منوعات

حميدة شلالي.. تشكيليّةٌ تصنع من أوراق الأشجار الميّتة أغنية للصمت

19 يونيو 2023
19 يونيو 2023

الجزائر "العُمانية": تُعد حميدة شلالي واحدةً من أبرز الفنانات التشكيليّات في الجزائر، بالنظر لتجربتها الفنيّة الغنيّة التي جمعت بين ثلاثة فنون هي: المسرح، والشعر، والفن التشكيلي.

في معرضها الذي اختارت له كلمة "عشق" (Ishq) عنوانًا، تخرج هذه الفنانة التشكيليّة على جمهورها، عبر فضاء غاليري الزوّار بالجزائر، لتنسج من رتابة الصمت القاتل أغنية؛ فهي ترى أنّ عند منتهى كلّ الأشياء توجد أغنية الصمت النابضة بالحياة وهي تحتضن الكون.

انطلاقًا من هذه الفلسفة؛ تقول حميدة شلالي في تصريح لوكالة الأنباء العُمانية: "غالبًا ما تكون نظرتي إلى الفن التشكيلي قلقة، وأحيانًا معجبة، ولكن قبل كلّ شيء غير مؤكدة".

وتستطرد هذه التشكيليّة بطرح أسئلة تُترجم هذا القلق بالقول: "ما هو الفن التشكيلي المعاصر؟ وما الذي يتوافق معه على مستوى الفكر في السياق الاجتماعي، والثقافي، والعالمي؟ وهل يمكن تضمين الفن في تعريف؟ وهل الفن التشكيلي هو حامل الرسائل؟".

ومن سياق هذه الأسئلة القلقة، تخلصُ هذه التشكيليّة إلى أنّ كلّ الفنانين والمتخصّصين في الفن، سبق لهم أن طرحوا مثل هذه التساؤلات، لكنّهم لم يصلوا إلى إجابات عاقلة لتلك التساؤلات المجنونة، وهو الأمر الذي جعلها تطمئنُّ إلى أنّ الجواب عليها نسبيٌّ للغاية، وفهمت - بشكل جوهريٍّ - أنّ أيّ عمل هو مجرّد مرآة للشخص الذي يُدركه، هنالك وجد مركبها التائه في جلبة هذه الأفكار مرفأ يرسو عنده.

وتُعلّق الفنانة حميدة شلالي على عنوان معرضها "عشق" (Ishq) بالقول "هناك 100 اسم لقول الحب في التقاليد الروحانية الإسلامية، الثقافة الإسلامية تقوم أساسًا على الحب في مظاهره المختلفة (التي فقدت في الوقت الحاضر بالطبع)؛ وبالتالي صار الحبُّ غير مركزي فيها. وقد اخترتُ كلمة "عشق" بسبب موسيقاها، واهتزازها الجيد، وخفتها، وغموضها، في الآن نفسه".

وتُشير هذه الفنانة إلى أنّها أرادت من خلال هذا المعرض أن تُبهر الحواس، وتُثير القلب عبر استعمال أوراق الأشجار الميّتة لإعطائها حياة جديدة بعدما سحقتها الحياة، وإعادتها إلى طبيعتها، مثلما خلقها الله تعالى، في صورة تنبض بالجمال والقوة.

وتعتمد الفنانة حميدة شلالي (من الناحية التقنية) على تشكيلة من التقنيات، لكنّها تؤكد بأنّها مهتمّة باستعمال ما تُتيحه التقنيات الحديثة، في إطار ما يُصطلح عليه "الفن الرقمي"، وذلك ما يتجلّى عبر العديد من لوحاتها في معرض "عشق".

أمّا عن استخدامات الألوان، تقول هذه الفنانة: "أنا أحبُّ الألوان التي تخلق الضوء من الحرارة، مثل الأحمر، والبرتقالي، والأصفر، لكنّني لا أتردّدُ في استعمال بعض خلطات الألوان التي يُمكن أن تُضيف الكثير أيضًا للعمل الفنّي".

وتعتقد الفنانة حميدة شلالي أنّ الفنّ الرقمي يُشكّل مستقبل الفن، وعلى الجزائر والعالم العربي الاستثمارُ في هذا الاتجاه؛ لأنّ الفن الرقمي - بحسب رأيها - يتيح أمام الفنان التشكيليّ إمكانات لا حصر لها للإبداع، بشكل عام؛ فهو في متناول الميزانيات المادية الصغيرة، كما يتميّز بلغة فنيّة جديدة قائمة على الاكتشاف الكميّ العظيم، وتخلصُ إلى أنّ لغة الفنّ الرقمي تناسبُها، وتتطابق مع ميولاتها الفنيّة.

يُشار إلى أنّ حميدة شلالي تلقّت تعليمًا على مستوى عالٍ في الفنون التشكيلية بأكاديمية "غروند شوميار"، والعديد من ورشات الفن التشكيلي بباريس (فرنسا)، كما أقامت العديد من المعارض، أهمُّها معرض فردي بغاليري المركز الثقافي الفرنسي (1986)، وقصر رياس البحر (2018 / الجزائر)، وغاليري 47 ببلجيكا، فضلا عن تلقّيها العديد من التكوينات في مجال المسرح بفرنسا، إضافة لإصدارها مجموعة شعرية بعنوان "أقدامٌ حافية على حافة الماء".