عمان اليوم

خطبة الجمعة تحث على أداء الزكاة والتصدق على المحتاجين

10 يونيو 2017
10 يونيو 2017

لما تحققه من ألفة ومحبة وتكافل -

كتب- سيف بن سالم الفضيلي -

حثت خطبة الجمعة التي ألقيت أمس في مختلف جوامع ومساجد السلطنة المجتمع على أداء الزكاة كونها من أعـظم الأعمال التي فرضها الله على العباد وهي دعامة من دعائم الإسلام وفريضة من فرائضه وقد جعلها الله تعالى ضمن وصاياه للأمم السابقة، وإلى هذا يشير قوله تعالى: «وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ».

مشيرة الى انه ورد في الأثر تسمية شهر رمضان بـشهر المواساة، وما ذاك إلا لأن الزكاة كالصوم تفجر ينابيع الرحمة والعطف في قلوب الأغنياء، بل تذكي في نفوسهم الشفقة على الفقراء والمساكين والضعـفاء والمعوزين، فيشعر الغني بمرارة حرمان الفقير، فيعطي ولا يسـتكثر، وبالمال يسـخو ويؤثر، كيف لا؟ وأصحاب القلوب التقـية هم أصحاب القلوب السـليمة النقـية، الذين لا يهدأ لهم بال، ولا يستقر لهم حال، حتى يسهموا في تخفيف الأزمات، وحل المشكلات وإزالة الكربات، وهؤلاء هم الناجون «يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ، إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ، وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ».

وأكدت أن المال هو مال الله وهو في أيدي الناس نعمة من الله تعالى عليهم، وقد سماه الله تعالى خيرا وجعله قوام الآدميين، فاجعلوا أموالكم وسائل توصـلكم إلى جنات النعيم، لا عوائق تحول بينكم وبين نيـل مرضاة الرب الرحيم، فعن جابر بن عبد الله- رضي الله عنه- قال: قال رجل: يا رسول الله، أرأيـت إن أدى الرجل زكاة ماله؟ فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم: (من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره) فالمال الكثير يهـلك ويبور، إن بقي فيه حق لفقير، والزكاة حصن للمال ووقاية، وحرز له وحماية، وقد جاء في الأثر: «حصـنوا أموالكم بالزكاة»، وقد توعد الله عز وجل مانع الزكاة، وحذر من التقصير في أدائها أيما تحذير فقال سبحانه: «وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ، يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ»، ففي هذه الآية الكريمة من الوعيد الشديد على الشح بالمال ومنعه عن مسـتحقيه من الفقراء والمحـتاجين ما تنخلع له القلوب، وتقـشعر منه الأبدان.

وحثت الخطبة بأن يجعل أصحاب الأموال نصب أعـينهم المحـتاجين والمعوزين، وان يقوموا بسد رمقهم، وجبر مصابهم، وأن يتفكروا في الزكاة وما فيها من ألـفة بين المسلمين، ومحـبة بين المؤمنين، وسبيل لنزع الأحـقاد والضغائن من صدورهم، فكونوا للزكاة فاعلين.

ثم عرجت الخطبة الى الأصناف التي ذكرها الله سبحانه في كتابه والذين يسـتحقون الزكاة، فلا يصح لمن وجبت عليه أن يدفعها إلى غيرهم، يقول الله تعالى: «إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ»، ونبهت بأن من يدفع زكاته لغير مستحقها لا يكون مؤديا لما وجب عليه، ولا متقربا بها إلى ربه عز وجل، فلا ينال الأجر العظيم الذي وعده الله المزكين، يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم: (لا صلاة لمانع الزكاة- قالها ثلاثا- والمعـتدي فيها كمانعها)، والمعـتدي فيها هو من يعطيها غير أهـلها، لذلك ما أحسن أن يدفع المزكي زكاة ماله إن كان غير عالم بمستحقيها إلى الجهات المسؤولة عن توزيعها؛ حيث يقوم المعـنيون بهذا الأمر بتوزيعها على المسـتحقين، وبدفع صاحب المال زكاة ماله لهذه الجهة تبرأ ذمـته. واختتمت الخطبة ببيان أن الزكاة التي فرضها الله عز وجل على عباده مع ما اسـتحبه من صدقات تطوعية، تعد مظهرا رائعا ومنبعا واسعا من مظاهر ومنابع تحقيق التكامل وإقرار التكافل في المجتمع.