بـلـدة «ديراسـتيا» الأثـرية بفلسـطين.. نسـيج معمـاري متجـانـس
نابلس «العمانية»: في الجنوب الغربي وعلى بعد 25 كم من مدينة نابلس في الضفة الغربية بفلسطين وفوق هضبة متوسطة الارتفاع تقع بلدة «دير استيا» مترامية الأطراف والبالغ مساحتها 360 ألف متر مربع وتتبع إداريا لبلدية نابلس وتحيط بها قرى زيتا وكفر حارس وقراوة بني حسان، وتعد دير استيا ثاني قرى نابلس من حيث المساحة أما السمة الغالبة على المهن لسكانها فهي مهنة الزراعة.
وتعد بلدة دير استيا واحدة من أهم النماذج المحفوظة لبناء القرية والبلدة الفلسطينية منذ الفترة المملوكية والعثمانية وتمتاز بنسيج معماري متجانس حيث الأسوار العالية والأزقة الضيقة والبيوت القديمة واشتهرت في الماضي بأنها عاصمة الزيت في منطقة جنوب نابلس ومنطقة سلفيت عموما فهي أهم البلدات المنتجة لزيت الزيتون أما سبب التسمية فيرجح الباحثون أنها تحريف لكلمة استيا السريانية بمعنى الحائط.
والطبيعة الجغرافية الخلابة للبلدة جعلت منها وجهة للسيّاح المحليين والأجانب فطقسها معتدل وحقولها خضراء وفيرة على مدار السنة، ووسط دير استيا تقع بلدتها القديمة العائدة بتاريخها إلى العصرين الروماني والمملوكي، عراقة تحكي تاريخ 2000 عام مضت.
وفي المنطقة الشرقية من دير استيا توجد البلدة القديمة حيث البوابات الأربع ذات الأقواس العالية والأزقة الضيقة التي تحتوي على بيوت متلاصقة، ويجري العمل على ترميم قلعتها الأثرية للحفاظ على تاريخ الأجداد ويبرز ذلك في أزقتها وحواريها وأسقفها المقوسة حيث تعد نموذجا للعمارة الفلسطينية الريفية حيث المضافات التي ما زالت ماثلة وشاهدة على الكرم وحسن الضيافة، فكانت تنشأ هذه المضافات لإكرام الضيوف وكانت تقدم موائد الطعام فيها لزوار البلدة ولعابري السبيل فدير استيا كانت مقصدا للمسافرين للاستراحة من عناء السفر الطويل وفي بعض الأوقات شكلت هذه المضافات مكانا للنوم والراحة.
وقال حمدان طه خبير الآثار والتراث ووكيل وزارة السياحة والآثار الفلسطينية سابقا لوكالة الأنباء العمانية إنه جرى على امتداد العقدين الماضيين الاهتمام بإعادة ترميم وتأهيل العديد من المباني في البلدة القديمة في دير استيا سعيا من وزارة السياحة الفلسطينية للحفاظ على الموروث التاريخي للبلدة وإعادتها إلى الحياة بعدما هجرها السكان ضمن الهجرة الطبيعية خارج حدود البلدة القديمة وفعلا عادت فيها الحياه ثانية إذ اعتمدت دير استيا واحدة من سبعة مواقع أخرى في الضفة الغربية التي قامت وزارة السياحة الفلسطينية بترميمها وإعادة تأهيلها.
وأضاف حمدان طه أن البلدة القديمة لدير استيا بنيت على ثلاثة عهود متعاقبة أما البناء الأصلي للبلدة فيرجع إلى العهد الروماني في فلسطين إلا أن البناء الروماني لا تظهر آثاره في البلدة لأنه موجود تحت البناء الحالي للبلدة القديمة أما الأبنية الظاهرة اليوم فتعود إلى العهدين المملوكي أي قبل 600 سنة والعهد العثماني أي قبل 300 سنة.
ويقول طه إن البلدة تتمتع بمقومات كبيرة لجعلها مزارا للسياحة الداخلية وخاصة طلاب المدارس والدارسين لفن العمارة لأنها نموذج في الفن المعماري والبناء التقليدي، ويضيف طه انه لوضع البلدة على الخارطة السياحية الفلسطينية لا بد من حملات لترويج أكبر لدير استيا كمنطقة سياحية مهمة في فلسطين.
وما زالت مباني البلدة القديمة في دير استيا مأهولة بالسكان للحفاظ عليها فما زالت تحافظ على تماسك المباني فيها وتعمل بلدية دير استيا باستمرار على ترميم المباني للحفاظ عليها فهي مقصد السياح للتعرف على تاريخ البلدة حيث تحتوي دير استيا على الكثير من المواقع الأثرية وفيها ما يقرب من 255 مبنى أثريا يحكي تاريخا عريقا يضع البلدة على سلم أولويات وزارة السياحة والآثار الفلسطينية التي تتابع دير استيا لوضعها على الخارطة السياحية في فلسطين ولما تتمتع به البلدة من مواصفات جميلة على المستوى العمراني.
