عمان اليوم

المؤتمر الوزاري العالمي يدعو إلى شراكة دولية للتعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات

24 نوفمبر 2022
بيان مسقط سيتضمن مؤشرات لاستهلاك المضادات الحيوية وخطط التصدي العالمية والوطنية
24 نوفمبر 2022

د. هلال السبتي: سلطنة عمان أعدت استراتيجية وطنيــة لمقاومــة المضــادات الحيويـــة -

د. سعود الحبسي: استضافة سلطنة عُمان لهذا الحدث المهم متسقة مع مساعيها لمشاركة دول العالم في مواجهة التحديات -

د. أحمد المنظري: أهمية تقنين استخدام المضادات الحيوية وحصولها بوصفة طبية -

د. إرنست كويبرز: المضادات الميكروبية خطر عالمي ويجب تطوير مضادات حيوية أخرى -

إطلاق منصة الشراكة لأصحاب المصلحة بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بواسطة المنظمات الرباعية -

دعا المؤتمر الوزاري العالمي الثالث حول مقاومة مضادات الميكروبات الذي افتتح أمس تحت رعاية صاحب السمو السيد تيمور بن أسعد آل سعيد رئيس مجلس محافظي البنك المركزي العُماني إلى أهمية تسريع وتيرة التعامل مع مقاومة مضادات الميكروبات على المستويات الوطنية والإقليمية والعالمية وتعزيز التعاون الدولي، وتفعيل الحوار والنقاش وتبادل الخبرات للتصدي لوباء مقاومة مضادات الميكروبات.

ويشهد المؤتمر "جائحة مقاومة مضادات الميكروبات: من السياسة إلى إجراءات الصحة الواحدة" مشاركة واسعة تمثل أكثر من 40 دولة حول العالم بوزراء ومسؤولون في مجالات صحة الإنسان والصحة الحيوانية والبيئة، ونخبة من الخبراء العالميين وممثلين من القطاع الخاص والمجتمع المدني ومؤسسات البحث العلمي والمنظمات العالمية ذات الصلة.

وأكد معالي الدكتور علي بن هلال السبتي وزير الصحة في افتتاح المؤتمر على ضرورة التصدي لخطر انتشار الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، حيث تشير التنبؤات العلمية إلى أنه في حال لم يتم اتخاذ أي إجراء بحلول عام 2050، من الممكن أن تؤدي مقاومة مضادات الميكروبات إلى وفاة ما يصل إلى عشرة ملايين شخص سنويا، وانخفـاض في الناتـج المحلي الإجمالي السنوي بنسبة 3.8٪، ودفع ما يصل إلـى 28 مليون شخص إلى الفقر، وأشار إلى دراسة علمية حديثة توضح أن مقاومة المضادات تسببت فيما يقدر بمليون وثلاثـمائة ألف وفاة خلال عام 2019، حيث تعد إحدى أكبر عشرة مهددات عالمية للصحة العامة تواجه البشرية.

استراتيجية عالمية

وقال معالي وزير الصحة: "إن سلطنة عمان قطعت شوطا كبيرا في السنوات الماضية للتصدي لهذه الظاهرة؛ وكان للسلطنة دور "قيادي" في استصدار قرار وضع استراتيجية عالمية للوقاية ومكافحة العدوى من الجمعية العمومية للصحة هذا العام 2022، وسعت إلى إعداد الاستراتيجية الوطنيــة لمقاومـــة المضـــادات الحيويـــة؛ من أجل توحيد الجهـــود بين كافـــــة القطاعـــات العامــة والخاصة، ونظام الترصد الوطني، وتعزيز القدرات التشخيصية، ونشر الوعي المجتمعي حول مقاومة المضادات."

نهج "الصحة الواحدة"

وأضاف السبتي: "من خلال هذا المؤتمر نسعى إلى تعزيز أهمية الالتزام السياسي بتطبيق نهج "الصحة الواحدة" في التصدي لخطر مقاومة مضادات الميكروبات، وتبادل الخبرات والتجارب الناجحة في تنفيذ نهج الصحة الواحدة للتخفيف من خطر مقاومة مضادات الميكروبات، بالإضافة إلى إيجاد فرص للتعاون والشراكة بين البلدان والمنظمات الدولية لمعالجة مقاومة مضادات الميكروبات في سياق أهداف التنمية المستدامة.

واختتم معاليه حديثه بالقول: "إن بيان مسقط الوزاري سيكون المخرج الرئيسي للمؤتمر، الذي سيتضمن وللمرة الأولى مؤشرات لمتابعة استهلاك المضادات الحيوية في الصحة البشرية والحيوانية والغذاء؛ من أجل متابعة تنفيذ الخطط العالمية والوطنيــة ضمن إطــار الصحة الواحدة.

خطر عالمي

من جهته، قال معالي الدكتور سعود بن حمود الحبسي، وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه: "سعت سلطنة عمان إلى تطوير البرامج الكفيلة بمواجهة هذه الظاهرة المتعددة الأطراف بشكل أكثر فعالية واتساقا، وبتكامل الجهود المبذولة في مجالات الزراعة والصحة والبيئة في إطار نهج "الصحة الواحدة" من خلال الخطة الوطنية لمكافحة الميكروبات المقاومة للمضادات الحيوية، وفي سياق أهداف التنمية المستدامة، والمجالات ذات العلاقة بمنظومة عمل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه، وارتكزت جهود السلطنة على الوقاية من انتشار مقاومة المضادات الحيوية ومكافحتها في محورين أساسيين." مؤكدا أن استضافة سلطنة عُمان لهذا الحدث المهم تأتي متسقة مع مساعيها لمشاركة دول العالم في مواجهة التحديات التي تؤثر على أمنها الغذائي، بما يتوافق مع استراتيجيات التنمية المستدامة 2030.

وأكد معاليه على ضرورة تسريع وتيرة التعامل مع هذا الخطر العالمي، وعلى كافة المستويات الوطنية والإقليمية وصولا للشراكة العالمية، والأمر يتطلب التزاما سياسيا لتطبيق المعايير والمبادئ التوجيهية الدولية، وتطوير التشريعات الوطنية المناسبة.

وعلى هامش أعمال افتتاح المؤتمر تم إطلاق منصة الشراكة لأصحاب المصلحة المتعددين بشأن مقاومة مضادات الميكروبات بواسطة المنظمات الرباعية.

تحسين السياسات

وقال معالي الدكتور إرنست كويبرز وزير الصحة والرعاية والرياضة بمملكة نذرلاند: "إن مضادات الميكروبات من أكثر الأمور تعقيدا في الوقت الحالي فإن زيادة وكثرة الاستخدام للمضادات يؤثر بشكل كبير ومباشر على الصحة مما ينعكس على عملية العلاج والتعافي لكثير من الالتهابات، وفي السنوات السابقة حاولت نذرلاند محاربة المضادات الميكروبية والعمل على تحسين السياسات في الدول الأخرى، حيث أثرت المضادات بشكل مباشر على أحداث الاستدامة في السنوات السابقة، وخلال المؤتمرين السابقين الذين أقيما في دولة نذرلاند تم رسم سياسات وقوانين لمضادات الميكروبية ومازال على المنظمات الدولية التركيز والاهتمام بهذا الجانب بشكل أكبر، حيث تعتبر المضادات مشكلة كبيرة يجب الإسراع من أجل المحافظة على البيئة والزراعة، كما يجب أن نقوم بتطوير مضادات حيوية أخرى غير الميكروبات.

عمل موحد

وأكد معالي الدكتور شو دونيو المدير العام لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة في الأمم المتحدة على أن مواجهة المضادات تحتاج إلى أسلوب عمل موحد لتحقيق الأهداف حتى لا تكون هنالك ازدواجية في العمل، حيث إن 70 % من المضادات تستخدم للنباتات للحيوانات، وتعد هذه النسبة غير متكافئة مع المضادات الميكروبية، وبالتالي يتطلب من الجميع التكاتف والتضامن مع الدول لتحقيق أهداف الأمم المتحدة، واتخاذ إجراءات لضمان المستقبل للبيئة والمجتمع.

من جهته، علق معالي الدكتور تيدروس أدهانوم جيبريسوس المدير العام لمنظمة الصحة العالمية قائلا: "مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات تعد واحدة من أكثر التهديدات الخطيرة في الوقت الحالي، ولم تحصل على الاهتمام الذي تستحق رغم أنه لا يمكن تجاهلها بسبب مخاطرها وآثارها على الصحة والتطور الاقتصادي."

إجراءات عاجلة

وأشارت معالي الدكتورة مونيك إلويت المديرة العامة للمنظمة العالمية لصحة الحيوان إلى أن 1.3 من المواشي تفقد سنويا بسبب المضادات الميكروبية في دول عدةـ و75 طنا من المضادات الميكروبية تباع سنويا على مستوى العالم، وأضافت: "نحتاج أن نصل إلى أدلة علمية، ونعتمد على بيانات حقيقية للتصدي لهذه المشكلة، واتخاذ إجراءات سريعة وعاجلة للمواجهة والعمل بعضا على بعض، وذلك لا يأتي إلا بتضافر جهود العاملين في القطاع الصحي، ونبذل الجهود لحماية مجتمعاتنا من هذه المخاطر. ودعت إلى أهمية التوعية بشأن تناول واستخدام المضادات أن تكون بحذر.

وقال معالي كريس فيرن – نائب رئيس وزراء مالطا وفريق القادة العالميين المعني بمقاومة مضادات الميكروبات: "إن جوانب المضادات الميكروبية متعددة مما يتطلب إيجاد حلول متعددة لمواجهة هذا التحدي الصحي، ويحتاج أن نتقدم بذكاء والخطط الوطنية هي ما نحتاجه لنبدأ، ويتوجب وجود خطة وطنية، ينفذها أبطال الميدان حتى نصل إلى تحقيق الأهداف التي نرمي من خلالها إلى تقليل المضادات الميكروبية؛ كما علينا أن نرسل رسالة توعية من خلال هذه الخطة الوطنية للأفراد والمزارعين وغيرهم، ويعد هذا الاجتماع مثالا حيا لهذه الأهمية يؤدي إلى تحقيق أهداف الاجتماع الرفيع المستوى للجمعية العمومية للأمم المتحدة في عام ٢٠٢٤." موضحا أن هناك اجتماعا قادما أيضا ولكن في عام ٢٠٢٤ للجمعية العمومية لمنظمة الصحة العالمية حول المضادات وسوف يقيّم النتائج التي تم التوصل إليها.

وتضمنت أعمال افتتاح المؤتمر كلمة مسجلة لمعالي إنجر أندرسون المدير التنفيذي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة تؤكد فيها أن المشكلة معقدة عالميا، ومن الضرورة الأخذ بعين الاعتبار التغير المناخي والتلوث، فلا يمكن أن تناقش أو تحل هذه القضية من غير الأخذ بهذه المشاكل، مشيرة إلى أن المؤتمر يدل على الحرص من أجل حل مشكلة مقاومة مضادات الميكروبات، وهذا يتطلب مقاربات وطنية وعالمية، ويجب تعاون كل الحكومات لتحقيق الهدف.

تقنين استخدام المضادات

قال الدكتور أحمد بن سالم المنظري المدير الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط: "جاء المؤتمر لتفعيل خطط استراتيجية من أجل تقليل استخدام المضادات الحيوية وحماية المجتمعات من الميكروبات التي قد نصل إلى مرحلة لا نحصل فيها على مُضاد حيوي لعلاج أبسط الالتهابات التي يتعرض لها الإنسان،" موضحا أهمية تقنين استخدام المضادات الحيوية وعدم إمكانية الحصول على المضاد الحيوي سواء من المؤسسات الحكومية أو الخاص إلا بوصفة طبية وبموافقة الطبيب المُعالج وهذه الإجراءات شبه نادرة في العديد من دول العالم التي أثرت سلبا على طريقة استخدام المضادات وظهور أنواع من البكتيريا المقاوم.

وعلى هامش أعمال المؤتمر قال سعادة سليمان بن صالح الدخيل مدير عام مجلس الصحة لدول مجلس التعاون: "نعمل في دول الخليج على خطط استراتيجية موحدة، حيث أنشأنا المركز الخليجي للوقاية من الأمراض ومكافحتها ويعد رافدا وداعما أساسيا للخطط الاستراتيجية لمراقبة النتائج في جميع دول الخليج، ونتوقع من أن نكون جزءا فاعلا في هذا الحدث العالمي من خلال مشاركتنا فيه، ونسعى إلى تفعيل إطار عالمي لنظام ترصد لمقاومة مضادات الميكروبات يشمل جميع جوانب الصحة الواحدة، وتأمين إدراج مقاومة مضادات الميكروبات في إطار الأمم المتحدة للتعاون من أجل التنمية المستدامة.

وقال الدكتور حسن بغدادي رئيس وفد المملكة المغربية: "يحظى موضوع مقاومة المضادات الحيوية اهتماما كبيرا على المستوى الدولي والمحلي، وبالتالي نحن نسعى إلى تحقيق الاستفادة من خلال هذا المؤتمر والاطلاع على التجارب العالمية، وإيجاد فرص للتعاون والشراكة بين البلدان والمنظمات الدولية لمعالجة مقاومة مضادات الميكروبات في سياق أهداف التنمية المستدامة، والوصول إلى إعلان مسقط بشأن تسريع إجراءات "الصحة الواحدة" حول مقاومة مضادات الميكروبات لتحقيق أهداف التنمية المستدامة لعام 2030.

الجدير بالذكر، من المؤمل أن يرفع إعلان مسقط للنقاش في الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة لعام 2024 بشأن مقاومة مضادات الميكروبات، وتضمن البرنامج العلمي للمؤتمر جلسات نقاشية بين الوزراء المشاركين والمنظمات تتطرق لما أنجز حتى الآن من حراك للسيطرة على الوباء الصامت لمقاومة المضادات والتحديات والفرص المتاحة للسيطرة على الانتشار وتخفيف الآثار السلبية لها على صحة البشر والحيوانات والاقتصاد والنمو والتطور العالمي. ويتخلل جلسات النقاش استعراض التجارب الناجحة من الدول المشاركة، وتبادل الخبرات والآليات المتبعة للاستجابة بمنظومة الصحة الواحدة.

وشهد المؤتمر يوم أمس عقد جلسات متوازية بإدارة خبرات عالمية ومشاركة دولية ومن منظمات مختصة ناقشت أربعة محاور مهمة حول: تفعيل خطط الاستجابة على مستوى الدول، الترصد للمقاومة بمنظومة الصحة الواحدة التي تشمل الإنسان والحيوان والبيئة، الحراك السياسي والموارد المالية، البحث والابتكار، واليوم الجمعة يتم تقديم إيجاز عن محاور الجلسات الأربع والتوصيات، يعقبها نقاش وزاري حول المقترحات التي ستضمن ضمن تقرير المؤتمر للمتابعة، ومـن ثم سيستعرض إعـلان مسقط كمــخــرج من هذا المــؤتمر والتوقــيع علــيه من الدول الــمــؤيدة.

ويأتي تنظيم المؤتمر من قبل حكومة سلطنة عمان ممثلة بوزارة الصحة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه بالتعاون مع المجموعة الرباعية المشكلة من الأمم المتحدة لمتابعة مقاومة المضادات الحيوية "منظمة الصحة العالمية، المنظمة العالمية لصحة الحيوان، برنامج الأمم المتحدة لصحة البيئة، منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة" ومجلس الصحة الخليجي.

وعملت السلطنة على الاستعداد لإقامة هذا المؤتمر منذ عام تقريبا من خلال التنسيق مع الدول والمنظمات والجهات العلمية ذات الصلة وذلك لضمان أن يكون المحتوى والمخرجات هادفة وإضافة مهمة على المستوى المحلي والإقليمي والعالمي لمواجهة مخاطر مقاومة الميكروبات، وتم تشكيل لجنة إشرافية للمؤتمر تضم كلا من معالي وزير الصحة ومعالي وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومعالي وزير الإعلام وسعادة رئيس هيئة البيئة وأصحاب السعادة: وكيل وزارة الخارجية للشؤون الدبلوماسية ووكيل الشؤون الصحية بوزارة الصحة ووكيل وزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه للزراعة للإشراف على إجراءات تنظيم المؤتمر وإقرار البرنامج ومخرجات المؤتمر والتواصل مع وزراء الدول المشاركة وبحث التفاصيل المتعلقة ببيان مسقط كمخرج أساسي للمؤتمر.

وشكلت اللجنة التنظيمية للمؤتمر برئاسة المدير العام لمراقبة ومكافحة الأمراض في وزارة الصحة وممثلين من كل من وزارة الصحة ووزارة الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ومجلس الصحة الخليجي التي قامت بتنسيق كافة الجهود التنظيمية للمؤتمر ووضع البرنامج والمخرجات ونقاشها مع الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة والجهات الأخرى المشاركة.