1220395
1220395
روضة الصائم

رسائل الرسول إلى الملوك والزعماء - رسالتا النبي الكريم إلى «المنذر بن ساوى.. ملك البحرين» «شفاعة المنذر في قومه»

18 مايو 2019
18 مايو 2019

إعـــــــداد: مـــــــيرفت عزت -

لم يكن «النبي» صلى الله عليه وسلم يعرف القراءة ولا الكتابة، بل كان أميا، ولذلك أتخذ كتاباً من أصحابه رضى الله عنهم، يكتبون له في مجالات شتى، فمنهم من كتب الوحي، ومنهم من كان يكتب ما يعرض له من حوائج وأمور طارئة، ومنهم من كان يكتب المعاملات وسائر العقود، وكان منهم من يختص للكتابة بين يديه ، ومنهم من كان يكتب نيابة عن غيره.

ولما أراد «النبي» صلى الله عليه وسلم أن يكتب إلى الملوك والأمراء قيل له: إنهم لا يقرأون كتاباً إلا إذا كان مختوما، فاتخذ خاتماً من فضة، نقش عليه (محمد رسول الله)، وكان النقش ثلاثة أسطر، جاء لفظ (الله) في أعلى الدائرة، وفي الوسط كلمة (رسول)، وفي الأسفل كلمة (محمد).

ولم تكن رسائل «النبي» صلى الله عليه وسلم مؤرخة بتاريخ، إذا لم يكن ثمة تاريخ معتمد أو متفق عليه بين العرب، ومع اتفاق المؤرخين على أن النبي صلى الله عليه وسلم بدأ بإرسال الرسائل مرجعه من الحديبية، فثمة اضطراب في الروايات التي ذكرت تاريخ إرسالها.

يوضح الدكتور محمد أمين شاكر حلواني في كتاب «عالمية الإسلام- ورسائل النبي(ص) إلى الملوك والأمراء»، ذكر الحافظ أبو الفتح بن سيد الناس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث كتاباً إلى المنذر بن ساوى العبدي مع العلاء بن الحضرمي، بعد انصرافه من الحديبية. وقيل: قبل منصرفه من الجعرانة، وقيل: قبل فتح مكة.

الرسالة الأولى: بسم الله الرحمن الرحيم، من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى، سلام على من اتبع الهدى، أما بعد فإني أدعوك إلى الإسلام، فأسلم تسلم، وأسلم يجعل الله لك ما تحت يديك،وأعلم أن ديني سيظهر إلى منتهى الخف والحافر.

والعلاء بن عبد الله بن عماد الحضرمي، حليف بني عبد شمس، أصل أبيه من حضرموت، لكنه سكن مكة، وأسلم في بدء الدعوة، وهو من كتاب الوحي، وكان فصيح اللسان قوي البيان ذا حكمة. وارتبط اسمع بالبحرين منذ السنة السابعة للهجرة، وعاش فيها فترات طويلة، وكان مقربا للمنذر، يعاونه في تصريف أمور الدولة، وبعد وفاة المنذر ولاه أبو بكر رضى الله عنه على البحرين، ثم أقره عمر رضى الله عنه، وقيل استعمله النبي صلى الله عليه وسلم وأقره أبو بكر ثم عمر رضى الله عنهما، واستمر إلى أن مات. وقيل: ولاه عمر رضي الله عنه على البصرة، وفي أثناء السفر إليها مات في الطريق في قرية من أرض تميم على مقربة من أرض الكويت اليوم.

والبحرين اسم جامع لبلاد على ساحل الخليج بين البصرة وعمان، ويتبعها مجموعة من الجزر في الخليج، فيها عيون ماء عذب،وهجر قصبة البحرين. قيل: سميت بالبحرين لوجود بحيرة على باب الإحساء قدرت بثلاثة أميال في مثلها، ماؤها راكد لا يفيض.

يضيف الشيخ عبد الوهاب عبد السلام طويلة في كتاب «عالمية الإسلام- ورسائل النبي(ص) إلى الملوك والأمراء» وفي حوار بين العلاء بن عبد الله والمنذر: خرج العلاء بالكتاب إلى المنذر، ومعه نفر فيهم أبو هريرة رضي الله عنه وقال له: استوص بهم خيرا. وقال: إن أجابك إلى ما دعوتهم إليه، فأقم حتى يأتيك أمري، وخذ الصدقة من أغنيائهم فردها في فقرائهم.

قدم العلاء على المنذر وسلمه الكتاب، ثم قال له: يا منذر، إنك عظيم العقل في الدنيا، فلا تصغرن عن الآخرة، إن هذه المجوسية شر دين، ليس فيها تكرم للعرب، ولا علم أهل الكتاب، ينكحون ما يستحيا من نكاحه، ويأكلون ما يتكرم عن أكله، ويعبدون في الدنيا نارا تأكلهم يوم القيامة، ولست بعديم عقل ولا رأي، فأنظر هل ينبغي لمن لا يكذب ألا تصدقه؟ ولمن لا يخون ألا تأتمنه ؟ ولمن لا يخلف ألا تثق به؟ فإن كان هذا هكذا، فهو النبي الأمي الذي- والله - لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به، أو ليته زاد في عفوه، أو نقص من عقابه، إن كل ذلك منه أمنية أهل العقل، وفكر أهل البصر.

فقال المنذر: قد نظرت في هذا الأمر الذي في يدي، فوجدته للدنيا دون الآخرة، ونظرت في دينكم فوجدته للآخرة والدنيا، فما يمنعني من قبول دين أمنية الحياة وراحة الموت؟ لقد عجبت أمس ممن يقبله، وعجبت اليوم ممن يرده، وإن من إعظام ما جاء به أن يعظم رسوله، ثم قال: أشهد أن ما دعا إليه حق، وأن لا إله إلا الله ، وأن محمداً عبده ورسوله، وأكرم منزلة العلاء.

ثم أن المنذر عرض الإسلام على أهل البحرين، فمنهم من دخل فيه، ومنهم من بقي على دينه، ثم كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم رسالة يخبره فيها بإسلام أهل البحرين، حملها العلاء بن الحضرمي.

رسالة المنذر إلى النبي صلى الله عليه وسلم: أما بعد: يا رسول الله، فإني قرأت كتابك على أهل البحرين،فمنهم من أحب الإسلام وأعجب به ودخل فيه، ومنهم من كرهه، وبأرضي مجوس ويهود، فأحدث إلي في ذلك أمرك.

رجع العلاء بالرسالة، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم خبره، فسر بذلك، ثم أمر بكتابة رسالة أخرى، يشرح له فيها بعض الأحكام، وأرسلها مع العلاء أيضاً.

الرسالة الثانية إلى المنذر:

بسم الله الرحمن الرحيم. من محمد رسول الله، إلى المنذر بن ساوى، سلام عليك، فإني أحمد الله إليك الذي لا إله غيره، وأشهد أن لا إله إلا الله،وأن محمداً عبده ورسوله. وبعد، فإني أذكرك الله عز وجل، فإنه من ينصح، فإنما ينصح لنفسه، ومن يطع رسلي، ويتبع أمرهم، فقد أطاعني، ومن نصح لهم فقد نصح لي، وإن رسلي أثنوا عليك خير الله، وإني قد شفعتك في قومك، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه، وعفوت عن أهل الذنوب، فاقبل منهم، وإنك مهما تصلح فلن نعزلك عن عملك، ومن أقام على يهوديته أو مجوسيته فعليه الجزية.

وفى دراسة للرسالتين: الرسالة الأولى قصيرة مختصرة، مكونة من سبع وأربعين كلمة، بما فيها ثلاث كلمات الخاتم، تدعو المنذر وقومه إلى الإسلام، تبدأ بالبسملة، وتنتهي بالتأكيد على انتشار دين الإسلام.

والرسالة الثانية مكونة من عشرة أسطر، فيها 97 كلمة بما فيها كلمات الخاتم، يقع الختم النبوي في الجهة اليسرى، وقد غطى المداد الدائرة بأكملها، وبقيت ثلاث كلمات المحفورة بلون أزرق.