المحافظات

مواقع أثرية تنتظر دائرة الضوء

07 فبراير 2024
07 فبراير 2024

تدور أسئلة ثقيلة في ذهني منذ أن بدأ الحديث عن استراتيجية اللامركزية في إدارة المحافظات.. هل ستحقق اللامركزية المزيد من الرفاه الاجتماعي، وهل ستحسن جودة الحياة؟ وهل ستساهم هذه الاستقلالية الإدارية للمحافظات في تفجير طاقات شبابية وأفكار إبداعية تخلق فرصا جديدة للمنافسة؟ وهل ستسرع اللامركزية وتيرة التنمية المستدامة؟ وكلها أسئلة مهمة وملحة من وجهة نظري وتحتاج إجابات دقيقة ونقاشات مستفيضة.

منذ أن بدأت جريدة عمان في إصدار «ملحق المحافظات»، اكتشف القراء الكثير من المواقع السياحية والمعالم التاريخية والأثرية المهملة والبعيدة عن التوظيف السياحي، أو هي تنتظر من يزيح عن عتباتها تراب الزمن والإهمال وينفث في روحها الداخلية بعضا من الحياة حتى تنتعش وتصبح قادرة على الجذب السياحي ولتتحول إلى مزارات ترفد الاقتصاد المحلي.

وهذه المواقع كثيرة وموجودة بيننا إما طبيعية وهبها الله لوطننا العزيز وإما معالم أوجدها الآباء والأجداد عبر رحلة البناء الطويلة للحضارة العمانية، لكن تلك المواقع الطبيعية وتلك المعالم الأثرية ليست كل شيء، هناك أيضا الكثير من الأفكار الشبابية التي تبحث عن تسهيلات الإجراءات، والدعم المادي لتكون مرافق ترفيهية قادرة على المساهمة في تنمية وتطوير المجتمع. وهناك معالم وشواهد تاريخية وأثرية تم استغلالها وبث الحياة فيها في المرحلة الماضية، ومثال ذلك ما نراه في قلعة نخل حيث وقعّت وزارة التراث والسياحة اتفاقية مع شركة نخل الأهلية للاستثمار من منتصف العام الماضي ولمدة 25 عاما لتقوم بتشغيلها من خلال تنظيم برامج نوعية وملتقيات هادفة لتصبح مزارا سياحيا حيويا على مدار العام. وما نراه من تطوير واستثمار قلعة نزوى وسوق نزوى وحاراتها لتصبح ذات عائد اقتصادي نشط يتوافد له السياح من كل مكان، إضافة إلى تنظيم مهرجانات وفعاليات في حصن جبرين بولاية بهلا.. وكلها ساهمت في تعزيز السياحة في الولاية بشكل عام.. وهذه بعض الأمثلة على تحويل المعالم التاريخية إلى مواقع جذب سياحي لها عائد حقيقي على قطاع السياحة وعلى المجتمع المحلي الذي سيكون أكبر الداعمين

لكن حتى لا نقع في التكرار الذي يقتل الشغف في كثير من الأحيان أقترح أن يتم تنويع المشاريع عبر الاطلاع على تجارب متنوعة لتكوين هويات سياحية مختلفة والعمل على إعادة بناء وهيكلة المسار السياحي بشكل يتوافق ويتلاءم مع المقومات الطبيعية والفرص السياحية لدى المحافظة، إضافة إلى ضرورة الالتفات والاهتمام بأفكار ومقترحات الأهالي في المحافظات وعمل اجتماعات وحوارات مستمرة لطرح ومناقشة آلية رسم خريطة ذات هوية سياحية مبتكرة خاصة لكل محافظة، وضرورة الاهتمام بالشباب ودعم تطلعاتهم وإشراكهم في تحقيق التنمية. ولا يخفى على أحد أن المواقع الأثرية والحارات والبيوت القديمة في بعض المحافظات تقع تحت بند الإهمال والتهميش ولتحظى بأهمية الاستثمار والتطوير رغم أنها ثروة وطنية لا تقدّر بثمن، قادرة على استقطاب ملايين السيّاح، وأعتقد أن سلطنة عمان بحاجة ماسة للتفكير خارج الصندوق في كيفية تحويل هذه المعالم الأثرية والسياحية إلى مزارات تجذب السياح محليا ودوليا، فالكثير منها بعد ترميمها تصبح مشاريع جاهزة يمكن تحويلها إلى متحف تاريخي أو فندق تراثي، وسوف تخلق الآلاف من فرص العمل للعمانيين، وتساعد السائح على الجمع بين الثقافة والسياحة والمتعة في مكان واحد. ولا ننسى أن المردود الاقتصادي من وراء الاستثمار في المواقع الأثرية يحقق مداخيل لا يستهان بها وذلك من خلال فرض رسوم على الدخول والزيارة ومن ثم استخدامها في التطوير والتأهيل المستمر.

مُزنة الفهدية صحفية من أسرة تحرير «عمان»