بين اللهب والأمل.. لحن الصمود في جبل جوجب
شهدت جائزة حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم الدولية للتصوير الضوئي بنسختها الـ12 التي حملت عنوان "التنوّع" وأقيمت في حفل "أوبرا دبي" تتويج المصور محمد البحر الرواس بجائزة المركز الثاني في محور "التنوّع" وسط تنافس المئات من المحترفين والهواة من مختلف أنحاء العالم بأكثر من 80 ألف صورة في 25 جائزة مقسمة على سبعة محاور.
الصورة الفائزة تمثل لوحة فنية من جبل جوجب بمحافظة ظفار التقطتها عدسة محمد عبدالمنعم البحر الرواس الباحث والمصور في الحياة البرية، وتظهر الصورة رجلا وهو يمشي على آثار حريق غاضب، يروي تفاصيل مأساته في أرض الجمال والطبيعة وصورة الرجل يمشي كأنه شاعر يخطو على جانب من الزمن، يروي قصيدته بخطى ثابتة ينعكس على حركته ملامح التحدي والعزم، وكأنه يخوض معركة شاقة مع اللهب.. الحريق بطلا لا يرحم، ولكن الرجل يقف في وجهه بكل جرأة وصامت وسط الرماد وبقايا النيران، كأنه يحدّق بحزن في تلك الأرض الجرداء التي ابتلعتها نيران الحريق الغادرة، الحريق الذي امتد لأربعة كيلومترات شاهد على قوة النيران وضراوتها. لكن، كالزهرة التي تنبت من بين الصخور، يظهر البشر وقوافلهم بجهودهم وروح التضامن تتجلى قوة المجتمع وروح البقاء في صورة الناس الذين يقفون صفًا واحدًا مع الدفاع المدني، يسعون لإخماد لهيب الكارثة، هم أبطال يصرون على إعادة بناء أواصرهم مع الأرض وبعضهم البعض، يشكلون رمزًا للتكاتف في وجه التحديات.
وفي الزاوية الأخرى من اللوحة، لا حياة هناك سوى بعض الشجيرات اليابسة، تظهر حشائش تتسامى بفخر حيث إنها استطاعت بعناية الرحمن أن تنجو من لظى النيران على أمل أن تنبت مجددا لتذكرنا أن الحياة لا تموت بسهولة، وأن بوادر الخضرة ستعود لتزين تلك التلال مرة أخرى تؤكده شجرة خضراء تتوسط شاهدة على الحياة المستمرة، تعلن عن الأمل والقوة الباقية حتى في ظل الدمار، هكذا تكون الصورة لوحة شاعرية، تروي قصة الصمود والتكاتف في وجه الكوارث، حيث يرقص الإنسان بين آثار الحريق كشاعر يكتب قصيدته بأقداره وروحه القوية فربما يكون الحريق، بالرغم من قسوته، بداية لفصل جديد في رحلة الطبيعة، حيث تتجدد الحياة وتنبت أملا جديدا.