أجهزة الاستشعار الحديثة ترصد حرائق الغابات في ألمانيا
كوتبوس (ألمانيا) "د.ب.أ": ينظر إيرهارد برودكورب عن قرب إلى واحدة من شاشاته الثلاث، وكان هذا الرجل الذي يبلغ من العمر 63 عاما قد جلس توا، في مركز مراقبة الغابات الكائن في بلدة زوسن بالقطاع الشرقي من ألمانيا، ولاحظ أن أجهزة الاستشعار رصدت شيئا ما.
وظهرت على الشاشة سحابة من الدخان في وسط الغابة، ولكن قد تكون مجرد سحابة من الغبار، ولم يكن برودكورب الموظف بالغابة متأكدا من حقيقة الأمر، وكانت الأمطار شحيحة لعدة أيام في المنطقة، وبالتالي زادت مخاطر اندلاع حرائق في الغابة.
وبدأ برودكورب في فحص الصور البادية على الشاشة، وكان لا يزال غير متيقن من نشوب حريق، ولكنه لم يكن عليه أن يتخذ قرارا في هذا الشأن بمفرده، حيث أن مشرف نوبة العمل فيليب هاس، راجع الوضع فاحصا مجموعة أخرى من الصور مستخدما جهاز استشعار آخر.
ويقول هاس "إذا استخدمنا هذه المجموعة الثانية من الصور، يمكننا تحديد مكان الحريق بالضبط، والتعرف على هدف بدرجة أكثر دقة عندما نرسل فريق الإطفاء إلى المكان"، وفي وقت لاحق يتمكن هاس من تقديم صورة واضحة تماما لموقع الحريق، وذلك بفضل استخدام أحدث تقنية في هذا المجال.
ويستمر موسم حرائق الغابات في ألمانيا لمدة 214 يوما، وفقا لما يقوله ريموند إنجل مفوض فرق الإطفاء بولاية براندنبرج، ويوضح أن أعلى مستوى لخطر الحرائق، يستمر في المتوسط لفترة تتراوح بين 10 إلى 20 يوما، ويتم حساب مستويات الخطر على أسس تساقط الأمطار والرطوبة وسرعة الرياح ودرجة الحرارة.
وبحلول منتصف مايو يكون العاملون بالمركزين المخصصين لرصد حرائق الغابات بولاية براندنبرج، قد حددوا نحو 100 حريق، وبالإضافة إلى بلدة زوسن يوجد أيضا مركز ببلدة إبرزفالدي مجهز بمعدات مماثلة.
ويتكون نظام الإنذار المبكر عن الحرائق المسمى "فاير ووتش"، من أكثر من 100 جهاز استشعار بصري، مثبتين فوق الأبراج السابقة لمراقبة الحرائق والملاحظة، وصواري تقوية إرسال الهواتف المحمولة، وذلك بهدف تحديد أماكن اندلاع الحرائق واتخاذ الإجراءات اللازمة لمكافحتها.
وتم وضع 53 جهازا منها في الجزء الجنوبي من المنطقة، وتم ربطها ببعض لاسلكيا، ويمكنها فحص الأماكن بشكل دائري كامل كل ست دقائق لالتقاط صور بانورامية لها.
ويوضح إنجل أن برنامج الكمبيوتر الذي تعمل به الأجهزة، مصمم بحيث ترسل أجهزة الاستشعار إنذارا بمجرد ظهور أدخنة، والمعايير التي تعمل بها تستند إلى شكل الدخان ولونه وسرعة انتشاره، ويقول "يقدم جهاز الاستشعار أول إنذار لبرنامج الكمبيوتر، بحيث يشير إلى وجود شيء ما غير طبيعي بالمكان".
ويقول إنجل إذا شب حريق، يتم إرسال رسالة إلى مراكز المراقبة الإقليمية خلال دقائق.
وبعد إعادة توحيد ألمانيا عام 1999، كان لا يزال يتم نشر موظفين للغابات بحيث يجلسون فوق أبراج لمراقبة الحرائق، ويرسلون المعلومات التي يرصدونها، ويتم الآن إرسال المعلومات الخاصة بالحرائق رقميا، ويتم تخصيص اثنين من الموظفين بكل مركز مراقبة لفحص المعلومات.
وغالبا ما يكون الوضع محفوفا بالمخاطر، مثل ذلك الحريق الذي اندلع في غابة مساحتها 1500 متر مربع بالقرب من بلدة باروث، ورصدت أجهزة الاستشعار حينها اشتعال حريق في منطقة تقل عن كيلومتر واحد من محطة لضغط الغاز.
ويعلق هاس على ذلك الحادث قائلا "يتعين الإبلاغ عن مثل هذه الحرائق على الفور"، ووصل فريق الإطفاء إلى موقع الحريق سريعا، وذلك بفضل إنذار الحريق الذي أرسله مركز مراقبة زوسن.
ويمكن لكاميرات المراقبة ذات الدقة العالية أن ترصد، أعمدة الدخان المتصاعدة من مسافة نحو 20 كيلومترا، بل يمكن لأجهزة الاستشعار أن ترصد وجود حريق كبير على مسافة 40 كيلومترا، وهو أمر مستحيل بالنسبة للعين المجردة.
وتم تطوير الأنظمة الإليكترونية لجهاز الاستشعار، وبرنامج الكمبيوتر المخصص لمعالجة بيانات الصور، أثناء الإعداد لمهمة استكشاف المريخ، وتم تصميم أجهزة الاستشعار بحيث تسجل حدوث سحب الأتربة، كما قام المعهد الألماني لعلوم الملاحة الجوية والفضاء بإضافة مزيد من التطوير لهذه التقنية.
وهناك خطر آخر في براندنبرج يتمثل في أنها الولاية الوحيدة في ألمانيا، التي يوجد بها أكبر مناطق تحتوي على بقايا الذخائر التي يرجع تاريخها للحرب العالمية الثانية، ويخشى المسؤولون من وجود متفجرات حية في 350 ألف هكتار من الأراضي.
وأي حريق يندلع في هذه المناطق يكون من الصعب التعامل معه، حيث لا تستطيع فرق الإطفاء الدخول إليها، ويتم إغلاق هذه المناطق التي يطلق عليها وصف "مناطق حمراء"، ولا يمكن إطفاء الحرئق فيها إلا من خارجها عن طريق الجو.
