تعليم السباحة.. مهارة حياتية واستثمار في سلامة الأطفال
في الوقت الذي يتزايد فيه خطرحوادث الغرق ، تبرز أهمية تعليم الأطفال مهارة السباحة كضرورة ملحة، وليس مجرد نشاط صيفي ترفيهي ، فهي استثمارًا حقيقيا في سلامة أطفالنا وصحتهم ، تسهم في تحسين الصحة القلبية والتنفسية، مما يجعلها جزءًا أساسيًا من نمط الحياة الصحي. ويتطلب تعليم الأطفال السباحة جهودًا مشتركة من المجتمع، لتوفير برامج تعليمية مدعومة، ورفع الوعي حول أهمية السباحة كمهارة حياتية. كما يتعين على أولياء الأمور التحلي بالصبر والدعم، لمساعدة أطفالهم في التغلب على مخاوفهم من الماء.
تؤكد مديحة بنت سعيد السليمانية- رئيسة لجنة النشاط النسوي بالاتحاد العماني للرياضات المائية (سابقا) أن تعليم الأطفال السباحة يتجاوز كونه نشاطًا ترفيهيًا صيفيًا، فهو استثمار في مستقبلهم وسلامتهم، وتمنح الأطفال فوائد صحية واجتماعية ونفسية لا يمكن الاستهانة بها، وتعزز القوة البدنية والمرونة، وتقوي جميع عضلات الجسم الرئيسية، ما يسهم في تحسين صحة القلب والرئة. وتضيف السليمانية: "السباحة تُعتبر وسيلة حيوية لحماية الأطفال من مخاطر الغرق. لا يمكن الاعتماد دائمًا على الإشراف المستمر، ففي لحظات الغفلة، قد تكون مهارة السباحة الفرق بين الحياة والموت."و تبرز أهمية تعليم الأطفال كيفية التصرف في الماء، مما يمنحهم القدرة على إنقاذ أنفسهم في مواقف خطرة.
وذكرت بعض التحديات التي تواجه الآباء في تسجيل أطفالهم في دروس السباحة أبرزها التكلفة: قد تكون رسوم دروس السباحة باهظة لبعض الأسر، خاصة إذا كان لديهم أكثر من طفل، مما يجعلها عبئًا ماليًا، والوقت والجدولة من خلال إيجاد وقت مناسب يتناسب مع جداول الآباء والأطفال المزدحمة بالدراسة والأنشطة الأخرى يمكن أن يكون صعبًا ومعقدًا، والمسافة والمواصلات قد لا تتوفر مدارس السباحة الجيدة والمرافق المناسبة بالقرب من جميع المنازل، مما يتطلب وقتًا وجهدًا للتنقل، وتوفر المدربين المؤهلين: قد يكون من الصعب العثور على مدربين مؤهلين وذوي خبرة كافية، خاصة المدربات الإناث لتدريب الفتيات، في بعض المناطق، والخوف من الماء: بعض الأطفال يعانون من الخوف أو القلق من الماء، مما يجعل عملية التعليم صعبة في البداية وتتطلب صبرًا ودعمًا خاصًا من الآباء والمدربين.
وحول سؤالنا.. هل تعتبر تكلفة دروس السباحة عائقًا أمام الأسر؟ أجابت مديحة" نعم، بناءً على ملاحظاتنا وتواصلنا مع الأسر، يمكن أن تكون تكلفة دروس السباحة عائقًا حقيقيًا أمام العديد من الأسر، خاصة تلك ذات الدخل المحدود ،و تختلف الأسعار بشكل كبير بناءً على الموقع، مدة الدورة، وسمعة المدرسة أو النادي. لذا، نعمل جاهدين، ونتمنى أن تستمر الجهود لتوفير برامج مدعومة من المجتمعات المحلية، أو خصومات للعائلات التي تسجل أكثر من طفل، لتسهيل وصول الجميع لهذه المهارة الحيوية." مشيرة إلى الفروق بين السباحة كترفيه صيفي والسباحة كمهارة حياتية، مشددة على أن السباحة كمهارة يجب أن تكون أولوية لكل طفل ،و "السباحة الترفيهية تعتمد على الرغبة، بينما السباحة كمهارة حياتية هي ضرورة قصوى للسلامة الشخصية."
واختتمت حديثها بمجموعة من النصائح للأسر عند اختيار مدرسة سباحة لأطفالهم، مؤكدة على أهمية التأكد من اعتماد المدرسة، وجودة المدربين، ونظافة المرافق. ومشيرة إلى أن استثمار الوقت والجهد في تعليم السباحة لأطفالنا هو استثمار حقيقي في سلامتهم وصحتهم وتطورهم الشامل.
آراء أولياء أمور
ويرى أولياء الأمور أن السباحة مهارة حيوية تتجاوز مجرد كونها نشاطًا صيفيًا ،أحمد الغافري، والد لطفلين، يوضح كيف أن تعلم السباحة ليس فقط ضرورة لأمان الأطفال، بل هي فرصة لتعزيز صحتهم الجسدية والنفسية قائلا : "تخيل أن أطفالك يلهون في الماء، يتفاعلون مع أقرانهم، ويكتسبون مهارات اجتماعية مهمة، لقد لاحظت أن السباحة أسهمت في تحسين لياقتهم البدنية وتقوية عضلاتهم، وهي وسيلة رائعة لحمايتهم من السمنة."
في جانب آخر، تتحدث سعاد الهنائية، أم لأربعة أطفال، عن تحديات التسجيل في مراكز السباحة قائلة :"بعض المراكز رسومها مرتفعة، لكنني أؤمن أن جودة التدريب تستحق السعر. ومع ذلك، أواجه صعوبة في العثور على مركز يناسب وجدولنا الزمني." تضيف سعاد: "أحيانًا تكون مواعيد الحصص غير مناسبة بالنسبة لي، لكنني أعلم أن تعليم السباحة لأبنائي هو أولوية تساهم في سلامتهم وصحتهم."
ويشارك عبدالله البوسعيدي قصته مع ابنه الذي كان يعاني من مخاوف نفسية تجاه الماء. "كان ابني يشعر بالقلق الشديد عند التفكير في تعلم السباحة. بدأنا ببطء، حيث أخذناه إلى حمام السباحة لمشاهدة الآخرين. ومع الدعم والصبر، بدأ يعتاد على فكرة الماء." ويقول عبدالله : "مع مرور الوقت، أصبح أكثر راحة. وبعد عدة دروس، استطاع التغلب على مخاوفه وبدأ يحب السباحة."
وتتحدث ليلى المعمرية ، أم لثلاثة أطفال، عن تجاربها مع ابنتها الكبرى التي كانت تخشى السباحة. "ابنتي كانت تخاف من الماء لدرجة أنها كانت تبكي عند كل محاولة لدخول حمام السباحة. قررت أن أستعين بمدربة خاصة، وبدأنا نأخذ الأمور خطوة بخطوة، وبعد عدة دروس، صبحت تستمتع بالسباحة وتحب اللعب في الماء."
ويروي فهد الفارسي - أب كيف أن السباحة ساهمت في تعزيز ثقة ابنه بنفسه. "ابني كان خجولًا جدًا، ولم يكن لديه أصدقاء كثيرون، وبعد أن بدأ دروس السباحة، أصبح يتفاعل مع الأطفال الآخرين، والآن لديه أصدقاء جدد، السباحة لم تكن فقط مهارة، بل ساعدته على بناء علاقات اجتماعية."
واقترح حمد الفهدي- ولي أمر أهمية تقديم برامج تعليمية مشتركة من خلال شراكات مع المدارس لتضمين دروس السباحة في المناهج الدراسية، هذا الاقتراح لا يقتصر على تعزيز الكفاءة البدنية للأطفال، بل يسهم في تخفيف الأعباء المالية عن كاهل الأسر، فبتطبيق خصومات للعائلات التي تسجل أكثر من طفل أو تقديم تسهيلات للمجموعات الكبيرة، يمكن تحقيق توازن بين الفائدة التعليمية والتكاليف، كما أن تنظيم دورات تدريبية خلال العطلات بأسعار مخفضة سيساعد في جذب المزيد من الأطفال، مما يفتح أمامهم آفاقًا جديدة للتعلم،علاوة على ذلك، فإن الشراكات مع المرافق العامة مثل مراكز السباحة ستوفر دروس سباحة بأسعار معقولة، مما يجعل هذه الأنشطة في متناول الجميع.
