إدارة الأصول
د. عبد القادر ورسمه غالب -
Email: AWARSAMA@WARSAMALC.COM -
الأشخاص والشركات يهتمون بممتلكاتهم ويحافظون عليها وهذا من طبيعة النفس البشرية. قال تعالى في محكم تنزيله {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ من النساء والبنين وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ..} (سورة آل عمران الآية 14). والكل يجتهد في امتلاك وحفظ ورعاية القناطر المقنطرة من الذهب والفضة والخيل والأنعام والحرث... ويسعى في تنميتها حتى تتكاثر وتزيد ليزيد مقامه في الحياة الدنيا. والكل في مسعاه يبذل ما وسعه ولكن، هناك من ينجح في هذا المنحى نجاحا كبيرا وهناك من يخفق ويفشل فشلا ذريعا. وبسبب هذا التباين الواضح بين النجاح والإخفاق، برزت الحاجة الماسة للاهتمام بالموجودات والممتلكات التي نملكها عبر الوسائل العلمية ومخرجات المدارس الإدارية الحديثة، وهذا الأمر لأهميته يعتبر الآن من العلوم الاقتصادية الإدارية المتخصصة، ويسمى «إدارة الأصول». وما تحتويه الآية القرآنية الكريمة، من الذهب والفضة والخيل والأنعام والحرث، كلها من الأصول ذات القيمة المادية العالية ولذا يحبها الناس ويشتهونها ويقضون جل حياتهم في زيادة هذه الأصول والممتلكات، وهذا الأمر مستمر منذ الأزل، ونسميه الآن (إدارة الأصول - أست مانجمنت).
وللتعريف فإن علم أو تخصص إدارة الأصول، المقصود به ذلك النظام الذي يقوم بمراقبة الممتلكات ذات القيمة والتي يملكها أي شخص أو كيان ويحافظ عليها. وهذا التعريف ينطبق على الأصول المادية كالمباني والأراضي والأصول المعنوية كحقوق الملكية الفكرية والسمعة التجارية، وإدارة الأصول، عبارة عن عمل منهجي لتشغيل الأصول والمحافظة عليها وترقيتها وتصريفها بفعالية لتحقيق أكبر عائد، وفي نفس الوقت، تتم متابعة الصيانة الدورية بهدف توفير أفضل الخدمات للمستخدمين. وعموما، نقول ان إدارة الأصول، تتمثل في الجمع بين الممارسات الإدارية والمالية والاقتصادية والهندسية والقانونية وغير ذلك من الممارسات التي يمكن تطبيقها لتوفير المستوى المطلوب من الخدمة بطريقة أكثر فعالية من حيث التكلفة. ولهذه الأدوار المتكاملة مع بعضها البعض، فإن إدارة الأصول، تمثل إدارة «دورة الحياة الكاملة» لأنها تشمل التصميم والبناء والتكليف والتشغيل والصيانة والإصلاح والتعديل والاستبدال ووقف التشغيل والبيع للأصول المادية وكذلك أصول البنية التحتية.
والأصول متعددة ومتنوعة، كالذهب والعملات والصكوك والعقار وغيره، ولكل منها نتائج مختلفة على المديين القريب والبعيد. ولهذه الأسباب فإن إدارة الأصول يجب أن تكون متنوعة ومتباينة وتختلف من حالة لأخرى. فالأصول ذات العائد السريع تختلف إدارتها عن الأصول ذات العائد غير السريع، والأصول الثابتة تختلف إدارتها عن الأصول المنقولة، والحرث يختلف عن الأنعام، وهكذا يجب أن يكون لكل حالة لبوسها وفق ما يناسب قياسها. وللتوضيح، إدارة الأصول المالية تعنى بإدارة محافظ الأوراق المالية، وتعتبر من قطاعات صناعة الخدمات المالية، ولتحقيق هذا فإنها تتولى إدارة برامج الاستثمار الجماعي وحسابات الزبائن وغيرها. أما إدارة أصول المؤسسات فتشمل العمليات التجارية ونظم المعلومات التي تدعم إدارة أصول المؤسسة مثل المباني والمعدات والبنية التحتية وغير ذلك. والأصول الثابتة، تشمل ذلك الجزء من الموجودات الذي يقدم خدماته لفترات طويلة مستمرة من حياة المؤسسة التي تمتلكها، وتضم الأراضي والمباني والآلات والمعدات وما شابه ذلك. وفي العادة، يتم منح إدارة الأصول الثابتة عناية خاصة وذلك نظرا لأهميتها الكبيرة ضمن موجودات وأصول المؤسسات الصناعية الكبيرة. وإضافة لهذا، تمنح العناية الخاصة نظرا لأن هناك صعوبات غير عادية تطرأ عند معالجة الآثار الناتجة عن الأخطاء التي تحصل في إدارة الأصول الثابتة، وهذا عكس الأخطاء في الأصول المنقولة المتداولة التي يمكن معالجتها خلال أيام. ومن الأسباب، كذلك، عدم التأكد من العائد المتوقع من الأصول الثابتة بسبب التغير في التوقعات وظهور تطورات تكنولوجية قد تؤدي لتقصر العمر الاقتصادي لهذه الأصول. ولا يفوتنا كذلك أن نذكر، أهمية الأخذ في الحسبان حدوث الخسائر الكبيرة التي قد تنتج بسبب البيع الجبري للأصول الثابتة الزائدة عن الحاجة نظرا لتقادمها فنيا.
وكما يتضح، من النقاط السابقة، هناك حساسية وخطورة متنامية في ما يتعلق بإدارة الأصول وخاصة الثابتة. ولمواجهة هذه الخصوصيات يجب على المؤسسات والكيانات التجارية القيام ببذل المزيد من العناية للتأكد من اختيار أفضل البدائل من بين كل الخيارات المتاحة لإدارة الأصول والموجودات. وللمزيد من العناية في نوعية اتخاذ هذه القرارات قامت المؤسسات والكيانات التجارية، وما زالت تقوم، بتطوير العديد من الأساليب المتنوعة لتحقيق الغايات المرجوة، ومن هنا، ومن مثل هذه الحالات الصعبة المراس، تبرز أهمية ومدى «حرفية» إدارة الأصول والأدوار المتعددة الذي يمكن أن تقوم به لمنح المؤسسات والكيانات التجارية إمكانية الترقي والتقدم وتحقيق الأرباح المستدامة. وحاليا، ونظرا لتشعب الأعمال وتداخلها خاصة في عصر العولمة وانفتاح التجارة الدولية في حقبة تجارة التقنية الإلكترونية، فإن العناية بإدارة الأصول في زيادة متنامية وهذا بدوره قاد للمزيد من البحوث والدراسات لبحث أحدث وأنجع السبل لإدارة الأصول. ولهذا، لا بد من الأخذ في الحسبان، بأن «إدارة الأصول» يجب أن تولى جل الاهتمام ومن الأفضل أن تتم عبر مؤسسات متخصصة لها الدراية التامة بـ «أصول» مهنة إدارة الأصول وما لها وما عليها. ولا بد من أن يكون لهذه المؤسسات الحنكة والمهنية والدراية التامة والتمتع بالحاسة السادسة نحو إدارة الأصول. ونقول، إن هذه الخطوات ضرورية، ولضمان نجاحها يجب أن تجد التشجيع والعناية الفائقة من كل الجهات المختصة نظرا لأهمية «حسن» إدارة الأصول من أجل الأصول التي تمنح الأعمال الزخم والاستمرارية.
