No Image
عمان اليوم

عُمان والصين.. علاقات متجذرة وشراكة استراتيجية

06 يونيو 2023
06 يونيو 2023

أقامت جمهورية الصين الشعبية وسلطنة عمان علاقاتهما الدبلوماسية على مستوى السفراء في 25 مايو عام 1978، وتوافق هذه السنة الذكرى الـ45، وتتوجه علاقة الصداقة والتعاون بين البلدين إلى المزيد من النضج والتطور بشكل متواصل.

إن الصداقة الصينية العُمانية تمتد عبر تاريخ طويل وتتجدد على مر الزمان، فقبل 1200 سنة أبحر البحّار العُماني أبو عبيدة بسفينته إلى مدينة قوانغتشو الصينية وعندها فتح مقدمة التبادلات بين الصين وسلطنة عُمان وبين الحضارتين الصينية والعربية. ومنذ أكثر من 600 سنة، قاد البحّار الصيني تشنغ خه أسطوله في سبع رحلات إلى غرب المحيط الهندي، ووصلت الأساطيل إلى محافظة ظفار أربع مرات حيث دفعت التبادلات الودية والتجارية بين بلدينا. وفي 25 مايو عام 1978، أقام البلدان العلاقة الدبلوماسية على مستوى السفراء مما فتح صفحة جديدة للعلاقة الصينية العُمانية المعاصرة. ومهما تغير الوضع الدولي خلال السنوات الخمس والأربعين الماضية، فقد ظل البلدان يحترمان ويثقان ويدعمان بعضهما البعض. لقد كتبنا فصلا خالدا من التعايش السلمي بين البلدين ذوَيْ الأنظمة السياسية المختلفة، وصممنا نموذجا للتعاون بالمنفعة المتبادلة للجانبين ذوَيْ الأنواع الاقتصادية المختلفة، ووضعنا نموذجا للتبادل العلمي بين البلدين ذوَيْ الخلفيات الثقافية المختلفة. إن المسيرة الرائعة التي تتميز بها العلاقة الصينية العُمانية والأصول الغنية المتراكمة، لم تخدم الشعبين والتنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلدين فحسب، بل إنها تسهم في السلام والتنمية العالمية أيضا.

على مدى السنوات الـ45 الماضية، تعززت الثقة السياسية المتبادلة بين البلدين. ويولي قادة البلدين أهمية كبيرة لتنمية العلاقات الثنائية ودفع العلاقة الصينية العُمانية إلى الأمام. في السنوات الأخيرة، تبادل الرئيس شي جين بينغ وجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم رسائل عديدة، ووضعا التوجيهات الاستراتيجية لتنمية العلاقة الثنائية.

في نهاية العام الماضي، التقى الرئيس الصيني شي جين بينغ وصاحب السمو السيد فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء لشؤون مجلس الوزراء في الرياض خلال القمة الصينية العربية الأولى والقمة الصينية الخليجية الأولى، وحددا اتجاها لتطور الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، حيث أكد الرئيس شي جين بينغ أن الصين مستعدة للعمل مع سلطنة عُمان على ترسيخ الثقة المتبادلة وتعميق التعاون الودي والدفع نحو تحقيق تقدم جديد في الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وهذا أظهر الرغبة الصادقة والثقة الراسخة من الجانب الصيني في تطوير العلاقة الصينية العُمانية.

على مدى السنوات الـ45 الماضية، حقق التعاون الاقتصادي والتجاري بين البلدين تقدما كبيرا. إن الاقتصادين الصيني والعُماني متكاملان ولديهما إمكانات كبيرة، ويعمل الجانبان على تعزيز المواءمة بين مبادرة «الحزام والطريق» و«رؤية 2040»، وشهد التعاون العملي بين الجانبين تطورات متواصلة في مجال البنية الأساسية والطاقة وتقنية الاتصالات والطاقة الكهربائية والأسماك إلى آخره. وفي بداية إقامة العلاقة الدبلوماسية بينهما، كان حجم التجارة الثنائية عشرة آلاف دولار أمريكي فقط. وفي عام 2022، بلغ حجم التبادل التجاري بين الصين وسلطنة عُمان حوالي 40.45 مليار دولار أمريكي، حيث استوردت الصين 39.4 مليون طن من النفط، وبلغ فائض الميزان التجاري لسلطنة عُمان 32 مليار دولار أمريكي. وتعد الصين أكبر شريك تجاري لسلطنة عُمان وأكبر مستورد للنفط العُماني منذ سنوات، وسلطنة عُمان هي رابع أكبر شريك تجاري للصين في العالم العربي. وحقق التعاون الاقتصادي والتجاري فوائد كبيرة للبلدين والشعبين ودفع التنمية الشاملة للعلاقات الثنائية. وعلى مدى السنوات الـ45 الماضية، توثقت الصداقة بين الشعبين وهي تتنامى مع مرور الوقت، حيث تتجذر العلاقة الصينية العُمانية بين الشعبين وتحقق مصالحهما. وحققت الصين وسلطنة عُمان تقدما كبيرا في مجال تدريب الموارد البشرية والتبادلات الثقافية والتدريسية منذ عام 2018، حيث تم عقد 150 دورة تدريبية للجانب العُماني وشارك فيها 850 مشاركا وغطت مجالات التكنولوجيا والتجارة والتعليم والصحة والإدارة.. إلى آخره، وساعدت على تنمية المواهب في جميع مناحي الحياة، ويستعد الجانب الصيني لتوفير المزيد من فرص التدريب تلبية لاحتياجات الجانب العُماني، وأقيمت دورتان في المنتدى التعاون السياحي بين الصين وسلطنة عُمان، ونجح الجانبان في إقامة فعالية الأسبوع الثقافي الرقمي بين الشباب الصيني والشباب العُماني في ديسمبر عام 2021، وأنشأت آلية التعاون والتواصل بشكل دائم بين المتحف الوطني الصيني والمتحف الوطني العُماني وكذلك بين دار الأوبرا الوطنية الصينية ودار الأوبرا السلطانية مسقط. وفي نوفمبر الماضي، تمت إقامة حفل وضع حجر الأساس للنصب التذكاري للبحّار الصيني تشنغ خه في مدينة صلالة، وسيتم عقد حفل التدشين للنصب التذكاري في نهاية الشهر الجاري حيث سيصبح علامة جديدة للصداقة الصينية العمانية العريقة. وفي الوقت الحاضر، يمر العالم بتغيرات كبيرة لا مثيل لها منذ مائة سنة، ويواجه كلا البلدين فرصا وتحديات مماثلة. ويلتزم الجانب الصيني بكل ثبات بالسياسة الخارجية السلمية المستقلة ويلتزم بتطوير الصداقة والتعاون مع جميع الدول على أساس المبادئ الخمسة للتعايش السلمي ويتمسك بالانفتاح عالي المستوى مع العالم الخارجي، بما يوفر فرصا جديدة لجميع الدول بما فيها سلطنة عُمان من خلال التنمية الجديدة في الصين. وستواصل حكومة الصين وشعبها الدعم الثابت للنظام السياسي وطريق التنمية التي اختارتها سلطنة عُمان الصديقة ولاستراتيجيها للتنوع الاقتصادي ولدورها الفريد في الحفاظ على السلام والاستقرار ودفع التعاون والتنمية في المنطقة. وسيعمل الجانب الصيني مع الجانب العُماني على تعزيز مواءمة استراتيجية التنمية ومشروعات التعاون والتبادلات الثقافية بين البلدين لتوسيع التعاون العملي في جميع المجالات. وفي المستقبل وانطلاقا من ذكرى 45 عاما لإقامة العلاقة الدبلوماسية بين البلدين، سيعمل الجانب الصيني مع الجانب العُماني على دفع الصداقة الصينية العُمانية إلى مستوى أعلى وكتابة فصل جديد من الصداقة الصينية العُمانية لأكثر من ألف سنة.