ترميم الآثار السورية يتعثر بعد أشهر من الزلزال
دمشق «د.ب.أ»: أربعة أشهر مضت على الزلزال الذي ضرب سوريا ودمر البشر والحجر، وطوال هذه المدة تركت الأوابد الأثرية المسجلة على قائمة التراث العالمي دون تدخل من منظمات معنية بالآثار وأبرزها منظمة اليونسكو وسط ضعف إمكانات الحكومة السورية في التدخل، وترميم ما تم تدميره جراء الزلزال.
بدأ فصل الصيف، وهو موسم السياحة الذي ستشهده سوريا خلال العام الجاري والعديد من المواقع الأثرية في المناطق التي ضربها الزلزال مغلقة وأبرزها قلعة حلب وقلاع الساحل السوري.
ويصف معاون مدير الآثار والمتاحف السورية الدكتور همام سعد الأضرار التي تعرضت لها المواقع الأثرية بين « متوسطة وخفيفة ولم تكن هناك أضرار جسيمة، فالزلزال أدى إلى أضرار في العديد من المواقع وخاصة في محافظات حلب وإدلب وحماة واللاذقية، والتي شهدت أعمالا عسكرية خلال السنوات العشر الماضية».
ويضيف الدكتور سعد: « المتاحف والمساجد داخل المدن تأثرت ومنها مبنى متحف اللاذقية والعديد من الجوامع والكنائس التاريخية داخل مدن طرطوس وحماة ومتحف معرة النعمان في محافظة إدلب تضررت بشكل متفاوت».
وأوضح الدكتور سعد أنه « في شهر فبراير الماضي وصل إلى مدينة حلب فريق فني من منظمة اليونسكو للاطلاع وتقييم الأضرار، ولكن لم يتم تقديم أي دعم لعمليات الترميم، ولدينا بعثة مجرية تعمل في قلعة المرقب على تقييم الأضرار ثم تباشر عمليات الترميم، إضافة إلى بعثة أثرية إيطالية من المنتظر أن تصل إلى متحف مدينة حلف لتباشر عمليات الترميم، إضافة إلى وزارة الثقافة والأمانة السورية للتنمية والتي قدمت دعما لترميم المواقع المتضررة والآيلة للسقوط وتشكل خطوة على المارة؛ ومنها متحف طيبة الإمام وقلعة شيزر وقلعة المضيق ومدينة أفاميا الأثرية».
وفي مدينة حلب التي كان لها النصيب الأكبر من الأضرار نظرا لأن العمليات العسكرية التي شهدتها المدينة منذ بداية عام 2012 حتى نهاية عام 2016 من قصف وتفجيرات وأنفاق أدت إلى تدمير عدد من الأوابد الأثرية، وجاء الزلزال ودمر العديد من المواقع التي نجت من العمليات العسكرية.
وأبرز معالم سورية قلعة حلب التي تأثرت جراء الزلزال، حيث بين مدير قلعة حلب أحمد غريب أن « الأضرار التي تعرضت لها قلعة حلب تضاف لما تعرضت له المدينة خلال سنوات الحرب ومن أبرز الأضرار في مدخل قلعة حلب ( القوس الوتري ) والسور الدفاعي وقاعة العرش والجامع الكبير الذي يعود تاريخه إلى 610 هجري، إضافة إلى السكنة العثمانية وصومعة الطاحونة العثمانية التي يعود تاريخ بنائها إلى 1834 ميلادي».
وأضاف غريب: « بسبب التصدع في القوس الوتري لمدخل القلعة، قاعة العرش، تم إيقاف الزيارة للقلعة خوفا على حياة الزوار، وننتظر مساعدة منظمة اليونسكو لأن عمليات الترميم تفوق ميزانية مديرية الآثار والمتاحف ونطلب تدخل المنظمات الدولية المعنية بالآثار باعتبار قلعة حلب مسجلة على قائمة التراث العالمي منذ عام 1986 ».
وتعد مدينة حلب القديمة واحدة من المدن التي تضررت بشكل كبير خلال سنوات الحرب جراء تدمير عدد من مبانيها وأسواقها.
ويكشف مدير مدينة حلب القديمة المهندس أحمد الشهابي أن « الزلزال ألحق الضرر بالعديد من المواقع في مدينة حلب القديمة ومنها بوابة أنطاكيا والمئذنة، وخان الصابون وخان الجمرك، وتدمير جزئي لمئات المنازل باعتبار أن عقارات مدينة حلب يبلغ عددها 16 ألف عقار، ونظرا لأن أزقتها وشوارعها ضيقة فمن الصعوبة إزالة الأنقاض ودخول الآليات إلى المدينة».
ويرى الخبير الآثاري ومدير عام الآثار السورية الأسبق مأمون عبد الكريم أن « المباني والمواقع الأثرية تعرضت لمستويات من الضرر ما بين الخفيفة والقاسية، إضافة إلى المأساة التي عانى منها التراث الثقافي السوري خلال أكثر من عشر سنوات من الأزمة بسبب الاشتباكات أو التدمير بسبب الأعمال التخريبية التي قامت بها المجموعات المتطرفة».
ويؤكد عبد الكريم أن « الجهود الوطنية لإجراء المداخلات طبعا صعبة بسبب قلة الإمكانات المادية المتوافرة بسبب الحصار والحرب والوضع الاقتصادي الحالي، لذا تقع المسؤولية اليوم على المجتمع الدولي لتقديم المساعدة في أعمال الصيانة وأعمال الترميم الإسعافية بهدف وقف تدهور المباني الأثرية المتضررة، وأعتقد أنه من المفترض أن تتحرك منظمة اليونسكو لتشجيع الجهات المانحة لتقديم المساعدة المالية والفنية لزملائهم داخل سوريا؛ لأنها مسؤولية جماعية طالما أن المجتمع الدولي والمنظمات الثقافية تعترف بأن التراث الثقافي السوري جزء هام وعزيز من التراث العالمي. وفي النهاية السياسة تتغير وفقا للمصالح ولكن خسارة التراث ستكون أبدية من هنا يجب أن يتحرك المجتمع الدولي الآن وعدم خسارة الفرصة الممكنة لحماية التراث الثقافي المتضرر في هذا البلد الذي قدم الكثير للحضارة الإنسانية».
