No Image
عمان اليوم

زواج النساء دون الـ 18 سنة.. يمنعه القانون ويفرضه الواقع!

12 مارس 2022
د. نهال الريامية: النسبة المسجلة في سلطنة عمان لا تتعدى 1.1%
12 مارس 2022

خلود الخضورية: ينعقد زواج النساء دون 18 عاما بإذن من القاضي لتحقيق المصلحة

زواج النساء دون الـ18 سنة في سلطنة عمان ربما لم يصل إلى مستوى ظاهرة ورغم ذلك يجب أن نعترف بوجوده مجتمعيا، إذ تشير إحصائيات وزارة الصحة إلى تسجيل 885 امرأة عمانية دون هذا السن حامل في عام 2019، ورغم عدم سماح التشريعات بالزواج في هذا السن لكنها نظمته عبر السماح للقاضي بتزويج من هم أقل من 18 سنة إذا تحققت المصلحة وفقا للمادة "10" من قانون الأحوال الشخصية العماني.

"عمان" استطلعت آراء المختصين طبيا وقانونيا ونفسيا حول حالات زواج النساء دون 18 سنة وأبرز الدراسات والإحصائيات ودور المؤسسات الصحية في تقديم العون لهذه الحالات.

الدكتورة نهال الريامية، استشارية أولى وأستاذة مشاركة ورئيسة قسم أمراض النساء والولادة بكلية الطب والعلوم الصحية بجامعة السلطان قابوس قالت: رغم تأكيدنا بوجود زواج نساء في أقل من سن 18 سنة في البلاد، لكن هناك انخفاضا ملحوظا، حيث تشير إحصائيات وزارة الصحة لزواج الحالات بين عمر 15 ـ 19 عاما إلى ما نسبته 1.9% عام 2015 ثم في عام 2018 بلغت النسبة 1.4% وآخر إحصائية في عام 2019 بلغت 1.1% بإجمالي 885 امرأة عمانية حامل، وهذا ما يؤكد أن ظاهرة زواج تلك الحالات ليست بتلك الكثرة أو الخطورة.

وأشارت إلى أن ذلك يعود لأسباب مختلفة بينها العزلة أو العادات والتقاليد أو ثقافة معينة بالإضافة إلى الأسباب النفسية والروحية كطلاق الأبوين والحرمان من الحنان أو الشعور بالوحدة أو الظروف الاقتصادية الصعبة.

وأشارت إلى أن جاهزية الطفلة للحمل يختلف من سن لآخر، فإذا حدث الحمل قبل 15 سنة سيشكل خطورة أكثر مما هو لو كان عند فتاة بعمر 19 سنة، إذ إن حمل القاصر له مخاطر وعواقب في بعض الحالات، كما يعتمد ذلك على وعي القاصر والدعم الأسري والطبي، وتكون هذه المخاطر صحية أو نفسية أو اجتماعية أو اقتصادية، ومن الممكن أن تؤدي هذه المخاطر إلى الوفاة بينها النزيف الحاد بعد الولادة إذا لم تتمكن الفتاة من الوصول إلى المستشفى في أقرب وقت، وقد تتعرض القاصر إلى الولادة المبكرة أو العسيرة.

وأضافت: إن دراسات تم إجراؤها في كلية الطب بجامعة السلطان قابوس خرجت بنتائج من بينها أن مضاعفات حمل القاصر أشد من الحمل بعد 19 سنة، وأكثر المضاعفات انتشارا الولادة المبكرة قبل 32 أسبوعا من الحمل، والأنيميا ونقص وزن الطفل بالإضافة إلى نزول الماء قبل وقت الولادة، وقد أوصت منظمة الصحة العالمية بمنع الحمل في عمر مبكر بسبب هذه المضاعفات.

القانون ينظم

وقالت المحامية خلود بنت محمود الخضورية: إن القانون لم يسمح بزواج النساء دون 18 سنة ولكنه نظمه عبر السماح للقاضي بتزويج من هم أقل من 18 سنة إذا ما تحققت المصلحة وذلك وفقا للمادة رقم "10" من قانون الأحوال الشخصية العماني، ولذلك يُقترح بأن يتم تجريم أي زواج ينعقد دون إذن من القاضي، نظرا لخطورة أبعاد هذا الأمر من الناحية النفسية والجسدية والاجتماعية على مَن لم تكمل الـ18 سنة، ولا بد أن تشمل هذه العقوبات الأم والأب والشهود والمأذون الشرعي إذا تم أخذ رأيهم وموافقتهم على هذا الزواج، وهذا إخلال بركن أساسي من أركان الزواج الصحيح وهو (الرضا) وذلك أسوةً بجميع التشريعات القانونية التي تضع عمر الـ18 كعمر الاعتداد والأخذ بالتصرفات القانونية ونذكر على سبيل المثال إصدار تراخيص قيادة المركبات حيث لا يعطى إلا لمَن أكمل 18 سنة، كذلك قانون الجزاء الذي نص على أنه لا يعتد بالرضا إذا كان المجني عليه لم يكمل الـ18 سنة من عمره.

وأشارت إلى أن قانون الجزاء يجرّم الاعتداءات الجنسية على الأطفال ولكنه لم ينظم حدوث هذا الاعتداء الجنسي على قاصر داخل إطار الزواج، وهناك دائما طرق للإبلاغ عن حالات الزواج الذي يتم دون موافقة أو تصريح من القاضي، فلجنة حماية الطفل التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية تؤدي دورا في تلقي هذه البلاغات عبر الخط الساخن 1100، وعمومًا لا بد من تحديث قانون الأحوال الشخصية ومراجعته ليشمل في نسخته الجديدة تنظيمات دقيقة لهذه الحالات.

دوافع وحلول

وقالت الأخصائية النفسية حسناء بنت جميل الهنداسية: إن ظاهرة زواج النساء دون 18 سنة قد تحدث أكثر في دول العالم الثالث، وقد تتفاوت نسبة حدوثها بين الدول النامية، وتتباين تلك المبررات الدافعة لزواج الفتاة، وفي سلطنة عُمان مثلًا وفقًا لآخر إحصائية للمركز الوطني للإحصاء والمعلومات بتاريخ 12 ديسمبر 2020 بلغ إجمالي الفتيات المتزوجات في سن "15 ـ 19 عاما" 1600 فتاة، وقد يزهد البعض هذا العدد، لكن فتاة واحدة في هذا العمر قد تنشئ أطفالا هم أحوج لأم متزنة ومستقرة نفسيا، فأين لهم ذلك؟ وربّ سائل يسأل ما هي الأسباب التي تدفع الفتاة دون 18 سنة لهذا الزواج؟ وفي تقديري هناك أسباب مختلفة بين الحاجة، والعُرف الاجتماعي، والوضع الأسري وأحيانًا لدوافع سلوكية، حيث يصبح الزواج هو الحل الوحيد لمعالجتها، وإن كنت أرفض زواج الفتاة دون 18 عاما من منظور نفسي، إلا أن لدي وجهة نظر وهي أن نعامل كل حالة وفقا لظروفها، فعلينا دراستها من زاوية نفسية، واجتماعية، واقتصادية ونعين الفتاة على الاختيار بما يتناسب مع وضعها، فبعض الأحيان قد يكون الزواج حلا، بموافقة القاضي، على أن يتم إلحاق الفتاة والشاب بدورات مكثفة حول بناء الأسرة المستقرة، وتربية الأبناء كدعم نفسي واجتماعي.