عمان اليوم

"العلعلان" .. أشجار معمرة مهددة بالانقراض !

04 نوفمبر 2022
حمد الفرقاني لـ"عمان": تعاني غاباتها من تدهور يهدد تنوعها البيولوجي
04 نوفمبر 2022

التغير المناخي أحد مهددات بقاءها نتيجة شح هطول الأمطار وارتفاع الحرارة

يستخرج من سيقان العلعلان "صمغا" يذاب وتصنف من الاشجار سريعة الاشتعال

أشجار العلعلان إتخذت أعالي سلسلة جبال الحجر الغربي وبينها الجبل الأخضر على ارتفاع 3 آلاف متر فوق مستوى سطح البحر موطناً لها، وهي إحدى الأشجار المعمرة المهددة بالانقراض نتيجة لتعرضها للحرق بشكل مستمر بسبب مواقد الشواء التي يقيمها السواح مما يؤدي إلى صعوبة إخماد الحريق كونها من الأشجار الزينية تسهم النيران في احتراقها من الداخل، ومع اتخاذ السياح من ولاية الجبل الأخضر قبلة لسياحة التخييم حيث كثفت هيئة البيئة جهودها من أجل منع هذه الحوادث مجدداً للحفاظ على هذه الشجرة المعمرة إضافة إلى ذلك مخاطر أخرى كالتوسع العمراني واستزراع الأراضي والرعي الجائر والتحطيب.

وشجرة العلعلان أو ما تسمى بشجرة " العرعر "، شجرة من الفصيلة الصنوبرية اسمها العلمي (Tapiscia) وتعتبر من الأشجار الكبيرة العطرية دائمة الخضرة، وتتميز بساقها المتفرع الذي يصل ارتفاعه إلى 18 متراً، وقشرتها خشنة وأوراقها عطرية على هيئة حراشف، وأزهارها المؤنثة يتغير لونها من الأرجواني إلى الأزرق، أم الأزهار الذكرة يتحول لونها من الأخضر إلى الأصفر.

المناخ البارد

وللوقوف على هذه أهمية هذه الشجرة المعمرة صرح المهندس حمد بن سعيد بن فاضل الفرقاني، رئيس قسم صون البيئة بمحافظة الداخلية بهيئة البيئة لـ"عمان" قائلاً: إن أشجار العلعلان تعد من الأشجار دائمة الخضرة واسمها العلمي " Juniperus seravschanica" الذي ينتمي إلى جنس "Juniperus" والفصيلة السروية " Cupressaceae" أفرادها عبارة عن أشجار كبيرة الحجم، وهذه الأشجار تفضل الأجواء المناخية الباردة وهي بطيئة نسبيا في النمو، ولكنها تعتبر من الأشجار المعمرة التي تعيش لمئات السنين، إذ يوجد حوالي 52 نوعاُ رئيسياً من العلعلان حول العالم، وقد سجلت ثلاثة أنواع بالجزيرة العربية وهي " Jeniperus procera" و" Jeniperus phoenicea" في كلٍ من جبال اليمن والسعودية، بالإضافة إلى النوع الموجود في جبال الحجر الغربي لسلطنة عمان "Juniperus seravschanica" ويتعلق توزيع العديد من الأنواع النباتية في مناطق الجبال والتي من ضمنها أشجار العلعلان بعوامل التضاريس والتربة والمناخ، حيث أن كلاً من هذه العوامل يسهم في تحديد وجود الأنواع وأعدادها بنسب مختلفة، ولعل تأثير الارتفاع عن مستوى سطح البحر على أشجار العلعلان له الدور الأبرز من خلال تأثيره في درجات الحرارة التي بدورها تشكل العامل الحرج في بقائها وانتشارها.

وأشار إلى أن شجرة العلعلان صنفت ضمن فئة النباتات المهددة بالانقراض، حيث تعاني غابات العلعلان بجبال الحجر من تدهور في بنيتها وتركيبها ، مما يهدد تنوعها البيولوجي وبقاءها، ومن الأهمية بمكان المحافظة على هذه الغابات لما تقدمه من خدمات ومنتجات، وتتلخص أشكال التهديد التي تواجه هذه الأشجار في التوسع العمراني واستزراع الأراضي والرعي الجائر والتحطيب والممارسات السياحية الخاطئة .. كما أضافت ظاهرة التغير المناخي بعداً جديداً لهذا التأثير الذي ربما ينعكس على الغطاء النباتي بمجمله، من حيث هجرة أنواعه صعوداً نحو القمة لمجابهة التغيرات المحتملة في شح الهطول المطري وارتفاع درجات الحرارة .

حماية الحياة الفطرية

وأضاف الفرقاني قائلا : في إطار المسؤوليات والواجبات المناطة لهيئة البيئة، عمدت الهيئة إلى إتخاذ العديد من الإجراءات والمبادرات لضمان تدارك هذه الأشجار المهددة ونذكر على سبيل المثال لا الحصر إصدار العديد من التشريعات والقوانين لصون الطبيعة مثل قانون المحميات الطبيعية وحماية الحياة الفطرية الصادر بالمرسوم السلطاني ( 6 / 2003 ) وقانون حماية البيئة ومكافحة التلوث الصادر بالمرسوم السلطاني (114/2001) بالإضافة إلى العديد من القرارات الوزارية الخاصة بحماية الأشجار المعمرة والمهددة بالإنقراض، وإطلاق المبادرات الهادفة إلى زراعة الأشجار البرية والحفاظ على الغطاء النباتي وأهمها المبادرة الوطنية لزراعة 10 ملايين شجرة والتي أطلقتها الهيئة في يوم البيئة العماني 8 يناير 2020م، بالإضافة إلى إنشاء مشتل بولاية الجبل الأخضر خاص لإكثار أشجار العلعلان والأنواع التي تنتشر في بيئة الجبال مثل البوت والعتم والطلح، وإطلاق حملة حماة البيئة بالجبل الأخضر للعام الثاني على التوالي خلال فترة الصيف والتي من أهم أهدافها توعية الزوار والسياح ورصد أي ممارسات سلبية قد تحدث.

التخييم والاستظلال

وأوضح أن ولاية الجبل الأخضر تعتبر من أهم الوجهات السياحة في سلطنة عمان خاصة خلال فترة الصيف بعد محافظة ظفار، حيث يقصده السياح والزوار من داخل وخارج السلطنة ، وذلك لتدني درجات الحرارة والاستمتاع بروعة الطقس البارد اللطيف وزيارتهم للولاية للتخييم والاستجمام بالمناظر الطبيعية والإستظلال تحت أغصان الأشجار الخضراء الكثيفة ، إلا أنه وللأسف الشديد تتعرض أشجار العلعلان للعبث من قبل بعض مرتادي الجبل المخربين للبيئة الطبيعية حيث أنه وللأسف الشديد أصبحت هذه الأشجار عرضة للتخريب بين فترة وأخرى والذي قد يكون متعمدا أو إهمال غير مقصود من البعض الآخر بسبب إشعال النار تحت هذه الأشجار لغرض الطبخ أو إقامة المشاوي وعدم إطفاء النار أثناء مغادرة المكان ، مما يشكل خطراً على هذه الأنواع النادرة والمهددة بخطر الإنقراض ، موضحاً: أن أشجار العلعلان تعتبر من الأشجار الزيتية وهي من الأشجار الجذابة الظليلة وذات رائحة منعشة لما تحويه من كمية عالية من الزيوت الطيارة الأمر الذي يساعد على الإشتعال السريع لهذه الأشجار عند تعرضها للحرق .. وكما أن للعلعلان رائحة جميلة عند حرق أوراقها، ولقد ثبت أن أشجار العلعلان هي أقدم الأشجار التي تعيش في جبال الحجر الغربي للسلطنة إذ ليس من المستغرب أن يكتشف أن بعض هذه الأشجار تبلغ من العمر مئات السنين، لذلك على مرتادي الأماكن التي تنتشر بها هذه الأشجار الوعي بأهمية الحفاظ عليها والتي تعتبر أحد الرموز التي تتفرد بها الحياة الطبيعية العمانية .. كما أن الجميع مطالب بالإبتعاد عن الممارسات السلبية التي تؤذي هذه الأنواع النادرة مثل إشعال النيران بالقرب منها أو تجريف التربة في البيئات التي تنتشر فيها، بالإضافة إلى المساهمة في إكثار وإستزراعها قدر المستطاع. وإبلاغ الجهات المختصة عند رصد أي من الممارسات السلبية وذلك من منطلق مقولة "حماية البيئة مسؤولية الجميع.

وأكد أن الكثير من الدراسات والبحوث أجريت على أشجار العلعلان، فهناك دراسات أجريت مقارنة النوع الموجود الجبل الأخضر والأنواع المنتشرة في العالم، بينما دراسات أخرى تطرقت إلى نطاق انتشار هذه الشجرة ودراسات تطرقت إلى تدهور صحة هذه الأشجار كأحد دلائل ظاهرة التغير المناخي الذي يشهده الكوكب، وجميع هذه الدراسات تشير إلى تدهور وتناقص سواء على مستوى الأعداد أو المساحة مايحتم تظافر كل الجهود سواءً من كافة الجهات المختصة ومرتادي الجبل والمجتمع المحلي لحمايتها من خطر الإنقراض.

أشجار معمرة

إن أشجار العلعلان المعمرة تتواجد في مرتفعات جبال الحجر كالجبل الأخضر وجبل شمس على ارتفاع 2050 ـ 3009 أمتار، كما تتواجد في السعودية وايران وتركيا، وتعتبر من الأشجار المعمرة إذ يمتد عمرها ما بين 50 ـ 250 عاماً أو أكثر، وتصنف من الأشجار سريعة الاحتراق حيث سجلت الكثير من حوادث حريق لشجرة العلعلان في ولاية الجبل الأخضر.

وتعد من أجمل الأشجار منظرا وتعتبر مقصدا لهواة تصوير الطبيعة، إذ تتميز أخشاب الشجرة بأنها قوية وصلبة ولا تتأثر بمتغيرات الطقس والتربة حيث تستخدم في العمارة والنجارة، بالإضافة إلى أن لها ميزات علاجية تستخدم في الطب الشعبي لعلاج عدة أمراض من خلال غلي أوراق العلعلان الطازجة أو المجففة، كما يقوم دخان ثمارها بطرد الهوام والزواحف ويقتل البراغيث والبعوض بحسب ما ذكره بعض المختصين، ويستخرج من سيقان العلعلان "صمغا" يذاب ويصبح سائل، بالإضافة إلى أن البعض يستخدم الثمار للتزيين ويصنع منه قلادة.