القراءة تحسِّن المهارات اللغوية لدى طلبة المدارس وتنمي موهبة الإلقاء والخطابة
تربويون: مبادرات وبرامج لتطوير مواهب الطلبة القرائية -
عمان» - أكد عدد من المسؤولين التربويون على أهمية القراءة في تعزيز المهارات اللغوية لطلبة المدارس، والمبادرات والبرامج التي وضعتها وزارة التربية والتعليم لتطوير تلك المهارات ومدى إدراك الطلبة لإمكانية تعزيز مهاراتهم اللغوية عن طريق القراءة.
القراءة والحصيلة اللغوية
تقول بسمة بنت سليم الخاطرية، معلمة وكاتبة مهتمة بأدب الطفل: للقراءة دور كبير في التأثير على مهارات الطفل المختلفة، ونذكر منها: مهارات التفكير، ومهارات التخيل، ومهارات الاستنتاج، وغيرها من المهارات الأخرى، وإحدى هذه المهارات التي يستهدفها الكتاب الموجه للطفل هي المهارات اللغوية، وهنا لا نستطيع أن نتحدث عن ما هي المهارات اللغوية، وكيف يكون تأثير الكتاب الموجه للطفل على الطفل لغويًا، إلا بأن نذكر بأن كتاب الطفل مرتبط بالفئة العمرية، وبالتالي نحن كأدباء لابد أن نكون على اطلاع بالحصيلة اللغوية للطفل في المراحل العمرية المختلفة، فعندما نوجه نصًا سواء كان قصة أو شعرا أو مسرحا إلى فئة عمرية محددة، نحن نحاول أن تتمحور كلمات نصنا في إطار الحصيلة اللغوية للطفل، ونضيف إليها بعض الكلمات الجديدة التي تثري حصيلته اللغوية، فتكون في سياق الكلام أو ضمن الجملة فيكتسبها باللاوعي، ويستخدمها استخداما صحيحا دون أن يسأل عن معناها، لأن معناها سيستقيه من سياق الجملة، وبالتالي هو يكتسب بعض الكلمات الجديدة، والأمر أيضا لا يرتبط باستخدام كلمات جديدة، وإنما تراكيب جديدة، كأن نستخدم التعجب مثلا، والاستفهام، والجمل الخبرية، وكل هذا مرتبط أيضا بالفئة العمرية للطفل.
وتقول زكية بنت ناصر الشبيبية، معلمة وكاتبة مهتمة بأدب الطفل بمحافظة جنوب الباطنة: قبل أن نسعى ككتاب ومعلمين لتطوير لغة الطالب ومنحها ثراءً أكبر علينا أن نعود إلى نقطة مهمة تشاغل عنها الآباء باعتبارها مجرد شأن مدرسي وهي القراءة والتي يجب أن تكون جزءًا لا يتجزأ من حياة الطالب داخل المدرسة وخارجها ومنذ الطفولة المبكرة، فمؤسف أن لا يعرف الطالب سوى النصوص المقررة عليه من خلال المناهج الدراسية، فمن أين سيأتي هذا الطالب بالخيال المحرك والجامح والمفردات والتعابير اللغوية الجميلة التي من شأنها أن تكسبه لغةً فصيحةً سليمةً خصبة بالمشاعر والتعابير المختلفة، فالقراءة المبكرة هي الأساس والمحرك والفتيل الذي سيشعل المهارة اللغوية لدى الطالب، والاستمرار عليها وممارستها بشكل دائم سيقويها ويهذبها ويصقلها، والسؤال الذي يجب أن نطرحه للآباء اليوم هل خصصت ركنًا في بيتك يضم رفوفا للكتب؟ المكتبة هي المصدر الرئيسي لإنعاش الطالب وإمداده بالثراء اللغوي.
أساليب واستراتيجيات
الثروة اللفظية
وفي حديثنا مع الدكتور الأزهر بن زهران البراشدي عضو مناهج تعليمية (اللغة العربية) بوزارة التربية والتعليم، حول جهود الوزارة لتعزيز المهارات اللغوية المرتبطة بالقراءة، قال: القراءة إحدى مهارات اللغة العربية الأربع بجانب الاستماع والتحدث والكتابة، وتعد القراءة المحرك الأساس لممارسة المهارات الأخرى؛ إذ تكسب القراءة المتعلم الملكة اللفظية التي تؤهله لفهم اللغة (الاستماع) وإنتاجها تحدثا وكتابة، فمن خلال القراءة يكتسب المتعلم ألفاظا جديدة، وتراكيب لغوية في سياقات مختلفة، وأساليب لغوية متنوعة، والألفاظ كما نعلم هي المادة الخام لبناء أي منتج لغوي سمعي أو كتابي، والعنصر الأساس للتواصل الاجتماعي والنجاح في الحياة، واكتساب تلك المفردات والتراكيب والأساليب وفهمها يساعد المتعلم على فهم ما يستمع إليه من جهة وعلى بناء الحديث والكتابة بوعي وفهم من جهة أخرى؛ بل إن فائدة الثروة اللفظية التي يكتسبها المتعلم بالقراءة يمتد أثرها إلى تقوية شخصيته بتمكنه من التواصل اللغوي واستعمال اللغة أمام الآخرين.
جهود الوزارة
وأضاف: تبذل الوزارة جهودًا كبيرة في تنمية مهارة القراءة وربطها بمهارات اللغة العربية الأخرى سواء في نطاق عمل المديريات المختصة بالوزارة، أو في جانب المبادرات المنفذة من بعض المديريات التعليمية أو المعلمين، ويكفي أن نشير إلى أهم مكون من مكونات المنهج الدراسي المتمثل في كتاب الطالب، فقد عنيت الوزارة ببناء مناهج اللغة العربية بصورة مبتكرة، فمن جهة أولى اختيرت النصوص القرائية ونُظِّمت بعناية كبيرة، فتنوعت بين النصوص العلمية والأدبية، وجاءت متفقة وميول الطلبة، ومناسبة لمستوياتهم المعرفية واللغوية، وتراعي الخصوصية الثقافية للمجتمع، ومن جهة ثانية اتخذت مناهج اللغة العربية الجديدة طريقة تكامل المهارات، فما يدرسه الطالب من نمط في مهارة القراءة، يجد النمط ذاته في المهارات الأخرى الاستماع والتحدث والكتابة، فإذا كان نمط النص القرائي قائمًا على الحوار مثلًا، جاء نص الاستماع حواريًا، وصممت أنشطة التحدث في نمط الحوار، وجاء درس الكتابة مدرِّبا ومعلما لمهارات بناء النصوص الحوارية، وبهذه الصورة استقلت محاور بنمط معين، فاستوفته من أهم جوانبه، وتناولته بشكل تكاملي، واستطاع المتعلم أن يكتسب المهارة وينتجها في الوقت ذاته.
وأوضح البراشدي: ومن جهة ثالثة حرصت المناهج على تنويع خبرات المتعلم، بانتقاء نصوص وأنشطة ذات محتوى معرفي وثقافي متنوع، فاهتمت نصوص بالجانب السلوكي والأخلاقي، وأخرى بالجوانب العلمية، وغيرها بالتجارب العالمية في الجوانب العلمية أو الإبداع الأدبي القصصي والروائي، كما يلاحظ المتصفح للكتب الدراسية ورود نشاط خاص بالقراءة الحرة في كتاب الطالب، سواء كانت القراءة موجهة في ذات المحور والنمط المدروس أو كانت عامة حسب اختيار المتعلم وميوله، وهنا نذكر أن وزارة التربية والتعليم تعمد سنويًا إلى تعزيز مصادر التعلم في المدارس بكتب متنوعة من معرض مسقط الدولي للكتاب، وتؤدي مراكز مصادر التعلم دورًا كبيرًا في خلق حراك قرائي داخل المدارس وبين الطلبة.
وختم حديثه بقوله: ومن البرامج والمبادرات المطبقة في الحقل التربوي التي تأتي في سياق تعزيز مهارة القراءة، برنامج «التأهيل اللغوي»، وهو برنامج علاجي مطبق على طلبة صعوبات التعلم في بعض المديريات التعليمية في المحافظات، وله أثر إيجابي ملموس في تنمية مهارات اللغة المختلفة، ومشروع مهارات التحدث باللغة العربية الفصحى، والبرامج التدريبية التي ينفذها المعهد التخصصي للتدريب المهني للمعلمين، وبعض المسابقات والمشاريع التي ينفذها المعلمون والمشرفون في المدارس والمديريات التعليمية.
القراءةُ ظِلٌ نستظل به
كما شاركنا الطلبة رأيهم في القيمة التي تضيفها القراءة لمهارتهم اللغوية، فقالت حور بنت محمد العميرية طالبة بالصف الثاني عشر بمدرسة بسياء للتعليم الأساسي في محافظة الداخلية: تنبتُ الحياة وتنبت اللغة معها، هي هِبة أُكرمنا بها وينبغي علينا الحفاظ عليها، وتطويرها، واكتشاف أبعادها، وتعد المدرسة صرحًا أساسيًا يقوم بكُل ما سبق، والمُمارسة رُكنٌ يقوّم لغة كل طالب، والاطلاع يعزّز متانة هذه الأركان إذ أنه يوسّع حدود اللغة التي لا حدود لها ، والقراءةُ ظِلٌ نستظل به ، إذ أن منافعها تتعدى أبعاد المعقول، ما إن نعتبرها مُتعة ولذّة وفي ذات الوقت نلحظُ تأثيرها الإيجابي في تقويم اللغة عند القارئ وإكسابه مصطلحات واسعة تخوّله خوض أي نقاشات ثقافية، الأمر الذي ينمّي اللغة والثقافة والعلوم .
التعلم أولًا
وقال محمد بن حافظ بن أحمد أمبوسعيدي طالب بالصف العاشر بمدرسة الإمام محمد بن عبدالله الخليلي في محافظة الداخلية: لابد للطالب أن يطور مهاراته اللغوية، لأن المهارات اللغوية هي المرآة التي تعكس قدرة الفرد على الإقناع والتأثير، وهي النافذة التي تمثل الظهور الأول، فلا يعرف الإنسان إلا بمواجهة الجمهور، وإن تطويرها في حقيقة الأمر يكون بالتعلم أولًا، وبالممارسة ثانيا، وهي الأهم، لأن الممارسة تجعل المتعلم متمكنا من التحدث بثقة وطلاقة وفصاحة وبلاغة، يصحب ذلك البحث والاطلاع في المعاجم والكتب النحوية واللغوية والأدبية، التي تلعب دورًا هامًا، والقراءة لها باع طويل في تنمية المهارات اللغوية وكما أسلفت سابقا إن البحث والاطلاع مكون مهم للمهارات اللغوية التي من خلالها يكتسب المتعلم ناصية اللسان، ويكون متحدثًا يعي ما يقول، وكذلك هذه المهارات لا يجدر بالمتعلم أن يكتسبها عند كبره ولكن منذ الصغر بداية من الأسرة وتوجيهها، ومن الهيئة التدريسية وأنشطتها، ومن المراكز الدينية ودوراتها، وتمد الطالب بثقافة واسعة تؤهله للحديث في مجالات مختلفة.
