No Image
العرب والعالم

ما الذي يسعى إليه بنيامين نتنياهو حقا؟

21 أغسطس 2025
21 أغسطس 2025

إسحاق شوتينر ترجمة: أحمد شافعي

في يوم الجمعة الماضي، أقرت حكومة بنيامين نتنياهو خطة لاستيلاء إسرائيل على مدينة غزة، التي يعيش فيها الآن قرابة مليون فلسطيني ـ هم نصف سكان غزة. اضطر كثيرون إلى اللجوء إليها، ويسيطر الجيش الإسرائيلي على 75% من بقية الأرض. ولكن خطة نتنياهو التي يقول إنها ضرورية "للقضاء على حماس" تلقى معارضة من أغلب القيادة العسكرية، بل ومن عدد من الساسة في الوسط ويمين الوسط. لكنه يبدو عازما على مواصلة حرب إسرائيل في غزة، وذلك جزئيا للحفاظ على دعم أعضاء اليمين المتطرف في مجلسه الوزاري الذين خاضوا علنا في مسألة إعادة استيطانها وإرغام سكانها الفلسطينيين على "الهجرة". وقد لا يحدث غزو حقيقي لمدينة غزة لأيام أو لأسابيع، إن تم أصلا، فثمة بعض التكهنات بأن التهديد بالغزو حيلة تفاوضية لحمل حماس على الإفراج عن بقية الرهائن الأحياء الذين لا يزالون محتجزين في غزة ويبلغ عددهم قرابة العشرين. لكن في حال تقدُّم الغزو، فمن شبه المؤكد أنه سوف يفاقم الوضع الإنساني المريع. وحتى يوم السبت، بحسب ما قالت وزارة الصحة الفلسطينية، ظل يموت 212 من أهل غزة يوميا من الجوع منذ بداية الحرب، أما الباقون فيواجهون أزمة إنسانية متدهورة. ويتجاوز الآن إجمالي الوفيات الفلسطينية ستين ألفا.

تحدثت في الأيام الأخيرة مع عاموس هاريل المحلل العسكري في صحيفة هاآرتس عن الأبعاد العسكرية والسياسية لإعلان نتنياهو. وخلال حوارنا ـ الذي تعرض للتحرير بضبط الطول وزيادة الوضوح ـ ناقشنا أيضا ما يرمي إليه نتنياهو حقا من تصعيد الحرب، وما لو أن هناك خططا لتوطين مستوطنين إسرائيليين في غزة، وكيفية تغير نتنياهو منذ أن بدأت الحرب.

• ما الذي يقترحه نتنياهو عسكريا في هذا المقام وما الذي يجعله خطوة عدوانية إلى هذه الدرجة؟

ثمة دائما سؤال عما يعنيه نتنياهو فعليا. فهو لا يعني ما يقوله، ولا يقول ما يعنيه، ولذلك يصعب الفهم في بعض الأحيان. ما يجهر به هو أن هذه طريقة لتدمير حماس وإلحاق هزيمة نهائية بها، وهو يقول بما أنه قد تبدد كل أمل في المفاوضات على صفقة رهائن، فما يصح عمله هو استئناف الضغط العسكري على حماس. وإذن فإن ما يقترحه هو إعادة احتلال مدينة غزة، وذلك ما لم تفعله إسرائيل منذ أولى أشهر الحرب. ثم إنه يزعم هذه المرة أنه في حال دفع السكان من مدينة غزة ثم التعامل أخيرا مع مقاتلي حماس هناك، فسوف يفضي هذا تدريجيا إلى هزيمة حماس، وبطريقة ما، وعلى نحو إعجازي، سوف يفضي إلى إطلاق سراح الرهائن.

• إذن ترغمون السكان على الخروج، وتبقى حماس، فتهزمون حماس؟ أليست هذه الفكرة شبيهة بما تكلم عنه نتنياهو من قبل، ولم ينجح؟ هل من شيء جديد هذه المرة؟

لست من كبار المعجبين بنتنياهو، وعليك أن تعترف بأن المحاولات السابقة للاستيلاء على مدن لم تحقق غاية القضاء على حماس التي زعمها. أما إذا ما نظرت إلى ما جرى في خان يونس ورفح، نرى أن إسرائيل طردت السكان كلهم تقريبا. حدث ذلك بسرعة كبيرة. وتتذكر أن جدالا محتدما نشأ بين إدارة بايدن ونتنياهو على رفح، وطردت إسرائيل السكان وقتلت الكثير من مقاتلي حماس هناك. فهل يحدث شيء مختلف هذه المرة؟ لا أظن.

الفارق الأساسي بين ذلك الحين والآن هو أن حماس لم تعد منظمة عسكرية. لقد كانت لديها تراتبية من قبل، وشبكات قيادة وسيطرة محكمة، ومسئولون يتخذون القرارات وما شابه هذا. ولم يعد الحال كذلك. فما يوجد الآن منظمة تستعمل أساليب حرب العصابات. وأغلب قادتها لقوا مصرعهم. وأغلب مقاتليها إما مصابون أو موتى. يوجد الآن بدائل أصغر سنا، هم في بعض الأحيان أطفال حاصلون على تدريب أساسي ومبعوثون إلى الجبهة. فكيف تهزم منظمة كهذه؟ لا مجال الآن للحظة نصر حاسمة.

وظني أنه لا يرمي في الحقيقة إلى هذا. فما هو مهتم به، من أجل نجاته سياسيا، هو إطالة أمد الحرب. لأنها الذريعة المثلى لعدم فعل أي شيء على المستوى الداخلي بما في ذلك بدء تحقيق مستقل في السابع من أكتوبر. ويرجح أن تؤجل محاكمته بالفساد في حال استمرار القتال الضاري. [وقد دعا ساسةٌ من المعارضة إلى تشكيل لجنة للنظر في الإخفاقات الأمنية والمخابراتية المتعلقة بالسابع من أكتوبر. ورفض نتنياهو الفكرة قائللا إن من شأن هذه اللجنة أن تكون مغرضة، وحذر من دور ’الدولة العميقة"] والأحزاب اليمينية المتشددة المتطرفة المشيحانية سوف تسعد بالسعي الجديد لاحتلال القطاع.

• فالأمر جوهريا أنهم حاولوا في أماكن أخرى، وأطوارٍ أخرى من الحرب، وأخرجوا السكان، برغم العواقب الإنسانية.

ودمروا أيضا مدنا بأكملها.

• لكن، برغم أن إسرائيل قتلت الكثيرين من مقاتلي حماس وزادت من ضعف سلسلة القيادة فيها، بحيث لم يبق لهيكلها وجود الآن، وقد قلتَ للتو إن هذه المنظمة تقوم جوهريا بتجنيد عناصر جديدة من السكان، حتى في ظل عدم وجود سلسلة قيادة.

نعم، مؤكد. لقد غيرت حماس قواعد اللعبة. وإذا لم تتكيف مع اللعبة المختلفة، فكل نقاش التدمير عديم المعنى. وأنت، مرة أخرى، لا تقاتل جيشا إرهابيا إذا أمكن القول. ولكنك تقاتل منظمة جديدة أو نسخة مختلفة من منظمة غير مشغولة كثيرا بالخسائر، والتدمير، وبالسكان المقيمين فوق الأرض ومعاناتهم. وحتى في حال وجود قادة، فقد كان لهم العديد من القادة منذ بدء الحرب. والباقون اغتالتهم إسرائيل.

•هذا الذي تصفه يبدو أشبه بتمرد، شيء يقتضي نوعا ما من الحل السياسي.

إلى حد ما، نعم. برغم كل انتقادي لسياسات نتنياهو، لا أستطيع الهرب من حقيقة أننا نقاتل عدوا حقيقيا. ليس قوة يمكن أن تفهم منطقها أو تتصرف بمثل المنطق الذي ينطبق على إسرائيل.

•وأي منطق تتكلم عنه؟

هذا سؤال جيد. المنطق هو أنه إذا ما استعملت إسرائيل ضغطا عسكريا كافيا، فمن المؤكد أنهم سوف يستسلمون لأنه ليس منطقيا أن يستمروا في المقاومة. وهذه ليست الطريقة الصحيحة. وليست الطريقة التي تعمل بها حماس. فلديهم أيديولوجية جهادية متطرفة، وأعتقد أن الأمر يتعلق بالنسبة لهم بالمدى البعيد أكثر كثيرا مما يتعلق بهنا والآن. فلو تعرض قطاع غزة للدمار، لا يعني هذا أن يشعر قائدهم الجديد بشيء من الندم فيقرر التوقف.

• أطالع باستمرار كتابات تقول إن الدَفعة الأحدث التي يقوم بها نتنياهو ليست ذات شعبية في إسرائيل وأيضا إن نتنياهو كائن سياسي، ويبدو في هذا ظاهريا شيء من التناقض، لكنك قلت سابقا إن ذلك قد يبقيه في السلطة. فماذا كنت تقصد؟

بداية، استطلاعات الرأي تقول إنها خطوة غير شعبية تماما، ولكن الحكومة مثلها في ذلك. جميع استطلاعات الرأي منذ بداية الحرب تبين انعدام ثقة عميقا في نتنياهو، وتبين أنه سيخسر الانتخابات في حال إجرائها. وأغلبية الشعب تؤيد صفقة رهائن بأي مقابل لاستعادتهم، ولو أن الثمن هو الإفراج عن جميع أسرى حماس في سجون إسرائيل. وأيضا، ثمة أغلبية مستقرة إلى حد ما تدعو إلى تشكيل لجنة تحقيق في السابع من أكتوبر، وهو أمر فائق الأهمية لأنه في النهاية سوف يظهر على الأرجح مسئولية نتنياهو. لكنك بحاجة إلى تصويت بسحب الثقة لكي يواجه نتنياهو الانتخابات. وهو أبرع ممن عداه في الحفاظ على ائتلافه بأي وسيلة. ولديه أغلبية مستقرة بعض الشيء في الكينيست، برغم عدم شعبيته الكبيرة. ومن أجل الحفاظ على هذا الوضع، فعليه أن يحافظ على إرضاء شركائه.

ثم إن لديك، من بعدُ، الحزبين اليمينيين المتطرفين بزعامة إيتامار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش وما يريدانه واضح الآن. هما لا يريدان الانتصار في الحرب، بل يريدان دمارا تاما لغزة. يريدان ما يطلقان عليه "الهجرة الطوعية" وهي فعليا هجرة قسرية بعد جعل الحياة غير محتملة لأي فلسطيني في غزة، ويريدان إعادة إقامة المستوطنات. لكن يبدو واضحا الآن أن هؤلاء الساسة مستعدون لأن تقتل حماس الرهائن. وأن هذا لا يعنيهم في شيء.

• هل تعتقد أن نتنياهو يريد إعادة المستوطنات إلى غزة؟

أعتقد أن نتنياهو يريد أن ينجو سياسيا. وأعتقد أنه إذا أمكن أن تتحقق هجرة قسرية للفلسطينيين وينجو هو وإسرائيل في الوقت نفسه، فإنه سيحب أن يفعل ذلك. لكنني أعتقد أنه أذكى كثيرا من ذلك، وأنه يفهم أن تحقيق هذا الأمر بالغ الصعوبة لأن رد الفعل الدولي سيكون هائلا. ولذلك فهو لا يبحث عن هدف واحد. فثمة دائما كرتان في الهواء، وهو يقرر في اللحظة الأخيرة أي مسار عمل الأفضل بالنسبة له لكي ينجو. فالنجاة تعلو عنده على أي شيء.

• هو ينتمي إلى أسرة يمينية شهيرة. قضى حياته المهنية كلها في اليمين وهو صديق المستوطنات. وقد رحب ترحيبا دافئا بعرض دونالد ترامب الذي مهما أخذناه على محمل الجد فإنه سيرغم أهل غزة على الخروج منها لإنشاء "ريفييرا" جديدة ويؤدي إلى ما أتخيل أن يكون شيئا من الحضور الإسرائيلي هناك. فلم لا ينبغي أن نصدق أن نتنياهو قد يرغب في هذه النتيجة هو الآخر، حتى لو لم يفعلها بين عشية وضحاها؟

هناك جدل كبير حول هذا. هل الأمر كله مدبر بعناية؟ بعض أنصاره يزعمون ذلك في سردية لهم تبدأ منذ الثامن من أكتوبر. فقد ألقى نتنياهو كلمة في ذلك الوقت قال فيها إننا سوف نغير الشرق الأوسط. وسوف يقولون لكم إنه حقق ذلك. فقد هزم حماس، ودمر حزب الله في لبنان، وحطم أخيرا خطة إيران النووية، وكل ذلك نتيجة تخطيط مسبق. وسيقول آخرون إنه في الغالب يرتجل، ويرى ما يمكن عمله في حينه من أجل نجاته.

لكن إحساسي منذ أمد بعيد أنه لا يعرف ما يجري، ولكن كثيرا من هذا ما هو إلا تخمين ومحاولة للنجاة مهما تكن التكلفة. هو يميني. هو لا يريد حل الدولتين. وحاربه طوال حياته. لكنه قال أيضا إنه لا يناصر إرجاع المستوطنات إلى غزة. ولم يكن قط يكن مشاعر للمستوطنات. ولم يفكر يوما في الانتقال إليها أو في أي شيء من هذا القبيل. فهذا خط شديد الاختلاف عن سموتريتش وشركاه. لذلك أعتقد أنه يرتجل أكثر مما يفعل أي شيء آخر.

•ماذا عن فكرة أن من يريد الوسيلة، فعليه أحيانا أن يريد الغاية أيضا؟

ممكن. لا أستبعد ذلك عليه، وخاصة إن استبقى سموتريتش والآخرين في جانبه.

• تقول إنه ما من نية واضحة لإقامة مستوطنات. ولكن من الصعب للغاية أن نقرأ أخبارا عن مستوى الجوع في غزة دون أن نصدق أن الحكومة الإسرائيلية لا تريد السماح بوصول ما يكفي من الغذاء والمساعدات إلى شعب غزة، وأطفال غزة.

لعل هذا ينم عن ضعف قدراتي كمراقب، لأنني أبقى إسرائيليا، ووطنيا، وما إلى ذلك. إحساسي هو أن هذا لم يكن تجويعا متعمدا ومخططا له. فالوضع بالغ البؤس. وهو يرجع إلى مسألة مؤسسة غزة الإنسانية كلها. فهي تتظاهر بأنها أمريكية، ولكن فيها بالطبع الكثير من الإسرائيليين ـ وأشخاص ليسوا بغرباء على نتنياهو ـ المتورطين في ذلك أيضا. لكن كان واضحا تماما، تماما، أن هذا الأمر لا يمكن أن ينجح. كان واضحا أنها خطة جنونية جنونا مطلقا لا يمكن أن تلبي احتياجات غزة. وتذكر، في اليوم الذي بدأ فيه تطبيق خطة مساعدات مؤسسة غزة الإنسانية، نشر سومتريتش على موقع إكس أن هزيمة حماس تبدأ اليوم. والمنطق المزعوم وراء هذا هو أن حماس في السابق كانت تنهب أغلب المساعدات الواردة، وتحقق أرباحا مالية من وراء ذلك، إذ تبيعها وتعيد بيعها فتوفر موارد لمقاتليها. [ذكرت نيويورك تايمز أن مسئولين إسرائيليين يعترفون سرا بأن حماس لم تكن تنهب مساعدات الأمم المتحدة بشكل ممنهج. وتبين لرويترز أن تقريرا للوكالة الأمريكية للتنمية الدولية لم يكشف عن "أي دليل على سرقة ممنهجة" من جانب حماس للمساعدات المقدمة من الولايات المتحدة]

•أنت إذن تصف خطة عشوائية...

كانوا جميعا يدركون المخاطرة الرهيبة، حتى لو أنهم كانوا غير متعمدين تجويع الناس.

• يبدو الأمر وكأنهم على أقل تقدير لا يكترثون

وهذا ظني أنا الآخر. فنحن لم نر الكثير من التعاطف لدى القادة الإسرائيليين تجاه التجويع. وفقط لمَّا أفاق العالم في نهاية المطاف أصبح الأمر يمثل أزمة للحكومة.

• كيف تقرأ شعور الإسرائيليين بالحرب، بعيدا عن أهمية إعادة الرهائن إلى الوطن؟ فقد سمعنا كلاما عن أن الحرب لم تبد حقيقية للإسرائيليين بسبب عدم تركيز الإعلام، مع استثناء صحيفتك، على تكاليفها الإنسانية. هل تشعر بأي رغبة في إنهاء الحرب، بعيدا عن رغبة التوصل إلى اتفاقية رهائن؟ أم أن عدد قتلى غزة ليس أولوية لدى الناس؟

أولا، نحن منفصلون كثيرا عن الواقع داخل غزة مثلما يصفه الإعلام الدولي. ولو أنك نظرت إلى تغطية قنوات التليفزيون الإسرائيلي وما إلى ذلك، لوجدتها محدودة جدا، جدا. وتتعرض الصور في بعض الأحيان للرقابة، ولا يوجد نقاش كبير. ويرجع هذا إلى السابع من أكتوبر. فلا يزال الجميع يعيشون في السابع من أكتوبر. لا يزال الحزن قائما وغياب التعاطف مع ما يجري في المكان الآخر.

• هل تغير هذا خلال الشهر الماضي؟

ليس تماما. بعض الإسرائيليين في اليسار أشد وعيا بهذا الآن، لكن الجرح المفتوح بسبب كلٍّ من المجزرة ذاتها وأولئك الرهائن العشرين الأحياء، والثلاثين الموتى المحتجزين، لا يزال مسيطرا. وهذا أمر شديد اليهودية، يهودي بعمق. ولكننا لا نزال عالقين في ذلك. وحينما يركز المرء على هذا، لا يجد ما يكفي من الوقت والطاقة والموارد للحديث عن المعاناة الفلسطينية.

ومع ذلك أعتقد أن المزيد والمزيد من الناس واعون بحقيقة أننا عالقون، وأنه ما من صفقة رهائن، وما من نهاية للحرب. ترفض الحكومة مناقشة اليوم التالي وترفض السماح بدور للسلطة الفلسطينية. وقد سنحت فرجة لفرصة، إن لم تكن لإنهاء هذا، فللتوصل إلى اتفاقية مؤقتة الشهر الماضي. وضيَّع نتنياهو تلك الفرصة. ثم اندلعت قصة المجاعة. ولم يعد منطقيا ـ من وجهة نظر حماس ـ التوصل إلى صفقة. فقد انتشر في العالم شعور مناهض لإسرائيل. فما الذي يجعلهم يتنازلون في ظل هذه الظروف؟ لقد أضعنا تلك الفرصة.

• ما وصفته للتو في المجتمع الإسرائيلي، من قبيل التركيز الهوسي على الرهائن

ولا أستثني نفسي...

• من الواضح تماما أن نتنياهو لا يبالي بالرهائن، وأنه فشل في السابع من أكتوبر. ألا يشي هذا بأن مسيرته السياسية انتهت بعد الانتخابات التالية؟

أوشك هنا أن أقترب من نظرية المؤامرة. لكن الإحساس العام لدى كثير من الإسرائيليين ـ وأكرر أنني لست محللا سياسيا لكنني أرى النقاط واضحة وأصل بينها ـ أنه لن يسعى إلى انتخابات كاملة حرة بعد اليوم. سوف يستل صفحة من دفتر ترامب، ومن دفتر فكتور أوربان، ومما جرى في بولندا في العقد الأخير أو نحوه، بمعنى أنه سوف يحاول تقويض النظام، ويرهب يسار الوسط. وقد تم ذلك فعلا بوضع بن غفير مسئولا عن الشرطة. وأنت ترى هذا طيلة الوقت. وترى الموقف من المتظاهرين. فالرجل الذي يحاول نتنياهو ترشيحه لجهاز الأمن الداخلي رجل مشيحاني من أقصى اليمين. [وقد أفادت تقارير بأن الرجل، أي ديفيد زيني، قد قال إن إسرائيل تحكمها "دكتاتورية" قضائية، وإن ولاء جهاز الأمن الداخلي، شين بيت، إنما هو لرئيس الوزراء قبل القانون]. هذه إشارات لما يجري. وبالطبع أسهل طريقة لعمل هذا هي ترهيب الناخبين العرب والأحزاب العربية.

• لكنك تتحدث عن بلد سوف يرفض نتنياهو في أي انتخابات حرة نزيهة.

نعم. لكن هناك شيء مشيحاني بعمق فيه الآن، وهو يعتقد أنه الرجل الذي عليه أن يحمي الشعب اليهودي من تهديدات مختلفة، وأنه غيَّر مسار الحرب بانتصارين في لبنان وإيران وما إلى ذلك. وهو يؤمن فعلا أنه ينبغي أن يبقى في السلطة، وسوف يفعل كل ما في وسعه ليبقى في السلطة. ثم إن هناك المسائل القانونية.

تتواصل الكتابات عن نتنياهو الجديد. هناك نتنياهو القديم الذي عرفناه. ونعرف عنه التلاعب، وإمكانية الكذب، والاستعداد لأن يفعل أي شيء من أجل نجاته. ومع ذلك فقد كان على سبيل المثال طوال سنين كثيرة شديد الحذر في استعمال القوة العسكرية. فقد كان دائما يخاف العواقب غير المقصودة، ويسعى إلى تجنب الخسائر العسكرية. وكان يعلم أن الوقوع في الخطأ وارد جدا فور أن تبعث قوات عسكرية على الأرض. وكل هذا تغير منذ 2023، لو أرجعت النظر إلى قراره بتنفيذ عملية البيجر، أو بضرب المواقع النووية في إيران، وما إلى ذلك. لقد ظل أعداؤه في يسار الوسط يقولون إنه لن يقدم على ذلك أبدا. فذلك بالغ الخطورة. وهو يعلم أنه كذلك. وهو لن يقصف إيران أبدا. وها هو فعلها، وأقنع ترامب بالانضمام إليه.

• ما تصفه هو شخص مستعد لعمل أي شيء من أجل البقاء في السلطة، وتكونت لديه إيمانات مشيحانية. وهذا مزيج مثير قليلا للقلق.

وهل مثل هذا يقال لمثلي أنا؟

* عن ذي نيويوركر