتمر، وهذا من أهم الذكريات التي تظل عالقة بالذاكرة".

جديد صالح زعل

وفي المحطة الأخيرة سألناه عن جديده لهذا العام، واختصر الفنان صالح زعل حديثه فقال: "لا أريد أن أصرح عن تفاصيل دقيقة، ولكن بشكل عام أشارك حاليا في المسلسل التلفزيوني (اسمع وشوف) والذي سيعرض في شهر رمضان القادم بإذن الله، حيث تم الانتهاء من التصوير، وبقي عملية التجهيز، العمل يطبخ على نار هادئة".

وتابع: "المسلسل اجتماعي كوميدي يتناول جملة من المواضيع الاجتماعية في حلقات منفصلة، بمعنى أن كل حلقة تتحدث عن موضوع معين، ونتمنى إعجاب الجميع بهذا العمل".

واختتم حديثه عن فكرة الاعتزال، فقال: "إلى الآن لم أفكر في الاعتزال، وحاليا أنا متقاعد والعمل الفني يعطيني دافعًا لأن أقدم الجديد وأشغل نفسي بشيء، حيث إني أجد نفسي قادرًا على العطاء والاستمرار".