منوعات

طرق متنوعة بإسبانيا للتمييز بين زيوت الزيتون الأصلية

25 نوفمبر 2022
25 نوفمبر 2022

سويير (إسبانيا) "د.ب.أ": تقوم آينا مورا، بصب زيت الزيتون في جِرار صغيرة زرقاء، بحذر، ثم تغطيها سريعا بألواح زجاجية. فمن المهم عدم ترك الرائحة تتبخر من الجِرار. وتقول آينا المنحدرة من مايوركا، أكبر الجزر الإسبانية، إن الرائحة لها دور حيوي في التعرف على نوع زيت الزيتون بشكل صحيح.

ثم تقول آينا للمجموعة التي تشاركها تذوق الزيت، وذلك في مؤسسة محلية معنية بالزيتون وتقع في سانت بارتوميو بالقرب من بلدة "سويير" في جزيرة مايوركا: "قوموا بتدفئة الجرار قليلا بأيديكم، وحركوها حتى تخرج الرائحة بشكل صحيح، ثم انزعوا الأطباق وأخبروني بما تشمون".

وتكون النتيجة هي: سيمفونية من الروائح الجذابة. رائحة فاكهية قوية تستمر في الأنف. ويفوح الزيت برائحة الأعشاب الطازجة، مع الطماطم والتين والزهور. ثم تطلب آينا من ضيوفها تذوق زيت الزيتون، ولكنها توصيهم قائلة: "لكن دعوه يذوب قليلا داخل الفم".

في البداية، يكون طعم الزيت مرا إلى حد ما. وتقول آينا: "إذا أخذت بعض الأنفاس، ستلاحظ كيف تستمر النكهات في التغير". في الواقع، تبدأ النكهات النفاذة في الظهور. وتشير آينا إلى الزيتون قائلة: "هذا هو زيت زيتون بكر أصلي".

وقبل أن يقوم الجميع بتجربة صنف الزيت التالي، يكون مع كل فرد بعض الخبز والماء لتغيير الطعم المتبقي في أفواههم، حتى يتمكنوا من التمييز بين مختلف أصناف زيوت الزيتون الأصلية.

من ناحية أخرى، يكون طعم زيت بيكوال، الذي ينمو زيتونه بشكل رئيسي فوق جبال "ترامونتانا"، أكثر حدة ومرارة. أما الزيتون الخاص بمايوركا، فيحتوي في العموم على القليل من نكهة التين والليمون والمريمية أو حتى الموز الأخضر. وتكون بعض أنواع الزيوت صفراء ذهبية، فيما تكون الانواع الاخرى خضراء غامقة.

وتقول آينا: "تتميّز مناظرنا الطبيعية بأشجار الزيتون... زيت الزيتون متأصل بعمق في ثقافتنا وتاريخنا، وبالطبع في مطبخنا".

وقام الفينيقيون بجلب الزيتون إلى الجزيرة منذ الألفية الأولى قبل الميلاد.

ولم تزدهر زراعة الزيتون بشكل حقيقي هناك حتى غزا الرومان مايوركا في عام 123 قبل الميلاد. وكانت الجزيرة تقوم بتصدير زيت الزيتون عبر البحر المتوسط خلال الفترة بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر. وكانت التجارة في ذلك الوقت مهمة، شأنها شأن السياحة حاليا.

وكان ميناء "سويير" مركزا تجاريا مهما، ولا يزال الزيتون ينمو ويزدهر في وادي "سويير" المحمي من الرياح، إلى جانب الثمار الحمضية. وأطلقت قبائل "المور"، التي كانت تحكم مايوركا لقرون، على المكان اسم "وادي الذهب"، وذلك في إشارة إلى زيت الزيتون الذي يتم إنتاجه هناك، كما أطلقت عليه اسم "الذهب السائل" الخاص بمايوركا.

أما عند ناحية البحر، فتقع أبراج فندق "موليتا دي كاسيريو" العائلي المكون من ثماني غرف، على ارتفاع شاهق فوق ميناء "سويير". جدير بالذكر أن زيت الزيتون كان لا يزال حتى عقود قليلة ماضية، يُنتج في الضَيعة السابقة، التي يعود تاريخها إلى عام 1672. ويوجد هناك معصرة مصنوعة من الخشب الثقيل وبها أسطوانة حجرية، فيما تعد تحفة فنية حقيقية.

وتشعر مالكة الفندق، فرانسيسكا كولوم، بالسعادة من خلال عرض مطحنة زيت زيتون عتيقة لضيوفها، حيث توجد في الطابق الأول من المبنى الحجري. وكان جدها يقوم بتشغيل المطحنة من خلال جر الحمير لها. وأثناء تناول الخبز المحمص المغطى بزيت الزيتون والملح والطماطم، في شرفة مطعم الفندق الصغير، تتحدث كولوم عن التاريخ الطويل للضَيعة وزيت الزيتون الذي تستخدمه لإعداد المأكولات التقليدية التي تشتهر بها مايوركا، لضيوفها.

ويقع بجوار الفندق مباشرة، بداية طريق أشجار الزيتون الذي يحمل اسم "كامي دي موليتا"، والمخصص للسير لمسافات طويلة، والذي يؤدي إلى قرية "ضيا" الجبلية ذات المناظر الخلابة.

ويشار إلى أن هناك قلة من السائحين الذين يأتون إلى هنا. ويعد الطريق واحدا من بين أربعة طرق جديدة مخصصة للسير، أقامتها حكومة الجزيرة للترويج لسياحة زيت الزيتون التي لا تزال في مهدها.