7
7
منوعات

"اسمع وشوف" ... لبنة في صرح الدراما

11 مايو 2022
11 مايو 2022

- طرح جريء لقضايا لم تطرق أبوابها

- لهجة محلية ثرية تصل إلى الجميع

- ثلاثة أجيال تتشارك في البطولة والتمثيل

- نهايات مفتوحة تحاكي الواقع الباحث عن الحل

لكلٍ رأيه.. ولي في هذا الموضوع رأي، فالحديث هنا ليس نقدا علميا ولا رؤية فنية بقدر ما هو رأي يقبل الصواب و الخطأ معا.. لكنني أقوله وأنا متابع وبعمق تفاصيل ما أريد الحديث عنه، ولم أستمع لطرف دون آخر ولم أتبنَّ رأيا غير رأيي ولم يدفعني أحد للحديث عنه أو تبني فكرته.. إذا هو رأي متشكل من خلاصة متابعاتي للأعمال الدرامية المحلية السابقة وما تلاها ومن خلال دخولي في كواليس تلك الأعمال والبحث عن تفاصيلها.. ومن خلال ما طرحته من آراء سابقة حولها..

تشكّل الأعمال التراجيدية في خارطة الدراما على مدار العام النسبة الأكبر في البث وتكاد أن تكون الكوميديا غائبة طوال العام إلا ما هو معُاد في الأساس من الدراما التي أنتجت لصالح الدورة البرامجية الرمضانية، وبالتالي ارتبطت هذه الدورة في ذهن المتلقي بـ "الكوميدي" من الأعمال وهو ينتظرها بشغف كونه برغم متابعته أعمالا تراجيدية وهي كثيرة فإنه لا يتفاعل معها، بالقدر الذي يتفاعل مع الأعمال الكوميدية ربما لأنه يفضّل ـ أو أنه تعود ـ في الحقيقة على الأعمال الكوميدية التي تتماس مع بعض قضاياه من جهة وتضحكه من جهة أخرى، وهي ما نحن بصدد الحديث عنها.

في الحقيقة إن المسلسلات ذات الأجزاء ومنها الأشهر "طاش ما طاش" ثم "حاير طائر" و"طماشة" استطاعت القبض على مفردات الوصول إلى قلب المتلقي، بيد أن هذه المسلسلات في حلقات معينة في الأجزاء الأولى منها ـ لم تكن ـ بالشكل ـ الذي يتماس واقعا مع قضية جوهرية مرتبطة بكل الجمهور فهي ربما تطرحها في سياق فئة من الناس وتطرحها بشكل يتفاوت في "القوة" وهذا الأمر طبيعي جدا إذا ما أردنا المقارنة بمتابعة متجردة من العواطف وهناك قضايا طرحت وهي كثيرة لم تؤدِّ إلى الحل ولكنها أشارت لها، غير أن ذلك الضعف في التناول أو ربما نستطيع القول (الطرح البسيط) في تلك الحلقات حمّل أبطال مسلسل "طاش ما طاش"ـ مثلا ـ الحمل الأكبر في تجسير تلك الهوة من خلال الشخصيات التي ذهبت لإضحاك الجمهور ومخاطبة قلبه أكثر من مخاطبة عقله، ووقعت المسلسلات الأخرى في ذات الفكرة .. غير أن "طاش ما طاش" فقد بريقه في الأجزاء الأخيرة (لأسباب معروفة) واتجه المشاهد العماني لمتابعة الأخريات نظرا لتقارب الإشكاليات التي تتماس معه بطرح جريء لم يتعود عليه، إلى أن وصلت كل تلك المسلسلات للوضع الطبيعي وهو التوقف.. فعند النظر في لحظة المشاهدة بزمانها فإن الأمر يبدو طبيعيا، ولكن عند العودة اليوم والتعمق في المحتوى فلن تجد (الفرق الخارق) الذي يستميت كثر بأنه الأجود آنذاك!! وهذا ينطبق على بعض المسلسلات الأخرى التي تحتفي بها (الذاكرة)، وهذا الأمر كما ذكرت سابقا بأنه طبيعي جدا في زمنه وتناول ذلك الواقع والقضايا والأساليب الفنية الأخرى وأؤكد أنه ليس تقليلا في أي مفردة من مفردات تلك الأعمال.

اليوم بعد أن تشكّلت في ذهن المتلقي صورة متطورة لوضع الدراما الخليجية الكوميدية وخاصة ذات الحلقات المنفصلة وبمستوى معين.. كان البحث عن تلك الصورة الذهنية لزاما في عمل محلي يحقق تلك الرغبة.. وحينما أتيحت الفرصة عبر المنتج المنفذ صدم المتلقي بعمل لم يرقَ مطلقا إلى أقل المعقول من (الخلفية التي تكوّنت في ذهن المشاهد من تراكمات ما ذكرت)، ما أجبر الجهات المعنية على التوقف وإعادة النظر في الكثير من الأمور المتعلقة بالدراما، وساهمت الجائحة هي الأخرى في التريث بشكل أكثر عمقا.. في حين أن البعض عزا هذا التوقف إلى مشكلات في الجهة الرسمية المعنية، وطالب آخرون بمواصلة الأعمال مهما بلغت درجة فشلها على اعتبار أن الأخطاء تصعد بالعمل في تاليه، وهؤلاء أنفسهم حينما يتم تقديم أعمال أخرى جديدة يحاولون تصيّد الأخطاء والمطالبة مجددا بالتوقف دون أدنى مبرر منطقي يستطيع المعني النظر إليه ومحاولة معالجته، فنحن نواجه -كما أشرت في البداية- أزمة تلقّي عند البعض، ونواجه صراعات كيدية بين صنّاع القطاع نفسه من كتّاب وممثلين ومخرجين وغيرهم.. فإن لم يكن أحد منهم قد قبض على طرف واحد في عمل درامي معين فإنه يكيل إلى المشتغلين كل التهم ويحاول تقزيم العمل بأي شكل من الأشكال.. بل ويصل عند البعض حد الإساءة للشخوص، وهذا ما يعرّي فكر البعض لدرجة الإساءة إلى نفسه وتاريخه (وإن تباينت نظرة الناس لذلك التاريخ).. والمشكلة الأدهى والأكبر هي أن يتبنى الآخرون تلك الأفكار دون النظر للعمل المقدم ودون تبيّن الحقيقة من الطرف وضده حتى وإن كان البعض لا صلة له بالعمل من الأساس.

كل تلك الإشكاليات في الحقيقة لا تقدم نقدا واقعيا للعمل، فالجمهور في هذه اللحظة لا يهمه من هو المؤلف ولا يهمه المخرج ولا المنتج ولا الصراعات الثانوية بين هذا الفنان والآخر وبين هذا الكاتب ونظيره .. ما يهمه نتاج تلك المنظومة في العمل (الظاهر أمامنا)، وهنا يبدأ الدور الحقيقي لرأي الجمهور في حين تتوقف أدوات الرد عند السابق ذكرهم.. لأن دورهم في الحقيقة انتهى بعرض العمل للجمهور.

الحديث عن أي عمل درامي يتطلب في الحقيقة متابعة كل حلقاته بتركيز عالٍ عبر العوامل الظاهرة في الصورة وليس ما خلفها، والتجرد من الشحن السابق المعاد بأثر رجعي، أو التعاطف مع آراء ناقمة تتماس مع ذلك الشحن المسبق، وإلا فكيف يمكنك الحديث عن سوء عمل لمجرد أنه لم يتم ترشيحك للمشاركة به، أو حتى عمل تشارك به، أو عمل استبعدت منه، أو ربما عمل ناقم على جهته ومسؤوليه؟! أو عمل تابعت حلقة منه أو ربما لم تتابع منه شيئا أصلا؟!

عودة بعد توقف

كان لزاما أن افتتح موضوعي هذا بتوضيح تلك النقاط في المقدمة السابقة للدخول في عوالم مسلسل "اسمع وشوف" الذي أُريد له أن يكون عودة للدراما بعد توقف.. وبكل تأكيد هذا العمل ليس الهدف منه إعادة أمجاد الدراما ـ كما يفهم البعض ـ بقدر ما هو عودة لدراما عمانية توقفت منذ زمن، لكنها هذه المرة عودة متأنية ومدروسة راعت الكثير من الجوانب السلبية في أعمال سابقة وحاولت تلافي الكثير من المعوقات السابقة لتقديم نتاج من الممكن البناء عليه وتلافي ما وقع فيه من أخطاء وتطويره نحو الأفضل في أجزاء أخرى من العمل نفسه مثلا أو عمل آخر جديد، وباختصار جاء العمل في وقت وظروف صعبة أبرزها الإجراءات الاحترازية ومنها لبس الكمام لذلك كان لزاما عند التصوير في المواقع الخارجية المختلفة والمواقع المعلقة البحث عن زوايا طبيعية لا تبيّن ذلك، لذلك كان الجهد مضاعفا في البحث عن الحلول وتطبيقها من أجل إنجاز العمل، كما أن بداية التصوير شهدت الإعصار "شاهين" الذي أثر على بعض المواقع المؤمل التصوير فيها وهي كلها ظروف خارجة عن الإرادة يجب وضعها في الحسبان.

إنتاج مباشر

بداية الحلول هو الإنتاج المباشر بعد تجربة طويلة إذ كانت تستميت بعض شركات الإنتاج في البحث عن مورد مالي لتقديم أعمال فنية كمنتج منفذ وهذا في الحقيقة أمر خاطئ، حيث إن شركات الإنتاج الحقيقية هي من تتبنى أعمالها وتنتجها بمالها الخاص وتفرض على القنوات شراء المنتج وأعني هنا فرض "الجودة" للشراء وليس فرض "الشراء" من أجل الدعم، فمسألة العودة إلى الخلف في هذا الشأن مسألة صعبة ومن وجهة نظري لا تخدم حتى شركات الإنتاج نفسها، وأعني هنا شركات الإنتاج الحقيقية والفعالة.

نجاح تسويقي

أطل مسلسل "اسمع وشوف" عبر رؤية تسويقية تحدث لأول مرة عبر شراء مسلسل محلي في الدورة البرامجية الرمضانية وعليه يجب أن يفهم المتلقي أنه في السابق تم بث مسلسلات محلية في الكثير من القنوات الخليجية ولكن كانت عبر (التبادل والإهداء) وربما تم شراء مسلسلات أخرى ولكن خارج الدورة الرمضانية، وهنا يجب التنبيه إلى أن قبول الشراء في موسم رمضاني زاخر بالأعمال يعطي إشارة إلى ميزة العمل وقبوله لدى الطرف الآخر.. قبوله ليس (دعما) ولا (تعاطفا) إنما لـ ـ جودته ـ فنيا، ولا شك أن كل قناة حريصة على اقتناء منتج نوعي يميز شاشتها بمعايير دقيقة وصارمة.

مشاركة أجيال متنوعة

قدم المسلسل ثلاثة أجيال من المبدعين جمع النجوم بالممثلين بالمواهب، وأشرك المسلسل وجوها مألوفة للمتلقي عبر أعمال في وسائل التواصل الاجتماعي إضافة إلى مشاركة كم كبير من المواهب الصاعدة والفنانين الشباب جنبا إلى جنب مع النجوم، عبر حلقات شاركوا فيها تمثيلا وعبر حلقات أخرى كانت فيها البطولة للشباب والمواهب الصاعدة، وهذه الثقة تحسب للعمل لأن الكثير من الوجوه الشابة والصاعدة مهما بلغت مشاركتها سابقا فتحتاج إلى وقت طويل حتى تلعب دور البطولة، وانتصر العمل هنا إلى الأداء بعيدا عن الاسم والتجربة، حيث ظهرت مواهب لأول مرة عبر الشاشة قدمت دورها بإتقان ومنحت مساحات للحركة في العمل، وهذا الأمر طالب به الكثيرون وتحقق لأول مرة بهذا الكم وهذا الكيف.

لهجة العمل

ومع ثراء اللهجة العمانية وتنوعها أبرز العمل هذا الثراء من خلال اللهجة الطبيعية للفنان المشارك، ومع تنوع انتماء الفنانين لمحافظات سلطنة عمان اتضحت اللهجة جلية في الحديث من الفنان كلٍ في محيطه بلهجة بيضاء هي الأخرى ليست غارقة في المحلية وليست عصية الفهم، ويبدو لي أن العمل راعى كل ذلك من أجل الوصول للمتلقي الخليجي والعربي وهذا ما يجب أن نكثفه في أعمالنا المقبلة، وأن نبتعد عن اللهجة التي تعّود عليها الجمهور المحلي والتي ينادي مرارا وتكرارا بتغييرها وعدم تكرارها.

تقنية متطورة وكوميديا رصينة

جاء العمل بصورة بصرية مختلفة على صعيد استخدام أفضل الوسائل التقنية الفنية وعلى شكل التناول الذي تعاطى معه المخرج، كما أن الكاتب وقع على خلاصة ما وصل إليه الآخرين وقدم قضايا محلية تتماس مع المشاهد العربي عبر أسلوب رصين منح مسار القضية الأم شكلا ثابتا في النص وتناول عبر قضايا أخرى على سبيل الإشارات بأسلوب بسيط في كوميديا تبتعد عن الإغراق الفض، على عكس ما يبحث عنه البعض في سبيل البحث عن الضحك في المسلسل، وهنا أطرح السؤال: ما هو مفهوم الكوميديا من وجهة نظر هؤلاء البعض؟ المسلسل في الواقع أعطى إشارات تجعل المتلقي يبتسم، وأعطاه روحا جديدة بعيدة عن الابتذال.. فالكوميديا ليست تهريجًا، وأرى شخصيا أن الكوميديا التي تعودنا عليها لو أعيدت إلى واقع درامانا لبقينا في الدرك الأسفل لذلك علينا أن نحتفي بمسلسل طرح قضايا معينة عبر مسار متصاعد في الأحداث مع تقديمه ظواهر وجماليات وقصص كثيرة في قلب الأحداث.

نهايات مفتوحة

ولأن الأدب لا يقدم الحلول بالقدر الذي يقترحه؛ قدم مسلسل "اسمع وشوف" مواضيعه بنهايات مفتوحة وضعت المتلقي في حيرة من أمرها ولكنه في الواقع دعاها إلى الغوص للبحث عن النهاية.. ولأن هذه الحيرة قد رافقت أغلب الجمهور فإن البعض رآها مشكلة كبرى في حين أن الكثير مثل هذه المسلسلات ومنها ما ذكرناه في المقدمة قدمت بهذا الشكل الذي أعتقد جازما أنه طبيعي جدا، ولكن الإشكالية الكبرى في أننا تعودنا على الشكل التقليدي الذي نشاهده في أغلب الأعمال الدرامية.. الانتصار للخير أو للشر والضحك المبتذل، في حين أن واقعنا مليء بالنهايات المفتوحة بل ومتعمقة في المجتمع وقضاياه وهي بنفسها تبحث عن الحلول وهذا ما سعى المسلسل لمحاكاته.

أكثر من حلقة

قدم المسلسل وهو منفصل ـ كما نعرف ـ حلقات (ثنائية وثلاثية وخماسية) ولا أعرف في الحقيقة ما هو الأمر غير الطبيعي في حين أن مسلسلات كثر جسدت هذا الشكل، فالشكل نفسه موجود وتابعناه في الكثير من المسلسلات، تبقى الإشكالية في: هل كان هنالك داع لتلك الأجزاء نظرا للقضية؟ من وجهة نظري أعتقد أن ثلاثية "الشغالة" خاصة مع وجود جزء ثالث لم تخرج عن سياق القضية التي تابعناها في الجزء الأول والثاني وهذا ما قدم انطباعا سيئا لدى المتلقي حينما شعر بـ "المط" في الأحداث، ورغم وجود إشكاليات كبرى لهذه القضية إلا أنه تم تناولها بشكل كبير في الكثير من المسلسلات الخليجية والمحلية فلماذا نكررها؟ لذلك طرح بعض الجوانب الحسنة تجاه تلك الفئة طرح جرئ ويجب أن ينظر إليه بتقدير كونه نظرا إلى الإنسان بغض النظر عن عرقه، ورغم كل ذلك كان بالإمكان في هذه الحلقة تناول القضية في حلقة أو حلقتين، وهنا التأكيد على أن الإطالة هي الإشكالية أما القضية المطروحة فهي موجودة وإشكالياتها ظاهرة وربما تفوق الطرح الذي يعتقد البعض أنه مبالغ فيه!!، هذه الثلاثية وهي في بداية المسلسل أعطت انطباعا سيئا عن العمل عند البعض رغم أن ما سيأتي بعد ذلك مختلف تماما وهذا ما حدث فعلا، لكن قد يجبر هذا الانطباع فئة معينة للتوقف عن المتابعة وهذا الأمر في غير صالح العمل لذلك يجب التنبه له مستقبلا.

رؤية درامية ومواضيع متنوعة

في الواقع إن ما طرحه المسلسل من مواضيع متنوعة خضع لمعالجات درامية برؤية الكاتب في نصه والمخرج في رؤية العمل البصرية وهذا هو الأمر الطبيعي في الدراما حيث لا يمكن تجسيد الواقع بحذافيره، وإلا فقد التشويق ومتعة العمل لذلك فإن الخروج عن الواقع في بعض الأحيان مبرر وتجاوز بعض التفاصيل مبرر هو الآخر، والبحث عن قضايا متنوعة لأكبر شريحة من فئات المجتمع مهم جدا، والاعتقاد أن القضية التي لا تتماس معي هي قضية دخيلة!! هي مشكلة.. فالمسلسل عبر إشاراته وخيوطه وضع يده على الكثير من الإشكاليات التي لا تتماس بشكل مباشر معي أنا كمتلقي ولكنها تتماس مع آخرين ومنها على سبيل المثال مشاكل شركات الإنتاج ومشاكل الجمعيات الأهلية ومشكلة نفور البعض من ممارسة العاملين على حسابهم أمام البيوت أو الحوائر أو مثلا الحمولة الزائدة على سيارات الشحن والتي قد تؤثر على الطرق .. هذه في الواقع إن كان البعض من الجمهور لا يدركها فهي لمن تقع معه ـ واقعا ـ ، وهي قضايا كبيرة يعيها تماما المعني بالأمر .. إذا علينا أن نتمعن بوعي وإدراك أن الإشكاليات التي لا تمسنا قد تمس فئة أخرى والعكس صحيح.

الحفاظ على الخصوصية

الآن.. تكوّن لدى مسلسل "اسمع وشوف" خصوصية من خلال رؤية كاتب وأسلوب مخرج، فإذا أردنا الحفاظ عليه في مسماه الحالي فعلينا البناء عليه وتطويره عبر الكاتب والمخرج نفسه، والاستفادة من تجربة الجزء الفائت.. أو إذا أردنا تقديم عمل آخر بحلقات منفصلة فيجب أن يتم بعيدا عن مسمى "اسمع وشوف" (الذي جاء بظرف معين وأعتقد أنه حقق ما هو مرجوّ منه) من خلال إشراك الكتّاب الذين لديهم القدرة على كتابة أعمال درامية بحيث يتم معالجتها بصورة تقدم المستوى المأمول، وعدم التهاون في فرض معايير صارمة تجاه ذلك، وتقديم منتج يتفاعل مع الجمهور ليس المحلي فقط إنما الخليجي والعربي وينافس ما هو سائد في الدراما العربية وليس أقل من ذلك.

المأمول من القادم

نأمل في القادم أن يسعى المشتغلون في هذا الحقل بمختلف المستويات والفئات بالبعد عن تغليب المصالح الخاصة، والبحث بصدق عما نستطيع من خلاله تقديم نقد فني مهني ينهض بالتجربة بعد عودتها الحالية، ويجب علينا التأكيد على مساحة الوقت الكافي للتصوير لأي موسم مستهدف، فالوقت مهم والمساحة الكبيرة له تمنح مساحة لتلافي الأخطاء وتجاوز الهنّات.. وعلينا بعد هذه العودة ألا نفكر في تكرار المواضيع التي طرحت في مسلسلات عربية وخليجية والتي تطرح بعضها قضايا لا تمس مجتمعاتها مطلقا، حيث نتميز بما نناقشه في أعمالنا الأقرب للمجتمع وواقعه التي تتماس هي الأخرى مع الواقع العربي، لذلك علينا أن ننظر للنص والإخراج والممثلين بصورة لا تصل إلى المتلقي العماني فحسب بل نفرض على الخليجي والعربي متابعة تلك الأعمال من خلال البعد عن التكرار والغث الذي تقدمه مسلسلات خليجية كثر.. والغوص فيما يميزنا ويجذب الآخر وأعتقد أن قوتنا تكمن في تراثنا ومحليتنا، وعلى الرغم من التناول التقليدي الذي قد يعتقده البعض في المسلسلات التراثية إلا أن الدراما العمانية لم تتناول بعض التحولات الزمنية عبر الدراما وعلينا أن ننظر إلى هذا الجانب بعمق وطرح غير تقليدي وبسخاء مادي لأنه بطبيعة الحال مكلف، وبصورة لا تتشابه مع الآخرين ممن سبقونا والاستعانة بالخبرات في الكتابة والإخراج والتنفيذ بوعي، فالمسلسلات التراجيدية ملأت الفضائيات بقضاياها المترهلة والمتكررة، وقبول المسلسلات الكوميدية أكثر وأعم إذا ما خرجنا قليلا عن النمط التقليدي الذي تعودنا عليه في السابق أو الخروج التام وخلق عوالم جديدة في سياق ما نتمناه ونسعى لتحقيقه.