منوعات

عروض مسرحية تبعث رسالتها للجمهور عبر فضاءات افتراضية

25 أغسطس 2021
ضمن فعاليات أيام المسرح المونودرامي بجامعة السلطان قابوس
25 أغسطس 2021

يقف ممثل واحد على خشبة المسرح، ليكون هو بطلا أو أبطال العرض المسرحي، يوظف القصة، ويكون محور النص، يظهر قدرات المخرج وإمكانياته، ويصبح الرهان على نجاح العرض المسرحي، هو ذاك الواقف على الخشبة السمراء، والعاكس لإمكانيات طاقم متكامل، ويكون برهانا على احترافية وموهبة الممثل بشتى تعابيره وأساليبه في مشاهد العرض، ويكتفي الجمهور بالتصفيق لممثل واحد يمثل عرضا كاملا، هذا دون شك هو العرض المسرحي المونودرامي.

وعلى الرغم أن العرض المونودرامي ليس بالعرض الطويل، ولكنه يوصل رسالة، ويعبر عن فكرة، بأسلوب واضح صريح أو آخر رمزي، وهو ما تجده في العروض المسرحية التي قدمت في أيام المسرح المونودرامي، الذي نظمته جامعة السلطان قابوس في دورته الثالثة، حيث قدمت في اليوم الأول للعروض مسرحية ليلى أم غادة؟ قدمتها الجامعة الألمانية، والعرض المسرحي "خروج" لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالمصنعة، وعرض "حبيبي جندي" قدمته جامعة نزوى.

تناول العرض المونودرامي "ليلى أم غادة؟" فكرة الرغبة في الخروج من الواقع، وتقمص شخصية أخرى، لاسيما القيود المفروضة على الفتاة في بعض المجتمعات، العرض من تأليف وسن، وتمثيل نور الهدى، وإخراج خلود الهنائية.

وتحدث المخرج والمؤلف المسرحي خليفة الحراصي عن العرض في جلسة نقدية تعقيبية قال فيها: "ليلى أم غادة؟ اعتمد على فكرة واضحة أن هناك فتاة تعيش في واقع وتحاول أن تتقمص شخصية أخرى وهوية جديدة، الفتاة المتحررة التي تحب التمثيل، لم تختر لا البيئة ولا الديانة ولا أي شيء، وفرضها المجتمع عليها وتريد هي تغييرها".

وأضاف: "العرض يوضح أن الإنسان ليس مخيرا، ولكن الفتاة بعد أن وعت تكونت لديها أفكار الرغبة في الخروج من كل ما هي فيه".

وحول الرؤية الإخراجية قال الحراصي: "النص هو من دعم الرؤية الإخراجية، إذ لم تخرج عنه ولم تخلق شيئا من الدهشة، واستعان المخرج بالصوت الخارجي وهو دليل على فكرة أن هناك هيمنة ذكورية خارجية".

وفيما يتعلق بالرسالة التي استطاع العرض إيصالها للجمهور قال الحراصي: "النص والإخراج أظهرها أنها امرأة واعية وفنانة، وصوتها الداخلي قادر على إخراجها من حيزها الذي رسمه لها الصوت الذكوري أو السلطة الخارجية".

وتحدث الحراصي في الجلسة التعقيبة حول سينوغرافيا العرض حيث قال: "نجد أن المخرج وضع الصورة الثابتة (الكرسي، الشموع، المرآة)، أي أن الفضاء السينوغرافي لم يكن متحركا، لهذا السبب كان المتحرك هو الفتاة".

أما ما يخص أداء الممثلة قال: "الممثلة "نور الهدى" تمتلك طاقة عالية، ولكن الصورة الإخراجية والسنوغرافية الثابتة وغير المتحركة، تسببت في ضياع آلية الاندهاش من البداية وحتى النهاية، رغم أن العرض في بدايته كان يمتلك أسلوب دهشة رائعة ولكنها تلاشت شيئا فشيئا، إلا أن أداء الممثلة هو الذي أثار الدهشة، حيث إن قليلا من الممثلين يملكون القدرة على الجمع بين الأداء الحركي، والرقصي، والتعبيري".

فيما يخص الأزياء فقال الحراصي: "تغيير أزياء الممثلة دليل على دخولها في حالات نفسية مختلفة"، وأضاف في حديثه: "استخدم المخرج في المؤثرات الخارجية أغاني عربية ليوضح أن الفتاة تعيش في بيئة عربية، ولكن كثرة الأغاني تسببت في وجود حشو بالعرض، وكان أفضل لو تم استبدالها بالمقطوعات الموسيقية".

وحول الإضاءة قال بأنها توظفت وتوزعت بشيء جيد، ولكن احتاجت لشيء من العمل من ناحية الانتقال من مشهد لآخر، والتحول من حالة تعبيرية إلى أخرى، وكانت لأضفت جمالية أكبر للعرض، ولساندت أداء الممثلة".

الخروج

وتحدث الناقد والمسرحي بسام خليل إبراهيم حول عرض المونودراما لجامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالمصنعة "الخروج"، متوجها في بداية حديثه لمناقشة النص المسرحي حيث قال: "من أنا؟ ولماذا أنتمي؟ هو السؤال الذي تدور حوله فكرة المسرحية، وهو في الحقيقة سؤال جوهري في حياة الإنسان شكل بعدا متغيرا، حيث تمكن الممثل من توظيف تلك الأسئلة من خلال أدائه، وتطرق لأسئلة حساسة قد تشكل تساؤلات جوهرية مهما اختلفت المجتمعات".

وحول فكرة النص قال الناقد بسام خليل: "النص تناول قضايا حساسة ولكنه لامسها بأيدٍ ناعمة ولم يقف عليها، بحيث يستنتج استنتاجات لعلها لا ترضي المتلقي، ورسم شكلا مستطيلا أراد به أن يضع خطا للمخرج أو حدودا"، وأضاف: "الإنسان من يحدد ذاته وتكون مقيدة بقيود، وحسبما ذكر الكاتب في نصه الجميل لعلها تكون تساؤلات وجودية، وصولا لأعمق نقطة لدى الإنسان، الذي يحاول الهروب ليجد الرغبة التي يريد تناولها".

وعلى الرغم أن الناقد وجد في النص والعرض المسرحي جماليات كثيرة إلا أنه شعر أن النهاية لم تكن هي المتوقعة حيث قال: "لماذا الكاتب في نهاية النص ذكر "ومات الممثل"؟ رغم أنه أوجد مساحة أمل كبيرة، ولم يعط المتلقي يأسا، لو كانت النهاية هي محاولة أو إبقاء العمل على المحاولة لكانت موفقة أكثر".

أما ما يتعلق بالأداء التمثيلي قال بسام: "الممثل يستحق التحية في تلك المساحة الضيقة في حركاته وإيماءاته، التي أعطت بعدا حيويا"، وأضاف: "الانفعالية الزائدة تخرج الممثل من طبيعته الفنية، ولا يعطي البعد الذي أردناه منه، ورغم أنها نقطة ليست سلبية ولكن الممثل يمتلك المواهب، واستطاع إجادة الأداء".

وأوضح الناقد أن الديكور كان موفقا إلا أنه تمنى لو أرانا المخرج الجدار الرابع الذي هو منفذ لذلك الإنسان لاكتملت الصورة.

وحول الرؤية الإخراجية قال: "العرض المتكامل هو العرض الذي يتناسق فيه النص مع التمثيل مع الإخراج، ليخرج في كتلة واحدة، ونشاهد تلك القطعة الفنية على شكل إدهاشات، وفي هذا العرض نجد أن المخرج أجاد في هذه التوليفة بجعل الممثل يؤدي ذلك الأداء الجميل، وجعلها حية أمام الناظر". واختتم حديثه بقوله : "أبارك لكاتب النص والمخرج والممثل بتكاملية العرض، الذي يشكل بارقة أمل من خلال الاشتغال على العمل المسرحي".

حبيبي جندي

وعقب المسرحي خليفة الحراصي على عرض "حبيبي جندي" لجامعة نزوى حيث قال: "يقوم العرض على مشاعر امرأة وحيدة، تبوح بعذاباتها لحبيبها الراحل، وهي تستحضر غيابه، وتتحدث إلى الدمى، متوهمة أنهم أبناؤها، وحبيبها الراحل هو زوجها الذي فقدته".

وفيما يخص فكرة النص قال الحراصي إنها مشابهة لـ"رأس خارج القانون"، فهناك أيضا كانت الممثلة تنتظر حبيبها مع اختلاف في مسارات القصة.

وقال الحراصي: "الأحداث في هذا العرض كانت في نفس الجدول الزمني، ولم تتغير، لاحظنا حصر الأحداث في حيز معين ، لم تتحرك منه".

وأضاف: "الأزياء معاصرة وتم تحقيق تصميمها مع شخصية الفتاة، ولكن الإضاءة لم تخدم العرض ربما لأن المسرح لم يكن مهيأ، ولو كانت الإمكانيات متوفرة لكان ظهور الإضاءات والسينوغرافيا أفضل".

وحول التمثيل قال الحراصي: "للأسف الحوار كان له الحضور الاكبر، على الرغم من أن الممثلة تمتلك حضورا جيدا، ولكن لو كانت التدريبات أكثر لظهرت تفاصيل أكبر في الأداء، ولو كان هناك اشتغال أكبر من المخرج لوضحت الإمكانيات".

وأضاف الحراصي: "الفتاة تعيش في حالة وجع وغربة، وتتألم على رحيل حبيبها، ولكنها لم تستطع ملامسة الأرواح من خلال الأداء الحركي واللفظي، حتى في حديثها إلى الدمية لم يكن عاطفيا، دون كلام كان بإمكانها أن توظف الشاعرية والعاطفة، من خلال تعابيرها".

وقال الحراصي عن المؤثرات الصوتية "إن العرض أيضا اعتمد الهوية الشرقية من خلال مقطوعات العود، ليثبت وجع المرأة، أما الاكسسوارات لم يتم توظيفها جيدا، كانت مجرد إضافة ورغم جماليتها لم توظف، لهذا يمكن القول إن العرض يحتاج للاشتغال أكثر".