سنان أنطون: في الرواية الأولى يكتب الكاتب عن العالم الذي يشعر أنه يعرفه
- «كتابة الشعروالرواية أشبه بالعزف على آلتين مختلفتين»
- «هناك جبال من النصوص، والمهم كيف أقول ما قيل بطريقة مختلفة؟»«أحاول أن أصغيلهموم الناس اليومية ما استطعت»
- «النصوص الأدبيةتلعب دورا في إعطاء ذاكرة مختلفة»
- «لا أستطيع كتابة روايات حواراتها بالفصحى لأنها ستصير دراما مدبلجة»
وصف الكاتب والمترجم العراقي سنان أنطون نفسه بـ»المحظوظ» لوجود كتب مبعثرة في البيت حوت دواوين شعر في سرده عن البدايات التي شكلته وقراءاته المعرفية ورغبته في الكتابة، بل وكان محظوظا لأنه لم يترك العراق في عمر صغير قد يفقده الصلة باللغة الأصلية أو أن يتعرض لالتباس في الهوية، بل قضى فيها ربع قرن في بيت توفرت فيه الكتب عن طريق والدته التي كانت تشتريها في زمن كان للقراءة الساحة الأكبر كمهرب وكهواية إلى جانب التعليم الذي وصفه بالممتاز في العراق.
أن أصبح شاعرا
وفي الجلسة التي أقامتها اللجنة الثقافية لمعرض مسقط الدولي للكتاب، سألت الكاتبة هدى حمد عما كان ضيف الجلسة يريد أن يصبحه عندما يكبر فقال: «في بلداننا الشعر شيء مهم، وكل أحد يحلم أن يكون شاعرا ثم يترك هذا الحلم إلى شيء آخر»، وأضاف: «في الثانوية كنت أكتب الرسائل العاطفية لزملائي، حتى قال لي أحدهم «أنت موهوب»، ومنذ ازداد الوعي بدأت أقرأ بشكل جدي للكتاب العالميين، وصارت عندي الرغبة للذهاب إلى أماكن أخرى عبر الكتب».
وأضاف: «بالنسبة لي، فأنا مهموم بالمهمشين والضحايا. عشنا هذه الحرب ورأيت أصدقائي يعودون في توابيت وحاولت النشر وكانت تلك رغبة ملحة بانعدام المنصات، وحدث أن تأخرت في النشر. معظم ما كتب في أدب الحرب كان غريبا، ويتحدث عن العراقيين بشكل غير الذي نعرفه وكنت أريد أن أكتب رواية ليعرف الناس كيف يعيش الإنسان في هذا الواقع».
الرواية والشعر
يكتب سنان الشعر والرواية معا، يقول حول هذه المسألة: «هي نفس الإرهاصات، كتابة الشعر ليست سهلة، وكذلك الرواية، ولكن النصوص الشعرية بالذات تبدأ من لحظة معينة والرواية تعطي مجالا أكبر فهي مسرح كبير تضع فيه شخصيات ويدخل فيها تاريخ، أما الشعر عبارة عن انفعالات تتحول لنص معين. أشبه المسألة بعزف على آلتين مختلفتين».
وأضاف: «اكتشفت أن رواية كاملة بذرتها كانت قصيدة رواية (الفهرس) مثلا، والأشياء لها معان تكتسبها من وجودها بقربنا هكذا هي البذرة».
وعما إذا كان يمضي إلى التجريب في كتابته، قال: «حتى لا أشعر من الملل من نفسي. ورغبة كل كاتب أن لا يكرر ما هو موجود، وهناك جبال من النصوص، والسؤال هو كيف أقول ما قيل بطريقة مختلفة».
الشخصيات والانتماء
وعن شخصياته التي لها هاجس الانتماء يقول: «كل شخصياتي واقعية، وما حدث من إشكاليات كبيرة في العراق وسوريا واليمن إلى جانب ما حدث في ٢٠٠٣، وتفكيك الدولة العراقية، وتدمير فكرة العراق وكيف يكون المرء عراقيا، وما حدث من تمزيق للهوية العراقية، وحدث هذا في كل البلدان التي خاضت حروبا أهلية، وهذا موضوع أساسي لا مهرب منه، وهناك من يقرر أن يبتعد عن كل هذه الأمور، لكني أحاول أن أصغي لهموم الناس اليومية مهما استطعت».
بعيد عن العراق..قريب منه
في الحديث عن أعماله التي حملت العراق وصميمه لكنه يعيش بعيدا عنه، وحفاظه على هذه الصلة قال إن في الرواية الأولى يكتب الكاتب عن العالم الذي يشعر أنه يعرفه، الناس حولي مثلا لا يتحدثون الفصحى فلا أستطيع كتابة روايات حواراتها بالفصحى لأنها ستصير كدراما مدبلجة». وأضاف: «هناك الكثير من الروايات التي يجب أن تكتب، فالعراق بلد غني وثري بالتاريخ المعقد والأحداث العاصفة، وما حدث كثيف جدا ٣ حروب وحصار وحروب طائفية واقتتال».
الدفاع عن الذاكرة
وفي الحديث عن الذاكرة أشار أنطون إلى أن كل المجتمعات تواجه فقدان ذاكرة جمعيا، وأضاف: «يتمثل أحد أبعاد الرواية في إنتاج ذاكرة مغايرة. تفكيك الدولة العراقية وإنتاج خطاب جديد طائفي أحدث محوا للذاكرة العراقية، والنصوص الأدبية تلعب دورا في إعطاء ذاكرة مختلفة.
ابن الحجاج
وعن اهتمامه بابن الحجاج والكتابة عنه قال أنطون إنه كان يخطط للكتابة عن المعري لكن أثناء دراسته اكتشف أن الحجاج شاعر مهم وحظي بمكانة عند النقاد العرب ثم بدأ يختفي من كتب التاريخ الأدبي، وأضاف: «كان شعره يضيء الشعر العربي في تلك الحقبة ويستخدم المحكية البغدادية في بعض قصائده فأثارني هذا الموضوع».
أن تترجم نصك بنفسك
وعن ترجمته لنصوصه قال: «كثير من الكتاب يقولون إنهم بعد أن ينتهوا من الرواية يشعرون بالفراغ والحزن، وأنا تعلقت بالرواية ورغبت في أن أعود لعالم الرواية، ولو ترجمها شخص آخر (كان رح يدوخني) بالأسئلة والإيميلات فأردت أن أتحمل المسؤولية كاملة.
التلقي عند الآخر
ويشير أنطون في حديثه عن التلقي عند الآخر أن هناك شرائح مختلفة، وقال: هناك قراء مهتمون بالأدب العالمي ويبحثون عن الكتب القيمة، وفي الحقل الأكاديمي هناك من هو مهتم بالعالم بمعزل عن السياسة، وخارطة الأدب العربي المترجم تختلف عن خارطة الأدب العربي».
