عمان اليوم

المؤتمر الدولي «المؤتلف الإنساني والتنمية المستدامة للجميع» ينطلق 16 نوفمبر الجاري بفعاليات وبرامج متنوعة

07 نوفمبر 2022
احتفاء باليوم العالمي للتسامح
07 نوفمبر 2022

محمد المعمري: المؤتلف يربط البشر جميعا على أسس من الكرامة الإنسانية وحفظ الحقوق والحريات الخاصة -

عبدالله الحراصي: العيش المشترك والتسامح والمؤتلف الإنساني ينطلق من فكرة السكينة والسلام الذي يمتد مع الكون -

لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة في الدول وعلى مستوى الشعوب إلا من خلال التضامن الإنساني -

رسالة السلام والتســامح مبثوثة في كل محتوى الإعلام العماني -

أقيم صباح أمس المؤتمر الصحفي للإعلان عن تفاصيل المؤتمر الدولي «المؤتلف الإنساني والتنمية المستدامة للجميع» الذي تنظمه سلطنة عمان، وينطلق في 16 نوفمبر الجاري في مسقط، احتفاء باليوم العالمي للتسامح، وضمن مشروعي «المؤتلف الإنساني» و«رسالة السلام» الذي تقيمه وزارة الأوقاف والشؤون الدينية بالتعاون مع وزارة الإعلام ووزارة الخارجية ومجموعة من المؤسسات الحكومية والخاصة في سلطنة عمان، و«شبكة صناع السلام الدينيين والتقليديين» وعدد كبير من المنظمات والمؤسسات الدولية.

وسيرعى حفل افتتاح المؤتمر معالي الدكتور سعيد بن محمد الصقري وزير الاقتصاد العماني.

وقال معالي الدكتور محمد بن سعيد المعمري وزير الأوقاف والشؤون الدينية خلال المؤتمر الصحفي الذي أقيم في فندق جراند مسقط: «يأتي هذا العام في وقت يشهد فيه العالم مشاعر من عدم اليقين بسبب الأزمات الدولية المتعددة والمترابطة إلى حد كبير، بما في ذلك جائحة «كوفيد-١٩» وتداعياتها، وأزمة المناخ، وآثار الصراعات، وتدهور إمدادات الطاقة والأنظمة المالية. وتفرض هذه الأزمات تحديات حقيقية، وضغطا غير مسبوق على الحكومات في جميع أنحاء العالم، من أجل توفير الاحتياجات الأساسية لمواطنيها، وتنفيذ خطة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ وأهدافها الـ17 للتنمية المستدامة في العالم. واستغلت بعض الأنظمة هذه الأزمات ذريعةً لتعزيز أجنداتها المتمحورة حول الذات من خلال تبني قوانين وأنظمة حدت من الحقوق الأساسية لشرائح معينة من المجتمع، وإيجاد جو من الاستقطاب العام. ونتيجة لذلك، انتشرت المعلومات المضللة، وخطابات إقصاء الآخر والتعصب، في مناطق مختلفة من العالم، على المستويين الافتراضي والواقعي، مما أدى إلى إضعاف الخطاب العام والنسيج الاجتماعي، الذي يؤدي غالبا إلى الانقسامات وعدم الاستقرار.

وبين معاليه أن هذه الأزمات الدولية كشفت عن حقيقتين أولاهما أنه «في حين أن هناك قوانين دولية بشأن حماية الحقوق الأساسية للإنسان مثل: حرية التعبير وسبل العيش والتعليم، والقيم المشتركة العالمية للتعايش السلمي، إلا أن هناك ضعفا في الالتزام والتنفيذ، وثانيهما أن هناك أهمية اتباع نهج «إشراك المجتمع بأسره»، وتمكين الفاعلين المحليين والاستفادة من المزايا النسبية للتغلب على الأزمات الحالية والمستقبلية، فلا يمكن تعزيز التسامح والتفاهم المتبادل بين الثقافات والشعوب إلا من خلال الحوار والتعاون».

الفعاليات المصاحبة

كما استعرض معاليه الفعاليات المصاحبة للاحتفاء باليوم العالمي للتسامح، حيث تضمن برنامج «صوت الصورة» وذلك بمشاركة مجموعة من الشباب العمانيين والدوليين من المسلمين والمسيحيين، ويهدف البرنامج إلى تدريب الشباب في الحوار الفاعل بين الأديان والثقافات من خلال استخدام التصوير الفوتوغرافي، ويؤسس البرنامج لقيم التسامح والتفاهم والتعايش من خلال مجموعة من النظريات العلمية والورش العملية لتعزيز التواصل والتفاعل مع المجتمع. وسيتم تتويج نتائج البرنامج في معرض فوتوغرافي يحوي مجموعة من الصور الفوتوغرافية المعبرة عن القيم الإنسانية المشتركة.

وكذلك برنامج «روّاد السلام» بمشاركة ٢٠ شابا وشابة من دول وخلفيات مختلفة، يقدم برنامج (روّاد المؤتلف) فرصة استثنائية للشباب من حول العالم من أجل التدرب العملي في مجال الحوار والتواصل الثقافي، منطلقا من نجاح التجربة الثقافية في سلطنة عمان. ويطور البرنامج مجموعة من المهارات الفردية والجماعية التي تعزز مفاهيم التفاهم والتعايش والقيم الإنسانية المشتركة.

بالإضافة إلى فعالية «سفينة أطفال المؤتلف» بمشاركة مجموعة من الأطفال العمانيين والمقيمين من جنسيات مختلفة، تقدم الفعالية تجربة فنية للأطفال من خلال تشاركهم في رسم لوحات معبرة عن قيم التعايش والتفاهم. ويتم جمع لوحات الأطفال لصناعة شراع تقليدي تتوج به (سفينة أطفال المؤتلف)، تعبيرا عن دور سلطنة عمان في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة.

وكذلك حملة «اعمل شيئا من أجل التسامح» التي تستهدف تعزيز القيم الإنسانية المشتركة من خلال توظيف مختلف الفنون.

ومن المعارض المصاحبة معرض «رسالة السلام» وهو معرض دولي ومشروع وطني، يسعى إلى إيصال التجربة الثقافية والحضارية لسلطنة عمان للعالم، من خلال تقديم أنموذج حضاري في التعايش والتفاهم وبناء السلام.

بالإضافة إلى معرض «فن الظلال» وهو معرض بلوحات فنية توظف الضوء والظل لإيجاد صور معبرة عن القيم الإنسانية المشتركة.

محاور المؤتمر

وأوضح المعمري أن المؤتمر يرتكز على مجموعة من المحاور أهمها الانتقال من التنظير إلى التطبيق: المؤتلف الإنساني تواصل حضاري ودعم جهود التنمية المستدامة، حيث دعت سلطنة عمان ضمن احتفالها باليوم العالمي للتسامح في ٢٠٢١م القيادات والمؤسسات الدينية لمناقشة القيم الإنسانية المشتركة لدعم وحماية مبادئ التسامح وحقوق الإنسان، من أجل تعزيز مجتمعات عادلة وسلمية. وبناء على نتائج العام الماضي، ستجمع هذه الجلسة التفاعلية الجهات الفاعلة والقيادات والمؤسسات الدينية، ومسؤولي الأمم المتحدة، ومتحدثين آخرين ذوي الصلة، للتباحث حول الخطوات العملية الموجهة لوضع مبادئ المؤتلف الإنساني موضع التنفيذ، من أجل المساهمة في التواصل الحضاري وتحقيق خطة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة ٢٠٣٠ بشكل أوسع.

ومن محاور المؤتمر كذلك دفع عجلة التنمية المستدامة بنماذج عملية في القيم الإنسانية المشتركة وتنوع الثقافات، وسيتطلب تحقيق أهداف التنمية المستدامة ٢٠٣٠م اتباع نهج «إشراك المجتمع بأسره»، بما في ذلك الشراكات الشاملة والتعاون عبر القطاعات وعبر الحدود الثقافية والجغرافية، بناء على المبادئ والقيم الإنسانية المشتركة. وستجمع حلقة النقاش التفاعلية ممثلين من الحكومات والمؤسسات والقطاع الخاص من جميع أنحاء العالم؛ لإبراز دور مؤسساتهم في صناعة التغيير من خلال نماذج عملية في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة والتنوع الثقافي.

وكذلك دور المرأة في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة والتنمية المستدامة، حيث تعتبر قيادة المرأة في جميع القطاعات أمرا بالغ الأهمية من أجل النهوض بأهداف التنمية المستدامة بشكل عام وبالهدف الخامس من خطة الأمم المتحدة ٢٠٣٠ بشكل خاص. كما ستسلط حلقة النقاش هذه الضوء على المبادرات التي تقودها المرأة التي تعزز القيم الإنسانية المشتركة، وتسرع التنمية المستدامة، كذا ستلقي حلقة النقاش الضوء على دور الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمجتمع المدني في النهوض بالمرأة ودعمها في إحداث تغيير إيجابي.

بالإضافة إلى دور الشباب في ترسيخ القيم الإنسانية المشتركة وريادة التنمية المستدامة، فالشباب هم مستقبل القيم الإنسانية المشتركة ورواد التنمية المستدامة، لذا ستجمع هذه الجلسة بين القادة الشباب من مختلف دول العالم، لبناء الوعي وإظهار الاستراتيجيات والمبادرات التي يقودها الشباب التي تعزز القيم الإنسانية المشتركة والتنمية المستدامة، وسيتناقش القادة الشباب دور الدول الأعضاء والأمم المتحدة والمجتمع المدني للنهوض بمبادراتهم وإمكاناتهم ودعمهم في إحداث تغيير إيجابي.

تحكيم العقل والمنطق ولغة الحوار

وفي سؤال حول توصيات هذا المؤتمر هل سترفع إلى جهات على سبيل المثال إلى الأمم المتحدة أو إلى جميع اللجان المشاركة بالأمم المتحدة، لعرض رسالة الإسلام بشكل أوضح، وهل هناك آلية لتوجيه نداء إلى دول العالم من خلال هذا المؤتمر لوقف الحروب والمجاعات وسفك الدماء، وللمحافظة على المناخ؟

فأجاب معاليه: إنه بخصوص المؤتمر الذي تقيمه سلطنة عمان سنويًا للاحتفال باليوم العالمي للتسامح هي نداءات متكررة تنطلق من سلطنة عمان للعالم من حولنا بأن يغلبوا تحكيم العقل والمنطق ولغة الحوار بين جمع البشر على المستوى الفردي والأممي، المؤتمر سيتضمن مجموعة من المحاور «كما ذكر البيان» وأن المجتمعين الذين سيأتون من مختلف دول العالم والثقافات والأديان، سيجتمعون هنا لأجل تعزيز هذه القيم فيما بينهم ونشر رسالتهم للعالم انطلاقا من وجودهم هنا في سلطنة عمان وفي عاصمتها مسقط، وسيخرج المؤتمر بنتائج وليست توصيات، وهذه النتائج ستكون منشورة على كل المحافل، ومن خلال كل المنظمات الدولية التي ستحضر معنا وتشاركنا في اليوم العالمي للتسامح.

وأضاف: نعم، نحن ننادي في كل لحظة، وليس من باب أن نجتمع سنويا للإعلان عن ذلك وإنما نعلن بأن السلام هو الحل الأمثل للناس، وأنه لا يمكن تحقيق تنمية مستدامة في الدول، وعلى مستوى الشعوب إلا من خلال التضامن الإنساني، هذه رسالتنا في عمان وهذا الذي ندعو إليه في كل محفل وآخرها كان مشاركة سلطنة عمان في اللقاء الدولي من أجل السلام الذي أقيم في العاصمة روما، وكان ذلك أيضا بالتوجيهات السامية لحضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله ورعاه- بأن تعمل سلطنة عمان على تعزيز الجهود الدولية في نشر السلام والتضامن الإنساني.

التسامح ورفع المستوى الاقتصادي

وفي سؤال آخر، حول دور التسامح الإسلامي والديني في رفع المستوى الاقتصادي، وتحقيق مآلات حقوق الإنسان في الدول النامية، وأيضا في مكافحة الفقر في البلاد الإسلامية أجاب المعمري: طبعا المؤتلف الإنساني يقوم بدور أساسي ومحوري في أي تنمية مستدامة، وتتفق كل المنظمات الدولية وكل التشريعات والأديان والإنسانية بشكل عام أنه لا يمكن تحقيق اقتصاد قوي ورفع الناس من بؤر الفقر والفساد، وخطاب الكراهية إلا من خلال تعزيز القيم الإنسانية المشتركة التي يؤمن بها الناس جميعا، ومن ضمنها قيم التسامح والوئام والحوار المتبادل والتعايش السلمي وكل القيم التي تدعو إلى الصدق والكرامة الإنسانية، فهي تتيح لهم أن يتواصلوا وأن يتبادلوا المنافع على أساس من الاحترام المتبادل، وعلى أساس من احترام الحقوق والحريات؛ لأن البديل عن القيم الإنسانية المشتركة هي قيم الصراع والحروب والفرقة، وأن يعيش كل مجموعة في معزل عن الأخرى، إذن لا بديل للإنسانية إلا من خلال تعزيز المؤتلف الإنساني، وتجدون في أبجديات ما تم نشره في مشروع المؤتلف الإنساني أنه يقوم على أبعاد إنسانية، وليست أبعادًا ذات بعد ديني أو طائفي أو حزبي، وإنما هو مؤتلف يربط البشر جميعا على أسس من الكرامة الإنسانية وحفظ الحقوق والحريات الخاصة، وتم ربط موضوع التنمية المستدامة بالمؤتلف الإنساني هذا العام من أجل النهوض من جديد بعد تداعيات جائحة «كوفيد» على الفرد وعلى المجتمع الإنساني بأسره، وأيضا تداعيات هذه الجائحة والجوائح التي تلت ذلك من الناحية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كل تلك التداعيات لا بد فيها من استشراف المستقبل برؤية منطقية واضحة في تعميق هذه القيم الإنسانية وجمع الناس على هذه الكلمة للنهوض بالعالم من جديد، وتقليل الآثار الناجمة عن تداعيات «كوفيد-19»، وأزمة المناخ والحرب الدائرة في عدد من أقطار العالم.

وأضاف: «ومن خلال التعاون مع أصدقائنا حول العالم وشركائنا في هذا المشروع وخاصة في شبكة صناع السلام الدينيين والتقليديين ومقرها في فنلندا تم الاتفاق على هذا المحور من أجل تنبيه الناس وإعادة البوصلة إليهم بأن التنمية المستدامة لا يمكن أن تتم إلا من خلال قيم السلام والتسامح والتعايش أو بشكل أعمق وأشمل المؤتلف الإنساني. وطبعا له علاقة بمسألة مكافحة الفقر والعوز والفاقة، فالفقر يأتي بسبب أولا عدم توزيع الحقوق بشكل متساو ومتجانس على المستوى العالمي، وهذا يتعارض أساسًا مع حقوق الإنسان، فإذا أردنا أن نكافح الفقر فلا بد أيضا أن نراعي الحقوق الإنسانية التي كفلها لهم الشرع والقانون والمجتمع الدولي. ومناطق الصراع التي تشهد الحروب والنزاعات الطائفية منشأها الجهل بالحقوق والكرامة الإنسانية، وعدم الدفع قدما في هذا الإطار، فلا بد من التوعية بالقيم في هذا المجال حتى تتحقق ما تصبوا إليه البشرية من سلام ووئام».

القيم الإنسانية

وفي مداخلة لمعالي الدكتور عبدالله بن ناصر الحراصي وزير الإعلام أوضح فيها أن رسالة السلام والتسامح حاضرة في نهج سلطنة عمان، وهي مبثوثة في كل محتوى الإعلام العماني، فهذه الفعاليات وانتقالها من مكان إلى آخر، وإنما هو نشر لهذه الرسالة إلى العالم أجمع، بتجسيد هذه القيم، فمحتوى الإعلام العماني متضمن لكل هذه القيم وهذه الرسائل الإنسانية، في كل البرامج والحوارات ونشرات الأخبار وحتى الأغاني، وهي القيم التي تميز الإعلام العماني، كما تقوم على فكرة أن الاستقرار هو الأرضية المناسبة للتنمية، بمدلولاتها المختلفة سواء كانت التنمية الخدمية والمادية، أو تنمية الإنسان، وبقاء قيم الفطرة الإنسانية، مؤكدا على أهمية العمل جميعا، كل في موقعه للحفاظ على الفطرة الإنسانية، من الحب والبناء والعيش والنظر إلى الكون، وهذه القيم تشكل نهج الدولة العمانية، في التعليم ورسالة المسجد وخطبة الجمعة، وحديث الإنسان العماني، والوعي المشترك. فرسالة المؤتلف الإنساني هي رسائل أساسية، ونحن محتاجون لها كبشر، فالإنسانية محتاجة إلى الوعي، وهي محتاجة إلى من يقول لها: «لنتوقف قليلا، ولنتأمل ما نحن فيه، وإلى أين نحن ذاهبون كبشر، وإلى أين نحن ذاهبون بالكون كله».

ومن جهة أخرى، أكد معالي وزير الإعلام على موضوع المناخ فقال: «من قراءتي الشخصية أعتقد أن موضوع المؤتلف الإنساني ليس ببعيد عن موضوع المناخ، فالذي أراه أن العيش المشترك والتسامح والمؤتلف الإنساني ينطلق من فكرة السكينة والسلام الذي يمتد مع الكون، أو مفهوم السكينة الكونية، فالسلام الكوني ليس فقط بين الإنسان وأخيه الإنسان، وإنما أيضا بين الإنسان والطبيعة، فقد رأينا أفعال الإنسان المتعلقة بالإضرار بالطبيعة الذي انعكس على التغيرات التي حصلت في العالم أجمع، وقد عايشتم ذلك في الصيف الماضي في سلطنة عمان، فعلى الرغم من أن الصيف معنا معروف بحرارته وبجفافه، إلا أنه كان معنا صيف رطب مملوء بالمياه، تشكلت معه حالات جوية عاصفة، مليئة بالأمطار التي خلفت بعض الأضرار، وهذا ناتج من تأثيرات الإنسان على البيئة، وهذا ما أثبته العلم. إن ما يفعله الإنسان في منطقة من مناطق العالم له تأثير على كل مناطق وقارات العالم ويتأثر بها سلبا في حياته».