"الوثائق والمحفوظات الوطنية" تصدر كتابًا حول "نظام انتقال الحكم ونهضة عُمان الحديثة المتجددة"
أصدرت هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية كتابًا جديدًا بعنوان "نظام انتقال الحكم ونهضة عُمان الحديثة المتجددة" ضمن المجلد ٢٤ من سلسلة البحوث والدراسات في الوثائق الوطنية والدولية، الذي يسلط الضوء على آلية انتقال الحكم في سلطنة عُمان والنظام الأساسي للدولة لعام 2021، ومسارات تحديث التشريع القانوني وتنظيم الجهاز الإداري للدولة، وإعادة هيكلة الحكومة وعملية صنع القرار، وضوابط استقرار نظام انتقال الحكم وولاية العهد في سلطنة عُمان، والتنظيم القانوني لمجلسي عُمان والشورى لعام 2021، بالإضافة إلى الرؤية المستقبلية عُمان 2040 وتبعاتها الاقتصادية والاجتماعية التي تشمل المواطنة وحقوق المرأة والطفل، يقع الإصدار في ٤٠٨ صفحات، ويضم ١٥ فصلًا موزعًا على محورين أساسيين: الأول تنظيم آليات انتقال الحكم عبر العصور، والثاني تنظيم إدارة الدولة وهيكلها التنظيمي وإرساء منهجية العمل، مدعم بوثائق تدعم موضوعات البحث من محفوظات هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية. ويأتي الإصدار ترجمة لرؤية هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية المتمثلة في حفظ التاريخ العُماني العريق، ومنسجمًا مع أهدافها الاستراتيجية في تشجيع البحث العلمي في المجالات الحضارية المختلفة، كما يعد حصاد دراسة تحليلية فقد استعانت الدراسة بمصادر علمية وبحثية بالإضافة إلى عدة مصادر من الإعلام المحلي والعالمي بصوره وأشكاله المتنوعة التي تلعب دورًا مهمًا وفاعلاً في رصد الأحداث المهمة، المحلية والإقليمية والعالمية، وخاصة الصحف والمجلات. وانطلاقًا لتطلعات وآفاق طموحة تقود مسيرة النهضة المباركة إلى تحقيق التقدم والازدهار لعُمان وشعبها، فإن هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ترصد الإنجازات المرتقبة، وتعمل على توثيقها لتبقى حية في ذاكرة الأجيال الحالية وأجيال المستقبل وتفاؤلًا بمستقبل مشرق بهيج نرنو إلى رؤيته قريبًا. الجدير بالذكر إلى جانب هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية ستتولى دار لبان للنشر توزيع إصدارات الهيئة داخل سلطنة عمان وخارجها من خلال منافذ البيع أو المعارض المحلية والدولية التي تشارك فيها الدار وذلك بموجب الاتفاقية الموقعة مع هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية، وستتولى دار لبان عرض أكثر من ٣٥ إصدارًا لهيئة الوثائق في مكتبتها بمنطقة غلا الصناعية.
ذاكرة الأمة العمانية
وحول إصدار الكتاب قال سعادة الدكتور حمد بن محمد الضوياني، رئيس هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية: نتشرف أن نوثق مرحلة من مراحل النهضة المباركة من خلال إصدار كتاب "نظام انتقال الحكم ونهضة عُمان الحديثة المتجددة"، التي أرسى دعائمها، وفجر نهضتها الغفور له بإذن الله تعالى جلالة السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه-، حيث قُدر لهذه لهيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية لتكون واحدة من منجزات نهضة عُمان، وتحظى بهذا المسمى الذي تشرفت بحمله وفق التوجيهات السامية لجلالته رحمه الله، بأن وجّه بتغير المقترح المرفوع بإنشاء "الأرشيف الوطني العماني" واختار - طيب الله ثراه - بأن تستبدل باسم "هيئة الوثائق والمحفوظات الوطنية" أو العمانية، أي يكون الاختيار، وعلى أساس المسمى الحالي صدر المرسوم السلطاني رقم 60/2007 بإصدار قانون الوثائق والمحفوظات وإنشاء الهيئة التي حظيت بالاهتمام والتوجيه من قبل حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- الذي أراد لها أن تؤسس على نظم عصرية حديثة وإسهامها في بناء إدارة الوثائق في سائر الجهات، ولتكون واحدة من مؤسسات البحث العلمي والإبداع الفكري، وهي اليوم تأخذ السبق وتتربع في مجال إصدار البحوث والدراسات التاريخية والحضارية والثقافية من خلال رصد منجزات النهضة المباركة، وجمع التراث الوطني ومتابعة مسيرة البناء في إطار التنمية الشاملة المتكاملة.
وأضاف "الضوياني": حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم ـ حفظه الله ورعاه ـ نشأ وتربى في بيت الحكم وتحمل أعباء المسؤوليات المختلفة في القطاعات الرياضية والسياسية والثقافية وأولى عنايته واهتمامه بالتراث الوطني ليبقى شامخًا يحكي تاريخ وتراث وميراث أمة امتدت لقرونًا عديدة تميزت بهذا الإرث واكتست به وبعاداته وتقاليده وثقافته المتميزة فضلاً عن إيلائه الاهتمام بالتنمية الشاملة وإدارته ملفات تُعنى بمشروعات وطنية، وتمثل رؤية عُمان 2040 ركيزة أساسية للانتقال بسلطنة عُمان إلى آفاق جديدة من المشروعات الاقتصادية والتنموية والعلمية والثقافية وخلق اقتصاد متنوع يسهم في زيادة مصادر الدخل للدولة وفق خطة عمل تشهد تحديث في النظم والتشريعات القانونية لمواكبة المرحلة القادمة وبرامج تستهدف الوصول للغايات، وتحقيق الأهداف لإنجاز الرؤية بخطتها ومشروعاتها ومجالاتها المتكاملة.
موضوعات الكتاب
تناول الفصل الأول من الكتاب تنظيم آليات انتقال الحكم والنظام الأساسي للدولة لعام 1996م، حيث تعاقبت على عُمان خلال الحقب التاريخية المختلفة عدة أنظمة للحكم وعلى مختلف المسميات التي مرت على عُمان (مجان ومزون ثم عُمان) فإن غالب الأمر على نظام الحكم هو النظام الملكي إلى أن دخل أهل عُمان في الإسلام فأصبحت تحت راية رسول الله محمد -صلّى الله عليه وسلم- ثم الخلفاء الراشدين وقيام الدولة العُمانية للإمامة الأولى 132هـ/749م.
ويخلد الفصل الثاني آلية نظام انتقال الحكم بعد وفاة المغفور له بإذن الله تعالى السلطان قابوس بن سعيد -طيب الله ثراه- الذي أطلق عليه "عهد رسوخ النهضة المباركة"، كما يخلد الفصل الثالث الفاجعة الكبرى بفقدان الوطن أعز الرجال وأنقاهم، الذي بدأت بوادره تنكشف في اليوم العاشر من يناير لعام 2020م عندما اتخذت القوات المسلحة حالة من الطوارئ، وبدأت أحاديث الناس تتحدث عن الوضعية الصحية لجلالته، إلى أن قطع تلفزيون سلطنة عُمان برامجه ليعلن خبر وفاته -طيب الله ثراه- فخيم الحزن الشديد وانهالت الدموع في البكاء لهذا المصاب الجلل، وتناقلت وسائل الإعلام خبر الوفاة، وفي صبيحة يوم السبت 11 من يناير 2020م تم نقل الجثمان من بيت البركة بعد انتهاء مراسم تنصيب السلطان هيثم بن طارق سلطانًا لعُمان.
ويحكي الفصل الرابع انتقال ولاية الحكم لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم، وإعلان الوفاة، حيث تلقى المواطنون نعي السلطان قابوس بن سعيد من خلال الكلمات المؤثرة التي أعلنها التلفزيون العُماني وتولي مجلس الدفاع إدارة شؤون البلاد.
فيما يتطرق الفصل الخامس إلى نشأة وخبرات علمية وعملية محلية وعالمية لجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم التي تدعم التوجه لنهضة حديثة ومتجددة، أما في الفصلين السادس والسابع من الكتاب فقد حلل الجانب اللغوي والمضمون لخطاب جلالة السلطان المُعظم في 23 من فبراير 2020م، وخطاب جلالته في 18 من نوفمبر 2020م بمناسبة العيد الوطني الخمسين المجيد ومراحل بناء الدولة. وترأس جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم للجنة الرئيسية للرؤية المستقبلية "عُمان 2040" التي تناولها الإصدار في الفصل الثامن، حيث وضعت الأهداف والسياسات وركائز ومحاور الرؤية، وعددت مراحل وخطوات العمل وتكوين اللجان المختلفة التي ستعمل وفق منهجية علمية تمكنها من تشخيص الوضع القائم لواقع عُمان، وتقييم ما أنجز خلال الخطط والبرامج التي قامت عليها النهضة الحديثة، وتحديد الأولويات الوطنية والتطلعات والأمل للنهوض بالوطن في مختلف المجالات والانتقال به إلى مراحل تقوده إلى مصاف الدول المتقدمة.
وشهد نظام الجهاز الإداري للدولة تطورًا وتوسعًا في مهامه واختصاصاته وهياكله، وهذا ما يتناوله الفصل التاسع، حيث شكلت لجنة بموجب المرسوم السلطاني رقم 3/1975 الخاصة بالنظر في تنظيم الجهاز الإداري للدولة، وانطلاقًا لما طرأ من تنظيم وتطوير في الجهاز الإداري للدولة يواكب مسيرة النهضة المباركة فإن المرسوم السلطاني رقم 75/2020 الذي أصدره حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم، وبموجبه تم إلغاء المرسومين السلطانيين رقمي 26/75 و116/91 ويقصد بالجهاز الإداري للدولة: الوزارات والأجهزة العسكرية والأمنية والمجالس وغيرها من الوحدات التنفيذية التي تستمد سلطتها من الدولة أيًّا كان اسمها.
إعادة هيكلة الحكومة وعملية صنع القرار أبرز ما تناوله الفصل العاشر من الكتاب، حيث قام صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- في 18 من أغسطس 2021 باتخاذ خطوات فاعلة ورائدة نحو إعادة هيكلة الجهاز الإداري للدولة والتشريعات ولضخ دماء جديدة فيها تنفيذًا لوعد جلالته لشعبه في أول خطاب له، فأصدر ثمانية وعشرين مرسوما وعلى رأسها تكوين مجلس وزراء جديد وفي خطوة غير مسبوقة تخلى جلالته ولأول مرة في تاريخ عُمان عن احتفاظ جلالة السلطان بعدة وزارات تشمل وزارة الشؤون المالية والخارجية من خلال خلق حقائب وزارية مستقلة، وذات صلاحيات كاملة ومستقلة. ومن التوابع الإيجابية والبناءة لهذه المراسيم السلطانية إعادة تنظيم الوزارات ودمج أكثر من عشر وزارات، وتعيين رؤساء جدد للمؤسسات والهيئات الحكومية بهدف ترشيد الإنفاق ورفع مستوى الكفاءة الإدارية، وتحسين السرعة والمرونة لصالح الاقتصاد، ودعم القطاع الخاص والاستثمار الأجنبي، مما يدعم توجه الحكومة الجديدة بإدارة موارد السلطنة المالية بالشكل الأمثل سعيًا إلى زيادة الدخل القومي وخفض الديون.
أما فيما يخص التوجيهات والأوامر السامية في البناء التنظيمي الاقتصادي والتنموي والمالي والإدارة المحلية، أكد جلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم -حفظه الله ورعاه- متعهدًا بالمضي قدمًا على طريق البناء والتنمية المستدامة المستمرة بنفس الوتيرة والنهج الذي بدأت فيه النهضة الأولى وانطلاقتها نحو الهدف الأسمى من أجل عُمان وشعبها، ويدرك جلالته حجم وعظمة المسؤولية والأمانة الملقاة على عاتقه مؤكدًا على أهمية صون مكتسبات النهضة التي تتطلب تكاتف الجميع بإرادة صلبة ومتينة فمسيرة التنمية والبناء ماضية إلى الأمام بعون من الله وتوفيقه وإن عملية تنفيذ الرؤية والتوجهات لدى جلالة السلطان المُعظم تحتاج إلى الوسائل والأدوات المهمة لتحقيق الغايات المنشودة، وتقتضي التضحيات من أجل الأهداف والسياسات المرسومة، وهو أمل الجميع خلال الحقبة القادمة. وتناول الفصل الثاني عشر رؤية النظام الأساسي للدولة لعام 2021م، والثالث عشر جاء بعنوان استقرار نظام انتقال الحكم وولاية العهد في سلطنة عُمان.
وأفرد الفصل الرابع عشر مساحة حول المواطنة وحقوق المرأة والطفل في النظام الأساسي للسلطنة حيث "المساواة بين المرأة والرجل ورعاية الطفل والمعوقين والنشء والشباب وإلزامية التعليم حتى نهاية مرحلة التعليم الأساسي" كانت ومازالت من الأولويات رؤية عُمان 2040، التي أكد عليها صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المُعظم في خطاباته لأبنائه، رجال ونساء وأطفال السلطنة، وكذلك في النظام الأساسي للدولة 2021، مما يضمن "الرفاهية والحماية الاجتماعيـَّة" التي هي إحدى الاستراتيجيات الأولية لتوفير حياة كريمة ومجتمع محمي من خلال شبكة أمان اجتماعية فاعلة ومستدامة وعادلة.
واختتم الإصدار بالفصل الخامس عشر الذي تناول التنظيم القانوني لمجلس عُمان لعام 2021م، والبيّن من هذه النصوص التشريعية أن النظام السياسي العماني قد سلك في تكوين المؤسسة التشريعية المتمثل في مجلس الدولة ومجلس الشورى مسلك الأنظمة ذات النظام النيابي الثنائي، وذلك على غرار العديد من الدول، حيث تتفاوت المجالس بين دولة وأخرى من حيث المسميات ومن خلال حجم الصلاحيات الممنوحة قانونًا لهذه المجالس.
