عمان اليوم

دراسة بحثية تؤكد دور الفحم الحيوي في تحسين الأراضي القاحلة

23 ديسمبر 2022
تعد أداة للمساعدة في التخفيف من التغيرات المناخية
23 ديسمبر 2022

أكدت دراسة بحثية بكلية العلوم الزراعية والبحرية بجامعة السلطان قابوس أن استخدام الفحم الحيوي يسهم في تحسين الأراضي القاحلة من خلال فهم تأثير المواد العضوية الأولية ودرجة حرارة الانحلال المستخدمة لتكوينه على تعداد الميكروبات ونشاطها في التربة، كما أشارت الدراسة إلى أن الفحم الحيوي يمثل أداة ذات قيمة محتملة للمساعدة في التخفيف من التغيرات المناخية.

وقال أحمد الربيعي باحث دكتوراه بجامعة السلطان قابوس أحد أعضاء الفريق البحثي للدراسة: أن الفحم الحيوي يعتبر مادة عضوية قيمة لدعم الزراعة المستدامة والتخفيف من آثار تغير المناخ، إذ للفحم الحيوي العديد من الفوائد للتربة التي تم تأكيدها وفق دراسات سابقة، بما في ذلك دوره في تحسين بنية التربة والقدرة على الاحتفاظ بالمياه، وزيادة توافر المغذيات، وتعزيز نمو الكائنات الحية الدقيقة المفيدة، مشيرا إلى أن الفحم النباتي هو نوع يتم إنتاجه من المواد العضوية من خلال عملية تسمى الانحلال الحراري، حيث يتم تسخين المادة العضوية مع عدم وجود الأكسجين لإنتاج مادة غنية بالكربون يمكن إضافتها إلى التربة لتحسينها وإعادة تأهيلها، ويمكن لعملية الانحلال الحراري المستخدمة في إنتاج الفحم الحيوي أن تحول المواد العضوية القابلة للتحلل بسهولة إلى منتج ثابت من الكربون الأسود، والذي يمكن أن يبقى في التربة لسنوات طويلة، وبسبب قدرة الفحم الحيوي على زيادة تخزين الكربون في التربة، فإنه يعتبر بمثابة مادة إضافية مهمة لتعديل التربة، لاسيما فيما يتعلق بتغير المناخ، إذ عند إضافة الفحم الحيوي إلى التربة لن يتم إطلاق معظم الكربون الناتج من تحلل المادة العضوية مرة أخرى إلى الغلاف الجوي والتي تسهم في الاحتباس الحراري مثل ثاني أكسيد الكربون، وهذا يجعل الفحم الحيوي أداة ذات قيمة محتملة للمساعدة في التخفيف من تغيير المناخ عن طريق تقليل كمية ثاني أكسيد الكربون المنبعثة إلى الغلاف الجوي، بالإضافة إلى قدرته على زيادة تخزين الكربون في التربة، كما أنه يمكن أن يساعد في التقليل من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من النظم الزراعية مثل الميثان وأكاسيد النيتروجين، وبذلك فإنه من الممكن أن يكون له أثر في تقليل البصمة الإجمالية لغازات الاحتباس الحراري للأنظمة الزراعية مما يجعلها أكثر استدامة وصديقة للبيئة.

وأشار إلى أن خصائص الفحم الحيوي تختلف اعتمادًا على المادة العضوية المستخدمة في إنتاجه، والظروف المطبقة عليها في عملية الانحلال الحراري أثناء تكوينه، وتحتوي المكونات العضوية المختلفة المستخدمة لصناعة الفحم الحيوي على تركيبات كيميائية وهياكل فيزيائية مختلفة، والتي يمكن أن تؤثر على خصائص الفحم الحيوي الناتج، فعلى سبيل المثال، قد تحتوي بعض المواد العضوية الأولية على كميات أعلى من اللجنين، مما يكسب الفحم الحيوي أكثر مقاومة للتحلل واستدامة أطوال في الظروف المحيطة.. مشيراً إلى أن درجة حرارة الانحلال الحراري يمكن أن تؤثر على خصائص الفحم الحيوي، حيث إنه مع درجات الحرارة العالية يتم تكوين فحم حيوي ذي خصائص أكثر ثباتًا، ويمكن أن تتغير خصائص الفحم الحيوي بمرور الوقت وذلك اعتمادًا على الظروف التي يتم فيها تخزينها واستخدامها، وعلى سبيل المثال، يمكن أن يحدث تغيير في التركيب الكيميائي والبنية الفيزيائية للفحم الحيوي وذلك أثناء تفاعله مع التربة والمياه. وكذلك من خلال العمل البطيء لميكروبات التربة، كما يمكن أن تؤثر هذه التغييرات على سلوك ميكروبات التربة، حيث لوحظ بأن بعض الميكروبات تصبح أقل فعالية بمرور الوقت مع الفحم الحيوي، وبشكل عام، أفضل أنواع الفحم الحيوي والذي من الممكن أن يستخدم لتحسين خصائص التربة .

زيادة صحة التربة

وأوضح أن استخدام الفحم الحيوي يعتمد على خصائصه بالإضافة إلى خصائص التربة المراد تعديلها لذلك فإنه من المهم النظر بعناية في خصائص المواد العضوية الأولية وظروف الانحلال الحراري عند إنتاج الفحم الحيوي ليستخدم كمعدل ومحسن للتربة، ومع ذلك فإنه من الصعب للغاية التنبؤ بسلوك التربة مع أنواع الفحم الحيوي بناءً على التحليل الفيزيائي والكيميائي للتربة، وفي هذا المجال أحدثت الدراسة التي أجريناها في جامعة السلطان قابوس تحولًا في هذا النموذج، فيما يتعلق بتقييم منتجات الفحم الحيوي لزيادة صحة التربة، وقد اختبر الفريق البحثي ثلاث مواد عضوية أولية مختلفة لصنع الفحم الحيوي: أوراق النخيل، ونباتات المسكيت (الغاف البحري)، وسماد الحمأة (أسمدة محطات معالجة الصرف الصحي)، إذ قام الفريق بتحليل المواد الأولية في ثلاث درجات حرارة مختلفة (450، 600، 750 درجة مئوية) ثم قام بتمييز الفحم الحيوي الناتج باستخدام تقنيات مختلفة، بما في ذلك دراسة تأثيره في ميكروبات التربة.

وأكد أن نتائج الدراسة أظهرت أن المواد العضوية الأولية ودرجة حرارة الانحلال الحراري لهما تأثير على الخواص الفيزيائية والكيميائية للفحم الحيوي، فعلى سبيل المثال، زاد حجم مسام الفحم الحيوي مع زيادة درجة حرارة الانحلال الحراري، وانخفضت كمية روابط الهيدروكسيل والكربونيل "O-H و C-O" بينما زادت كمية روابط "C-C" مع زيادة درجة الحرارة، كما وجدت الدراسة أن الثبات الحراري للفحم الحيوي كان أعلى عند درجة حرارة الانحلال الحراري "750 درجة مئوية" كما أن كل مادة من المواد الأولية الثلاثة أنتجت مقاطع تحلل حراري مميزة.

ومن حيث تأثيرها على ميكروبات التربة، فإن الفحم الحيوي المنتج من نباتات المسكيت قلل من تعداد ميكروبات التربة ونشاطها، وزاد هذا التأثير مع زيادة درجات حرارة الانحلال الحراري، ونتيجة لذلك، لم يوصِ الفريق البحثي باستخدام هذه النوع من الفحم الحيوي لتحسين صحة التربة، إلا أنه وجد أن الفحم الحيوي الذي تم إنتاجه عند درجة حرارة الانحلال الحراري "600 درجة مئوية" كان أفضل تأثير على ميكروبات التربة، وأوصى الفريق بإجراء مزيد من الاختبارات على هذه الفحم الحيوي كتعديل للنظم الإيكولوجية الزراعية في الأراضي القاحلة.