No Image
عمان اليوم

"التخدير".. تخصص نادر ونقص في الكوادر !

05 نوفمبر 2022
05 نوفمبر 2022

د. ريا البحرية: علاقتنا بالمرضى تبدأ قبل العمليات ونعطي الجراحين الضوء الأخضر -

خوف البعض من التخدير ونقص الوعي أبرز تحدياتنا -

يعد طب التخدير من أصعب التخصصات الطبية، حيث يقوم أخصائي التخدير بالإجراءات اللازمة للمريض، التي تمنع شعوره بالألم أثناء إجراء العمليات الجراحية الصغرى أو الكبرى، وذلك من خلال إعطائه نوع وكمية المخدر التي تناسب حالته وتعتمد على عدة عوامل مثل، عمره وتاريخه الصحي.

وتحدثت الدكتورة ريا بنت سيف البحرية استشارية تخدير أطفال ورئيسة وحدة التخدير بالمستشفى السلطاني للحديث بتفاصيل أعمق عن مهنة التخدير قائلة: "من أبرز مهمات دكتور التخدير تثقيف وتوعية المريض من خلال شرح جميع ما يتعلق بالتخدير وأنواعه والآثار الجانبية للمريض في حال حدوثها وذلك في عيادة ما قبل التخدير، ومراقبة ومتابعة حالة المريض أثناء العملية من خلال التحكم في مستوى وعي المريض، والاستجابة للألم، وتوتر العضلات، إضافة إلى تحديد وإعطاء جرعة التخدير المناسبة للمريض، من خلال الرجوع إلى التاريخ الصحي للمريض وعمره وطبيعة الإجراء الطبي، والحرص على الإفاقة للمريض بصورة جيدة بعد الانتهاء من العملية الجراحية"، مؤكدة أن التخدير تخصص نادر وحرج، ونعاني بشكل كبير من قلة كوادر أطباء التخدير بسلطنة عمان نظرا لصعوبة التخصص، فهي مهنة شاقة تستنزف طاقة ومجهودا ذهنيا كبيرا جدا، وطبيب التخدير ملم بجميع التخصصات الطبية حتى يكون طبيب تخدير ناجحا ومؤهلا.

وأضافت البحرية: "إن نسبة الأمان في التخدير أصبحت عالية نظرا للتقدم الطبي مقارنة بما كان عليه في الماضي، ونظرا لخطورة وحساسية مهنة طبيب التخدير يتوجب على من يعمل في مجال التخدير أن يمتلك مجموعة من المهارات أبرزها قدرته على ضبط أعصابه وتحمّل ضغوطات العمل والضغط النفسي المترتب عليه، وتمكنه من اتخاذ القرارات بشكل سليم، وتحمّل المسؤولية، بالإضافة إلى قوة الملاحظة والمتابعة بشكل مستمر".

وأوضحت الدكتورة ريا أن الخوف من التخدير مشكلة أزلية مع معظم الناس بسبب سماعهم لتجارب الآخرين وعلى أساسها تكونت لديهم معتقدات ومفاهيم خاطئة ليس لها صلة بالواقع والصحة، فعلى سبيل المثال يخاف بعض المرضى من النوم وعدم الإفاقة بسبب التخدير، وبعضهم يفصح لطبيب التخدير أن نومه خفيف ويطلب زيادة جرعة التخدير، وهذه كلها مفاهيم خاطئة لأن التخدير يعتمد على الوضع الصحي للمريض ونوع العملية، مشيرة إلى أن كثيرا من المرضى يرفضون التخدير رغم الشرح المفصل الذي نقدمه لهم في عيادة ما قبل التخدير، والاستماع لجميع استفساراتهم والإجابة عليها بكل مصداقية ووضوح وشفافية! ودعت إلى ضرورة أخذ معلومات التخدير من مصادر موثوقة ورسمية، وليس من تجارب الناس أو آراء ووجهات نظر شخصية، والبعد عن وسائل التواصل الاجتماعي التي من الممكن أن تنشر من خلالها معلومات مغلوطة.

وقالت استشارية تخدير أطفال ورئيسة وحدة التخدير بالمستشفى السلطاني "إن علاقة طبيب التخدير بالمرضى تبدأ قبل العملية، حيث يتم الجلوس مع المريض ومراجعة تحاليله وقصته المرضية كاملة، وبالتالي نعطي طبيب الجراح الضوء الأخضر لخضوع الحالة للعمليات، فبعض الناس يتوقع أن طبيب التخدير هو شخص لديه إبرة يدخل غرفة العمليات قبل بدء العملية للتخدير فقط، فعملنا لا يقتصر على ذلك بل نراقب حالة المريض ووعيه وضغطه ونبضه حتى تنتهي العملية الجراحية"، معرجة في حديثها إلى أن هناك تحديات مع المرضى، البعض وليس الكل، وهو قلة الوعي بمفهوم التخدير وضعف الثقافة والدراية الكافية بالتخدير، وقمنا في عيادة ما قبل التخدير بعمل منشورات ومطويات عن التخدير بشكل عام ونصائح توعوية للوصول للفئات المستهدفة بشكل عام وتعزيز وعيهم في هذا المجال.

وعن أصعب الحالات التي توضع تحت التخدير؟ أجابت البحرية: "أصعب الحالات هي الطارئة لأشخاص وقعوا في حادث، فلا نعرف عن حالتهم الصحية مثلا هل لديهم أمراض أو مشاكل صحية، وفي مثل هذه الحالات الطارئة نجهز جميع الاحتياجات والأجهزة حتى نكون على أتم استعداد تحت أي ظرف".

وتحدثت الدكتورة ريا عن أنواع التخدير وهي التخدير الكلي الذي يتم فيه السيطرة على النوم والشعور بالألم وإرخاء العضلات، والتخدير الجزئي الذي يسيطر على السيالة العصبية في الأعصاب الخارجة من الجهاز المركزي كتخدير عصب أو مجموعة من الأعصاب كالتخدير الشوكي، ويعد هذا النوع من التخدير مهما في الفترة الأخيرة بسبب قلة تأثيراته الجانبية على المرضى وزيادة نسبة الأمان التخديري، والتخدير الموضعي من خلال حقن الدواء المخدر موضعيا حول الجرح أو تحت الجلد ويصلح في أنواع معينة من العمليات، ويتم اختيار نوع التخدير بحسب متطلبات العملية وبعد مراجعة التاريخ المرضي للمريض.

وقالت البحرية: يتم التخدير على ثلاث مراحل وهي فقدان المريض لوعيه وذاكرته بشكل مؤقت، ثم فقدان الإحساس بالألم، وأخيرا شلل مؤقت في كل عضلات الجسم، وتوجد للتخدير مضاعفات لبعض الحالات مثل القيء وغثيان بعد العملية، والصداع في بعض الأحيان، موضحة أن التخدير النصفي أو الجزئي هو الأفضل للنساء خلال الولادة ما لم يكن هناك مانع يستدعي التخدير العام، حيث ممكن أن يسبب التخدير الكلي للنساء خلال الولادة ارتجاع السوائل من المعدة للرئة وبالتالي حدوث التهابات رئوية.

وحول منع المريض من شرب الماء بعد العملية، أوضحت الدكتورة ريا أن السبب في منع المريض من شرب الماء أو تناول الطعام بعد العملية الجراحية هو أن الأمعاء تكون خامدة بسبب المخدر الذي أعطي للمريض فإذا أكل المريض أو شرب فإنه يتقيأ وممكن أن يسبب اختناقا.

واختتمت الدكتورة ريا حديثها قائلة: يجب أن يتوقف المرضى عن تناول الطعام لمدة لا تقل عن ست ساعات قبل إجراء العملية، وفيما يتعلق بانتهاء مفعول التخدير من الجسم فذلك يكون تدريجيا ويعتمد على نوع التخدير والأدوية المستخدمة.