No Image
عمان اليوم

برامج التمكين المهني في مدارس الداخلية.. دور بارز لتحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية

03 ديسمبر 2022
خطة لافتتاح مركز تدريب متكامل لطلبة الدمج وبالشراكة مع القطاع الخاص
03 ديسمبر 2022

- تأهيل ذوي الإعاقة العقلية بفصول الدمج العقلي من خلال تدريبهم على حرفة النسيج

- المشروع يستهدف 25 طالبة من ذوي الإعاقة العقلية و12 معلمة من معلمات الدمج العقلي

تتنوع البرامج التأهيلية والتدريبية والتعليمية التي تُقدَّم لفئة ذوي الإعاقة بالمجتمع في سلطنة عمان، حيث يشكل ذوو الإعاقة في كل المجتمعات إحدى أهم الشرائح الاجتماعية التي تستوجب الرعاية والاهتمام من كافة الوحدات والمؤسسات الاجتماعية، بهدف تيسير سبل الحياة لها من أجل تمكينهم من ممارسة حياتهم والاستمتاع بها، وتعد برامج التمكين المهني من الوسائل الضرورية والمهمة لتمكين ذوي الإعاقة، لما لها من دور في مساعدتهم في التواصل والتفاعل مع أفراد المجتمع، وجاءت فكرة مشروع دور برامج التمكين المهني في تحسين جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية الذي يشرف عليه مركز البحوث الإنسانية بجامعة السلطان قابوس، وبدعم من الشركة العمانية للغاز الطبيعي المسال وبالتعاون مع المديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية الذي يقوم على تأهيل ذوي الإعاقة العقلية بفصول الدمج العقلي من خلال تدريبهم على حرفة النسيج.

مركز تدريب مهني

سيف بن مبارك الجلنداني المدير العام للمديرية العامة للتربية والتعليم بمحافظة الداخلية أكد على أهمية وجود مثل هذا المشروع في مدارس المحافظة، مشيرا إلى أن مشروع التمكين المهني يأتي ليكون أحد المشاريع والبرامج المهمة التي تنفذها المديرية مع بقية الشركاء اهتماما وتحفيزا لطلبة الدمج العقلي في مدارس تعليمية الداخلية، حيث يركز المشروع على استدامة التعلم لديهم من خلال ربطه بواقع الحياة اليومية وضرورة الإيمان فيها بأهمية وجود أثر وبصمة لكل إنسان من خلال معارفه ومهاراته والتي تسهم في جودة الحياة له، كما أن استمرار المشروع بتضافر الجهود من قبل مختلف الفئات القائمة عليه يعبّر عن أهمية التفاعل الإيجابي في البيئة المدرسية والأسرية والمجتمعية لطلبة الدمج العقلي، والذي يؤمل بأن نستشرف افتتاح مركز تدريب مهني متكامل لطلبة الدمج على اختلاف فئاتهم وبالشراكة بين المؤسسات المعنية مع القطاع الخاص.

مهارات حياتية وتطبيقية

من جانبه قال الدكتور حمود بن خميس النوفلي الباحث الرئيسي في المشروع: يأتي هذا المشروع تحقيقا لمبدأ حق ذوي الإعاقة في التأهيل وفي إيجاد فرصة عمل مناسبة، وحقهم في الحصول على مصدر رزق ثابت ليحقق الاستقلالية ويتحرر من قيود الاعتمادية على الغير، وليصبح ذوو الإعاقة العقلية مشاركون في بناء الوطن وتحقيق التنمية المستدامة وفقا لرؤية عمان 2040 التي نادى بها حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بأن يشارك جميع أبناء عمان بمختلف فئاتهم في التنمية المستدامة لوطننا الغالي، وتأتي أهمية البحث كونه أحد البحوث التجريبية التي تهدف إلى إكساب المبحوثين مهارات حياتية وتطبيقية جراء المشاركة في برنامج التمكين المهني المقترح، وتلك المهارات التي تعد في حد ذاتها تسهم في تمكينهم من ممارسة مهنة محددة، وتمكنهم من أداء دور إيجابي في سوق العمل بالمجتمع العماني من ناحية، والاعتماد على ذواتهم في كسب الرزق من ناحية أخرى، بالإضافة إلى ذلك يعمل المشروع على تحويل إحدى الشرائح العمرية الاجتماعية من كونها فئة معالة إلى فئة معتمدة على النفس في كثير من الجوانب الاجتماعية والنفسية والاقتصادية، بما يسهم في تحسن جودة الحياة لهم وإلقاء الضوء على قضية التأهيل المهني للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية.

وأضاف: من أهم الأهداف التي يسعى المشروع إلى تحقيقها قياس فعالية برنامج التمكين المهني لذوي الإعاقة العقلية على تأهيلهم لسوق العمل (ورشة النسيج)، والتعرف على التأثيرات النفسية والاجتماعية والاقتصادية لبرنامج التمكين المهني على تحسين جودة الحياة لدى الأفراد ذوي الإعاقة العقلية (ورشة النسيج)، وتحديد المعوقات التي تحد من فعالية برامج التمكين المهني الموجهة في تحسين جودة الحياة لذوي الإعاقة العقلية، والتوصل إلى بعض المقترحات التي يمكن أن تسهم في زيادة فعالية برامج التمكين المهني لذوي الإعاقة العقلية في تحسين جودة الحياة لهم.

رؤية عمان 2040

أما فيصل بن سعيد الهنائي مدير دائرة التربية الخاصة والتعلم المستمر فقال: ترتكز رؤية عمان 2040 على عدد من المنطلقات الأساسية تمثل الأولويات الوطنية، والتي ينبثق منها هذا المشروع ويندرج تحت الهدف الأول وهو مجتمع الإنسان المبدع معتز بهويته مبتكر ومنافس عالميا، ينعم بحياة كريمة ورفاه مستدام، وكان الحرص على هذه الفئة من الطلبة وإقامة مشروع لتمكينهم من مواكبة الحياة وانخراطهم بالمستقبل بسوق العمل ليكونوا شركاء في خدمة هذا الوطن، وذلك من خلال تدريب الطالبات على حرفة النسيج وإنتاج وتشكيل الكتب بقالب فني جميل، ويأتي هذا الدور المتكامل مع خطة دائرة التربية الخاصة والتعلم المستمر حول صقل وتنمية مهارات طلبة الدمج العقلي المطبقة في مدارس المحافظة، والذي سوف نسعى من خلال هذا المشروع لاستدامته وتطبيقه بكل مدارس المحافظة، من حيث تنويع أنواع التمكين المهني وبتنفيذ مهن أخرى قابلة للإنتاج بها من قبل الفئتين الذكور والإناث، كالتنوع في بعض هذه المهن مثل التجارة والفخار وصناعة الصابون والزراعة والخياطة وغيرها.

مراحل المشروع

وللحديث عن المراحل التي يمر بها المشروع أوضح الدكتور ناصر بن محمد العوفي، باحث مشارك: يمر المشروع بسبعة مراحل، المرحلة الأولى يتم فيها اختيار مجموعة من الطلاب والطالبات من فصول الدمج العقلي الذي تتناسب قدراتهم العقلية ومهاراتهم اليدوية وعمرهم الزمني لإدراجهم ضمن فريق التأهيل والتدريب المهني، ومن ثم أخذ موافقة الجهات المسؤولة وموافقة أولياء الأمور على إدراج أبنائهم وبناتهم ضمن فريق التمكين والتأهيل المهني من خلال ورشة النسيج.

وأضاف: تكون المرحلة الثانية بتوفير الكادر المتخصص من خلال الاستعانة بإحدى المدربات والتي انتهت من التدريب وانخرطت في العمل الميداني، وفي المرحلة الثالثة يتم تحديد المنتجات التي تلائم القدرات العقلية للطالبات ويمكنهم التدرب عليها وإقبال الجمهور لضمان بيعها، أما المرحلة الرابعة فيتم توفير الاحتياجات الضرورية للتدريب على حرفة النسيج بالتنسيق مع المدربة مثل النول والخيوط والمواد الخام المختلفة في عملية التدريب على مسارات النسيج المختلفة. والمرحلة الخامسة هي مرحلة تدريب معلمي التربية الخاصة والطلاب على تصنيع المنتجات، والمرحلة السادسة الثقل التدريبي حيث تقوم معلمات التربية الخاصة بزيادة الجرعة التدريبية المقدمة للطالبات من خلال نقل الأثر التدريبي وإعطاء التغذية الراجعة للمهارات التي لما يتم إتقانها في التدريب السابق بسبب الفروق الفردية، والمرحلة السابعة يتم طرح المنتجات التي قام طلاب ذوو الإعاقة العقلية خلال فترة التدريب في الأسواق، ومن خلال المواقع الإلكترونية وإقامة معرض في إحدى المجمعات التجارية الكبيرة بسلطنة عمان.

وعن الفئة المستهدفة بالمشروع قال العوفي: المشروع يستهدف 25 طالبة من ذوي الإعاقة العقلية و12 معلمة من معلمات الدمج العقلي وأولياء أمور الطالبات، ويطبق المشروع في 7 مدارس من محافظة الداخلية.

أهمية المشروع

أما الدكتور صابر الشرقاوي مشرف دمج عقلي بالمحافظة فيتحدث عن أهمية هذا المشروع للطلبة والمعلمات قائلا: إن من خصائص الطالبات ذوي الإعاقة العقلية ضعف في الانتباه والتركيز، وتزداد درجة ضعف الانتباه بازدياد درجة الإعاقة، ولكن لديهن مهارة في الأعمال الحرفية واليدوية وخاصة التي لا تحتاج إلى قدرات عقلية عالية، ونجد أن الأعمال اليدوية البسيطة مثل النسيج تناسب هذه الفئة، كما أن هذه الأعمال الحرفية عند إتقانها من قبلهم تزيد من ثقتهم في أنفسهم وتشعرهم بالتميز في المجتمع المدرسي، وهو ما يهدف إليه هذا المشروع وهو دعم ثقة الطالب ذوي الإعاقة العقلية بنفسه، وتحسين جودة الحياة وذلك لن يتحقق إلا بانفراد هذه الفئة بعمل مميز داخل المدرسة، كما أن ذلك المشروع كفيل بتغيير النظرة السلبية نحو ذوي الإعاقة بنظرة إيجابية.

تحديات وصعوبات

موزة بنت سيف الشكرية معلمة تربية خاصة ومشاركة في المشروع، متحدثة عن تجربتها حول التحديات والصعوبات التي تواجهها في هذا المشروع وأثر المشروع للمعلمات والطالبات: من أبرز التحديات عزوف بعض أولياء الأمور عن التدريب على مشروع النسيج، وعدم قدرة الطالبات على إتقان المهارات الدقيقة مثل استخدام الخيط والإبرة واستخدام الآلة المخصصة للنسيج، وقد ساهم المشروع في تعليم المعلمات مهارة جديدة، والخروج من الناحية الأكاديمية إلى مشروع تستفيد منه هذه الفئة من الطلاب، واكتساب الثقة والقدرة على إنتاج جديد ومطلوب في المجتمع كونه صنعا يدويا، وتبادل الخبرات مع المدارس المطبقة للمشروع، واكتشاف طرق جديدة وأفكار لجعل الإنتاج أكثر دقة وجمالا، أما تأثيره في الطالبات فقد عمل على إعطاء الثقة للطلاب بأنهم قادرون على صنع المستحيل، ومن الناحية الحركية تنمية بعض الحركات الدقيقة والتركيز المستمر على الهدف التي تريد الوصول إليه، وتفجير طاقات الطالبات في التنسيق والتنافس المستمر بينهن لإخراج العمل بشكل جميل، وكان هذا المشروع بالنسبة لهن فرحة عظيمة لا توصف من جميع النواحي.

تحسين جودة الحياة

وقالت وتيهة بنت راشد العبد الدرعية مديرة مدرسة عهد النهضة للتعليم الأساسي: بداخل كل إنسان طاقة مكنونة من المواهب تحتاج يدا حانية تلمسها برفق وتخرجها إلى النور فإذا وجدت البيئة الداعمة والتشجيع المستمر وصلت إلى الإبداع والقمة، وما أجمله من دعم وتشجيع إذا كان أثره لذوي الإعاقة العقلية، ولقد كان لمشروع التمكين المهني في تحسين جودة الحياة دور بارز لإعطاء الأمل والنور والشعور الجميل لهذه الفئة، بأنهم قادرون على العطاء والإنجاز كغيرهم وهذا في حد ذاته حبل متين من زرع الثقة بنفوسهم وشعورهم أنهم كغيرهم من أفراد المجتمع.

وتُحدّثنا المدربة هبة الرحبية بأن دورها في المشروع يقوم على تدريب الطالبات ومعلمات الدمج العقلي على حِرفة النسيج اليدوي، وكيفية العمل على النول وإنتاج أحزمة مختلفة وتوظيف المنتج على عدة أعمال، مثال على ذلك تغليف الدفاتر، تزيين القنينة وتغليف القاعدة الخشبية، وصنع ميداليات بالأحزمة المنسوجة.

عميرة بنت عامر العامرية، أم لأحدى الطالبات الملتحقات في المشروع، قالت: وجدت تغيرا في سلوك ابنتي حلا وهي تشارك في تنفيذ بعض الأعمال التي تدربت عليها، وأشجعها على الاستمرار في هذه المشاريع، كما تؤكد أم حلا أن نتاج هذا المشروع في المستقبل، وعلى أهمية دعم الأمهات لبناتهن خاصة الملتحقات في هذا المشروع، وتقترح بأن يكون هناك منفذ تسويقي لمنتجات الطالبات حتى يضمنّ استمرارهن في العمل مما سوف ينعكس على تحسن جودة الحياة لديهن.

أحمد الصبحي، رئيس قسم التربية الخاصة، يتحدث عن المشروع قائلا: يقوم قسم التربية الخاصة بدائرة التربية الخاصة والتعلم المستمر بدوره المنوط له في مشروع دور برامج التدريب المهني في تحسن جودة الحياة للأشخاص ذوي الإعاقة العقلية، فمنذ انطلاق المشروع بالعام الدراسي 2021-2022 قام القسم بتحديد المدارس التي يطبق بها المشروع بناء على كثافة الطالبات بصفوف الدمج بمدارس الحلقة الثانية، حيث شمل تطبيق المشروع مدرستين من كل ولاية بمحافظة الداخلية، ومتابعة احتياجات المعلمات المطبقات للمشروع لتوفير جميع مستلزمات المشروع، ولم يغب على المسؤولين بقسم التربية الخاصة دور أولياء أمور الطالبات المشاركات بالمشروع، حيث شملهم التدريب على المشروع ليكونوا اليد الأخرى من أجل إنجاح المشروع والوصول إلى الأهداف المراد تحقيقها بالمشروع.