دراسة: الأمراض غير المعدية تكلف الاقتصاد العماني 1.1 مليار ريال
كشفت دراسة أن سلطنة عمان تخسر بسبب الأمراض غير المعدية 1.1 مليار عماني كل عام بما يعادل 3.59% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019م هي قيمة نفقات الرعاية الصحية وخسائر القدرات الإنتاجية المفقودة، وهي نسبة أعلى من الانكماش الاقتصادي المتوقع في سلطنة عمان بسبب جائحة كورونا، وأكدت الدراسة أن الإنفاق السنوي على الأمراض غير المعدية وصل إلى 609 ملايين ريال عماني ما يعادل 76% من إجمالي الإنفاق الصحي، أما عن خسائر الإنتاجية المفقودة تساوي 486 مليون ريال عماني تمثلت في الوفيات المبكرة والتي قدرت الخسائر فيها بحوالي 134 مليون ريال عماني، وتقدر أعباء تدني الإنتاج بـ301 مليون ريال عماني والتغيب عن العمل 51 مليون ريال عماني.
وتشير الدراسة إلى أن الأمراض غير المعدية تقلص الناتج الاقتصادي وأن الحكومة ستجني الكثير من المزايا والمكاسب في حالة استثمارها في إجراءات التدخل التي تخفض احتمالات التعرض لعوامل الخطر السلوكية مثل تعاطي التبغ والنظام الغذائي غير الصحي وقلة النشاط البدني.
وتشير دراسة الجدوى الاقتصادية للاستثمار في الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في سلطنة عمان إلى أن الأمراض غير المعدية تؤدي إلى وفاة أكثر من 4800 مواطن عماني كل عام بمجمل 72% من إجمالي الوفيات في الدولة، وتحدث حالة وفاة واحدة من كل خمسة بالغين تقريبا بسبب هذه الأمراض قبل سن السبعين، ومن بين الأمراض غير المعدية الرئيسية تسبب أمراض القلب والأوعية الدموية في معظم حالات الوفاة كل عام بنسبة 36% يليها السرطان 11% ثم السكري 8%. من إجمالي عدد الوفيات في سلطنة عمان.
وتوضح الدراسة أن الاستثمار سيكون في أربع حزم من السياسات والإجراءات تستهدف الحد من استهلاك الملح، وتعاطي التبغ، وقلة النشاط البدني، وتوسيع نطاق إجراءات التدخل السريري لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري سيؤدي إلى تفادي حدوث 19000 حالة وفاة تقريبا وتوفير أكثر من 671 مليون ريال عماني من الخسائر الاقتصادية حتى عام 2034 وهذه المكاسب الاقتصادية تفوق كثيرا تكاليف التنفيذ التي قد تصل إلى 198 مليون ريال عماني.
- ارتفاع التكاليف
وأوضحت دراسة الجدوى الاقتصادية للاستثمار في الوقاية من الأمراض غير المعدية أن هذه الأمراض ستؤدي إلى ارتفاع التكاليف التي تنفقها الحكومة علـى توفيـر الرعايـة الصحيـة ومزايـا التقاعـد المبكـر وبرامـج دعـم الرعايـة الاجتماعيـة والمعيشـية، كمـا تسـهم فـي انخفـاض الإنتاجية الاقتصاديـة بسـبب الوفـاة المبكـرة للقـوة العاملـة أو تدنـي قدرتهـم علـى العمـل نتيجـة لإصابتهم بالمرض.
ويتفاقـم خطـر ومضاعفـات الأمراض غيـر المعديـة بسبب جائحة كوفيد19 والعكس أيضا صحيح لان الأمراض غير المعدية وعوامل الخطـر المرتبطـة بهـا سـواء كانـت سـلوكية أو بيئيـة أو ايضية، ترفـع بدرجـات متفاوتـة مـن نسـبة التعـرض للإصابـة بعـدوى فيـروس كورونـا واحتمـالات حـدوث عواقـب وخيمـة ومضاعفـات خطيـرة ومميتـة. ومـن ثـم فـإن الأمـراض غيـر المعدية ستؤدي إلى تفاقم الآثار والنتائج التي تسببها جائحة كورونا وازديادها سواء وفداحة، ومـن أخطـر هـذه النتائـج إرهـاق المؤسسـات الصحيـة الأمر الـذي يـؤدي بـدوره إلـى عرقلـة الاسـتفادة مـن الخدمات العلاجيـة التي تنقـذ حيـاة المصابيـن بالأمـراض غيـر المعدية.
وحددت الدراسة بعض النتائج الأساسية التي خرجت منها وهي أن الاقتصاد العماني يخسر بسبب الأمراض غير المعدية 1.1 مليار ريال عماني بما يعادل 3.59% من إجمالي الناتج المحلي في عام 2019م، وتعادل خسائر الإنتاج الناجمة عن الأمراض غير المعدية الحالية 44% من جميع التكاليف المتعلقة بالأمراض غير المعدية مما يؤكد أن الأمراض غير المعدية تعيق التنمية في السلطنة في مجالات مختلفة غير الصحة ولهذا يجب إشراك جميع القطاعات والمؤسسات لضمان جدوى الإجراءات والتدابير المتخذة وفعاليتها.
كما أشارت الدراسة إلى أن أمراض القلب والأوعية الدموية تسبب الجزء الأكبر من الأعباء والخسائر الاقتصادية الناجمة عن الأمراض غير المعدية في سلطنة عمان إذ تؤدي إلى 65% من إجمالي الأعباء الاقتصادية بمقدار 707 ملايين ريال عماني. وتمثل الخسائر والتكاليف غير المباشرة المتمثلة في انخفاض عدد أفراد القوة العاملة والخسائر في القدرة الإنتاجية الوطنية 58% من إجمالي الأعباء الاقتصادية الناتجة عن أمراض القلب والأوعية الدموية وهي نسبة أعلى بكثير من الإنفاق المباشر على الرعاية الصحية لعلاج هذه الأمراض الذي يساوي 42% من الأعباء الاقتصادية نفسها.
- أربع حزم
وأكدت الدراسة: تستطيع سلطنة عمان تقليل أعباء وخسائر الأمراض غير المعدية إذ سارعت في اتخاذ التدابير اللازمة وتثبت نتائج دراسة الجدوى الاقتصادية أن الاستثمار في أربع حزم من السياسات المجربة والمجدية اقتصاديا سيؤدي على مدى الأعوام الـ15 المقبلة حتى 2034 إلى تفادي خسائر في الناتج الاقتصادي قدرها 671 مليون ريال عماني وتؤدي تدابير الوقاية من الأمراض غير المعدية إلى تحفيز النمو الاقتصادي لأنها تضمن انخفاض عدد الأفراد الذي يخرجون من نطاق القوى العاملة بسبب الوفاة المبكرة وبسبب التغيب عن العمل نتيجة العجز أو المرض، كما سيؤدي إلى إنقاذ حياة أكثر من 18.724 إنسانا وتقليل معدل الإصابة من خلال إقرار حزمة إجراءات التدخل السريري لمكافحة أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري إلى تجنب حدوث معظم الوفيات (8.623 حالة) تليها حزمة إجراءات الحد من استهلاك الملح (6.680 حالة) . وتمثل حالات الوفاة المبكرة التي سيتم تجنب حدوثها أكثر من 90% من الوفيات التي سيتم تفاديها لجميع إجراءات التدخل (17.258 حالة وفاة أقل من 70 عاما).
وأوضحت الدراسة أن كل حزمة من إجراءات وتدابير التدخل التي تمثل أفضل الخيارات الموصى بها إلى العديد من المزايا والمكاسب التي تفوق التكاليف حيث تحقيق مكاسب اقتصادية وقدرها 671 مليون ريال، فمثلا تدابير الحد من استهلاك الملح تحقق أعلى عائد اقتصادي بمقدار 8.6 ريال مقابل كل ريال عماني، تليها تدابير مكافحة التبغ 4.8 ريال مقابل كل ريال عماني، ثم إجراءات التدخل السريري لعلاج أمراض القلب والأوعية الدموية والسكري 2.3 ريال مقابل كل ريال عماني، ثم تدابير التوعية بأهمية النظام الغذائي الصحي وممارسة النشاط البدني ريالان مقابل كل ريال عماني. وقد أظهر تحليل موسع لمدة 20 عاما أن عوائد الاستثمار مستمرة في الازدياد حتى تصل إلى أكثر من 16.6 ريال عماني مقابل كل ريال يتم استثماره في حزم التدخل.
وأوصت الدراسة إلى الاستثمار والتوسع في الإجراءات والمبادرات المجدية اقتصاديا لتشمل جميع السكان وفي مجال التدخل السريري وتوسيع نطاق الإجراءات والمبادرات الحالية بما يعزز الكفاءة في قطاع الصحة والاستدامة المالية العامة لخدمة القطاع العام، كما دعت إلى الاستفادة من السياسة المالية وزيادة الضرائب على المنتجات الضارة بالصحة وتحويل الدعم عن المنتجات الضارة إلى المنتجات المعززة للصحة وإعادة استثمار الإيرادات الضريبية في قطاع الصحة، وتعزيز الجهود المبذولة على مستوى القطاعات المختلفة والهيئات الحكومية بأكملها والمجتمع بأسره لمكافحة الأمراض وإذكاء الوعي العام بالأمراض وعوامل الإصابة بها.
وأكدت الدراسة على ضرورة الابتكار في تنفيذ السياسات التي تستند إلى مناهج وأساليب جديدة واختبار جدوى الحلول المبتكرة لزيادة الاستفادة من الخدمات الحالية والتحفيز على اتباع السلوكيات الصحية، ودعت إلى تطبيق تدابير شاملة للوقاية والمكافحة والتعافي والحرص على أن تكون تدابير الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها محورا أساسيا في استراتيجيات التعامل مع جائحة كورونا والتعافي منه.
