صوت السلام الذي ترفعه «شباب عمان»
17 أغسطس 2025
17 أغسطس 2025
ليس سهلا أن يتحدث أحد عن السلام في اللحظة التي يكون فيها العالم منشغلا بالحرب وغارقا في الإبادة والتجويع حد الموت، سواء كان هذا العالم مرتكبا لها أو كان داعما لها بطريقة أو بأخرى، فالطفل الذي يموت جوعا لا يهمه إن كان قد مات بسبب من منع عنه الطعام أو من تواطأ معه.
لكن ذلك الصعب لا يمكن التفريط فيه، أو إسكات صوته؛ فمهما كان سواد الليل وحلكته فإن بوارق النور مهما كانت خافتة تبقى مهمة لأنها تحيي ما تبقى من الأمل. والعالم اليوم في أمس الحاجة إلى أي أمل أو بارق نور لينتشله من هذه الظلمة التي ترخي سدلها عليه.
وبوارق الأمل متنوعة، ومساراتها مختلفة. فإذا كانت قمة ترامب وبوتين تحمل رمزية يمكن أن تُبنى عليها بعض الآمال مهما كانت ضئيلة فإن المشاريع الثقافية/ الحضارية التي تنطلق في العالم هنا وهناك تحمل بصيص نور ومصباح أمل يقول للبشرية إنّ في العالم من هم ما زالوا معنيين بالسلام وحريصين على ألا تنقطع خيوط الترابط الإنساني مهما عظمت الكوارث.
ومن بين المشاريع التي تستحق أن نضعها في هذا السياق مشروع سفينة «شباب عمان» التي تطوف موانئ العالم وهي تحمل شعارا ضمنيا مفاده أن البشر يمكن أن يلتقوا على الكثير من القيم إن لم يستطيعوا أن يلتقوا عند منصات السياسة.
وفكرة مشروع سفينة «شباب عمان» تختزل الفكر العماني الذي يصر على أن الكثير من القيم والمبادئ الأخلاقية يمكن أن تجمع بين البشر وتجعلهم يتجاوزون الأحقاد التاريخي منها والآني رغم فداحة الأحداث ورسوخها ولكنّ السلام يمكن أن يجبّ ما قبله، والناس أقرب استئناسا بالسلام عندما يعيشونه منهم إلى السعي وراء الحرب وأحقادها وندوبها.
لا يمكن النظر إلى رحلة «شباب عمان» ومرورها بالموانئ العالمية إلا في هذا السياق، وهو سياق متناغم مع السياسة العمانية كما هو متناغم مع الفكر العميق للمجتمع العماني وهو حصاد تجارب وخبرات طويلة راكمها العمانيون عن معرفة وتجربة بأحوال الدنيا وتقلبات البشر. وما أحوج العالم اليوم إلى مثل هذه المشاريع التي تجمع الناس على مبادئ يتفقون عليها ويميلون إليها أكثر بكثير من تلك التي تفرق بينهم.
والحقيقة أن الشعوب في كل مكان لا تحب الحرب ولا تطربها؛ ولكن الأمر ليس بيدها دائما.. ومن المهم جدا أن تشعر شعوب العالم الغربية بشكل خاص أن الشعوب العربية والإسلامية لا تقل ميلا للسلام والمحبة منها ولكنها كما تنشده لغيرها فإنها تنتظره لها أيضا. وليت المنظمات الدولية والمؤسسات الثقافية والفكرية في العالم تشتغل في مشاريعها وفي أطروحاتها بتكريس هذه المفاهيم حتى يتجاوز العالم هذه الأحقاد وحتى يستطيع صوت السلام ـ مثل ذلك الذي ترفعه «شباب عُمان» ـ أن يسمع العالم أجمع ليعرفوا كم هو مهم للعالم ولمسارات مستقبلهم.
