«الرهاب الاجتماعي».. العلاج النفسي وتغيير نمط الحياة يساعدان في قهره
مدة علاج الرهاب تختلف من مريض لآخر -
الوقاية من المرض تكون باكتشاف مواقف تثير القلق -
هل شعرت يوما بالخوف الشديد عند التحدث أمام الجمهـــــور؟ أو ســــــاورتك المخاوف بالفشل الأكيد عند أداء مقابلة لوظيفة ما؟ آلاف من الأشخاص قد يمرون بمثل هذه الحالة خلال مرحلة من مراحل حياتهم وقد تكون حالة طبيعية في بداية الأمر إلا أنها قد تتحول إلى مرض مع البعض تستمر لفترة طويلة تسمى بـ«الرهاب الاجتماعي».
يقـــــول الــــدكتور سيــــــــف الهاشمي، استشاري أول أمراض نفسية وعصبية: الرهاب الاجتماعي هو اضطراب مزمن يتميز بخوف مفرط وغير مبرر من الإحراج والهوان في المواقف الاجتماعيــــة، ويــــؤدي إلى ضيق شديد وعدم القدرة على أداء الوظائف اليومية، ويعد اضطرابا شائعا يبدأ في الطفولة أو سنوات المراهقة، وإن لم يتم علاجه فإنه يؤدي إلى مشاكل نفسية متعددة.
ويضيف الدكتور: يمكن معرفة الشخص أنه يعاني من الرهاب الاجتماعي عندما يجد نفسه يشعر بالقلق الزائد والارتباك كثيرا عندما يواجه الناس، وخاصة الغرباء، أو عندما يُطلب منه أداء وتقديم أي شيء أمام جمهور من الناس، فيكون عنده إحساس قوي بالخوف من التعرض للانتقاد والإحراج، فهو يرى نفسه غير كفؤ لأداء أي شيء أمام الناس.
قلق وتوتر
تؤدي العوامل البيئية المحيطة والعوامل الوراثية دورا كبيرا، وقد ينشأ الرهاب الاجتماعي من ارتفاع مستوى الناقلات العصبية في الدماغ كالسيروتونين، والغلوتاميت، وفرط نشاط عدة دوائر عصبية في الدماغ، وتأثير الوالدين والزملاء على الشخص المصاب بالرهاب الاجتماعي ويتمثل في توتر الوالدين وعصبيتهم المتكررة وأسلوبهم المتشدد في الانتقاد، بالإضافة إلى تصرفات الطفل أو حمايته بشكل مفرط، وإساءة معاملة الطفل وإهماله.
وأشار الدكتور إلى أن مريض الرهاب الاجتماعي بحاجة إلى العلاج، لأنه يعاني من بعض الأعراض النفسية والسلوكية، ويواجه صعوبة في التعامل بحياته الاجتماعية، ويعاني من الشعور بالقلق والتوتر عندما يكون مع أشخاص كثيرين، ولا يمكنه التعرُّف على أشخاص جدد، ولا يتفاعل اجتماعيا، ودائم الصمت، ولا يستطيع النظر إليهم وتناول الطعام أمام الآخرين.
وذكر الدكتور أن الجلسات الجماعية مفيدة جدا، ولكن المشكلة تكمن في أن المصابين بالرهاب الاجتماعي يتحسسون من المشكلة نفسها ويغلب عليهم الشعور بالخجل والاستحياء، وبالتالي لا يحبذون أن يعلم الآخرون بمخاوفهم، ومن الطرق المتبعة في العلاج هي مواجهة المخاوف، حيث يعد التدرّج مفيدا في معالجة المواقف المحرجة والمقلقة، وقد تكون الطريقة بطيئة المفعول ولكن فائدتها طويلة المدى، كما تساعد في إعادة الثقة للشخص.
ويمكن التغلب على الرهاب الاجتماعي عن طريق المعالجة النفسية، حيث تحسن المعالجة النفسية الأعراض لدى معظم المرضى، فقد يتعلمون الوسائل والمهارات لتغيير طريقة تفكيرهم والتغلب على المواقف المزعجة، ويعد العلاج النفسي فعالا حال الانتظام في الجلسات، إضافة إلى تناول الأدوية، فتعد مثبطات استرجاع السيروتونين الانتقائية من أبرز أنواع الأدوية التي تستخدم بشكل أولي وأساسي في علاج الرهاب الاجتماعي، وأدوية أخرى تخفف من أعراض القلق والاكتئاب.
مواجهة ممكنة
وأضاف أن عمل بعض التغييرات في نمط الحياة مفيد في معالجة الرهاب الاجتماعي، كالابتعاد عن الخجل وطلب المساعدة قبل أن تتفاقم الحالة ليتمكن من التغلب عليها بشكل أفضل، واستعمال مدونة لتسجل فيها الأحداث اليومية وما هي الأمور التي تسبب التوتر بكل أكبر، كما أن ترتيب الأولويات يساعد لتحديد أهم الأمور، لتقضي فيها وقتك وجهدك، ويساعد على تجنب القلق، وممارسة الرياضة بانتظام وتعلم مهارات الاسترخاء، وتجنب الكافيين وتناول غذاء صحي ومتوازن، والتدرب على المشاركة في الأنشطة الاجتماعية بصحبة أناس ترتاح بالوجود معهم، ويسهم التواصل البصري مع الآخرين بشكل متعمد ومحاولة البدء بالكلام قدر المستطاع، وتذكير نفسك دوما بعد المواقف المحرجة بأن المشاعر التي تشعر بها مؤقتة، وأنه يمكنك التغلب عليها، وأن معظم الناس لا يلاحظون أو يهتمون بالقدر الذي تعتقده.
وعن مدة علاج الرهاب الاجتماعي قال الدكتور: لا يمكن تحديد مدة علاج الرهاب الاجتماعي، لأنها تختلف من مريض لآخر، كما يتم تحديدها بناء على شعور المريض بالتحسن ومدى استجابته للعلاج، وبصرف النظر عن المدة التي يعانيها الشخص، وعلاج الرهاب الاجتماعي بالأدوية ليس كافيا، والعلاج النفسي بمفرده أيضا، إنما هو مزيج من الاثنين معا.
اكتشاف المواقف
وعرج الدكتور سيف الهاشمي قائلا: يمكن الوقاية من مرض الرهاب الاجتماعي عن طريق اكتشاف المواقف التي تثير القلق، فعادة لا يظهر الرهاب الاجتماعي بالمستوى نفسه للجميع، ويساعد تحديد سبب الشعور بالقلق من بعض المواقف على اتخاذ الخطوات لإيجاد الحلول للمواقف التي تثير القلق، وهناك بعض المواقف التي تسبب الانزعاج، وتشعر أنك غير قادر على مواجهتها، وتتضمن إجراء بعض المقابلات الشخصية للتقدم إلى الوظيفة، وتقديم نفسك لشخص جديد في دائرة المعارف.
ويضيف: المبادرة تكمن ببعض التغييرات في الحياة اليومية عندما يتعلق الأمر بإدارة القلق الاجتماعي والتغلب عليه، فيمكن اتخاذ قرار والتطوع لبدء محادثة والتعامل مع الأشخاص بدلا من الشعور بالتوتر الشديد، وهناك بعض الأفكار التي يمكن البدء بها كالتواصل الاجتماعي مع أحد الأقارب، وطلب التنزه إلى أي مكان، وإطراء النفس باستمرار بكلمات كأن تقول لنفسك إنك شخص شجاع وواثق بنفسه.
كما يساعد التدريب مع أشخاص تثق بهم في الوقاية من الرهاب الاجتماعي، من خلال الطلب منه أن يقوم ببعض الأدوار في حياتك، وإجراء بعض المحادثات، من خلال السيناريوهات التالية التي تساعدك على تخطي الرهاب والقلق، وتكون بمثابة التدريب على التعامل مع بعض المواقف الاجتماعية.
