No Image
عمان اليوم

تشريعات وضرائب لتقييد خطر الأمراض غير المعدية ضمن "إطار الرصد الوطني"

09 مايو 2022
تؤدي إلى 72% من حالات الوفاة في سلطنة عُمان
09 مايو 2022

يعد إنشاء نظام لترصد الأمراض غير المعدية في سلطنة عمان مهمة أساسية للحد من عبء الأمراض غير المعدية وعوامل الخطر الخاصة بها ورصد وضع الأمراض ومعرفة أثر الخطة الوطنية المتعددة القطاعات للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها مواكبة لتطلعات وخطط منظمة الصحة العالمية للتقليل من معدل الوفاة المبكرة من الأمراض غير المعدية بنحو 25% على الأقل في عام 2025م ورصد عوامل الخطر السلوكية والبيولوجية ورصد الاستجابة الوطنية.

ويعتبر تدشين وزارة الصحة إطار الرصد الوطني للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها بمثابة "وثيقة حية" تتم مراجعتها وتحديثها من المعنيين في القطاعات المختلفة باستمرار؛ لضمان توافقها مع المراجع والأطر ذات العلاقة بما يخدم تحقيق الغايات المنشودة والتوجهات المستقبلية.

وكان قد أعد الوثيقة فريق عمل بدائرة الأمراض غير المعدية بوزارة الصحة لتمثل نتاجًا للتوصيات الصادرة عن بعثة منظمة الصحة العالمية/ الوكالة الدولية لبحوث السرطان إلى سلطنة عُمان في مارس 2019 والتي كانت تهدف إلى إقامة النظام الوطني لترصد الأمراض غير المعدية.

قلق على الصحة العامة

وقال معالي الدكتور أحمد السعيدي وزير الصحة في مقدمة إصدار إطار الرصد الوطني: تمثل الأمراض غير المعدية مصدر قلق كبير على الصحة العامة في جميع أنحاء العالم وتؤدي في سلطنة عُمان إلى 72% من حالات الوفاة، وبالرغم من التقدم الكبير المُحرز في الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، ما زال انتشار الأمراض غير المعدية في تزايد مما يؤدي إلى تحمّل أعباء اجتماعية واقتصادية جسيمة ترجع إلى المراضة، والوفيات المفاجئة للأشخاص الذين يعانون من الأمراض غير المعدية بالإضافة إلى تكلفة الخدمات الصحية.

وعند مكافحة وباء الأمراض غير المعدية، يضطلع الترصد بدور جوهري ويعتبر مكونا رئيسا في عملية اتخاذ القرارات المبنية على الأدلة والخاصة بالصحة العامة بالإضافة إلى تقييم تدخلات الصحة العامة.

وأضاف معاليه: إن استحداث إطار الرصد الوطني للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها في سلطنة عُمان، والذي يتوافق مع الإطار العالمي لمنظمة الصحة العالمية لرصد الأمراض غير المعدية وخطة العمل الوطنية المتعلقة بالأمراض غير المعدية، يهدف إلى توفير طريقة صحيحة وموثوقة لقياس الإنجازات، وتقييم الأداء، وعكس الآثار المترتبة على تطبيق سياسات وتدخلات الصحة العامة والارتقاء بها.

وأظهرت جائحة كوفيد 19 بشكل متزايد العبء الحقيقي لوباء الأمراض غير المعدية إذ ظهرت هذه الجائحة بينما ما زال العالم يكافح هذه الأمراض، ومع استمرار ظهور أدلة على الصلات العميقة بين جائحة كوفيد-19 والأمراض غير المعدية، فإنه ليس من المبالغة القول إن الأزمة العالمية للأمراض غير المعدية تمر الآن بأخطر مرحلة لها حتى الآن بسبب الجائحة.

وأشار معاليه: وإذا كنا نسعى للتصدي لهذه الأزمة المتصاعدة في مجتمعاتنا، فإن وجود استجابة منسقة لهذه الأزمة التي تتخطى القطاع الصحي ليس أمرا مهما فحسب بل ضروريا بكل ما في الكلمة من معنى، إذ إننا لن نستطيع تخفيف عبء الأمراض غير المعدية، وتعزيز الصحة، ومنع الأمراض إلا من خلال الانخراط في حوارات متعددة القطاعات، والالتزام الشديد وصولا إلى تعاون كل الطاعات المعنية.

وقد تم إعداد الإطار الوطني استنادًا إلى الاعتراف بالدور الحيوي الذي تضطلع به القطاعات غير الصحية في الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها، وستكون هذه الوثيقة بمثابة خريطة طريق لرصد الأمراض غير المعدية، وعوامل الخطر الخاصة بها، والتدخلات بهدف التوافق مع التغيّرات والتطوّرات العالمية والذي يعتبر أمرا حتميا لتعديل خطة الأمراض غير المعدية، ولتوجيه الاستراتيجيات العالمية الأخرى وتسريع التقدم المُحرز نحو التغطية الصحية الشاملة والتنمية المستدامة.

عبء مشترك

أما الدكتور سعيد بن حارب اللمكي مدير عام الرعاية الصحية الأولية فقد أكد أن الأمراض غير المعدية ما زالت في سلطنة عمان والعالم تشكّل عبئا مشتركا ومتزايدا فقال: إدراكا للعبء الكبير للأمراض غير المعدية، تعمل سلطنة عُمان مع المجتمع الدولي على تبنّي القرارات اللازمة والمشاركة في أعمال مكثفة في مجال الوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها.

ويمثل إطار الرصد الوطني للوقاية من الأمراض غير المعدية ومكافحتها وسيلة مهمة تم وضعها لرصد جميع السياسات والتدخلات وتقييمها. ويعد هذا الإطار الشامل تثقيفيا وأساسيا من أجل فهمنا لكيفية ترابط عمل جميع القطاعات وأن السياسات أو نقصها قد يكون له تأثير سلبي على عملنا في التصدي للأمراض غير المعدية، وتستند هذه الوثيقة إلى حقيقة أن إقامة نظام ترصّد للأمراض غير المعدية يعد عنصرا أساسيا لضمان وصولنا للأهداف المحددة في إطار الرصد العالمي وأهداف التنمية المستدامة ويحمل في طياته إحساسا من التركيز والتوجيه والثقة.

وأضاف: تم تصنيف الأمراض غير المعدية ولا سيما أمراض القلب والأوعية الدموية والسرطان والسكري وأمراض الرئة المزمنة بالإضافة إلى اضطرابات الصحة النفسية على أنها حالة طوارئ عالمية ومن المثير للاهتمام أن مجابهة هذا التحدي يمكن توضحيها باستخدام نظرية التغيير حيث إن تقليل عبء الأمراض غير المعدية قابل للتحقيق من خلال استهداف عوامل الخطر المشتركة لهذه الأمراض كتعاطي التبغ والكحول والنظام غير الصحي والخمول البدني وتلوث الهواء إلى جانب التدابير الموازية لتدعيم استجابة النظم الصحية.

التدابير الوقائية

وقد تم وضع عدد من التدابير في سلطنة عمان تهدف إلى الحد من عبء الأمراض غير المعدية التي تشمل مكافحة التبغ مثل منع التدخين في الأماكن المغلقة وفرض حظر على إعلانات التبغ وحظر السجائر الإلكترونية ومنتجات التبغ وفرض ضريبة غير مباشرة على منتجات التبغ، وتشتمل التدابير الخاصة للنشاط البدني على تنفيذ حملة على مدار العام تشجع على النشاط البدني، كما تحتفل سلطنة عمان سنويا باليوم العماني للنشاط البدني في الثاني من شهر أكتوبر، كما استطاعت بالتعاون مع قطاعات كثيرة تنفيذ تدابير تهدف إلى الحد من النظام الغذائي غير الصحي، كما تمكنت وزار الصحة بالتعاون مع المخابز الرئيسية ووزارة التجارة من تقليل كمية الملح في الخبز وتطبيق المواصفة القياسية العمانية للخبز، ناهيك عن فرض ضريبة غير مباشرة على مشروبات الطاقة والمشروبات الغازية، والمشروبات المحلاة بالسكر أيضا.

وتركز منظومة الصحة في سلطنة عمان على التغطية الصحية الشاملة والرعاية الصحية الأولية. فعلى سبيل المثال فقد تم إدراج الفحص والكشف المبكر وعالج الأمراض غير المعدية الأكثر شيوعا في منشآت الرعاية الصحية الأولية التي تديرها وزارة الصحة. وتتولى الجهات الحكومية الأخرى المختصة كذلك تقديم الرعاية الصحية مثل مستشفى جامعة السلطان قابوس ومستشفى شرطة عمان السلطاني ومستشفى القوات المسلحة ومستشفى الديوان، كلها مؤسسات تسهم في علاج عالي الجودة للأمراض غير المعدية.

وبالرغم من هذه التدابير ما زال عبء الأمراض غير المعدية كبيرا كما بدا واضحا في مسح الترصد المتدرج لعوامل الخطر الخاصة بالأمراض غير المعدية الذي قامت به وزارة الصحة بإجرائه في عام 2017 في حيث أشارت نتائج المسح إلى أن نسبة 15.7% من السكان يعانون من ارتفاع سكر الدم، ونسبة 33.3% يعانون من ارتفاع ضغط الدم، مع ارتفاع مقلق لزيادة معدل انتشار عوامل الخطر حيث وصلت نسبة السمنة وزيادة الوزن إلى 30.7% و35.5 % وبالتالي، يجب تطبيق التدخلات المتعلقة بالوقاية وعالج الأمراض غير المعدية إلى جانب زيادة الوعي بين جميع القطاعات (الصحية وغير الصحية) حول المستويات الحالية والمطلوبة لتنفيذ هذه التدابير. علاوة على ذلك، يجب أن تكون عملية التنفيذ مدعومة بنظام قوي للرصد، والتقييم سوف يساعد على ضمان زيادة التدخلات حسب الاقتضاء إلى جانب توسيع التغطية الفعالة لهذه التدخلات.