No Image
عمان اليوم

هل تتفوق الألعاب الإلكترونية على «التقليدية» في جذب اهتمامات الشباب؟

18 يوليو 2025
تباينت الآراء حول أهمية ومستقبل الرياضتين
18 يوليو 2025

تحولت الألعاب الإلكترونية من مجرد هواية إلى ظاهرة رقمية ثقافية عالمية تعرف بالرياضات الإلكترونية، فلم تعد مجرد وسيلة ترفيه للأفراد، بل أصبحت «رياضة» تقام لها بطولات ومنافسات وتجذب ملايين المشاهدين واللاعبين المحترفين حول العالم.

وبين من يرى أن للرياضات الإلكترونية مستقبلا احترافيا مبهرا، وآخرون يصرون على أن الرياضات الإلكترونية لا يمكن أن تعتبر رياضة لأن «الرياضة الحقيقية» لا تكون إلا بالقيام بجهد بدني، تطغى توجهات جديدة على اهتمامات الشباب.

في هذا الاستطلاع، عبرت أخصائية اجتماعية وعدد من الشباب عن آرائهم في الموضوع، بين من يرى في الرياضة الإلكترونية مستقبلا واعدا ومصدرا للتسلية، ومن يتمسك بالرياضة التقليدية وأهميتها في بناء الصحة.

قالت بدرية الدهمانية، أخصائية اجتماعية: إن الرياضة الإلكترونية أصبحت أكثر جاذبية للشباب من الرياضة التقليدية لأنها تواكب اهتماماتهم التقنية وتفتح لهم آفاقا جديدة في عالم التواصل الرقمي والتكنولوجيا، ولكن تأثيرها على النشاط البدني والصحة لا يرقى إلى مستوى الرياضات التقليدية التي تسهم بشكل مباشر في تنمية المهارات البدنية، وتعزيز اللياقة، إضافة إلى دورها في تحسين الصحة النفسية.

كما ترى أن ممارسة الألعاب الإلكترونية بشكل مفرط تؤثر سلبا على العلاقات الاجتماعية وتضعف فرص التواصل والتفاعل مع الآخرين وجها لوجه، مما يؤدي مع الوقت إلى صعوبة في بناء علاقات حقيقية أو الانطواء وذلك لأن الاعتماد بشكل مستمر على التفاعل الافتراضي قد يفقد الشخص بعض المهارات الاجتماعية المهمة مثل الإنصات، وقراءة تعابير الوجه رغم أن بعض الألعاب تتيح إمكانية للتواصل الجماعي، إلا أن هذا النوع من التواصل يظل مختلفا ومحدودا عن التفاعل الواقعي من حيث جودة وعمق العلاقات.

وتضيف: إن الإدمان على الرياضات الإلكترونية والعزلة يرتبط بعدد من المشكلات النفسية والسلوكية بشكل كبير. فعندما يقضي الشاب ساعات طويلة أمام الشاشات، تقل مشاركته في الأنشطة الاجتماعية، مما يؤدي إلى القلق والتوتر خاصة عند الخسارة أو عندما لا يحقق نتائج مرضية في اللعبة، وقد يعاني من اضطرابات النوم نتيجة للسهر أو التفكير المستمر باللعبة، وقد يصبح الشخص عدوانيا أو اندفاعيا خصوصا عندما يمارس ألعاب تتضمن منافسة حادة وعنف مفرط، بالإضافة إلى ضعف في المهارات الحياتية مثل إدارة الوقت، وتنظيم الأولويات، والتركيز. وتصبح هذه الآثار أكثر خطورة عندما تغيب الرقابة والتوازن، مما يجعل التدخل التوعوي ضروريا جدا لتقليل المخاطر وحماية الصحة النفسية للشباب. وفي الجهة المقابلة من ذلك تلعب الرياضات التقليدية دورا أكبر في تعزيز قيم الانضباط والعمل الجماعي مقارنة بالرياضات الإلكترونية وذلك لأن الرياضات التقليدية تعتمد على التواصل والتفاعل المباشر بين اللاعبين مما يعزز روح التعاون بين أفراد الفريق، كما أن التمارين المنتظمة، واحترام قواعد اللعب، والالتزام بمواعيد التدريب، كلها تسهم في تنمية الانضباط الشخصي وحس المسؤولية لدى الفرد.

وتقول الأخصائية الاجتماعية: «لاحظت عدة حالات تأثر وتغير سلوكي لدى بعض الشباب نتيجة لاستخدامهم المفرط للألعاب الإلكترونية، من أبرز التغيرات التي لاحظتها هي الانسحاب الاجتماعي، وقلة التركيز، والتوتر الزائد، وتقلب المزاج، وسلوكيات عدوانية وانفعالية، وتراجع الاهتمام بالأنشطة الاجتماعية»؛ لذلك يجب على المجتمع أن يتعامل مع هذا التحول الرقمي بمرونة ووعي، فالرياضات الإلكترونية أصبحت جزءا من واقع الجيل الحالي ويتوقع أن تواصل نموها وانتشارها بشكل أكبر مستقبلا. ومع ذلك، سيبقى للرياضة التقليدية دور مهم لا يمكن الاستغناء عنه، لما لها من تأثير مباشر على صحة الفرد الجسدية والنفسية. لذلك من المهم أن يكون لدى الشباب الوعي والقدرة على الموازنة بين النوعين والاستفادة من التكنولوجيا دون فقدان الصلة بالحياة الواقعية.

وفي هذا السياق، عبر بعض الشباب عن آرائهم في الموضوع للحصول على فهم أعمق لتجاربهم الشخصية، وهل يفضلون الرياضة التقليدية أو الإلكترونية؟

يقول مهند الريامي: «شخصيا، أنا أفضل الرياضة الإلكترونية لأنها ممتعة وبإمكاني القيام بها في أي وقت وفي أي مكان، وأقضي عادة ٤ ساعات كل يوم في اللعب مع أصدقائي، وما جذبني للرياضات الإلكترونية هو الجو التفاعلي والتنافسي في الألعاب. أما بالنسبة للرياضة التقليدية فهي ما زالت تلقى اهتماما من بعض الشباب، ولكن أقل من السابق وذلك لأسباب مثل قلة الوقت والخوف من الإصابات».

ويرى عماد البريكي أن الرياضات الإلكترونية أكثر متعة من الرياضات التقليدية، ويعتقد أن الرياضات الإلكترونية ستكون مجالا مهنيا يعتمد عليه الشباب كمصدر دخل أساسي مستقبلا.

ويوافقه رأي سيف السعيدي، الذي يقضي تقريبا ٣٢ ساعة أسبوعيا في ممارسة الألعاب الإلكترونية، قائلا: أنا أفضل الرياضات الإلكترونية لأنها تعتمد على المهارات العقلية بينما الرياضة التقليدية تعتمد على النشاط البدني الذي يحتاج غالبا إلى لياقة بدنية.

وفي المقابل، يرى عمران الكلباني أنه لا يمكن اعتبار الألعاب الإلكترونية «رياضة حقيقية» لأنها لا تتطلب نشاطا جسديا وحركة مستمرة مثل باقي الرياضات التقليدية، لذلك هي أقرب للهوايات أو المنافسات الذهنية.

ويتفق معه ماجد الهاشمي، قائلا: «أنا أفضل الرياضة التقليدية لما لها من فوائد على الصحة الجسدية والنفسية، وشعور الإنجاز فيها أكبر بكثير من الرياضة الإلكترونية. وأرى أن الرياضة التقليدية ما زالت تلقى اهتماما من الشباب، وكثير من أصدقائي يمارسونها وبعضهم يذهبون إلى الصالات الرياضية بانتظام».

وفي ختام الاستطلاع، يتضح أن الآراء تنقسم بين مؤيدين للرياضة الإلكترونية وآخرين يفضلون الرياضة التقليدية، ولكل طرف أسبابه ومبرراته، فأنصار الرياضة الإلكترونية يشيدون بمرونتها وسهولة ممارستها، ويرون فيها مجالا مهنيا مستقبليا واعدا، في حين يركز أنصار الرياضة التقليدية على فوائدها النفسية والجسدية، ويعتبرونها أكثر تأثيرا وواقعية. ومع هذا الاختلاف، يتفق الجميع على ضرورة تحقيق توازن صحي بين النوعين، من خلال إدارة الوقت وتنظيمه بالإضافة إلى تعزيز الوعي بأهمية كل منهما في نمط الحياة المعاصرة.