أحمد جعبوب: فن النحت والتشكيل لهما دور في إبراز ثقافة وحضارة أي بلد
تصدرت منحوتته خمسة أعمال فائزة في مدينة ينتشوان الصينية -
صلالة - مكتب (عمان) - عامر بن غانم الرواس -
شارك الفنان التشكيلي والنحات أحمد بن مهدي جعبوب في الدورة الثانية من الفعالية التشكيلية الدولية «بصيرة الصين» التي أقيمت في مدينة ينتشوان في الصين خلال الفترة الماضية، حيث تصدرت منحوتته ضمن خمسة أعمال تم اختيارها كأعمال فائزة من بين أعمال 12 نحاتا ونحاتة ذوي خبرة مثلوا 10 دول عربية هي: سلطنة عمان، ومصر، وسوريا، ولبنان، والسودان، والكويت، والأردن، وتونس، والجزائر، والمغرب هذا الإنجاز يظهر لنا حب النحات أحمد جعبوب لهذا الوطن الغالي الذي أخرج لنا الكثير من المبدعين ممن شرّفوا الوطن بمشاركاتهم، وهذه المنحوتات الخمس تم اختيارها لتبقى معلما في الصين، وهي رسالة حب وسلام وتآخٍ للعالم ضمن رسائل هذا الوطن الغالي والذي شعاره السلام والحب والانفتاح على الغير.
في هذا الحوار التقينا مع الفنان أحمد بن مهدي جعبوب لنتعرف أكثر على هذا الإنجاز. وفي البداية كان سؤالنا عن مشاركته في هذه المسابقة العالمية، فقال: حلّلت ضيفا على الصين كمشارك في الورشة الدولية العربية للنحت في دورتها الثانية، لمصلحة مشروع حديقة الصداقة الصينية العربية، والتي أنشئت لتكون رمزًا للصداقة والتعايش وتطوير العلاقات الثقافية بين الصين والدول العربية، ولتتزين الحديقة بأعمال نحتية عربية، بأحجام تصل إلى عشرة أمتار.
وبعد أن تم اختياري للمشاركة وقبول أعمالي من قبل اللجنة المنظمة بالصين، أدركت تماما أهمية المسؤولية التي تقع على عاتقي لتمثيل السلطنة خير تمثيل، وخاصة علمي بوجود نخبة منتقاة من النحاتين والنحاتات العرب في هذا الملتقى، فكان هاجس التحدي وإثبات الذات دافعا معززًا لبذل المزيد من الجهد والتركيز والإبداع النحتي.
وعلى الرغم من تحقيقي لهذا الإنجاز وفرحتي، إلا أن ما شدنا في هذا الملتقى هو ما قدم من تجارب وأعمال فنية في غاية الإتقان النحتي قدمها الجميع من صينيين وعرب، ومدى حرص الجميع في تقديمهم لأجمل ما لديهم من أعمال نحتية، وهذا كان أيضا دافعا للإصرار والعزيمة لتحقيق الهدف، وليس المشاركة والاطلاع على التجارب والخبرات فقط.
وأضاف: ما لفت انتباهي في هذه المشاركة هو عظم الاهتمام والمتابعة من قبل الجهة المنظمة وحرصهم اليومي على متابعة الأعمال المشاركة، ويمكن أن أقول هنا بضرورة الاهتمام والمتابعة للنحات والفنان التشكيلي في السلطنة، وما لهذا الفن والأعمال من دور في إبراز ثقافة وحضارة أي بلد، والسلطنة لها تاريخها العريق وثقافة منبع لكل إبداع ورمز لكل عمل نحتي، وهنا أتمنى التركيز على هذه النقطة وما سوف يقدمه النحات والفنان التشكيلي العماني من رسالة في ملتقى تلك التجمعات العالمية.
* بالنسبة لمشاركة السلطنة في هذا الملتقى، هل بالفعل اقتصر على مشاركين فقط أنت وإحدى الأخوات؟
- نعم تم اختياري شخصيا مع إحدى الأخوات في مجال النحت على مستوى السلطنة، وكانت المشاركة قوية جدا مع وجود مشاركين أصحاب خبرة وأعمار سنية كبيرة لديهم التخصص في مجال النحت، وبعضهم أساتذة في الجامعات ولهم سجل نحتي جدير بالتقدير والثقة، أيضا وجود لجان التقييم المصاحبة، ووجود تصويت من قبل سكان المدينة على الأعمال المشاركة والمنحوتات، ولله الحمد مثلنا السلطنة خير تمثيل حيث بذلنا ما بوسعنا لتحقيق المطلوب من المشاركة وهو حصولي على مركز متقدم ضمن اختيار عملي ليبقى في الصين ضمن المنحوتات العالمية المتنوعة التي ستختار للمدينة، وكل التوفيق لأختي النحاتة في الأعمال القادمة.
وقد حالف عملي التوفيق والقبول ولله الحمد من قبل اللجان ولجنة التصويت، وكان العمل الوحيد للسلطنة ضمن أربعة أعمال أخرى تم اختيارها من قبل 10 دول عربية مشاركة. وهذا الإنجاز رغم حدة المنافسة فخر لي شخصيا كوني مثلت السلطنة في هذا المحفل وبوجود كبار النحاتين وأصحاب الخبرة في هذا المجال.
* نريد أن نعرّف القارئ ببعض تفاصيل العمل الفائز؟
- قبل ذهابي للصين كانت الفكرة موجودة لدي وهي التركيز على نحت الحرف العربي وتحديدا حرف الطاء والتشكيلات الحروفية له على قاعدة العمل من الخلف وعلى أطراف قاعدة المنحوتة، ورغم أن اختياري لفكرة المنحوتة كان يكتنفها الكثير من الصعوبة النحتية والدقة إلا أنها كانت الفكرة الرئيسية التي اتخذت القرار بشأنها، والبداية الفعلية للعمل من خلال نموذج من الطين والجبس وتم صبه في قالب جبسي ثم يتم صب مادة الفايبر عليه.
بعد ذلك مرحلة التلوين، وقد اخترت اللون الأبيض لأنه لون السلام، وأصعب ما واجهني في هذه المراحل هي صب مادة الفايبر، بحكم أن المواد المستخدمة ضارة إلى حد ما وتحتاج المزيد من الحذر في التعامل والتركيز والدقة لإظهار العمل والمنحوتة بالشكل الذي تم تحديده في المرحلة الأولى من العمل.
* لماذا اخترت الحرف العربي ليكون المنحوتة التي ستشارك بها؟
- هدفي الأساسي لاختيار الحرف العربي ليكون عنوان وجسد منحوتتي هو حرصي أن يكون الحرف العربي موجودا في الصين، وإيصال رسالة مفادها أن لغة الضاد موجودة وباقية، وأن اللغة العربية وحروفها هي الوعاء الذي احتضن عبر قرون طويلة هويتنا الإسلامية، وهذه الحروف العربية ترجمت لنا النفوذ والسلطة والعلم والشعر والفن والأدب عبر حقب وعقود تاريخية مشرقة، امتدت وانتشرت لتصل أطراف الصين وشطآن المحيط الهادي وأدغال إفريقيا.
خاصة أن احروف اللغة العربية تحمل في ثنياها تاريخ شعوب وحضارات وأعراقا مختلفة يوحدها هذا الحرف العربي باختلاف ثقافاتها ولهجاتها ولغتنا العربية هي ذاكرة أمتنا وهويتنا، فرأيت أن مساهمتي في هذا المحفل بالحرف العربي هو شرف لي ولقناعتي الشخصية بحبي ووفائي له.
* هل توقعت اختيار عملك وهو منحوتة الحرف العربي ليكون ضمن الأعمال المختارة لتكون من معالم مدينة ينتشوان؟
- قناعتي الشخصية وحرصي على تمثيل السلطنة تمثيلا مشرّفا كان هدفي الأساسي، كذلك حبي وشغفي بالحرف العربي كان العامل المعزز لتحقيق الهدف وإبراز هوية لغتنا العربية في هذا المحفل، وعندما أنجزت العمل كان المشرفون على الملتقى قد أبدوا إعجابهم بالعمل، حتى أن البروفيسور في النحت أبدى إعجابه الشديد بالمنحوتة عند اكتمالها، ومتابعتهم لعملي والتركيز عليه كان مؤشرا إيجابيا ودافعا لمزيد من الإتقان والجهد في المنحوتة.
* كيف تنظر إلى الجهات المعنية بهذه المشاركة وتشجعيها لكم حيث تمثلون السلطنة في هذه الملتقيات العالمية؟
- دور الجهات المعنية ودعمها كنا نتوقع منها الأفضل وخاصة أن المشاركة مهمة، وكنت أتوقع شخصيا المزيد من التشجيع والمتابعة والاهتمام والتغطية الإعلامية أيضا، ليس لشخصي كنحات ولكن العمل والمركز المحقق يمثل الجميع وخاصة الجهة المعنية بالنحت والفن التشكيلي، ولكن ما يهمني كمشارك أنني حققت الهدف من مشاركتي وهي تحقيق مركز ضمن بقاء عملي في الصين، وتمثيل السلطنة خير تمثل في هذا المحفل النحتي الكبير، وما أرجوه من الجهات المعنية أن تكون أكثر حرصا ودعما ومتابعة للمبدعين من الفنانين والنحاتين العمانيين، وخاصة عندما تكون المشاركة على مستوى كبير وملتقى يضم خبرات وجهات لها قصب السبق في هذا المجال.
