أغاني العيد في سلطنة عمان.. ذوق وثقافة عربية تساهم في بناء الروابط الاجتماعية
في يوم العيد ينتابنا الشعور بالفرحة والتواصل والتشارك، حيث ترتبط هذه الأيام بالكثير من العادات الجميلة التي تمنحنا لحظات من البهجة والحنين. ولتكتمل فرحة العيد لا يمكن أن نتجاهل الدور الذي تلعبه أغاني العيد في نشر الفرحة بين الكبار قبل الصغار، فهي تمثل جزءا أساسيا من الاحتفالات.
العديد من الأغاني التي ترسخت في ذاكرتنا ونرددها كل عيد، برغم توالي الأعوام لا تخبو أصالتها وتأثيرها، وتأبى أن تنسى. فالعيد يأتي ويجلب معه ذكريات الطفولة المرتبطة بأجواء الفرح والسعادة، وتبقى أغاني العيد الصوت الأدفأ الذي يضم هذه الذكريات ورمزا لروح الاحتفال لكل عيد.
ومع كل عيد تجتمع الأسرة الكبيرة في البيت "العود" لكل عائلة، ويتحلق الأهل حول موائد العيد يفتحون تلفزيون سلطنة عمان، القناة الأولى العامة، التي تبث تهاني العيد، وتطربنا بأغاني العيد القديمة، والحديثة، والمطورة التي دمجت القديم بالحديث، ونجد أنفسنا نسترجع تلك اللحظات الجميلة ونعبر عن فرحتنا وسعادتنا من خلال الاستماع إلى الأغاني التي كانت وما زالت جزءا لا يتجزأ من ثقافتنا وتراثنا العماني.
تنوع الأذواق
ولنستذكر عبق أغاني العيد، نتوقف مع بعض الأغاني التي ارتبطت بشكل خاص بولادة تلفزيون سلطنة عمان، الذي حافظ على إمتاعنا في كل عيد بالأغاني الخالدة لهذا اليوم المميز، مع تقديم كل جديد لينقلنا عبر أجواء تلك الأغاني لتذكر اللحظات المميزة، ولنعيش الروح العيد التي تنبعث من كل نغمة.
وهناك بعض الأغاني التي يبثها تلفزيون سلطنة عمان من التراث الغنائي العربي، وأغاني أخرى من التراث الغنائي العماني، وواحدة من تلك الأغاني هي "مبارك يا عيد مبارك" من أشهر الأغاني التي سمعناها ورددناها منذ الصغر في هذا اليوم، وكانت باللهجة الشامية. وتتميز هذه الأغنية بكلماتها المبهجة التي تعبر عن الفرحة في العيد، واستمر التلفزيون في تقديمها كل عيد على مر السنوات.
وتأتي أغنية "كل عام وأنتم بخير" وهي من الأغاني المحبوبة للشعب العماني باللهجة العمانية والتي لا يتوقف العماني عن سماعها في كل عيد. وحققت شهرة كبيرة بفضل كلماتها البسيطة والمعبرة عن تمنيات الخير والسعادة في العيد.
ومن أغاني العيد العربية التي تبثها معظم القنوات التلفزيونية العربية أغنية "العيد فرحة" لصفاء أبو السعود، وتم تأليف هذه الأغنية لتعبر عن البهجة والسرور في هذه يوم العيد، وقد لاقت استحسان الجمهور وتصدرت قوائم أغاني العيد لسنوات عديدة.
بالإضافة إلى أغاني كثيرة ومتنوعة كأغنية "صباح العيد"، والأغاني العمانية كأغنية "مرحبا بالعيد" لأحمد الحارثي، وأغنية "عيود عيود" لهدى الخنبشي، والعماني بذوقه يستمع للأغاني المتنوعة في يوم العيد ليعبر عن فرحته بالعيد واجتماعه بأهله وأحبابه، وبالنظر إلى هذه الأغاني وغيرها من الأعمال الموسيقية العربية والمحلية التي ترتبط بالعيد، يتضح لنا أهمية الأغاني في تعزيز الفرحة في إضفاء روح العيد، فهي وسيلة فعالة للتواصل والتشارك بين الناس، لتذكرهم بأجواء العيد الجميلة وتجدد فيهم الأمل والسعادة.
أغاني العيد في الماضي
قبل افتتاح تلفزيون سلطنة عمان، كانت الأغاني موجودة وكان العمانيون يرددونها، حيث تشكل أغاني العيد في الماضي جزءا هاما من تاريخ سلطنة عمان وثقافتها، وقديما كان لأغاني العيد دور هام ومحدد في الاحتفال بالمناسبة السعيدة، فكانت تعكس الأجواء الاحتفالية والفرحة، وكانت تطرب بها العائلات والأصدقاء في جميع أنحاء البلاد، وتتميز هذه الأغاني باللحن التقليدي والكلمات البسيطة التي تفيض بالمعاني العميقة ويؤديها الشباب وأحيانا بمصاحبة النساء في الأماكن المفتوحة.
تغير نمط أغاني العيد
مع تطور العصر وتغير العادات والتقاليد، رأينا تغيرا واضحا في نمط أغاني العيد في سلطنة عمان، حيث تأثرت الأغاني بالثقافات الأخرى ونقلت إلى اللهجة المحلية لإضافة لمسات جديدة ومبتكرة، وحدث ذلك مع كل الشعوب، كما شارك بعض الملحنين والشعراء العرب، والمغنين في تأدية أغاني العيد العمانية، لمنحها القوة وتبادل التجارب في البث التلفزيوني عند انطلاقته الأولى، كما تم استخدام ألحان وكلمات معبرة تلامس قلوب الجميع، لنشر السعادة والبهجة في أجواء الاحتفال والاجتماعات العائلية.
أغاني العيد التقليدية
وتشتهر سلطنة عمان بتراثها الثقافي الغني، وهذا ينعكس أيضا في أغاني العيد، حيث تحتفظ سلطنة عماني بالأغاني المحلية التقليدية التي تعكس أبعادا مختلفة من الثقافة والتاريخ المحلين وقم الفنانون العمانيون بتطوير الأغاني القديمة وإعادة إنتاجها، من أجل الحفاظ على هذا التراث الثقافي.
تأثير التكنولوجيا على أغاني العيد
ومع طفرة التكنولوجيا في العصر الحديث، تغيرت طريقة انتشار أغاني العيد، بفضل وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الموسيقى الرقمية، وأصبح بإمكان الجميع الاستماع والمشاركة في أغاني العيد بسهولة، بل وإنتاجها، كما ظهرت أصوات جديدة وتعاون الفنانين على المستوى المحلي والعالمي لإنتاج أغاني العيد التي ترقى لتطلعات الجميع.
الأغاني الحديثة وتأثيرها على الجمهور الشباب
أحدثت الأغاني الحديثة تغييرا كبيرا في تفاصيل الذوق العام للأغاني، وبصوت شبابي جديد، تمكنت تلك الأغاني من التواصل مع الشباب ولغتهم، وظهرت ألوان جديدة في الغناء، استخدمها بعض الفنانين مع عدم المساس بالتراث العماني، وعدم تخليهم عن لون الأغنية العمانية وأصالة الفن القديم، ولكن لتجربة الألوان الجديدة وإدخالها في بين فئات الشباب مع تداخل العالم، واندماج الفنون.
الإبداع في قصائد العيد
ويقدم الشعراء قصائد العيد وهو تقليد قديم في سلطنة عمان، حيث يجتمع الشعراء ويتحلقون في جلساتهم، أو يقيمون أمسية ثقافية لتقديم جديد القصيد، حيث تمتاز طبيعتنا العمانية بألوانها الفنية المتنوعة في الشعر والفنون المحلية، ولقصائد العيد مكانة خاصة، لأنها تعبر عن الأفكار والمشاعر، ويبدع في وصفها الشعراء بقصائدهم المتجددة.
اجتماع الأهل
في كل عيد، تحتفل العائلات بالعيد بالاستماع لأغاني العيد، وترديدها، ومع مرور الأيام واختلاف الأجيال تطور بعض أنواع الأغاني وأنماطها، إلا أن اجتماع الأهل والأصدقاء، يذكرهم بالأغاني القديمة، حيث تلعب أغاني العيد دورا مهما في نشر السعادة عبر الأجيال، والأغاني التي تغنى وتشارك في جمعات العائلة تحمل معها طعما مميزا للاحتفال بالعيد وتجعل الذكريات تستمر لسنوات قادمة.
وقد تتوجه بعض العائلات إلى الحدائق أو الحفلات ليجدوا أغاني العيد تتردد مع ألعاب الأطفال، وأثناء تقديم العروض الترفيهية للأطفال، نظرا لأصالة الإنسان العماني واهتمامه بتراثه وثقافته، وتعبيرا عن فرحته واهتمامه بالأغاني العمانية، ولترسيخها في أذهان الأجيال.
