No Image
بريد القراء

حين تتحول التكنولوجيا إلى مرض!

31 أكتوبر 2025
31 أكتوبر 2025

من منّا لا يحب التكنولوجيا !، ومن منّا لم تدهشه الاختراعات الحديثة التي غزت كل جانب من جوانب الحياة العصرية ، كل شيء أصبح متاحا وقريبا جدا من وجوهنا ويحيط بنا من كل جانب.

في الماضي ، عندما ظهر الإنترنت كان الناس يرددون " العالم أصبح قرية صغيرة ، لم يكونوا على علم بأن القادم أجمل ، ومع توالي ظهور التطبيقات والبرامج سواء على الهواتف النقالة أو الأجهزة اللوحية والحواسيب المتطورة وغيرها صرنا نردد مرة أخرى :" العالم أصبح أصغر من عقلة الإصبع".

بعد سنوات من التقدم العلمي والتقني ، باتت هذه الطفرة التكنولوجية تنتج لنا أشياء أخرى لم نكن على دراية بها ، فكل الأشياء على وجه الأرض لها وجهان تماما كعملة النقود ، جانب مضيء ، وجانب معتم.

هذا الأمر وجدته من خلال تفسير الكاتبة المصرية مروة محمود إلياس عندما كتبت مقالا صحفيا نشرته مؤخرا تقول فيه:" لم تعد التكنولوجيا مجرد وسيلة لتسهيل الحياة أو تسريع إنجاز المهام، بل أصبحت محورًا رئيسيًا في تفاصيل يومنا منذ لحظة الاستيقاظ وحتى النوم.. الهواتف لا تفارق أيدينا، والعمل بات مرتبطًا بالشاشات، والتواصل الإنساني انتقل إلى مساحة رقمية باردة.. ومع هذا الارتباط المفرط، بدأت تظهر أمراض لم تكن موجودة من قبل، أمراض تكنولوجية صامتة تُنهك الجسد وتستنزف الذهن".. ومضت الكاتبة تسرد أهم نقاط الضعف التي أثرت بها التكنولوجيا على الإنسان خلال مراحل مختلفة.

ما دعاني إلى تناول هذا الموضوع ، هو ما لمسته واضحا على أحد أبنائي الذي بدأ منذ أيام يشكو من ألم في أصابعه نتيجة لعبه الطويل على شاشة "الآيباد"، وابن آخر تبدو عليه آثار الإجهاد في عينيه نتيجة استخدامه الطويل للحاسوب، وفي أجواء غير مناسبة للعين كالضوء الخافت.

شئنا أم أبينا علينا أن نعترف بأن التكنولوجيا قد أثرت على الكثير من أبنائنا وبناتنا، فمنهم من أصبح يعاني من مشاكل في السمع نتيجة استخدامه المفرط لسماعات الأذن، وعدد منهم أصبح مندمجا مع عالمه الخاص بعيدا عن أجواء المنزل ، أيضا أصبح التفاعل ما بين الناس يتجه نحو العالم الرقمي المنفصل عن المشاعر والتواصل الأسري ، إذن التكنولوجيا وإن كانت في ظاهرها برّاقة إلا أنها أوجدت لدينا نوعا جديدا من المعاناة ومنها ظهور بعض الأمراض والتي يمكن أن تكون عبئاً إضافيا وثقيلا على عقول الأسر.

بعض الناس يشعر بأنه قد فقد جزءاً مهما من جسده إذا غاب عنه هاتفه ولم يعرف مكانه ، حالة هستيرية يصاب بها البعض توجد لديهم حالة من العصبية الغير طبيعية ، وبعض الناس أصبح انطوائيا على نفسه وكانت التكنولوجيا الرقمية هي المكان الذي يفرغ فيه مشاعره وأحاسيسه وبث مشاكله وشجونه سواء في غرف الدردشة أو المنتديات أو أي منصة اجتماعية تفاعلية.

من خلال التجارب الحياتية واستقصاء أراء الكثير من حولنا أكدوا بأن التكنولوجيا لم تؤثر فقط على الجانب العضوي للإنسان فحسب، وإنما أيضا لامست الجانب النفسي خاصة عندما يتعلق الأمر بالجوانب المظلمة والحوادث المؤسفة التي تتم عبر المواقع المظللة والوقوع في فخ الخديعة الإلكترونية .

ومع تلك الإفرازات المقززة التي يلقيها بعض الناس في طريق المتحفزين لاستخدام التقنيات الحديثة ، لم تتراجع نسب الإقبال على أدوات التكنولوجيا ولكن بقي المجال مفتوحا أمام عمليات " الشد والجذب" حول السلبيات والإيجابيات، فهناك من يرى بأن التكنولوجيا نقلته من عالمه الحقيقي إلى فلك الفضاء الافتراضي.

إذا كنا نريد الحياد فإن التكنولوجيا وبكل ما فيها من مضار فإنها منحت العالم ضياء آخر ، ووفرت الكثير من الجهد على البشر ، وحتى يمكن الاستفادة منها يجب أن يكون هناك نوع من الاتزان وعدم الانسياق وراء ظاهرة الإدمان الإلكتروني .