"جرس إنذار" لإبراهيم اليوسف... رواية تنتمي لأدب الجائحة
القاهرة "العمانية": تدور أحداث رواية "جرس إنذار" للكاتب السوري إبراهيم اليوسف، في عمارة بإحدى المدن الألمانية، يقيم بها الراوي مع عدد من أفراد أسرته الذين يتوزعون على الشقق في الطوابق السبعة، خلال الأشهر الستة الأولى من فترة الحجر الصحي لمواجهة فيروس كورونا، إذ لاذ الناس ببيوتهم، وتوقفت المظاهر الحياتية وحركة الأسواق والمطارات والمهرجانات، وساد الرعب في كل مكان، وواصل الفيروس حصد أرواح الناس على امتداد قارات العالم. ترصد الرواية التي صدرت عن مؤسسة أروقة للدراسات والترجمة والنشر أول حالة إصابة بالفيروس في أسرة الراوي، عندما تلتقط زوجة أحد أبنائه الفيروس من طبيب أسنان، فيدب الهلع في الأسرة، وتبتعد المريضة عن أسرتها المكونة من ثلاثة أشخاص: هي وزوجها وطفلتهما، لتبدأ الأزمة؛ إذ إن الطفلة ترفض حالة عزلة أمها عنها وعن أبيها، ويضطر الوالد لخدمة زوجته والعناية بالطفلة التي تشتاق إلى رفيقاتها، فتتطوع طفلة أكبر منها سنًا لكسر جدار عزلتها. وتقسم الرواية الزمن إلى ما قبل كورونا وما بعد كورونا الذي اصطلح له بـ: (1-1-1 ب ك)، وثبته في مستهل الرواية، مشيرًا بذلك إلى ساعة الصفر في زمن ما بعد كورونا. وذلك بعد أن يقدم لها مفتاحًا أول هو: (كفي اليمنى باتت تحكّني، أربعون يومًا ولم أصافح أحدًا، إنه أكبر حدث من نوعه في حياتي). وفي مثل هذا النص المفتاحي ما يتضمن النوستالجيا الآدمية في الحنين الاجتماعي، كرد على حالة التباعد، والعزلة. وإذا كانت حالة أسرة محددة تمثل محور الرواية عمومًا، إلا أن الرواية تتناول قضايا عديدة، من بينها ارتباط المغترب بمكانه، إذ إن حالة الأهل داخل الوطن تظل مدار تفكير الأبناء والبنات الذين يتألمون لأحوال ذويهم في ظل حالة الحرب والحصار، وعدم توافر سبل الوقاية ومستلزمات علاج المرضى. ونجد في الرواية شخصية تترك كل شيء وراءها لتعود إلى الوطن، وتقف إلى جانب الأهل في هذا الظرف المعقد، كما نجد شخصية أخرى تعمل في مركز للبحوث لإيجاد اللقاح المناسب لهذا الوباء، على أمل أن تُضطر سلطات البلد الذي هاجرت إليه لتقديمه إلى أبناء بلدها. استخدم الروائي تقنيات عدة في هذه الرواية، منها: توظيف النص الشعري، وتوظيف المقال أو الدراسة، ليختلط الحلم بالواقع، فهناك استعانة بأسماء حقيقية، إلى جانب شخصيات ووقائع من صنع الخيال، وهو ما فعله الكاتب في عدد من أعماله السابقة، وعبر لغة يومية أو صحفية، بعيدًا عن لغة الشاعر التي يحاول اليوسف تجنبها في أعماله السردية. يذكر أن اليوسف أصدر ثلاثة كتب سابقة في إطار أدب الجائحة، هي:"خارج سور الصين العظيم-من الفكاهة إلى المأساة"، و"أطلس العزلة: ديوان العائلة والبيت"، و"جماليات العزلة في أسئلة الرعب والبقاء".
