No Image
عمان اليوم

القطاع العقاري العماني ينمو بـ 37.6% .. ومشروعات استراتيجية تفتح آفاقًا استثمارية واعدة

02 سبتمبر 2025
02 سبتمبر 2025

شهد قطاع التداول العقاري في سلطنة عُمان خلال السنوات الخمس الماضية نموًا متسارعًا وضعه في صدارة القطاعات الاقتصادية الأكثر حيوية، ليؤكد مكانته كإحدى الركائز الداعمة للتنويع الاقتصادي. فمنذ عام 2020، الذي تزامن مع تداعيات جائحة كوفيد–19 وتراجع أسعار النفط العالمية، سجّل القطاع تداولات بلغت نحو 2.45 مليار ريال عُماني، قبل أن ينطلق في مسار صعودي متواصل حتى بلغ ذروته في عام 2024 مع طفرة قياسية غير مسبوقة.

إذ ارتفع إجمالي التداول العقاري إلى 2.55 مليار ريال عُماني في 2021 بدعم من عودة النشاط الاقتصادي وزيادة الثقة بالسوق، فيما بلغ 2.46 مليار ريال عُماني في 2022، ليعاود النمو في 2023 مسجّلًا 2.6 مليار ريال عُماني. أما في عام 2024 فقد شكّل نقطة تحول بارزة، حيث قفزت قيمة التداولات إلى 3.38 مليار ريال عُماني بنمو سنوي بلغ 29.5%، وهو الأعلى خلال عقد كامل. وبذلك بلغ إجمالي التداول العقاري خلال الفترة الممتدة من 2020 وحتى النصف الأول من 2025 نحو 14.7 مليار ريال عُماني، في حين تجاوزت الرسوم المُحصلة 370.2 مليون ريال عُماني. كما بلغ معدل النمو التراكمي للقطاع خلال خمس سنوات 37.6%، وهو ما يعكس قوة السوق ومرونته.

وفي النصف الأول من 2025، واصل القطاع أداءه الإيجابي حيث سجّل تداولات بلغت 1.3 مليار ريال عُماني، لتؤكد المؤشرات أن السوق يسير بوتيرة متوازنة رغم التغيرات في حركة الرهونات العقارية.

وأوضح علي بن سالم العيسائي، أمين عام السجل العقاري، أن هناك عدة عوامل أسهمت في نمو القطاع العقاري، في مقدمتها تدشين مشاريع استراتيجية مثل المدن المستقبلية والأحياء السكنية المتكاملة ضمن مبادرة "صروح"، مؤكدًا أن إطلاق حزمة من الخدمات الإلكترونية أسهم في تسهيل الإجراءات وتسريع المعاملات، إلى جانب تحديث منظومة التشريعات التي عززت مرونة التملّك للأجانب في سلطنة عُمان. وأكد العيسائي أن من المتوقع استمرار نمو القطاع في ضوء التسهيلات المقترحة والمشاريع الوطنية الكبرى.

جاذبية متزايدة

وعن جاذبية السوق العُماني، أشار العيسائي إلى أن التشريعات الحديثة، مثل السماح بتملّك غير العُمانيين في المجمعات السياحية المتكاملة، وبرامج الإقامة طويلة الأمد للمستثمرين، عززت ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء. كما أسهم إدراج صناديق الاستثمار العقاري في بورصة مسقط في توفير قناة منظمة ومؤسسية للاستثمار، ما رفع من مستوى السيولة والشفافية.

وأضاف العيسائي أن المشاريع الكبرى مثل مدينة السلطان هيثم، والمدن المستدامة في يتي، ومشاريع الواجهات البحرية، تمثل محركات رئيسية للنمو الحضري وتفتح آفاقًا واسعة للتطوير العقاري السكني والتجاري والسياحي، بما يسهم في رفع جودة الحياة وتوفير بيئة حضرية عصرية جاذبة للعيش والعمل.

أثر مضاعف

وأكد العيسائي أن نشاط التداول العقاري ينعكس إيجابًا على قطاعات أخرى مرتبطة مثل التشييد والبنية الأساسية والمقاولات ومواد البناء والخدمات الهندسية، فضلًا عن القطاع المالي من خلال الرهونات والتسهيلات المصرفية، إضافة إلى قطاع الخدمات من وساطة وتأمين ونقل وتجهيزات. وهذا التداخل يخلق دورة اقتصادية متكاملة ترفع القيمة المضافة وتوفر فرص عمل جديدة، بما يعزز من متانة الاقتصاد الوطني.

نظرة مستقبلية

وأضاف أمين السجل العقاري: بالنظر إلى المعطيات الحالية، نتوقع أن يواصل القطاع العقاري في سلطنة عُمان أداءه القوي خلال السنوات المقبلة، مدفوعًا بالتشريعات المحفزة والمشاريع الكبرى التي تعزز الطلب وترسخ مكانة السوق كوجهة استثمارية مفضلة في المنطقة. ومع استمرار هذا الزخم، يرسّخ القطاع موقعه كقوة دافعة للتنمية الاقتصادية، وقاطرة أساسية لتحقيق مستهدفات "رؤية عُمان 2040".

مساهمة متنامية

ويمثل النشاط العقاري اليوم أحد أبرز محركات الاقتصاد الوطني، إذ لم يقتصر أثره على حركة السوق فحسب، بل امتد ليكون رافدًا أساسيًا للناتج المحلي الإجمالي. فقد بلغت مساهمة الأنشطة العقارية في الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية نحو 1.1 مليار ريال عُماني في 2022، و1.04 مليار ريال عُماني في 2023، لترتفع إلى أكثر من 1.08 مليار ريال عُماني في 2024. كما سجّل القطاع في الربع الأول من 2025 مساهمة تجاوزت 288.7 مليون ريال عُماني مقارنة بـ 282.6 مليون ريال عُماني في الفترة ذاتها من 2024، أي بنسبة نمو بلغت 2.1%. وبذلك فإن إجمالي المساهمة خلال الفترة من 2022 إلى 2024 مضافًا إليها الربع الأول من 2025 بلغ حوالي 3.51 مليار ريال عُماني، وهو ما يؤكد استمرارية حضور القطاع كأحد المكونات الرئيسية في البنية الاقتصادية للبلاد.

ديناميكية سوق البناء

على صعيد النشاط العمراني، أظهرت بيانات إباحات البناء خلال الفترة من 2020 حتى 2024 إصدار 190,709 إباحات بناء، بمعدل نمو سنوي مركب بلغ 3.9%. وسجّلت الإباحات أعلى مستوياتها في عام 2021 عند 46,240 إباحة بناء، قبل أن تشهد تذبذبًا بين الأعوام التالية بما يعكس ارتباطها بدورة المشاريع والتمويل العقاري.

تملّك الخليجيين

كما شهدت سلطنة عُمان حضورًا متزايدًا لمواطني دول مجلس التعاون الخليجي في السوق العقاري، حيث تم تسجيل 4,876 سند تملك بين أعوام "2020 ـ 2024" بمتوسط 975 سندًا سنويًا. وتصدّر مواطنو دولة الإمارات العربية المتحدة القائمة كأعلى نسبة تملك، تليهم دولة الكويت، وهو ما يعكس ثقة المستثمر الخليجي في السوق العُماني وما يوفره من فرص جاذبة وتنافسية.

Image