سلطنة عمان تستضيف حفل تتويج الفائزين بجائزة الآغا خان للعمارة
سعيد البوسعيدي: الاستضافة تأتي في إطار تحقيق مجالات الاستراتيجية الثقافية وتعزز دور سلطنة عُمان كوجهة ثقافية رائدة عالميًّا
مدير الجائزة: سنحتفي بالتراث المعماري الغني ونسلط الضوء على المشروعات الاستثنائية التي تم بناؤها في العقد الماضي
"عمان": تستضيف سلطنة عمان نهاية أكتوبر المقبل حفل تتويج الفائزين بجائزة الآغا خان للعمارة في ذكراها السنوية الخامسة والأربعين، المؤمل إقامته في دار الفنون الموسيقية بدار الأوبرا السلطانية مسقط وقد أعلنت ظهر أمس عن مشاريعها الستة الفائزة بين 20 مشروعًا تأهلوا إلى القائمة المختصرة من أصل 463 مشاركةً تم ترشيحها لدورة الجائزة الخامسة عشرة (2020-2022)، وهي مشروع "المساحات النهرية الحضرية" من بنجلاديش وموقعه في منطقة الجنيدة وقد نفذته "شركة الإبداع لمهندسي العمارة" بإشراف مهندس المناظر الطبيعية خوندكير حسيبال الكبير، ويتولى قيادة المشروع أبناء المجتمع المحلي، وهو يسهم في توفير أماكن عامة في مدينة نهرية يسكنها 250 ألف نسمة، فضلا عن مساهمته في توفير ممرات وحدائق ومرافق ثقافية، إضافةً للجهود التي يتم بذلها للحفاظ على البيئة وزيادة التنوع البيولوجي على طول النهر، أما المشروع الثاني (وهو أيضا من بنجلاديش) مشروع "المساحات المجتمعية استجابةً لأزمة اللاجئين الروهينجا" التي تقع في منطقة تكناف، وقام بتنفيذها المهندسون المعماريون رضوي حسن وخواجة فاطمة وسعد بن مصطفى، وهذه المساحات عبارة عن هياكل مبنية بشكل مستدام في أكبر مخيمات اللاجئين في العالم، وقد جرى التعاون في تنفيذها على أرض الواقع دون الحاجة لوضع مخططات أو نماذج، ومن إندونيسيا فاز مشروع "مطار بليمبينغساري" في مدينة بانيووانجي الذي نفذه المهندس المعماري أندرا متين، حيث يقدم المطار خدماته لأكثر من 110 آلاف مسافر محلي يوميًا، وتشير أسطح المطار إلى التقسيمات الواضحة بين صالات المغادرة والوصول، ومن إيران فاز مشروع "متحف أرغو للفن المعاصر والمركز الثقافي" في طهران، وهو من تصميم شركة أحمد رضا شريكر للهندسة المعمارية - الشمال، حيث تسهم المواد البارزة والمختلفة بتمييز الإضافات الجديدة عن النسيج التاريخي المبني من القرميد في متحف الفن المعاصر والموجود في مصنع جعة مهجور عمره 100 عام، ومن لبنان فاز مشروع "تجديد دار نيماير للضيافة" في طرابلس، الذي نفذه "أستوديو الشرق للهندسة المعمارية" وهو من تصميم أوسكار نيماير ولكن تم التخلي عنه عندما اندلعت الحرب الأهلية في عام 1975، حيث تم تحويل دار الضيافة إلى منصة تصميم ومنشأة إنتاج لصناعة الأخشاب المحلية، أما من السنغال فقد فاز مشروع "مدرسة (سي إي إم) كمانار الثانوية" في مدينة ثيونك إسيل بالسنغال، التي نفذها أستوديو "داو أُوفيس" للعمارة، حيث قام المتطوعون في هذه المدرسة الثانوية باستخدام التقنيات المحلية فضلا عن استخدام الطوب المصنوع من الطين مع ترك مسافات بينها للتهوية، ما يسهم بتبريد الهواء من خلال تبخر الماء.
مقصد للثقافة والفن
وقال سعادة السيد سعيد بن سُلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة رئيس فريق العمل المختص بالإعداد والتحضير لاستضافة سلطنة عُمان لجائزة الآغا خان: إنّ استضافة سلطنة عُمان لحفل توزيع جائزة الآغا خان للعمارة لعام 2022م تؤكد تمامًا على أن سلطنة عُمان أصبحت مقصدًا عالميًّا للثقافة والأدب والفن. وأشار سعادة السيد إلى أن الاستضافة التي تأتي في إطار تحقيق مجالات الاستراتيجية الثقافية الـ11 تعكس النشاط الثقافي في سلطنة عُمان بمحاور تتواءم مع التحوّلات العالميّة وفق أنسجتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية واتساقًا مع أهداف الاستراتيجيات الوطنية والإقليمية والدوليّة التي تأمل سلطنة عُمان من خلالها في الإسهام في تعزيز المشهد الثقافي العُماني.
وأضاف سعادة السيد: نسعى من خلال هذه الاستضافة النوعية إلى تعزيز دور سلطنة عُمان كوجهة ثقافية رائدة عالميًّا، ومدّ جسور التواصل بين مختلف شعوب العالم، إضافة إلى تقوية التمازج والحوار الحضاري، ما يبرز دور السلطنة ومفردات الثقافة العُمانية، وما تتميز به من تنوع وأنماط معرفيّة وحضارية ثرية. كما نأمل أن تسهم هذه الاستضافة في استقطاب المزيد من الفعاليات المتفردة التي تروج للمشهدين الثقافي والسياحي.
وقدّم سعادة السيد سعيد بن سُلطان البوسعيدي وكيل وزارة الثقافة والرياضة والشباب للثقافة التهنئة للمشروعات الستة الفائزة في الدورة الـ 15 للجائزة مع الأمنيات بأن يكون أحد مشروعات سلطنة عُمان ضمن المشروعات الفائزة في السنوات المقبلة.
احتفاء بالتراث المعماري
من جهته، قال الدكتور فرخ درخشاني مدير جائزة الآغا خان للعمارة: سعداء جدًّا ونحن نعلن استضافة سلطنة عُمان حفل توزيع جائزة الآغا خان للعمارة في نسختها الـ 15 حيث يجتمع المهندسون المعماريون والخبراء في مسقط في نهاية أكتوبر القادم احتفاءً بالتراث المعماري الغني الذي يتميز به العالم الإسلامي، وتسليط الضوء على المشروعات الاستثنائية التي تم بناؤها في العقد الماضي.
اللجنة التوجيهية
تخضع جائزة الآغا خان للعمارة لإدارة لجنة توجيهية يترأسها الآغا خان، بينما تضم قائمة الأعضاء الآخرين في اللجنة التوجيهية كلا من: الشيخة مي بنت محمد آل خليفة (رئيسة هيئة البحرين للثقافة والآثار في المنامة سابقا)، وإمري أرولات (مؤسس مكتب إمري أرولات لهندسة العمارة في إسطنبول)، وميساء البطاينة (مهندسة معمارية وصاحبة "مكتب ميسم معماريون ومهندسون" في عمّان)، والسير ديفيد تشيبرفيلد (مدير مكتب ديفيد تشيبرفيلد لمهندسي العمارة في لندن)، وسليمان بشير ديان (مدير معهد الدراسات الإفريقية بجامعة كولومبيا في نيويورك)، وناصر الرباط (أستاذ الآغا خان للعمارة الإسلامية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج)، ومارينا تبسُّم (مديرة شركة مارينا تبسُّم لهندسة العمارة في دكا)، وسارة م. وايتينغ (عميد كلية الدراسات العليا للتصميم بجامعة هارفارد في كامبريدج)، وفاروخ دراخشاني ويشغل منصب مدير الجائزة.
لجنة التحكيم العليا لجائزة 2022
أما الأعضاء التسعة في لجنة التحكيم العليا المستقلة الذين اختاروا 20 مشروعًا، ومن ثم المشاريع الفائزة هم: ندى الحسن، مهندسة معمارية متخصصة في الحفاظ على التراث المعماري والعمراني، آميل آندروس، أستاذ في كلية الدراسات العليا للهندسة المعمارية والتخطيط والحفظ بجامعة كولومبيا، قادر عطية، فنان يستكشف الآثار الواسعة النطاق للهيمنة الثقافية الغربية والاستعمار. كازي خالد أشرف، المدير العام لمعهد البنغال للعمارة والمناظر الطبيعية والمستوطنات في دكا، بنغلاديش. سيبل بوزدوغان، أستاذ زائر في العمارة الحديثة والعمران في قسم تاريخ الفن والعمارة، جامعة بوسطن. لينا قطمة، مهندسة معمارية فرنسية - لبنانية تقود ممارسة، حيث يتعلم كل مشروع من الماضي العامي لبناء "ديجا لا" جديدة. فرانسيس كيري، الحائز على جائزة الأغا خان للعمارة (AKAA) ومهندس بوركينا فاسو ذائع الصيت عالميا، وحصل على الجائزة في عام 2004 عن مشروعه الأول وهو مدرسة ابتدائية في غاندو، بوركينا فاسو. آنا لاكتون، مؤسسة Lacaton & Vassal في بوردو عام 1989، التي تركز على كرم الفضاء واقتصاد الوسائل. نادر طهراني، المدير المؤسس لـ NADAAA، وهي ممارسة مخصصة لتصميم الابتكار والتعاون والحوار مع صناعة البناء.
تجدر الإشارة إلى أن جائزة الآغا خان للعمارة تأسست في عام 1977 لتحديد وتشجيع وتعزيز مفاهيم البناء التي تلبي بنجاح احتياجات وطموحات المجتمعات التي يتواجد المسلمون فيها بشكل كبير منذ إطلاقها قبل 45 عامًا، حصل 122 مشروعًا على الجائزة، وتم توثيق حوالي 10 آلاف مشروع بناء. لا تقتصر عملية الاختيار لنيل جائزة الآغا خان للعمارة على المشاريع التي توفر الاحتياجات المادية والاجتماعية والاقتصادية للأشخاص فحسب، بل تتعداها لتشمل الاستجابة لتطلعاتهم الثقافية أيضاً، وتعترف جائزة الآغا خان للعمارة بالمشاريع المعمارية المتميّزة من نواحي التصميم المعاصر والسكن الاجتماعي وتحسين المجتمع وتطويره، إضافةً إلى الترميم التاريخي، وإعادة الاستخدام والمحافظة على الموارد، فضلاً عن تصميم المناظر الطبيعية وتحسين البيئة. يتم إيلاء اهتمام خاص لمخططات البناء التي تستخدم الموارد المحلية والتكنولوجيا المناسبة بطرق مبتكرة، وكذلك للمشاريع التي من المحتمل أن تلهم جهودًا مماثلةً في أماكن أخرى من العالم. تجدر الإشارة إلى أن الجائزة لا تقوم بتكريم مهندسي العمارة فحسب، بل يمتد تكريمها ليشمل أطرافًا أخرى شاركوا في المشاريع مثل: البلديات وعمال البناء والعملاء والحرفيين المهرة والمهندسين الذين لعبوا جميعًا أدوارًا مهمة في إنجاز المشاريع.