فريق بحثي بجامعة السلطان قابوس يطوّر نموذجًا لإنتاج الأمونيا الخضراء

كشفت دراسة أعدها فريق بحثي من كلية الهندسة بجامعة السلطان قابوس عن مشروع بحثي يستهدف إنتاج الأمونيا بطرق صديقة للبيئة، نظرًا لما يمثله هذا المركب (NH3) من أهمية محورية في الغذاء والاقتصاد والطاقة.

وأوضحت الدراسة أن الأمونيا تُستخدم على نطاق واسع في الأسمدة وتربية الحيوانات والمبردات والمواد المتفجرة وغيرها من الصناعات الحيوية، إلا أن إنتاجها التقليدي ما زال يرتبط بانبعاثات كربونية مرتفعة تُعد من أبرز مسببات التغير المناخي، وهو ما يجعل البحث عن بدائل مستدامة لإنتاجها ضرورة بيئية واقتصادية ملحّة.

وبيّنت الدراسة أن الانبعاثات الكربونية المرتبطة بعملية إنتاج الأمونيا ناجمة عن اعتمادها بشكل أساسي على الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي، حيث يؤدي حرقه إلى انبعاث كميات ضخمة من غاز ثاني أكسيد الكربون. وأشارت إلى أن التوجه العالمي اليوم يركز على تقليل هذه الانبعاثات من دون الإخلال بكفاءة الإنتاج، وذلك من خلال ما يُعرف بـ "الأمونيا الخضراء" التي يتم إنتاجها باستخدام مصادر الطاقة المتجددة كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح، إلى جانب توظيف تقنيات احتجاز الكربون وتخزينه.

وأكدت الدراسة أن إدماج مصادر الطاقة المتجددة في عمليات إنتاج الأمونيا يسهم في تقليل البصمة الكربونية بشكل كبير، ما يمثل نقلة نوعية نحو إنتاج أمونيا صديقة للبيئة. لكنها في الوقت ذاته أوضحت أن التحدي الأبرز يكمن في خفض التكاليف وجعل الأمونيا الخضراء منافسة اقتصاديًّا للأمونيا المنتجة بالطرق التقليدية، وهو ما يتطلب حلولًا اقتصادية وتقنية مبتكرة.

واعتمدت الدراسة على استخدام برنامج المحاكاة (ProMax 5.0) لبناء نموذج متكامل يجمع بين ديناميكيات ضغط الغاز وعمليات التحويل واحتجاز الكربون، إلى جانب برنامج (M-Model) لمحاكاة المراحل الكيميائية والفيزيائية لإنتاج الأمونيا، وذلك بهدف تقليل الانبعاثات الكربونية لتتناسب مع المتطلبات البيئية. وأظهرت النتائج الأولية إمكانية نجاح هذه النماذج في خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنسبة كبيرة مع الحفاظ على كفاءة الإنتاج. كما بيّنت أن دمج تقنيات الطاقة المتجددة مع هذه النماذج يتيح تصورًا عمليًّا لمستقبل إنتاج الأمونيا الخضراء.

وأوضحت الدراسة أن مستقبل الأمونيا الخضراء يحمل آفاقًا واسعة ليس فقط في تلبية احتياجات الغذاء والصناعة والطاقة، وإنما أيضًا في التصدي لتحديات التغير المناخي. وأضافت أن هذا التوجه يتماشى مع أهداف الاستدامة الوطنية في سلطنة عُمان، ويعزز مكانتها في دعم الجهود العالمية الرامية إلى بناء اقتصاد منخفض الكربون.

واختتمت الدراسة بالتأكيد على أن تطوير هذا المشروع البحثي يشكل خطوة مهمة نحو إنتاج أمونيا صديقة للبيئة قادرة على تلبية الاحتياجات المتزايدة في الزراعة والصناعة والطاقة، بما يحقق التوازن بين التطور الاقتصادي وحماية البيئة، ويسهم في رسم ملامح مستقبل أكثر استدامة.