سلطنة عمان تطور نموذجا للرعاية الصحية يواكب التغيرات الديموغرافية والوبائية
كشفت وزارة الصحة عن مشروع تطوير نموذج الرعاية الصحية باعتباره مبادرة استراتيجية تهدف إلى تحسين جودة الخدمات الصحية وتوفير تغطية صحية شاملة ومستدامة، تقوم على محورية رعاية المريض والإدارة الفعالة للموارد، كما يجري إعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة التي تشكل ثاني خطة تنفيذية لأولويات الصحة في «رؤية عُمان 2040»، ورفع كفاءة الإنفاق عبر تطبيق موازنة البرامج والأداء، والانتقال من المفهوم المالي إلى الاقتصادي في تحديد الأولويات وتوزيع المخصصات.
وتأتي هذه المشروعات ضمن مجموعة من البرامج الاستراتيجية التي عملت وزارة الصحة على تنفيذها بما ينسجم مع «رؤية عمان 2040» التي وضعت الصحة في قلب أولوياتها وجعلتها ركيزة أساسية لتحقيق التنمية المستدامة والرفاه الاجتماعي وإيجاد نظام صحي رائد.
ومن أبرز تلك البرامج تعزيز منظومة التخطيط والتمويل لقطاع الصحة حتى يكون أكثر كفاءة ويتصف بالاستدامة وتبنى مبادرات لاستدامة النظام الصحي وتقييم أدائه.
تقييم الأداء
في ظل التحديات المتزايدة التي يواجهها النظام الصحي في سلطنة عمان مثل شيخوخة السكان وازدياد عبء الأمراض غير السارية والمزمنة شرعت وزارة الصحة في إجراء تقييم شامل لأداء النظام الصحي، ويأتي هذا التقييم استكمالا للتقييم السريع الذي عقد في عام 2023، والذي تم تنفيذه بناء على توجيه من الأمانة العامة لمجلس الوزراء، بهدف الوقوف على مكامن القوة ومجالات التحسين في النظام الصحي، وقد شمل التقييم أيضًا دراسة وضع النظام الصحي الخاص بهدف تكوين صورة متكاملة عن أداء المنظومة الصحية بمختلف مكوناتها. وستعتمد نتائج وتوصيات هذا التقييم كأحد الموجهات الرئيسية في إعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة، بما ينسجم مع التوجهات الاستراتيجية لـ«رؤية عمان 2040».
ويعتمد إطار تقييم أداء النظام الصحي (HSPA) على تحليل أداء الوظائف الأساسية للنظام الصحي التي تشمل الحوكمة، والتمويل، وتطوير الموارد، وتقديم الخدمات. كما رعى في تقييم النظام الصحي توصيات استراتيجية ذات أولوية وهي تمكين وحماية القوى العاملة في القطاع الصحي، تعزيز التمويل الصحي مع ضمان الاستدامة المالية، تطوير نموذج الرعاية الصحية بما يعزز التوجه نحو الرعاية الصحية الأولية، وتعزيز دور وزارة الصحة في القطاع الصحي وبناء المؤسسات المعنية بالصحة.
الخطة الخمسية 11
جرى إعداد الخطة الخمسية الـ (11) التي تشكل الخطة التنفيذية الثانية لأولوية الصحة في «رؤية عُمان 2040» وأهم أهدافها رفع مستوى الوقاية من الأمراض، وتحسين البنية الأساسية للمرافق الصحية، واعتماد أكثر على التقنيات الحديثة، وتعزيز قدرات الكوادر الصحية، وتحقيق العدالة في توزيع الخدمات الصحية، وتحقيق تنمية مستدامة في القطاع الصحي، وتعزيز جودة الرعاية الصحية.
كانت لخطط التنمية الصحية الخمسية آثارها الواضحة في تطور الخدمات الصحية وتحسن الوضع الصحي للسكان، ويعكس هذا التطور التزام الحكومة في نشر الخدمات الصحية وتوفير الرعاية الصحية بجميع مستوياتها للمواطنين والمقيمين كافة، ولقد تم البدء في إعداد الخطة الخمسية الحادية عشرة 2026-2030 خلال عام 2024م ومن المؤمل أن يتم الانتهاء منها واعتمادها خلال العام الجاري.
تطوير نموذج الرعاية الصحية
ومن إنجازات العام الماضي البدء في مشروع تطوير نموذج الرعاية الصحية الذي يعتبر مكونا أساسيا ضمن استراتيجيات أولوية الصحة في «رؤية عمان 2024» ضمن محور الإنسان والمجتمع، ولقد تم تشكيل لجنة برئاسة سعادة الدكتور أحمد بن سالم المنظري وكيل وزارة الصحة للتخطيط والتنظيم الصحي، وتُعنى اللجنة بتطوير نموذج الرعاية الصحية من خلال تطوير النظام الصحي بما يتماشى مع التغييرات الديموغرافية والوبائية، وتعزيز التعاون بين القطاعات ذات العلاقة؛ لتحقيق الأهداف المنشودة في الوصول بمجتمع يتمتع بصحة مستدامة تترسخ فيه ثقافة «الصحة مسؤولية الجميع»، ومصان من الأخطار ومهددات الصحة بنظام صحي رائد بمعايير عالمية. وأهم منجزات المشروع خلال 2024م تقييم النموذج الحالي من قبل خبرات محلية وعالمية، ووجود لجنة رئيسية للمشروع، واعتماد توصيات لتطوير نموذج الرعاية الصحية في سلطنة عمان، ووجود فرق عمل لرسم خريطة الطريق ووضع المبادرات والمشاريع والتقنيات لتطوير نموذج الرعاية الصحية الأولية.
مصادر تمويل
تعمل الوزارة على رفع كفاءة الإنفاق حيث تمضي قدما نحو تطوير موازنتها وتطبيق موازنة البرامج والأداء والبدائل المقترحة لتلائم السياسات والتشريعات والهياكل التنظيمية المخصصات المالية في تعزيز كفاءة الإنفاق العام في قطاع الصحة، وتعتمد حاليا على المفهوم الاقتصادي وليس المالي في تحديد الأولويات وآلية توزيع المخصصات المالية.
ومن النتائج الملموسة خفض كمية النفايات الطبية في محافظة جنوب الباطنة بنسبة 9 %، وتوفير 1.3 مليون ريال في جـنوب الباطنة وذلك برفع الوعي حول التصنيف الصحيح للنفايات بالمؤسسات الصحية، وتسجيل 62 مشروعا ضمن الإدارة الرشيقة، والعمل على توطين بعض التخصصية التي كانت تحول سابقا إلى العلاج بالخارج في مستشفى خولة مثل توطين عمليات الجنف المبكر، وتوطين رأب الأوعية الدموية بالبالون والدعامات لمرض تصلب الشرايين الدماغية (وحدة القسطرة الدماغية)، وتوطين جراحة الأوعية الدموية، وتوطين خدمة استخراج الحيوانات المنوية بالمجهر الحقيق، وتوطين جراحات ترميم عمليات استئصال أورام الرأس والرقبة، وتوطين خدمة جراحة مناظير مفصل الفك الصدغي، وتوطين زراعات القوقعة والقرنية، وتوطين خدمة الجراحة الحقيقة والمنظار لجراحة العمود الفقري.
كما نفذت مشروع عمليات اليوم الواحد في مستشفى إبراء، التي أسهمت في تقليص مدة التنويم والخروج من المستشفى في اليوم ذاته في حالة استقرار الحالة من 3 أيام إلى ساعات محدودة، مما وفر الجهد والوقت والمال والموارد البشرية.
وعززت الوزارة من مشروعات استدامة التمويل وإيجاد مصادر متنوعة للنظام الصحي عبر التعاون مع المؤسسة الصحية الوقفية «أثر» التي تساهم في تعزيز النظام الصحي للوصول إلى تكاملية الخدمات الصحية وتحقيق تنمية صحية مستدامة في سلطنة عمان، تهدف إلى إنشاء مراكز صحية ووحدات تخصصية، وشراء المعدات والأجهزة الطبية، وشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، والعمليات الجراحية المستعجلة، وبرامج تعزيز أنماط الحياة والتأهيل.
ومن أبرز المشاريع الممولة الأخرى مركز جنوب المعبيلة الصحي، وإنشاء مركز مقشن الصحي، ورفع كفاءة مركز ثمريت الصحي، وإنشاء وحدة غسيل الكلى بمستشفى بدية، ووحدة العناية المركزة للأطفال الخدج وغرفة الأمهات بمستشفى إبراء.
التأمين الصحي
وحققت الوزارة تقدما في قطاع التأمين الصحي للمقيمين وللعاملين في القطاع الخاص بالعمل جنبا إلى جنب مع هيئة الخدمات المالية والأطراف الأخرى ذات العلاقة على تهيئة البنية الأساسية التي يتطلبها نجاح تنفيذ مشروع نظام التأمين الصحي، ويرتكز عمل فريق إدارة مشروع نظام التأمين الصحي على ثلاثة محاور رئيسة: أولها محور «التشريعات والمعايير والأدلة» الذي اهتم بإعداد السياسة الوطنية لحوكمة وإدارة المعلومات الصحية، واعتمادها، وإصدار القرار الوزاري بشأن تطبيق معايير التصنيف والترميز الطبي وتوافقية البيانات بين الجهات الصحية، وإصدار القرار الوزاري بشأن الموافقة للمؤسسات الصحية الخاصة والصيدلانية لتقديم خدمات التأمين الصحي، وإصدار القرار الوزاري بشأن ضوابط الحد من حالات الاشتباه في سوء استخدام منافع التأمين الصحي، والانتهاء من إعداد الاستراتيجية الوطنية للصحة الرقمية. وتوفير المخصصات المالية وإسناد العمل للشركة الاستشارية المنفذة لمشروع دراسة تكاليف الخدمات الصحية وأسعارها في سلطنة عمان. أما في محور «الأنظمة المعلوماتية» فقد تم الانتهاء من إنشاء قاعدة بيانات وطنية للمؤسسات الصحية والصيدلانية للقطاع الخاص والعمل جار على ربط هذه البيانات مع منصة ضماني للتأمين الصحي، وتوفير المخصصات المالية وإسناد العمل للشركة المشرفة على تطوير نظام إدارة دورة الإيرادات والأنظمة المصاحبة له، وتشغيل تطبيق الأدوية في منصة «ضماني».
فيما ركز محور «التأهيل والتدريب» على تدريب الفئات الطبية والطبية المساعدة على التوثيق السريري بـ 60 موظفا، والانتهاء من تدريب الدفعة الثانية لمشروع المرمز الطبي المرخص خلال عام 2024م بعدد 25 مرمزا، ليكون إجمالي المرمزين المرخصين للدفعتين الأولى والثانية 50 مرمزا، كما حصل شخصين من المشرفين العاملين على مشروع التأمين الصحي على تدريب متخصص في إدارة عمليات التأمين الصحي في الولايات المتحدة الأمريكية.
