No Image
منوعات

شجون الدراما في عُمان.. حديث مع أمين عبد اللطيف

06 أبريل 2022
عبر برنامج مراسيل
06 أبريل 2022

استضافت الإعلامية سهى الرقيشية أمين عبدالله عبداللطيف المستشار في مجال الدراما بتلفزيون سلطنة عمان في أولى ليالي الشهر الفضيل في حلقة ناقشت «عودة الدراما العمانية.. الواقع والتطلعات» عبر برنامجها «مراسيل» الذي يبث في إذاعة سلطنة عمان، وهو برنامج يبث من الأحد إلى الخميس في الساعة العاشرة مساء بتوقيت مسقط.

توقف الدراما العمانية

وفي سؤال الرقيشية كيف نستقبل عودة الدراما العمانية اليوم خاصة بعد انقطاعها لمدة عامين بسبب جائحة كوفيد - 19 وأسباب أخرى وعودتها اليوم مع أولى ليالي الشهر الفضيل بالكثير من التوقعات والكثير من التطلعات.

قال أمين عبد اللطيف: «الطبيعي أن نستقبلها بكل ترحاب، لأننا تأخرنا كثيرا في الإنتاج، ليس بسبب الجائحة وحسب، ولكن أيضا بسبب ضعف الإمكانيات الموجودة، ونحن حاليا في طور تحسين هذه الإمكانيات وفي طور إيجاد الفريق الفني المتخصص في سبيل الاستمرار في الدراما وحتى لا تتوقف». مؤكدا أهمية الاستمرار في إنتاج الدراما.

وفي الحديث عن التأثيرات الجانبية لتوقف الدراما أشار عبد اللطيف أن لتوقفها تأثيرات كثيرة، وقال عن هذه التأثيرات إنها محصورة في أن «الأشخاص القائمين على الدراما عرفوا أن الدراما لا يمكنها أن تستمر بهم في تلك الفترة. كانت الأمور صعبة إلى جانب سوء إدارة الدراما في تلك الفترة. وللأسف هذه الأمور بدأت تتضح خاصة من خلال الإنتاج المباشر في التلفزيون، وتذليل العقبات وبمجهودات الوزارة والتلفزيون. والمعوقات كانت كثيرة وطريقة تسيير الدراما كانت غريبة من خلال الشركات المنفذة للدراما، التي أرى أنها في فترة من الفترات أساءت للدراما ولم تضف لها شيئا للأسف. أساءت لها من حيث ضعف الناتج، الذي نتج عن ضعف الإمكانيات المتمثلة في استئجار المعدات من الخارج، لكن أطماعهم ورغباتهم لم تكن في صالح الدراما بقدر ما كانت رغبة في الكسب المادي أولا وأخيرا.

شركات الإنتاج..«تجار شنطة»

تساءلت سهى عما إذا كانت الدراما العمانية اليوم تدفع ثمن أخطاء ما قامت به الشركات المنفذة في فترة من الفترات. فقال عبد اللطيف مؤكدا: «هذا خطأ قامت به الشركات، ولكنه ليس الخطأ الوحيد، الخطأ الأكبر هو الاعتماد على الشركات وهي غير مؤهلة أصلا. وعندما درسنا الموضوع وجدنا أن الشركات هذه ليست أكثر من مجرد «تجار شنطة» لا يمتلكون الإمكانيات الفنية ولا المقار ولا رؤوس الأموال، وكان اعتمادهم الكلي على دعم الوزارة، من خلال تقديم الموازنة، والموازنة كانت من غير دراسة ومن غير إشراف مباشر بحيث يضغط عليهم من أجل توفير الإمكانيات المطلوبة سواء من ناحية المعدات أو الفنيين أو جودة الإنتاج. كان هناك سوء في اختيار النصوص، وسوء في إدارة الإخراج، وبالتالي كان الناتج ضعيفا جدا. وهذا ما واجهناه».

دعم شركات الإنتاج أم سحب البساط منها؟

وفي إشارة الرقيشية إلى الضجة الكبيرة من شركات الإنتاج بعد قرار الإيقاف، وصرف الأنظار عن موضوع سوء اختيار النصوص وموضوع عدم الجودة، والتركيز على موضوع عدم دعم الشركات بعدم إرساء أعمال لها.

قال أمين عبد اللطيف: «هل المطلوب من التلفزيون ووزارة الإعلام دعم هذه الشركات ماديا؟ لا أعتقد هذا الكلام صحيح، المفروض أن يكون الدعم من جهات أخرى، وفي الأساس التلفزيون في أي مكان في العالم هو جهة عرض أكثر من كونه جهة إنتاج، هناك جهات مسؤولة عن الإنتاج، وهناك جهات مسؤولة عن دعم هذه الشركات وتكوينها تكوينا حقيقيا من غير أن تعتمد على التلفزيون. والتلفزيون في النهاية إذا دعم هذه الشركات فهو ينتظر منها مردودا بقيمة الدعم الذي قدمه لها. كانت الموازنات كبيرة والمردود جدا ضعيف وضعفه غير متخيل، أبسط مثال أن الدراما في الفترة الأخيرة لم يعد يتذكرها المشاهد، كانت مجرد ملء الخارطة البرامجية في شهر رمضان لا أكثر ولا أقل». وأشار عبد اللطيف إلى الخصوصية العمانية التي عكستها المسلسلات العمانية سابقا والتي كانت تمثل الواقع العماني بكل حذافيره وفجأة لم تعد تمسه بشيء، حيث أصبحت دراما تمثل مجتمعات غير مجتمعاتنا، وقد يكون خليطا من مجتمعات خليجية أو عربية، وكانت غير قابلة للتمييز عن غيرها. وأضاف: «لم تعد الدراما تصطبغ بالصبغة العمانية التي ننشدها دائما لكن برقي وجودة وإمكانيات كبيرة، وبالتالي كان الإنتاج غير مميز بعمانيته، ونحن لنا خصوصيتنا ولنا تميزنا الذي يختلف عن باقي المناطق حتى لو كانت هذه المناطق خليجية، وخصوصيتنا تختلف حتى في داخل عمان كما هي مختلفة في الخارج، وكل منطقة عندنا تتميز بشيء مختلف والأمور هذه اختلطت فغابت ولم يكن لها وجود».

غياب تمثيل الخصوصية

العمانية في الدراما العمانية

وتساءلت الرقيشية حول السبب الذي جعل كل هذه الشركات تتجاوز عنصر الخصوصية. وأشار أمين عبد اللطيف إلى أنهما أمران: الأول تقليد دراما أخرى، والأمر الثاني هو الجمهور العماني. وقال: «ما لمسته في مواقع التواصل الاجتماعي أن نقد الجمهور العماني للدراما العمانية يتمثل في مقارنتها بالدراما الخليجية. هل طموحنا أن تكون لنا دراما تشبه الدراما الخليجية؟ لا أعتقد ذلك لأنه حتى الدراما الخليجية وصلت لمرحلة فقدت فيها هويتها، وفقدت تميزها عن غيرها من المسلسلات العربية».

الدراما الخليجية اليوم

وحول الدراما الخليجية وما إذا كانت تعيش أفضل حالاتها اليوم. يرى عبد اللطيف أنها مزدهرة من ناحية الإمكانيات الفنية والممثلين، وتساءل: «لكن هل فيها التميز الذي يعكس ويمثل مجتمعاتها؟ حسب علمي حتى في دولها هناك نقد لها، لأنها لا تمثلهم، لأنها مسلسلات مجرد رص أزياء وبيوت فاخرة وسيارات فاخرة، من غير مضامين، إلى جانب مط الأحداث بطريقة غريبة. واحدة من المشاكل التي واجهت الدراما بالذات في كل مكان (طبعا هناك دراما راقية موجودة في سوريا وفي مصر وهي دراما حقيقية من ناحية البناء والتكوين والكتابة) كتابة الدراما شيء صعب جدا، ويعني كتابة 30 حدثا جانبيا على الأقل، لهذا نشعر أن الدراما الخليجية تفقد عناصر كبيرة منها عنصر التشويق الذي هو أساس الدراما. قد أشاهد حلقة على التلفزيون وأعود لأكمل بعد يومين غير فاقد لشيء، فالمسألة اعتمدت على الحوارات والمط، والحدث بسيط جدا ويمكن أن يطرح في 5 أو 10 حلقات لا أكثر، وينتابك نوع من الملل بسبب التكرار. هل نريد هذا؟ لا نريده بالطبع. وللأسف حسب ما درسته من بعض المواقع، الجمهور أخذ الدراما الخليجية كمثال، وبالنسبة لي لم تكن مثالا».

وأضاف: «المثال الذي يغذيني بكافة عناصر الدراما المعروفة القصة النص الجيد الذي يتضمن الصراع والتشويق، والذي يجعل المشاهد مستمرا في المشاهدة، بالإضافة إلى وجود الإمكانيات التي من الممكن أن تتوفر في كل الدول فلا أسهل من شراء المعدات في حال توافرت الماديات، وتبقى عناصر مثل الفنيين الذي يعملون على هذه الأمور وبهذه الإمكانيات، لكن هل هذه الإمكانيات في دول الخليج هي إمكانيات خليجية فقط؟ لا. أغلب الإمكانيات من الخارج سواء من الشام أو مصر، وبالتالي يتكون كادر تمثيلي قوي في دول الخليج، لكن الكادر الفني القوي غير موجود، والكادر الذي يقود هذه المجموعة كادر من الخارج. ونحن لم نرغب بهذا الشيء، وأردنا بإمكانياتنا السابقة أن يكون إخراجنا وإنتاجنا محليا صرفا، وهذه الإمكانيات غير موجودة حاليا، ولا بد أن يعاد بناؤها، مع وجوب تكوين كوادر فنية حقيقية وصحيحة قادرة على أن تقوم بالإنتاج». وتابع: «حاليا التلفزيون للأسف مفتقد لهذه الأمور بحكم أن الأشخاص الذين كانوا يمارسون هذه الأدوار والمهمات التي أعتبرها وطنية، كبروا في السن وبعضهم تقاعد، وكانوا يمارسونها في تلك الفترة بحب وشغف وتضحيات رهيبة، حاليا هذه العناصر غائبة في الشباب أو الفنيين الموجودين لدينا، لماذا؟ لأن الأمور أصبحت خارجة عن إطار الهواية والشغف ولكن دخلت في إطار المهنة، بمعنى لابد أن يكون هناك احتراف، وإذا وجد الاحتراف سنصبح في الطريق الصحيح ولا بد أن يستمر. كانت في البداية الهواية والشغف لكن المفروض أن يكون الاحتراف حاليا هو سيد الموقف. الزمن زمن الاحتراف في كل شي، المصور والمدير الفني وفني الصوت، لذلك لا يصح أن نجعل من مصور الأخبار مصورا للدراما، وأعتقد أن مهمتنا في البداية أن نكوّن هذا الأساس، وإذا نجحنا في تكوين هذا الأساس -وكأننا نبتدئ من جديد في هذه الحالة- لأن هذه الأمور في فترة من الفترات التي كنا فيها في فترة الإنتاج الجميل في تلفزيون سلطنة عمان، بعدها لم يحدث أي تطور للفنيين الذين أتوا ولم يحدث أي تكوين لهم، وصارت الأمور تستمر بالهواية، وخلت من الشغف والغربة، وبالتالي كانت الدراما تأدية واجب لا أكثر ولا أقل».

أزمة نصوص أم أزمة كتاب؟!

قال أمين عبداللطيف معربا عن تفاجئه عند عودته إلى التلفزيون: «فوجئت بكم هائل من النصوص، ولكتاب عمانيين كان من الممكن أن تخرج من نصوصهم مسلسلات جيدة، لكن أغلبها أهملت، وتركت في الرفوف، وتأكدت أن الكتاب الذين كتبوا هذه النصوص يرفضون المراجعة أو تعديل النصوص خاصتهم. هناك أشخاص ذوو خبرات سابقة ولهم رؤية والمفروض أن يسمع رأيهم فيما يخص المراجعات والتعديلات. وقد قمت باجتماعات في الوزارة مع كتاب، ولم أجد ذلك التجاوب. هناك كاتب قال لي: من أنت حتى تقول لي هذا الكلام؟، قلت له: أنا لا أحد، أنا مجرد شخص لي رأي فني وإسهامات ولي اطلاعاتي وأعتقد أني أفهم منك في هذه الأمور، فلم يتقبلها مني واعتبرها وصاية عليه. فهناك نصوص جيدة لا أنكر ذلك، ونصوص أخرى لا يمكن أن يعمل عليها أبدا لأنها مفتقدة للعناصر ناهيك عن أن أسلوب كتابتها عفى عليه الدهر، وهذا لا يمكن أن يستمر في الدراما ما دمنا نريد دراما متطورة، وإبداعا في هذا المجال وهذا المفروض».

وأضاف: «التقليد رخيص جدا، ولا أسهل منه، وللأسف لم يتقبلوا هذه الآراء وهذا الكلام لا أخجل من قوله، فقد كنت أُشتم من قبل فلان وفلان، وما جئت هنا لأني أردت أرجع شئيا ما، لا أن أفرض رأيا، أردت أن أستثيرهم ليكتبوا بشكل أفضل ويقبلوا الآراء حتى نوفر أقل ما يمكن من الشروط التي تتوفر من أجل الدراما».

وتابع: «هناك كتاب قصص وروايات حاولت مع الكثير منهم ولكن للأسف لم أجد تجاوبا. وأرى أنهم أفضل وأقرب الأشخاص لكتابة الدراما وخاصة رواياتهم وتحويلها لدراما، ومع ذلك يشتكون بأنهم أهملوا. ولكن لم يهملهم أحد، والرواية لا تصلح دائما لتحويلها، وإذا كانت كذلك فأنت أصلح شخص للقيام بتحويلها فأثبت ذلك، والكاتب مدرك لهذه الأمور».

وفي ختام الحديث أشار أمين عبد اللطيف إلى أنهم حصلوا على مجموعة كبيرة من الروايات وهم في طور تحويلها إلى دراما إن شاء الله».