أفكار وآراء

العقـد القابـل للإبطــال

18 ديسمبر 2019
18 ديسمبر 2019

د. عبدالقادر ورسمة غالب -

Email: AWARSAMA@WARSAMALC.COM -

العقد الصحيح المبرم بين الأطراف يكون قابلا للنفاذ بقوة القانون، ولذا تنتج آثاره لأنه تم بين أطراف لهم الأهلية القانونية والرغبة في إقامة تعاقد قانوني. والعقد شريعة المتعاقدين، ولكن قد يشوب التعاقد بعض الأمور القانونية التي تجعل العقد قابلا للإبطال.

ومن الناحية القانونية، فإن العقد القابل للإبطال ينتج آثاره ما لم يقض بإبطاله، وإذا قُضي بإبطاله اعتبر كأن لم يكن أصلا. ومن ضمن الحالات التي تجعل العقد باطلا، أن يكون هناك تدليس أو غلط أو إكراه أو غيره. فوجود أي من هذه الحالات يجعل العقد قابلا للإبطال نظرا لأنه لم يتم برغبة ونية قانونية صحيحة؛ لأن التدليس، مثلا، يتم فيه عرض البضاعة بصورة غير سليمة وغير صحيحة بالرغم من أن من قدمها يعلم أنها غير سليمة وإضافة إلى أنه يعلم أن توضيح هذه الحقيقة قد لا تجعل الطرف الآخر يقبل التعاقد. ومن هنا، يظهر سوء النية وعدم منح الطرف الآخر المعلومات الحقيقية والتعاقد بموجب تدليس يؤثر على سلامة العقد. وهذا أيضا، ينطبق على الحالات الأخرى المتمثلة في الإكراه والغلط في الوقائع وغيره من الحالات التي تجعل القبول غير مكتمل الأركان وتشوبه شوائب عديدة.

وإذا جعل القانون لأحد المتعاقدين حقا في إبطال العقد ، فلا يجوز للمحكمة أن تقضي بإبطال العقد إلا بناء على طلب صاحب الحق. وإذا قــام سبب الإبطال ، وتمسك به من تقرر لمصلحته ، تعين على المحكمة القضاء بإبطال العقد ، وذلك ما لم ينص القانون على خلافه . ويزول حق إبطال العقد بالإجازة الصريحة أو الضمنية ممن له حق طلب إبطاله ، وتطهر الإجازة التي تتم العقد من العيب الذي انصبت عليه ، دون إخلال بحقوق الغير.

ويسقـط الحـق فـي إبطال العقد إذا لم يتمسك به صاحبه خلال ثلاث سنوات من وقت زوال سببه ما لم يقض القانون بخلافه . ويبدأ سريان هذه المدة في حالة نقص الأهلية ، من اليوم الذي يزول فيه هذا السبب ، وفي حالة الغلط أو التدليس من اليوم الذي ينكشف فيه ، وفي حالة الإكراه من يوم زواله ، وفي كل حال لا يجوز التمسك بحق الإبطال لغلط أو تدليس أو إكراه إذا انقضت خمس عشرة سنة من وقت إبرام العقد.

و وفق القانون، يجــوز لــكل ذي مصلحة أن يعذر من لـه حق إبطال العقد بوجوب إبداء رغبته في إجازته أو إبطاله ، خلال مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ، تبدأ من تاريخ استلام الإعذار من غير أن يترتب على ذلك أي أثر بالنسبة للمدة المقررة لسقوط الحق في الإبطال . ولا يعتد بإعذار من لـــه حق طلب الإبطال بسبب الغلط أو التدليس أو الإكراه ، إلا إذا كان قد وجه بعد انكشاف الغلط أو التدليس أو زوال الإكراه . كما أنه لا يعتد بإعذار ناقص الأهلية ، إلا إذا كان قد وجه إليه بعد اكتمال أهليته . فإذا انقضى الميعاد المحدد بالإعذار من غير اختيار ، اعتبر ذلك إجازة للعقد.

وهنا لا بد من التنويه، أن من بأتي للتعاقد عليه أن يكون سليم النية وأن يكون أمينا مع الطرف الآخر وعدم إكراهه أو غشه أو غير هذا من الأفعال المخالفة للقانون. وعليه أن يعلم أن القانون يعطي الطرف الآخر الحق في المطالبة بإبطال العقد لأن العقد يكون قابلا للإبطال وفق رغبته بعد علمه بما حدث له أثناء التعاقد. وهكذا يوفر القانون، لمن يتم تدليسه أو إكراهه أو بحدوث الغلط ، الحق في إبطال العقد وما ينجم من ذلك من الأضرار والتعويضات اللازمة لذلك.