محاربو السرطان .. أبطال الأمل والصمود
صوت من الأعماق ينادي: أين أنتم يا من توقدون شموع الأمل في زمن العتمة؟ فيجيون بصوت مرتفع: نحن هنا أمام بوابات الصبر والجلد والصمود.
صوت الضمير العالمي يجمع على أنكم أقوى جنود الأرض، فأنتم من تخوضون معركة البقاء في خنادقكم المحصنة، تعيشون بين جدران غرفة منزوية عن عيون الناس، لكن إطلالة وجوههم البهية تزورها الشمس كل صباح وتودعها في المساء.. يتقلب الزمن وتثبت الأيام أنكم أشخاص رائعون في ميادين البطولات، تضربون أروع الأمثلة على صلابة الإنسان وتحمله مشاق الحياة.
أنتم وجوه «الحضور والغياب» في فلسفة البقاء حتى آخر الوقت، قد لا نراكم كثيرا، لكن استبسالكم في مقاومة المعتدي يمنح الآخرين معنى آخر «للدفء والاستقرار» رغم شدة الألم، أنتم بحق من تضيئون الشموع لطرد شبح العتمة، وتمنحون الغير فرصة النظر في مرآة الحياة بأمل يتجدد في كل لحظة، أنتم أيها الأبطال، لم تكونوا يوما مجرد ظل عابر لضوء الشمس عندما تنتصف في نهار قائظ، بل أنتم ركن أصيل في جسد هذا الوطن، فدائما تمنحون إخوانكم سكون الطمأنينة التي تتدلى من عناقيد شجرة الأمان لتظلل أوراقها وجه العالم.
«محاربو السرطان»، هم أبطال الأمل الحقيقين عبر الزمن، هم أيضا حالة إنسانية تبدو في ألوانها الزاهية، وعطر نفاذ مستخلص من عبق أزهار الأرض، كم نحبكم، فنحن منكم وسنظل إلى جواركم، كلنا نعيش على أمل بغد يحمل معه الكثير من الأمنيات بالشفاء والنجاح والفلاح.
ليست المناسبات هي التي تجمعنا بكم، وليست أصواتكم بعيدة عن آذاننا، بل نظراتكم تلاحقنا في سرمد الشوق المتأصل في أرواحنا البشرية، وأمد اللقاء يتجدد يوما بعد آخر، فحبال الوصل هي التي تجذبنا نحو أماكنكم القريبة إلى القلوب.
مهما جاء الغيم، وهطلت سحائب المزن، وحل ظلام الليل، فإن العتمة حتما ستنجلي بصمتها المطبق على أماكن الوجع، وسيأتي فجر آخر وفرج قريب من عند الله، ستخرجون من محنتكم سالمين ومن عنابركم منتصرين، وستغادرون فراش المرض، لتعودوا ثانية إلى عرينكم وإلى ثكناتكم كمحاربين أقوياء، وفي كل مناسبة تمر علينا ستجدون أماكنكم في قلوبنا وقلوب أحبتكم محجوزة بأسمائكم اللامعة، محفورة في سويداء الأفئدة إلى الأبد.
في ابتسامتكم سحر من نوع خاص، وفي خطواتكم مشوار حياة يتجدد مع كل نظرة شاردة نحو الخارج، أنتم من تزرعون الأمل في قلوب كل المصابين من حولكم، ستخرجون حتما من محنتكم لتكونوا أكثر قوة وصلابة في مواجهة المرض.
الحب الذي زرعتموه ببراءتكم في تربة القلوب الخصبة، سيطرح يوما زهورا وزنابق تتصارع عليها الفراشات والنحل، في رحلتكم كل يوم في خضم الحياة تكتبون تحدياتكم وقصص نجاحاتكم التي لا تنسى من الذاكرة.
الحياة جميلة بوجودكم، والابتسامة التي ترسم على شفاهكم.. رائعة كروعة قلوبكم النابضة دوما بالحياة والأمل والإصرار على مجابهة المرض والقضاء عليه، نحن بالخارج في انتظاركم، وعيوننا تبصركم من خلف زجاج الغرف، أما قلوبنا فهي الرفيق الدائم لكم بالدعاء في الصلاة والعبادة.
لن يجف أي نهر عابر من أمام مسكنكم، بل ستخبركم الأيام بأن الأمل دائما في الله موجود، كم نحن نتوق إلى ضحكاتكم واشتياقنا دوما لرؤيتكم معافين كما كنتم يوما، حتما ستأتون إلينا عندما تغادركم كل الأوجاع وتنصهر من أبدانكم العلل، نحن واثقون من صمودكم الطويل، فانتم على العهد الذي قطعتموه معنا، ستخرجون من محنتكم أبطالا عظام لا يهابون الموت، بل يصنعون من كفاحهم قصص تروى في سجلات المتعافين من المرض.
أنتم الوطن الصغير في قلوبنا، فعلى أصواتكم غنت البلابل فوق أغصان الشجر، ومن صمودكم تعلمت جميع الكائنات بأن الحرية تأتي بالقوة والكفاح، لذا أنتم أقوياء بما يكفي لانتزاع كل أشواك المرض من أجسادكم النابضة دوما بحب الحياة وأمل العودة إلى دياركم وأهلكم..نحن نحبكم لأنكم دوما أقوياء في مجابهة المرض.. نحبكم لأنكم عنوان الحياة ومبعث الأمل نحو غد مشرق سعيد.
