مرضى السكري .. بين إمكانية الصيام وضرورة الإفطار
- د. علي الريسي: نوع السكري ودرجة انتظامه والأدوية المستخدمة تحدد مقدرة المريض على الصيام
مع حلول الشهر الفضيل يتوق مرضى السكري إلى إتمام صيام رمضان إلا أن ثمة عوامل عدة تحدد قدرتهم على صيامه بينها نوع الأدوية المستخدمة وتجربة المريض في الصيام خلال السنوات الماضية إذ تصاحب البعض منهم حالات هبوط وارتفاع حاد للسكر.
ويعتمد مرضى السكري "النوع الأول" اعتماداً كلياً على الأنسولين ولذلك صيامهم فيه خطورة كبيرة قد تصل إلى الغيبوبة أو الوفاة، بينما معظم مرضى السكري "النوع الثاني" الذين يتناولون أدوية السكري يستطيعون الصيام خلال شهر رمضان المبارك.
وقال الدكتور علي بن خميس بن سيف الريسي، استشاري الأمراض الباطنية والغدد الصماء ـ بمستشفى صحار: عدة عوامل تحدد قدرة مرضى السكري على الصيام كنوع مرض السكري، والمدة الزمنية لمرض السكري، ودرجة انتظام معدل السكر، ووجود نوبات هبوط للسكر، بالإضافة إلى نوعية الأدوية المستخدمة لعلاج السكري، ووجود مضاعفات مزمنة للسكري أو أمراض مزمنة أخرى مثل "ارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والفشل الكلوي...إلخ، وتجربة مريض السكري في الصيام خلال السنوات الماضية.
وأشار إلى أن مرضى السكري "النوع الأول" يعتمدون اعتماداً كلياً على الأنسولين إذ أن البنكرياس لديهم غير قادرة تماماً على فرز هذا الهرمون فهم يحتاجون لعدة جرعات يومية من الأنسولين ولذلك يعتبر صيام هؤلاء فيه خطورة كبيرة لعدة أسباب بينها عدم أخذهم جرعة الأنسولين يعرضهم للإصابة بالحماض الكيتوني السكري، وهذا يمثل خطورة قد تصل للموت إذا لم يتم علاجه بالسقايات والأنسولين من خلال الوريد، وكذلك أخذ الأنسولين مع عدم تناول الطعام يعرضهم لهبوط حاد في مستوى السكر في الدم وإذا لم يتم علاجه قد يؤدي إلى الغيبوبة، بالإضافة إلى أن طول فترة الصيام وزيادة حر الصيف تعرضهم للجفاف والإصابة بالحماض الكيتوني السكري، ومع الوقت هؤلاء المرضى يفقدون الإحساس بأعراض انخفاض السكر في الدم وهذا يزيد من نسبة حدوث الغيبوبة لديهم .. مشيراً إلى أننا ننصح هؤلاء المرضى بعدم الصيام وخاصة إذا كانت لديهم عوامل خطورة مثل عدم انتظام السكر في الفترة الماضية، وتكرار هبوط السكر خلال 3 أشهر قبل رمضان، وتكرار الإصابة بالحماض الكيتوني السكري خلال 3 أشهر قبل رمضان، أضف إلى ذلك عدم الإحساس بهبوط السكر، وعدم انتظام المريض على العلاج، وعدم انتظام المريض على فحص السكر بشكل منتظم خلال فترة الصيام.
وأوضح أن علاج مرضى السكري "النوع الأول" في رمضان يكمن في حالة رغبة مريض السكري (النوع الأول) بالصيام فعليه الالتزام بزيارة طبيبه قبل بداية شهر رمضان وإذا لم يتمكن فعليه التواصل بالمؤسسة الصحية التابع لها، فإذا كان يأخذ الأنسولين طويل المفعول مثل (Glargine) فعليه أن يأخذه في الساعة الثامنة ليلاً مع تخفيض الجرعة بنسبة 30 ـ 40% مثالاً: إذا كان يأخذ 20 وحدة من الأنسولين طويل المفعول فليأخذ في شهر رمضان 14 وحدة ثم يرفع أو يخفض الجرعة حسب مستوى السكر خلال نهار رمضان، وأما إذا كان يأخذ الأنسولين الحليبي فعليه أخذ جرعة مع الفطور وجرعة مع السحور مع تخفيضها بنسبة 30 ـ 50% ومتابعة مستوى السكر أثناء الصيام مع تعديل الجرعة مع الأيام، ومثالاً على ذلك إذا كان يأخذ الأنسولين الحليبي 20 وحدة صباحاً و12 وحدة مساء فليأخذ في رمضان 20 وحدة قبل الفطور و6 ـ 8 وحدات قبل السحور، وأما الأنسولين المائي أو سريع المفعول فعليه أن يأخذ نفس الجرعة قبل الفطور ويقلل الجرعة قبل السحور بنسبة 30 ـ 50% مع استشارة الطبيب، ومثالاً عليه إذا كان المريض يأخذ 10 وحدات قبل كل وجبة ننصحه في رمضان أن يأخذ الأنسولين قبل الفطور 10 وحدات وقبل السحور 6 وحدات ويتم تعديل الجرعات مع الأيام، ولابد أن يكون سحوره يحتوي على وجبة متكاملة بالإضافة للفواكه والخضروات وكمية مناسبة من الماء منعاً للجفاف، ويتجنب الإسراف من الحلويات خلال فترة الليل، وقياس السكر بفترات منتظمة خلال الصيام خاصة في الأيام الأولى مثلاً قبل السحور وفترة الصباح والظهر والعصر وقبل الفطور وبعد الفطور بساعتين وفي منتصف الليل.
وأضاف: ولمعرفة أعراض ارتفاع وهبوط السكر وضرورة إفطار المريض إذا وجد نسبة السكر مرتفعة أكثر من "16.6 mmol/l ( 300 mg/dl)" أو أقل من "3.9 mmol/l ( 70 mg/dl)" وإذا أصيب خلال الصيام بنوبة هبوط حادة أو نوبة الحماض الكيتوني السكري فالواجب عليه عدم الصيام وتعريض نفسه للخطر.
وقال الريسي إن معظم مرضى السكري "النوع الثاني" الذين يتناولون أدوية السكري يستطيعون الصيام خلال شهر رمضان، ففي حالة كان المريض يأخذ المتفورمين (metformin) ويسمى أيضاً الجلوكوفاج أو المنظم فعليه إذا كانت الجرعة 3 حبات أن يأخذ حبتين بعد الفطور وحبة بعد السحور، أما إذا كانت الجرعة 1 جرام مرتين يأخذ 1 جرام بعد الفطور و1 جرام بعد السحور، وفيما إذا كان يأخذ "sulfonylurea" وهي حبوب تساعد على فرز الأنسولين من البنكرياس فمثال: جليبنجلاميد ويسمى دياتاب (diatab-glibenclamide) يأخذ جرعة كاملة مع الإفطار ويأخذ نصف جرعة مع السحور، بينما إذا كانت عنده تجربة هبوط السكر مع هذا الدواء فلا يأخذ جرعة أثناء السحور، وإذا كان المريض يأخذ جليكازايد ويسمى دايميكرون فالبنسبة له ذا كانت الجرعة واحدة في الصباح فيأخذها وقت الفطور وإذا كانت جرعتين فيأخذ الجرعة الصباحية مع الفطور والجرعة المسائية مع السحور وإذا نزل السكر فيأخذ نصف الجرعة مع السحور، أما إذا كان يستخدم جليميبراد ويسمى اميريل فإنه في حال كانت الجرعة واحدة في الصباح فيأخذها وقت الفطور وإذا كانت جرعتين فيأخذ الجرعة الصباحية مع الفطور والجرعة المسائية مع السحور فإذا نزل السكر فيأخذ نصف الجرعة إذا كان سكره غير منتظم ولا يأخذها إذا كان السكر منتظم، أما إذا كان المريض يأخذ جانوفيا (sitaglipitin) فيأخذها مع الفطور، وإذا كان يأخذ فيكتوزا (liraglutide) فيأخذها فترة الليل ولا تحتاج لتعديل الجرعة، وإذا كان يأخذ (Dapagliflozin) فيأخذها بعد الفطور ولا تحتاج لتعديل الجرعة مع أخذ كمية كافية من الماء خلال الليل.
وأشار إلى أن علاج غالبية مرضى السكري "النوع الثاني" بالحبوب ولكن البعض يحتاج إلى الأنسولين لعدم انتظام معدل السكر، إذ أن المريض الذي يأخذ الأنسولين المخلوط فعليه أن يأخذ جرعة الصباح مع الفطور ويقلل جرعة السحور بنسبة 20 ـ 50% مع قياس نسبة السكر أثناء الصيام وإذا حدث هبوط خلال النهار فعليه تقليل جرعة السحور، ومثال على ذلك إذا كانت جرعة الأنسولين المخلوط في الصباح 30 وحدة وفي المساء 18 وحدة عليه أخذ 30 وحدة مع الإفطار ويأخذ 10 وحدات مع السحور، فيما إذا كان يأخذ الأنسولين الحليبي فعليه يأخذ جرعة الصباح مع الإفطار وجرعة المساء مع السحور مع تخفيضها بنسبة 30% ومتابعة مستوى السكري أثناء الصيام مع تعديل الجرعة مع الأيام، وإذا كان يأخذ الأنسولين طويل المفعول مثل (lantus) فعليه أن يأخذه الساعة الثامنة مساءً مع تخفيض الجرعة بنسبة 30%، فإذا كان يأخذ 20 وحدة من الانسولين طويل المفعول فيأخذ في رمضان 14 وحدة ثم يرفع أو يخفض الجرعة حسب مستوى السكر خلال نهار رمضان، أما الأنسولين المائي أو سريع المفعول فيأخذ نفس الجرعة قبل الإفطار ويقلل الجرعة قبل السحور بنسبة 30 ـ 50% مع استشارة الطبيب.
