No Image
رأي عُمان

يوم الأرض الفلسطيني.. ودلالة الصمود

30 مارس 2024
30 مارس 2024

ليس واضحا على وجه التحديد ما إذا كان العالم الذي يتعاطف -أخيرا- مع الشعب الفلسطيني المتعرض لأسوأ إبادة جماعية في القرن الحادي والعشرين، يستطيع الشعور بما يشعر به الفلسطيني وهو يحتفي بذكرى «يوم الأرض الفلسطيني» الذي استذكره الفلسطينيون أمس بكثير من الألم وهم يعيشون أسوأ أيامهم منذ بدء الاحتلال الصهيوني على أرض فلسطين.. فيوم الأرض العالمي الذي يصادف 22 من أبريل يسعى لإظهار دعم الناشطين البيئيين بخطر التلوث الذي يهدد الأرض نتيجة تطرف أنشطة الإنسان في البيئة.. أما يوم الأرض الفلسطيني فهو مناسبة للتذكير بصمود الشعب الفلسطيني على أرضه المحتلة رغم كل عمليات الإبادة والجرائم التي يتعرض لها الفلسطينيون منذ أكثر من 75 عاما، ورغم قوافل الشهداء التي لا تنتهي، ورغم الدماء التي تسيل على أرض فلسطين فلا تنبت إلا المزيد من العزة والكرامة والصمود.

وفي ظل الحرب الجائرة التي يشنها جيش الاحتلال الصهيوني منذ ستة أشهر على غزة والتي استشهد خلالها أكثر من 32 ألف فلسطيني غالبيتهم من الأطفال والنساء قدم الفلسطينيون دلالة جديدة ليوم الأرض الفلسطيني فهو ليس مجرد يوم في روزنامة التاريخ إنه رمز للنضال من أجل الأرض والهُوية وتجسيد لجوهر الارتباط الحقيقي بين الفلسطيني وأرضه فمهما كان عدد الشهداء ومهما كانت الجرائم التي ترتكب إلا أن التمسك بالأرض مقدس لا تفريط فيه أبدا.

لقد سلطت مناسبة يوم الأرض أمس ضمن سياقها التاريخي الضوء على أن النضال من أجل الأرض والتمسك بها كان في جوهر السردية الفلسطينية، إنه صراع يسبق ظهور الكيان الإسرائيلي وتطور منذ ذلك الحين في صراع معقد إلا أن جوهره واحد ومساره واحد، وما هذه المناسبة إلا تذكير به في لحظة كان لا بد للعالم أن يرى ويسمع الحقيقية.

ورغم روائح الموت، وصور الخراب والدمار، ورغم التوحش الصهيوني الذي أحال غزة إلى أرض محروقة ورغم المعاناة التي لا يستطيع إلا القليل من الناس في جميع أنحاء العالم استيعابها بالكامل، فإن روح التمسك بالأرض ورفض التهجير ما تزال حاضرة في الوجدان الفلسطيني ولا تولد هذه القوة وهذا الصمود إلا من إيمان حقيقي بعدالة القضية وبالارتباط الحقيقي بالأرض والشعور العميق بالانتماء إليه وبأنها جوهر كيان الفلسطيني وهويته وثقافته.

وإذا كانت هذه الصورة القوية لرابطة الفلسطيني بأرضه وبهويته وبتاريخه قد لفتت العالم فإن هذه المناسبة لا بد أن تتجاوز الجانب الرمزي إلى عمل جماعي يبحث عن حل نهائي للقضية الفلسطينية ليبقى الارتباط المقدس للفلسطيني بأرضه لا ينازعه فيه أحد، ولتبقى قصص الشجاعة التي تنبثق كل يوم من الأرض الفلسطينية درسا للعالم أجمع في معنى حب الأوطان ومعنى التضحية من أجلها.

وليبقى الطريق نحو المستقبل مُعبّدا بالاحترام والصدق والحوار بعيدا عن ندوب الحرب وآلامها.. ولا يمكن أن يتحقق كل ذلك إلا بحل شامل وعادل يسمح للفلسطينيين أن يعيشوا بسلام وأمان على أرضهم التاريخية التي لا يمكن إلا أن تكون وطنهم.