زرابي جبل عمور.. شهرة عالمية تدخل القصور
الجزائر، العمانية» يزخر التراث الجزائري المادي بالكثير من المنتجات التي يعود تاريخها إلى مئات السنين.
وتُعدُّ زرابي جبل عمور المعروفة بمنطقة آفلو بولاية الأغواط (400 كم جنوب الجزائر)، واحدة من المنسوجات التي تلقى رواجا كبيرا داخل الجزائر وخارجها لما لها من ميزات فريدة، سواء من ناحية المواد التي تدخل في صناعتها، أو ألوانها، أو حتى الأشكال التي يتفنّن الحرفيون في إبداعها.
ويعود تاريخ زربية جبل عمور، بحسب الكثير من المراجع، إلى ما قبل الفتوحات الإسلامية، حيث انتشرت هذه الزرابي، أوّلا بجبل عمور بآفلو، ثم انتقلت إلى ولاية تلمسان بأقصى الغرب الجزائري، ومنها إلى إسبانيا عن طريق التجارة التي كانت تتمُّ بين ضفتَي البحر الأبيض المتوسط.
ومن خصوصيات زربية جبل عمور في فترة ما قبل الفتوحات الإسلامية، أنّها كانت تُصنع من الصوف الذي تتمُّ عملية صباغته بالألوان الطبيعية، وأهمُّها الأبيض والأحمر والأسود، وقد أُضيف إليها، فيما بعد، الأخضر والأصفر.
أمّا عن الرموز، فاشتهرت الزربية، بأشكال تُعبّر عن مواضيع مثل علاقة المرأة بالرجل، والشمس، والقمر، وغيرها من المواضيع المستمدّة من خصوصيات هذه المنطقة.
أمّا عن التطوُّرات التي طرأت على زربية جبل عمور بعد الفتوحات الإسلامية، فتُجملها فاطمة عسكري، وهي حرْفية ورئيسة جمعية المحافظة على التراث والصناعة التقليدية بآفلو، في انتشار عمليات تسويق هذه الزربية على نطاق واسع عبر ولايات تيارت والبيض والجلفة وتلمسان، كما كانت تُسوّق في المناطق الباردة، لملاءمتها لتلك الظروف المناخية القاسية.وتُؤكد هذه الحرْفية في لقاء مع وكالة الأنباء العمانية، أنّ زربية جبل عمور حافظت على طابعها الذي عُرفت به قبل الإسلام.
ومن خصوصيات هذه الزربية أيضا، أنّ الرجال هم الذين كانوا يتكفّلون بإجراء العمليات الحسابية التي يتمُّ من خلالها إنجاز الأشكال الهندسية والزخارف على الزربية، أما دور النساء، فكان يقتصر على تنفيذ تلك الرسومات والأشكال بدقة لتظهر على سطح الزربية مثلما تمّ تصميمها.
وبمجيء الاستعمار الفرنسي سنة 1830، حاول «الآباء البيض» (رجال الدين المسيحيون)، وضع أيديهم على هذا التراث المادي الجزائري من خلال إدخال بعض الرموز ذات العلاقة بالحضارة الغربية المسيحية مثل رمز الصليب، كما حاولوا حصر عمليات تسويقها على المسيحيين الذين كانوا يُقدّمونها في شكل هدايا إلى الملوك والرؤساء الأوروبيين في فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، وحتى في أمريكا وكندا وروسيا.
وبحلول الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، أدخل الحرفيون الجزائريون على زربية جبل عمور جملة من الرموز النازية التي كانت توضع على النياشين والميداليات كنوع من الانتقام من الاستعمار الفرنسي الذي يحتلُّ بلدهم، وهذا ما جعل الفرنسيين يُحاربونها ويُعْرضون عن تسويقها.
وتُضيف فاطمة عسكري، أنّ أكبر زربية يُمكن أن يصل طولها إلى 10 أمتار وعرضها إلى 5 أمتار.
أما أصغر زربية فيصل طولها إلى 3 أمتار وعرضها إلى مترين.وتستغرق عملية إنجاز الزربية الواحدة ثلاثة أشهر تشارك فيها ثلاث نساء.
