دراسة تؤكد جدوى إنتاج وقود حيوي من شجرة «الجاتروفا»
كشفت دراسة قدّمها الدكتور أحمد بن سالم البوسعيدي، باحث في كلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس، بالتعاون مع الطالبة نبراس الشكيلية، عن تقييم قدرة شجرة الجاتروفا على إنتاج وقود حيوي عالي الجودة عند ريّها بمياه الصرف الصحي المعالجة، وذلك في إطار البحث عن حلول مبتكرة لتحديات الطاقة والمياه وتعزيز الاستدامة البيئية في سلطنة عمان.
وانطلقت فكرة الدراسة من مزرعة عُمانية تُروى فيها أشجار الجاتروفا، وهي شجرة تتحمل الظروف المناخية القاسية وتنتج بذورًا غنية بالزيوت القابلة للتحويل إلى ديزل حيوي. وركز البحث على الإجابة عن سؤالين محوريين: هل يؤثر الري بمياه الصرف الصحي المعالجة على جودة البذور؟ وهل يمكن أن تضاهي هذه المياه في كفاءتها الري بالمياه العذبة؟
وتضمنت التجربة تقسيم النباتات إلى مجموعتين: الأولى رويت بالمياه العذبة، والأخرى بمياه الصرف الصحي المعالجة. وبعد اكتمال دورة النمو، جُمعت البذور وغُسلت وجُففت وطُحنت، ثم استُخدم الهكسان وتقنية الموجات فوق الصوتية لاستخلاص الزيت. وتم فصل الزيت بالتقطير وتحويله إلى ديزل حيوي عبر تفاعل كيميائي مع الميثانول ومحفزات خاصة. كما جرى استثمار المنتجات الثانوية مثل الجلسرين في تصنيع صابون وكريمات، واستخدام بقايا البذور كسماد عضوي.
وأظهرت النتائج أن نوعية المياه المستخدمة في الري لم تؤثر على نمو الأشجار أو إنتاج البذور، وأن نسبة الزيت المستخلص من البذور تجاوزت 60%. وحقق الديزل الحيوي الناتج أداءً متميزًا، إذ بلغ رقم «ستياني» 53 مقارنة بـ 40 للديزل التقليدي، مع نقطة اشتعال أعلى بلغت 175 درجة مئوية، مما يزيد من عوامل الأمان في الاستخدام. وعند اختباره على آلة زراعية، عمل بكفاءة دون أي أعطال.
وبيّنت الدراسة أن زراعة الجاتروفا وريها بمياه الصرف الصحي المعالجة تُعد حلا مثاليا في البيئات الصحراوية، إذ توفر مصدرا للطاقة المتجددة وتقلل الاعتماد على الوقود الأحفوري، إضافة إلى قدرتها على امتصاص كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون وتحسين جودة الهواء. كما تفتح هذه النتائج آفاقًا جديدة للاستفادة من مكونات الشجرة في صناعات متنوعة، مثل الأسمدة العضوية والجلسرين ومنتجات العناية الشخصية، بما يحقق قيمة اقتصادية مضافة ويوفر فرصًا تجارية مستدامة.
وأكد البوسعيدي أن هذه الجهود تتماشى مع مستهدفات «رؤية عمان 2040» وأهداف التنمية المستدامة، خاصة في محور البيئة المستدامة والطاقة المتجددة بأسعار معقولة، مشيرًا إلى أن المشروع يقدم نموذجًا عمليًا لكيفية دمج الحلول البيئية والاقتصادية في آن واحد، بما يسهم في بناء مستقبل مستدام لسلطنة عمان.
