No Image
العرب والعالم

المقاومة تكرر تحذيرها من الهجوم على رفح.. والعدو يلوح بارتكاب إبادة جماعية

11 فبراير 2024
باريس تدعو إلى «وقف المعارك» في غزة تجنّبا للكارثة
11 فبراير 2024

عواصم «وكالات»: تعهّد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتوفير «ممر آمن» للمدنيين قبل شنّ عملية عسكرية في رفح وسط تحذيرات ومخاوف دولية متزايدة من هجوم على المدينة الواقعة في أقصى جنوب قطاع غزة، وأصبحت الملاذ الأخير لأكثر من مليون نازح جراء الحرب.

في هذه الأثناء حذرت حركة المقاومة الفلسطينية حماس اليوم إسرائيل من أنّ أي عملية عسكرية قد تشنّها على مدينة رفح، ستؤدي إلى «نسف مفاوضات» التبادل بين الرهائن الإسرائيليين والمعتقلين الفلسطينيين، وكانت الحركة قد حذّرت اليوم من «كارثة» في رفح بحال شنّت إسرائيل عملية برية.

قال مصدر قيادي في حركة حماس، اليوم: إن «أي هجوم لجيش الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح يعني نسف مفاوضات صفقة تبادل الأسرى».

وذكر المصدر، في تصريحات لقناة «الأقصى» الفلسطينية اليوم، أن (رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) «نتانياهو يحاول التهرب من استحقاقات صفقة التبادل بارتكاب إبادة جماعية وكارثة إنسانية جديدة في رفح».

وأضاف: «ما لم يحققه نتانياهو وجيشه النازي خلال أكثر من أربعة أشهر لن يحققه مهما طالت الحرب».

بدوره، قال مصدر قيادي في الفصائل الفلسطينية لـ «وكالة شهاب للأنباء»، إنه «أمام تهديدات الاحتلال بعملية عسكرية برفح فإن الدور المصري هو الأكثر أهمية لوقف العدوان وخاصة أن العملية تمس الأمن القومي المصري».

ودعا المصدر «القيادة المصرية لزيارة الحدود الفلسطينية المصرية للاطلاع بشكل مباشر على المخاطر التي تمس الأمن القومي العربي»، مطالبا «القيادة المصرية بالتحرك فورًا لإحباط العملية العسكرية ومخططات الاحتلال النازي».

وأشار إلى أن «تهديدات الاحتلال بالعملية العسكرية لرفح يعرض أكثر من مليون ونصف مليون نازح للإبادة الجماعية، لافتا إلى أن «المعركة ستكون على أبواب مصر وهذا سيهدد السيادة المصرية وأمنها القومي».

وأوضح أن «العملية الصهيونية النازية على رفح ستكون لها ارتدادات كبيرة على المنطقة بأسرها»، محذرا من «تنفيذ مخططات الاحتلال بتهجير شعبنا، ونؤكد بأن شعبنا في غزة لن يقبل التهجير لا قسرًا ولا طوعًا وسيبقى ثابتًا على أرضه ولن يعود إلا لدياره التي هُجّر منها».

من جهة أخرى، حضت فرنسا اليوم إسرائيل على وقف المعارك في قطاع غزة تجنبا «لكارثة»، مبدية قلقها الشديد بعد الضربات الإسرائيلية التي طالت مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع المدمر.

وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية كريستوف لوموان في بيان مكتوب إن «هجوما إسرائيليا واسع النطاق على رفح سيؤدي إلى وضع إنساني كارثي ذي أبعاد جديدة وغير مبرر»، مضيفا «بهدف تجنب كارثة، نكرر دعوتنا إلى وقف المعارك».

وأشارت باريس إلى أنّ «رفح هي اليوم مكان يلجأ إليه أكثر من 1,3 مليون شخص»، موضحة أنّها «أيضا نقطة عبور حيوية لإيصال المساعدات الإنسانية لسكّان غزة»، وفقا لمساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية.

وتابع كريستوف لوموان «في غزة، كما في أي مكان آخر، تعارض فرنسا أيّ تهجير قسري للسكان، وهو ما يحظره القانون الإنساني الدولي»، مشددا على أنّ «مستقبل قطاع غزة وسكّانه لا يمكن أن يكون إلّا جزءا من دولة فلسطينية تعيش بسلام وأمن إلى جانب إسرائيل».

وباتت رفح محور الترقب بشأن المرحلة المقبلة، خصوصا بعد تأكيد رئيس الوزراء الإسرائيلي هذا الأسبوع أنه أمر الجيش بالتحضير لعملية فيها.

وصدرت مواقف عدة في السياق التحذيري، أبرزها على الصعيد الدولي من الولايات المتحدة الحليفة لإسرائيل، والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش، ومسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل وألمانيا وفرنسا وبريطانيا، إضافة إلى دول عربية تتقدمها السعودية والأردن وقطر والأردن.

كما أعربت عدد من الدول العربية عن «قلقها الشديد» إزاء «الانعكاسات الإنسانية الخطيرة» التي قد تتسبّب بها العملية العسكرية.

وأدانت منظمة التعاون الإسلامي «محاولات التهجير القسري للشعب الفلسطيني من أرضه».

وفي طهران، دعا الرئيس إبراهيم رئيسي إلى «طرد» إسرائيل من الأمم المتحدة، مؤكدا أنّ «ما يحدث في غزة اليوم هو جريمة ضدّ الإنسانية».

وكان مكتب نتانياهو أكد الجمعة أنه أمر الجيش بـ«تقديم خطّة لإجلاء السكّان والقضاء على كتائب» حماس في رفح.

تصاعد أعمدة الدخان في خان يونس

وعلى بعد بضعة كيلومترات إلى الشمال في خان يونس، أحد معاقل قيادة حماس حيث يتعقب الجيش الإسرائيلي مقاتليها منذ عدة أسابيع، يبدو القتال أكثر حدّة. وسمع مراسلو وكالة فرانس برس دوي انفجارات متواصلة وطائرات تحلّق في سماء المدينة، كما رأوا عدة أعمدة من الدخان الأسود تتصاعد من المدينة وضواحيها.

ويأتي ذلك فيما أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني عن «أضرار في بوابة ومبنى مستشفى الأمل بخان يونس وخروج آخر سيارة إسعاف عن الخدمة جراء استهداف الاحتلال»، مشيرا إلى تواصل «سماع دوي الانفجارات في مدينة رفح خصوصا على مدينة خان يونس».

ويتزايد القلق بين المواطنين من شنّ الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية في رفح.

وتجمّع العشرات في رفح قرب حطام سيارة دمّرها قصف إسرائيلي، وقال السكان إنها كانت تنقل عنصرين من الشرطة.

وفي سياق الإحصائيات اليومية في أعداد الشهداء، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، اليوم، ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي إلى 28 ألفا و176 شهيدا و67 ألفا و784 مصابا منذ السابع من أكتوبر الماضي.

وقالت الوزارة، في منشور أوردته على حسابها بموقع «فيسبوك» اليوم: إن «الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 14 مجزرة ضد العائلات في قطاع غزة راح ضحيتها 112 شهيدا و173 إصابة خلال الـ24 ساعة الماضية».

وأضافت أنه في «اليوم الـ128 للعدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة ما زال عدد من الضحايا تحت الركام وفي الطرقات، ويمنع الاحتلال طواقم الإسعاف والدفاع المدني من الوصول إليهم».

وقال محمد صيدم لفرانس برس «لم نعد قادرين. عندنا أطفال، عندنا نساء... قالوا رفح أمان. لا أمان في رفح، عن أي أمان يتحدثون؟ كل مكان يتم ضربه».

وأضاف «نريد للحرب أن تنتهي».

بدورها، قالت فرح محمد (39 عاما) وهي نازحة مع أطفالها الخمسة من شمال القطاع لمخيم يبنى غرب مدينة رفح، «لا أعرف أين نذهب، لا أملك نقودا للذهاب لوسط القطاع، كما أن الطريق خطير والموت في كلّ مكان».

في سياق متصل، أشار مكتب الإعلام الحكومي في غزة إلى أنّ «الاحتلال يمنع وصول الشاحنات إلى محافظة شمال غزة»، مؤكدا أنّ الوضع الإنساني هناك «تجاوز المرحلة الكارثية».

في غضون ذلك، قالت كتائب عز الدين القسام -الجناح المسلح لحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس)- اليوم إن اثنين من المحتجزين الإسرائيليين قتلا وأصيب ثمانية آخرون بإصابات خطيرة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة خلال آخر 96 ساعة.

وأشارت عبر حسابها على تطبيق تيليجرام إلى أن المحتجزين المصابين «أوضاعهم تزداد خطورة في ظل عدم التمكن من تقديم العلاج الملائم لهم ويتحمل العدو المسؤولية الكاملة عن حياة هؤلاء المصابين في ظل تواصل القصف والعدوان».

وقال الأميرال دانيال هاجاري كبير المتحدثين العسكريين الإسرائيليين يوم الثلاثاء إن 31 من المحتجزين المتبقين لدى حماس في غزة لقوا حتفهم.

وذكر خلال إفادة إعلامية «أخطرنا 31 أسرة بأن أحباءهم الأسرى لم يعودوا بين الأحياء وأننا أعلنا وفاتهم».

وتقول إسرائيل إنه لا يزال هناك 136 محتجزا في غزة. وأصدرت جمعية نادي الأسير الفلسطيني بيانا اليوم قالت فيه إن عدد الفلسطينيين الذين اعتقلوا منذ السابع من أكتوبر وصل إلى 6950 شخصا.

إلى ذلك، أثار التلويح بعملية عسكرية وشيكة في رفح، قلق بعض الإسرائيليين من تأثير ذلك على الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في القطاع.

وقال جيل غوردون لوكالة فرانس برس مساء السبت خلال تظاهرة في تل أبيب «من الواضح أنّ نتانياهو يطيل أمد الحرب، وليس لديه أيّ فكرة عما سيفعله في اليوم التالي». وأضاف «إنه يكتفي بقول لا... وليس لديه حلّ آخر غير الحل العسكري».

بدورها، قالت أورلي زينغر (55 عاما) «كيف يمكن التفكير أن تهجير 1,4 مليون شخص من رفح هو أمر منطقي؟ هذا عبثي. لا أعتقد أنه أمر قابل للتحقيق. من المحزن أن نرى إلى أي مدى وصلنا».

ونزل إسرائيليون إلى شوارع تل أبيب ليل أمس للمطالبة بتأمين الإفراج عن الرهائن واستقالة نتانياهو.

وأتاحت هدنة لأسبوع أواخر نوفمبر، الإفراج عن أكثر من مائة رهينة لقاء إطلاق سراح معتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية.

وتتواصل الجهود الدبلوماسيّة للتوصّل إلى هدنة جديدة تتيح تبادل الرهائن والمعتقلين وزيادة المساعدات.

في الرباط، تظاهر آلاف المغاربة اليوم تعبيرًا عن دعمهم للشعب الفلسطيني ومطالبين بإنهاء تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل ومنددين بـ«إبادة» في قطاع غزة.

لاجئون فلسطينيون يخشون إغلاق الأونروا

وتفاعلا مع الأحداث الأخيرة والاتهامات الإسرائيلية، يخشى فلسطينيون يقطنون مخيمات اللاجئين في الضفة الغربية المحتلة ويعتمدون على وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في التعليم والرعاية الصحية من توقف الخدمات الأساسية مع تعليق عدة دول مانحة تمويلها للوكالة وسط اتهامات لموظفين فيها بالمشاركة في هجوم حركة حماس على إسرائيل في السابع من أكتوبر.

وينصب معظم التركيز بشأن مصير الوكالة على عملياتها الطارئة في غزة التي دمرتها الحرب حيث تؤدي دورا حاسما في جهود الإغاثة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة.

لكن الوكالة تعد أيضا شريان حياة للاجئين الفلسطينيين في جميع أنحاء الشرق الأوسط، بما في ذلك الضفة الغربية حيث تخدم أكثر من 870 ألف شخص، وتدير 96 مدرسة و43 منشأة أولية للرعاية الصحية.

وقال محمد المصري، أحد سكان مخيم الدهيشة للاجئين قرب بيت لحم، «إذا تم إلغاء الأونروا، ستتوقف أي مساعدة للمواطنين، بالأخص المخيمات، لأنها تعتمد على مساعدات الأونروا ولا يوجد أي مساعدات خارجية».

وأعلنت الأونروا الشهر الماضي فصل بعض موظفيها بعد اتهامات إسرائيلية بأن 12 من الموظفين، وعددهم 13 ألفا في غزة، شاركوا في هجوم السابع من أكتوبر الذي شنه مسلحو حماس على بلدات حدودية إسرائيلية.

المنظمة البحرية: تعمل «بلا كلل»

وفي سياق الهجمات في البحر الأحمر، أكد رئيس المنظمة البحرية الدولية التابعة للأمم المتحدة أرسينيو دومينغيز في مقابلة مع وكالة فرانس برس أنّ المنظمة تعمل «بلا كلل» على إيجاد حل للأزمة في البحر الأحمر التي تؤثر على حركة نقل البضائع عالميا.

منذ 19 نوفمبر، نفّذ جماعة أنصار الله عشرات الهجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعمًا لقطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة المقاومة الفلسطينية حماس وإسرائيل منذ السابع من أكتوبر.

وتوثر هجمات جماعة أنصار الله على حركة الملاحة في المنطقة الاستراتيجية التي يمرّ عبرها 12 بالمائة من التجارة العالمية، وتسبّبت بتحويل العديد من شركات الشحن مسار سفنها إلى رأس الرجاء الصالح، في أقصى جنوب إفريقيا، ما يطيل الرحلة بين آسيا وأوروبا لمدة نحو أسبوع.

وشدّد دومينغيز على أن «هذا الحل ليس الأمثل» للشركات؛ لأنه يزيد تكلفة النقل، وبالتالي يرتفع سعر المنتجات المنقولة.