سماحة الخليلي : وجوب توحد الأمة والانضواء تحت لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
أعلنت اللجنة الرئيسية لاستطلاع رؤية هلال شهر رمضان لهذا العام 1444 هـ ثبوت رؤية الهلال وعليه يكون اليوم هو غرة شهر رمضان.
وقد تلقت اللجنة ما يفيد رؤية الهلال وعليه قررت إثر دراسة تلك البلاغات ثبوت رؤية هلال شهر رمضان.
وعقدت اللجنة اجتماعها اليوم برئاسة معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية، وعضوية سماحة الشيخ أحمد بن حمد بن سليمان الخليلي المفتي العام لسلطنة عمان، وسعادة المهندس خالد بن هلال البوسعيدي وكيل وزارة الداخلية وسعادة الدكتور وائل بن سيف الحراصي وكيل وزارة الأوقاف والشؤون الدينية وفضيلة الشيخ محمد بن سالم الأخزمي قاضٍ بالمحكمة العليا وفضيلة الشيخ عبد الرحمن بن عبد الستار الكمالي قاضٍ بالمحكمة العليا وفضيلة الشيخ محمد بن سالم النهدي قاضٍ بالمحكمة العليا، وذلك لتلقي ما يرد إليها من بلاغات عن رؤية الهلال لتحديد بداية شهر رمضان لهذا العام.
وبهذه المناسبة الكريمة العطرة تتشرف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية : أن ترفع خالص التهاني والتبريكات إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم - حفظه الله ورعاه - ضارعين إلى المولى - جلَّ جلاله - أن يُعيده عليه مرات عديدة وأزمنة مديدة وهو ينعم بالصحة والعافية والعمر المديد، وعلى عُمان الطيبة بالرفعة والعزة وعلى الأمة الإسلامية باليمن والبركات؛ إنه ولي ذلك والقادر عليه .
التقوى والغاية
وألقى سماحة الشيخ أحمد بن حمد الخليلي المفتي العام للسلطنة كلمة بهذه المناسبة قال فيها: "بهذه المناسبة الغالية العزيزة على كل مسلم مناسبة استقبال هذا الشهر الكريم " شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَىٰ وَالْفُرْقَانِ "، الذي فرض الله سبحانه وتعالى على المسلمين صيامه بهذه المناسبة، مناسبة ثبوت رؤية هلال هذا الشهر الميمون لهذا العام الأغر يشرفني أن أتقدم إلى المقام السامي لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم ـ حفظه الله تعالى وإلى الشعب العماني الأبي، وإلى جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها بالتهاني الطيبة راجيا من الله سبحانه أن يعيد هذه المناسبة أعواما متعددة على جلالته باليمن والخير والعز والبركة، وعلى الشعب العماني وجميع الشعوب المسلمة في مشارق الأرض ومغاربها بالخيرات وبالبركات مع الوئام والوحدة والوفاق والألفة، ومع التعاضد جميعا على تقوى الله سبحانه وتعالى والعمل الصالح المقرب إلى الله وأن يوفق الجميع لصيام هذا الشهر وقيامه على النحو الذي يرضي الله وذلك مؤد طبعا إلى تقوى الله سبحانه.
وأوضح بأن: الله جعل التقوى هي الغاية من هذه العبادة كما جعلها الغاية من كل عبادة من العبادات، وقد قال عز من قائل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ" فالغاية التي يفضي إليها الصيام تقوى الله تعالى، وهي مؤلفة بين قلوب المتقين وجامعة لشتاتهم وموحدة لصفهم، حسبكم أن التقوى هي التي تجمع بين الناس المتقين يوم القيامة في وقت يتفرق فيه الناس وتتقطع فيه الصلات وتزول فيه العلاقات، فقد قال الله سبحانه: " الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ "نعم، الأخلاء في ذلك اليوم يتعادون كيفما كانت الخلة بينهم إذ كل جامع يجمع بين الناس ينقطع في ذلك اليوم فلا صلة بين قريب وقريبه، ولا صلة بين حبيب وحبيبه، إنما الصلة بين عباد الله المتقين يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ (34) وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ (35) وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ (36) لِكُلِّ امْرِئٍ مِّنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ " وقال تعالى: "فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ ".
وأضاف: "لهذا أحض نفسي، وأحض كل مسلم ومسلمة بأن نتقي الله سبحانه وتعالى جميعا ونستمسك من التقوى بالعروة الوثقى وأن نحفظ مكاسب صيامنا للمحافظة على تقوى الله سبحانه وتعالى، وأن نتآلف ونتآزر ونتعاضد، وبهذا يتحقق للمسلمين النصر العزيز والفتح المبين كما وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين بقوله: " وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَىٰ لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ۚ يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا ".
وبين أن :هذه المكاسب تحققت في القرون الماضية عندما تعاضد المسلمون على تقوى الله وتآزروا وتآلفوا وتوحدت كلمتهم واجتمع شتاتهم، فالله سبحانه وتعالى نصرهم نصرا عزيزا، وفتح لهم مشارق الأرض ومغاربها، وما ذلك على الله بعزيز في أي عصر من العصور ، وإنما على المؤمنين أن يصدقوا الله سبحانه في العبادة وفي التقوى والتقرب إليه بأصناف الطاعات، وأن يتآزروا فيما بينهم وأن يتعاونوا وأن يشد بعضهم أزر بعض بالتناصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فإن ذلك هو الذي يقوم هذه الوحدة الإيمانية التي تجمع الشتات، إذ الله سبحانه وتعالى يقول:" وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ۚ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ۚ أُولَٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ".
موضحا بأن :"الله بدأ أولا بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قبل أن يبدأ بذكر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وما ذلك إلا لأن جميع تعاليم الإسلام يحافظ عليها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وكذلك بين الله سبحانه وتعالى وجوب التوحد على هذه الأمة ووجوب انضوائهم جميعا تحت لواء الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، عندما قال عز من قائل: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102) وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا ۗ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ " ثم أتبع ذلك قوله: " وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ ۚ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ "
فمعنى ذلك أن هذه الأمة جميعا يجب أن تكون أمة تآمر بالمعروف وتناهي عن المنكر، كيف والله سبحانه وتعالى حكم على الجنس البشري جميعا بالخسران إلا الذين جمعوا بين أربع خصال فقد قال الله تعالى: " وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ".
وقال: "فالتواصي بالحق والتواصي بالصبر لا بد منهما وهما يحققان الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيما بين الناس فنسأل الله سبحانه تعالى أن يوفقنا جميعا لهذا الخير العظيم، وأن يسوقنا إليه ويسوقه إلينا، بعونه وكرمه وتوفيقه وأن يتقبل منا الصيام والقيام وأن يعننا عليهما وعلى جميع الطاعات في شهر رمضان وفي غيره ما دامت لنا بقية من حياة."
