آثار السمنة
آثار السمنة
عمان اليوم

عمليات تكميم المعدة.. بين الإقبال والخوف من الآثار الجانبية !

20 مارس 2022
العبري: زيادة الوزن والسمنة عند العمانيين تتراوح بين ٣٥٪ و ٦٦٪
20 مارس 2022

أصبحت السمنة في العصر الحالي خطرًا يهدد الكثير من النساء والرجال في سلطنة عمان حتى وصل إلى الأطفال، نتيجة لاتباع أساليب الراحة المفرطة وقلة التوجه لعمل الأنشطة الرياضية والحركية، ولما للسمنة من تهديد على صحة الفرد والمجتمع بأكمله الذي يؤثر صحيا واقتصاديا وعلى جودة حياة الشخص بحيث لا يستطيع ممارسة حياته ونشاطه بشكل طبيعي، يلجأ البعض إلى الحل الأسرع والأكثر انتشارا لعلاج السمنة من عمليات تكميم وقص المعدة.

"عمان" تستعرض مع المختصين وأصحاب التجارب دوافع العمليات الجراحية لعلاج السمنة وفوائدها، وأضرارها على المدى البعيد !

الفئات

  د. محمد بن سعيد العبري

يقول الدكتور محمد بن سعيد العبري استشاري جراحة عامة ومناظير متقدمة وسمنة في المستشفى السلطاني: إن الجراحة تمثل المرحلة الأخيرة من مراحل علاج السمنة، وقد تكون الأولى لمن يعاني من السمنة المفرطة، ويجب اتخاذ القرار المتعلق بنوع الجراحة بالتعاون مع فريق متعدد التخصصات لتحقيق التوازن بين توقعات المريض والحالة الطبية والفوائد المتوقعة في مقابل مخاطر الجراحة، حيث يمكن إجراؤها للبالغين لمن لديهم مؤشر كتلة جسم أكثر من 40 أو 35 ويعانون من مشاكل مرتبطة بالسمنة، وتساعد عمليات إنقاص الوزن على التعافي من المشاكل المرتبطة بالسمنة كالتعافي من السكري والضغط وتحسين مستوى الدهون وعوامل مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية والآم احتكاك العظام وشدة انقطاع النفس أثناء النوم وغيرها بنسب متفاوتة، كما تؤدي إلى تحسين جودة الحياة بشكل عام.

  • عمليات آمنة

وأشار إلى أن عمليات السمنة بشكل عام عمليات آمنة عند إجرائها من قبل مختص، وكلما زاد تعقيد نوع العملية من تكميم وتحويل مسار اثني عشر زادت نسبة المضاعفات بشكل بسيط مع فعالية واستدامة أفضل، فالنزيف والالتهابات لا تتعدى الـ 1٪ فقط، والوفاة في هذا النوع من العمليات نادر جدا، كما يجب التزام المريض بالفيتامينات المخصصة، مؤكدا أن عمليات السمنة تؤدي إلى إنقاص الوزن الزائد عند الشخص بنسب متفاوتة باختلاف نوع العملية.

  • دوافع عمليات السمنة

وأضاف الدكتور العبري: يلجأ الفرد لعمليات إنقاص الوزن لتأثيرها على حياته بعدة طرق فالأشخاص المصابون بالسمنة أكثر عرضة للإصابة بأمراض أخرى كالسكري من النوع الثاني وأمراض القلب والأوعية الدموية، وارتفاع ضغط الدم وانقطاع النفس أثناء النوم وأنواع معينة من السرطان، ونتيجة لذلك فإن الشخص المصاب بالسمنة يكون في خطر متزايد بشكل كبير من التعرض للوفاة المبكرة حتى ١٠ سنوات، كما ترتبط السمنة ارتباطا مباشرا بـ 13 نوعا من أنواع السرطانات، وهناك عدة عمليات خاصة بالسمنة، ولكل نوع ميزات ومضاعفات وكلما زاد تعقيد العملية زادت فائدتها للوزن والمشاكل الصحية ولكن في الوقت نفسه زادت مضاعفاتها، وقد اختفت عمليات أخرى ظهرت في الماضي بسبب المضاعفات المصاحبة لها كربط المعدة وما شابهه.

وأوضح أن المضاعفات التي قد تحدث على المدى البعيد بعد عمليات إنزال الوزن هي نقص الفيتامينات والمعادن وتتفاوت حسب العملية والتزام المريض بها، ونسبتها أكثر في العمليات المانعة للامتصاص، مثل تكون حصى المرارة مع نزول الوزن، بالإضافة لأشياء أُخرى حسب نوع العملية. ومثلا مع حالات التكميم فإن نسبة رجوع الوزن 28٪؜ جزئيا أو كليا، والإرجاع مع تحويل المسار الفتاق الداخلي، ويمكن تفادي أغلب هذه المضاعفات بالتزام المريض بالأدوية والفيتامينات مع نزول الوزن.

وكشف أن السمنة تؤثر على الوضع الاقتصادي للدولة من ناحية تكاليف علاج السمنة نفسها، ومعالجة الأمراض المرتبطة بها، حيث تتراوح العمليات الخاصة بالسمنة في سلطنة عمان بين 16-25 عملية أسبوعيا بين المستشفيات الحكومية والخاصة، ونسبة زيادة الوزن والسمنة بالسلطنة بين 66٪ و 35٪ عند المواطنين العمانيين مقارنة بـ 19٪ لغير المواطنين، وتشكل النساء 40٪ مقارنة بالرجال 28٪، وتنتشر السمنة في أطفال المدارس بنسبة 9٪.

  • التخلص من الأمراض

                                                                                                                                                   د. أميرة الخروصية

من جانبها، أوضحت الدكتورة أميرة بنت ناصر الخروصية اختصاصية طب سمنة بالمركز الوطني لعلاج أمراض السكري والغدد الصماء بالمستشفى السلطاني أن أكبر شريحة تنتشر فيها السمنة هي الفئة العمرية ما بين 30 إلى 50 سنة، وعن أهم المشاكل التي يُعاني منها ذوو السمنة التي بسببها يلجأ المريض للعلاج، وإنقاص الوزن هي المصاحبة للسمنة مثل: السكري، والضغط، وارتفاع الكولسترول، واختناق النفس أثناء النوم، مشاكل في المفاصل وغيرها الكثير، وأكدت الخروصية أن كل حالة يتم تشخصيها على حسب العوامل وأسباب السمنة والمشاكل التي يعانيها، حيث يتم إرشاده باتباع نظام صحي معين التي تندرج لثلاثة أجزاء منها التغذية والرياضة واستخدام الأدوية، فالعمليات الجراحية لا تناسب كل مريض سمنة، وفي المقابل ليست كل الأنظمة الغذائية مجدية للكل، فلكل نظام له نسبة معينة لنزول الوزن، العمليات الخاصة بالسمنة هي لفئة معينة فقط تلجأ إليها حسب حاجة المريض الماسة والمشاكل التي يعانيها يتم تأهيل المريض لإجراء العملية.

  • تأثير جانبي

    شعاع عيسى

‬‏شعاع بنت عيسى بن حبيب أحد النماذج التي تأثرت من جراء عمليات التكميم، قالت: عانيت من السمنة منذ طفولتي واستمرت معي، وبدأت تتفاقم حالة الزيادة في الوزن في سنوات الجامعة ووصلت لوزن 153 وتأثرت صحتي جدًا وأصبت بالسكري ومشاكل تكيسات المبايض ومشاكل التنفس وآلام العضلات والأعصاب في الظهر والرجلين بسبب ضغط الوزن، وفي عام 2018 بدأت نظاما غذائيا صارما نزلت فيه لوزن 134 ولكن بعدها تفاقمت حالة تكدس الدهون، وأصبت بالسكري النوع الثاني، مما استدعى إجراء عملية التكميم.

‬‏ وتابعت شعاع بقولها: إن جراحة التكميم كانت سهلة، ولكن الأصعب هو ما بعد التكميم حيث ظهرت خطورتها في الأسابيع الأولى، فكانت صدمة الجسم بعدم تقبل العملية، وبالرغم من ذلك حافظت على تعليمات الطبيب في طريقة التغذية التي بدأت بسوائل وبعدها الأكل اللين وبعدها الأكل الطبيعي، هذا التدرج يختلف من شخص لآخر، وقد أخذ معي ما يقارب سنة كاملة، وهذا بدوره أثر سلبًا على جسمي، حيث نقصت كثيرا المواد اللازمة للجسم من حديد وفيتامينات ومعادن، صحيح أنني تخلصت من السكري تمامًا ولكن تعرضت لمشاكل أخرى كشحوب البشرة وتساقط الشعر وجفاف مستمر، علاوة على مشاكل حموضة المعدة العالية وألم الارتجاع والحرقة وعدم القدرة على تناول أي نوع من الأكل، والرحلة كانت جدًا صعبة، وقد أكملت السنة الثالثة من إجراء العملية، صحيح بأني سعيدة بفقدان وزني ولكن مازالت تتكرر نوبات عدم الرغبة في الأكل، ومازلت مستمرة في تناول نوع معين من المكملات الغذائية التي تساعدني في رفع مستوى الدم وإعادة النشاط لجسمي.

  • نتائج مُرضية

أم أحمد من ضمن الفئات التي تخلصت من مشاكل السمنة العديدة حيث تقول: لقد أجريت عملية تكميم من خمس سنوات، وتخلصت بعدها من مشاكل الوزن الزائد التي كانت تصاحبني كآلام الظهر والأكتاف والركبة والدهون في الكبد، وقد تغيرت نفسيتي للأفضل وتحسن معها أسلوب حياتي ونظرتي لنفسي، وارتفعت عندي الثقة بالنفس، وتحسن عندي التنفس والنوم أصبح مريحًا، وأرى أن عمليات تكميم المعدة علاجية أكثر من كونها تجميلية فحسب وتحسن من شكل وبنية الجسم، إضافة لذلك فإن العمليات الخاصة بالسمنة تختصر الوقت والجهد الكبير الذي يقطعه الشخص في الرياضة أو اتباع حمية غذائية معينة، وعن المضاعفات وضحت بأن الالتزام بتعليمات الدكتور مهم جدا ما بعد العملية كأخذ الفيتامينات التي تعتبر كمكملات غذائية لا ضرر من تناولها، ولأن عائلتي معظمهم يعانون من السمنة ومشاكلها فنصحتهم بإجرائها وفعلاً الكل أقبل عليها ويشكر على نتائجها.

  • الرياضة والغذاء الصحي

من جانبه، أكد مازن بن عيسى الفليتي مدرب معتمد لحمية "الكيتو" أن أغلب الحالات التي تأتيه سبق أن أجرت عمليات تكميم وغيرها من العمليات لإنقاص الوزن الزائد وصاحبتهم مضاعفات وعوارض جانبية مثل: زيادة أوزانهم بعد فترة، وبعضهم تتدهور حالتهم النفسية والتقلبات المزاجية والجسدية من نقص فيتامينات أساسية للجسم، وقال الفليتي: لأنني أتابع هذه الحالات ومدى مضاعفاتها أرى أن هذه العمليات يجب أن تكون وفق سياسة معينة وكخطوة أخيرة لمن يعاني من مشاكل وأمراض خطيرة ملازمة للسمنة وليست كحل سريع، فالطبيب المختص هو الذي يُقيّم حاجة الحالة دون المبادرة بالتكميم كخيار أول، صحيح أن عمليات إنقاص الوزن سريعة، ولكن في المقابل تبقى هناك عوارض جانبية قد تصاحب البعض، فمن ضمن الحالات التي وصلتني حالة عملت قص معدة، ولم ينزل وزنها سوى 7 كيلوجرامات ووقف النزول بعدها بالرغم من اتباعه لكل تعليمات الطبيب، وبعدها وباتباعه نظام غذائي معين وصل للوزن المثالي، أيضًا حالة أخرى ارتفعت عندها مستوى الحموضة ولازمتها إلى الآن بدون ترك الدواء الخاص لعلاج الحموضة ومن غير الترهلات ورجع وزنها يزيد بعد فترة لأن شراهة الأكل مازالت موجودة، وفي بعض الحالات يكثر عندهم ميول تناول الأطعمة السكرية.

في النهاية إنقاص الوزن يعتمد على كبح النفس عن الأكل الدسم واتباع حمية غذائية صحية وممارسة الرياضة فهي تقي من ترهل الجسم وتخلص الجسم من السموم والدهون وتنشط الدورة الدموية، فالرياضة والغذاء الصحي يجب أن يكون نمط حياة للفرد، وعلى المدى البعيد النتائج المرجوة تتحقق بكل أمان وبدون أية مضاعفات.

‬‏