No Image
عمان العلمي

«جيمس ويب» والمجرات القزمة

20 مارس 2024
ملاح بين النجوم
20 مارس 2024

  • «جيمس ويب» ليس مجرد ملاحًا يجوب الكون فحسب، بل هو مفتاح لفهم الألغاز الكونية العميقة. فمع كل صورة جديدة يلتقطها، يمضي العلماء قدما للكشف عن الطبقات المتعددة للكون بطرق لم تكن ممكنة من قبل.

تم إطلاق تلسكوب جميس ويب في عام ٢٠٢١ إلى الفضاء المجهول ليكشف لنا أسرارا جديدة ومعجزات عن عالمنا وفضائنا الهائل المجهول الذي يتمدد ويتوسع بشكل مستمر ودائم. ويعد «جيمس ويب» ثورة في مجال العلم والفهم الكوني، وهو أقوى وأعظم تيليسكوب تم إطلاقه إلى الفضاء حتى الآن، ويأمل العالم أن يسهم في توسيع نطاق فهمنا للكون منذ بداية نشأته، أكثر من أي وقت مضى.

ومن بين الاكتشافات العديدة التي يسعى التلسكوب لتحقيقها، هي رؤية «المجرات القزمة» والتي تشكل بدورها جزءًا مهمًا لفهم كيفية بداية الكون ودينامكيته.

ولا يزال تكوّن هذه المجرات يقبع في خانة التساؤلات، حيث من الممكن أن يكون سبب تكونها هو تصادم بين مجرتين عملاقتين.

وقد اكتشف فريق دولي من العلماء أن هذه المجرات القزمة قد لعبت دورًا حيويًا مهمًا خلال مرحلة صعبة من تطور كوننا الذي حدث قبل ٥٠٠ إلى ٩٠٠ مليون سنة بعد الإنفجار العظيم، كما يفوق عدد المجرات القزمة عدد المجرات الأكبر في كوننا إلى حد كبير، ومن المحتمل أن تكون طاقة هذه المجرات الصغيرة هي التي تسببت في إعادة تأين الكون، وهي عملية حاسمة في تطور الفضاء من حولنا.

وتعد الفترة التي تمتد إلى ما قبل ٣٨٠ مليون سنة، وبعد حدوث الإنفجار العظيم، والتي يطلق عليها حقبة إعادة التركيب لكوننا الحالي - الذي يبلغ عمره ١٣.٨ مليار سنة - مرحلة مبهمة. ويرجع السبب في ذلك إلى أن الكون كان عالي الكثافة وكانت درجات الحرارة مرتفعة للغاية ، حيث ارتدت الإلكترونات إلى مالا نهاية حول جزئيات الضوء التي تعرف بالفوتونات.

وقد حدث التغيير الأكبر في كوننا خلال تلك الفترة، حيث إن حرارة الكون قد بردت مع التوسع الذي حدث فيه، الأمر الذي أعطى الحرية للإلكترونات بالإرتباط بالبروتونات، مما أدى لخلق ذرات الهيدروجين الأول، وهو العنصر الأخف وزنا في الكون، وكانت هذه العملية هي البداية الأولى لسطوع الضوء في الكون. بعد ذلك بـ400 سنة بدأت عملية ولادة النجوم والمجرات لأول مرة.

وتكمن أهمية تلسكوب جيمس ويب في الكشف عن الطاقة التي تنطلق من داخل المجرات القزمة والتي تنتج بفعل الأشعة التراكمية. ولم يتوقع العلماء أن تلعب هذه المجرات دورًا مهمًا وفعالًا في انتاج الأشعاع المؤين بسبب صغر حجمها وأن تكون طاقتها أعلى بأربع مرات مما توقعوا.

ويحتوي هذا الجهاز العجيب «جيمس ويب» على معدات متطورة تتيح له الكشف عن المجرات القزمة بطرائق لم تكن ممكنة من قبل، مما يسمح للعلماء بدراسة تكونها وتطورها، والدور الذي تلعبه في النسيج الكوني.

إلى جانب ذلك، يتتبع جيمس ويب ظاهرة الأشعة التراكمية، وهي عمليات تشكل جزءًا أساسيًا من ديناميكيات الكون. وتنشأ هذه الأشعة نتيجة لتراكم المادة مثل: الغاز والغبار حول النجوم الجديدة أو الثقوب السوداء، ما ينتج عنه توهج قوي يمكن رصده.